رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعليم.. من هنا يبدأ بناء مصر

طلاب في مدارس
طلاب في مدارس

 قضية التعليم تعتبر القضية المصيرية لأى بلد يريد التطور والتقدم والخروج من الأزمات التى تواجهه، وقد شاهدنا أمثلة عديدة وتجارب سابقة لدول مختلفة تحولت خلال عشر سنوات أو أقل من بلد فقير إلى بلد غنى، وانتشلها التعليم من القاع إلى القمة.

وقضية تطوير التعليم فى مصر ليس بالمسألة الثانوية التى نكتفى بالحديث عنها بين الحين والآخر، بل مسألة رئيسية تحتاج إلى أن تتحول إلى أولوية قصوى للدولة بكل أجهزتها وسلطاتها التنفيذية والتشريعية، وتتوافر لها الميزانيات والموارد المالية الضخمة، لتحقيق طفرة فى العملية التعليمية.

هذه الطفرة لن تتحقق إلا من خلال تكامل كل عناصر المنظومة سواء المعلمون أو توفير المدارس وتخفيض كثافة الفصول أو تطوير المناهج وطرق التدريس، لأن الاهتمام بعنصر واحد دون الباقى لن يحقق الغرض المطلوب، وقد بدأت الدولة بالفعل منذ سنوات العمل على تطوير هذه العناصر، ولكن لا يزال العمل شاقًا وطويلًا.

يقترب المعلمون الآن من 400 ألف، ويزيد سنويًا بنحو 30 ألفًا، وهذا العجز يؤثر بشدة على العملية التعليمية وخاصة النقص فى مدرسى المواد الأساسية، ولمعالجة الأمر صدر قرار مؤخرًا بتعيين 150 ألف معلم خلال 5 سنوات، كما يجب حل مشكلة كثافات الفصول التى تصل إلى 60 و70 طالبًا فى الفصل الواحد فى بعض المحافظات، وبناء المزيد من المدارس والفصول لاستيعاب عدد الطلاب الضخم الذى ينضم سنويا للمدارس.

ورغم أن المناهج شهدت تطويرًا كبيرًا خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة مناهج المرحلة الابتدائية، فضلًا عن تدريب وتأهيل المعلمين على طرق التدريس الجديدة، إلا أن التطوير لابد أن يستمر فى العناصر الباقية من المنظومة حتى يتحقق الهدف الرئيسى من هذه الجهود.

فى هذا الملف تناقش «الوفد» كيفية تطوير المنظومة التعليمية بحيث نمتلك استراتيجية لوزارة التربية والتعليم لا تتأثر برحيل أو قدوم الوزير، وإمكانية التغلب على المعوقات الرئيسية كالدروس الخصوصية وكثافات الفصول، فضلًا عن مدى تحقيق عنصر ربط الدراسة باحتياجات سوق العمل.

 

 

تطوير المناهج وطرق التدريس.. كلمة سر الإصلاح

 

المنظومة التعليمية ليست منفصلة بل يكمل بعضها البعض، ولذلك فتحديث المناهج مع تطوير طرق التدريس، من أهم العناصر فى نجاح هذه المنظومة، بجانب تدريب وتأهيل المعلمين جيدًا.

وخلال السنوات الماضية، تعمل وزارة التربية والتعليم من خلال أهداف رؤية مصر 2030، على تنفيذ برنامج عمل الحكومة لتطوير التعليم قبل الجامعى وإتاحة التعليم الجيد لجموع الطلاب بمختلف المراحل دون تمييز بينهم، للارتقاء بمستوى الطلاب التعليمى.

وضم أهم الركائز فى خطة التطوير: تحديث وتطوير المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، من خلال اعتمادها على الفهم ونتاج التعلم وليس الحفظ والتلقين، حتى تتناسب مع متطلبات سوق العمل المتزايدة سواء على المستوى المحلى أو الدولى، وكذلك تعزيز وتنمية المهارات لدى النشئ والشباب.

ومنذ عام 2017، بدأ مركز تطوير المناهج، بتطوير مناهج رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى وصولًا إلى الصف الرابع الابتدائى، وفق رؤية تقوم على فكرة التسلسل والتراكم العلمى، وبما يتناسب مع المعايير الدولية، بالتعاون مع الخبراء والشركاء الدوليين لاسيما البنك الدولى وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف».

وقال وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقى، إن الدولة تبنت المشروع القومى لتطوير التعليم، من أجل إعداد تصور جديد للمجتمع التعليمى ككل، ليصبح الطالب أكثر إقبالًا على التعلم والابتكار.

وأضاف «شوقى»، أن تطوير المناهج التعليمية اعتمد على المواصفات العالمية، بحيث تضمنت أساليب تكوين الشخصية، وتعلم مهارات الإبداع والابتكار، ولا سيما لدى صفوف مرحلة رياض الأطفال، والصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، فضلًا عن إتاحة التحول الرقمى فى المناهج، لتكون مهارات تكنولوجيا المعلومات متاحة للجميع فى كل وقت وأى مكان، من خلال الاستفادة من محتوى بنك المعرفة المصرى، وأيضاً عن طريق إتاحة قنوات (مدرستنا 1 و2 و3) على «اليوتيوب»، ومنصة «إدارة التعلم» للمرحلة الثانوية، ومنصة «ذاكر» لكل الصفوف، بجانب منصة «حصص مصر».

وأوضح الوزير، أنه من خلال التحول الرقمى تم توفير محتوى تعليمى مصرى من أرقى المصادر الدولية، وأصبح لدينا عشرات الملايين من المتابعين لهذا المحتوى من خلال القنوات المتاحة عبر شبكة الإنترنت وفى مختلف القنوات الأخرى، وهو ما أهّل مصر لتصبح ضمن أعلى 19 دولة فى تصنيف الدول التى تمتلك المهارات الرقمية للدخول فى الثورة الصناعية الرابعة، متفوقة بذلك على عدد من الدول الأوروبية.

وأضاف أنه اعتبارًا من أغسطس 2017 بدأ العمل على الإطار العام للمناهج، من خلال التركيز على بناء قدرات الطالب وإكسابه المهارات الحياتية المتمثلة فى القدرة على حل المشكلات، وأن يتوافر لديه مهارات النقاش والإبداع والتفكير النقدى، وبدأت الوزارة فى العام الدراسى 2018-2019 تطبيق النظام الجديد باستخدام المناهج والكتب الجديدة لصفوف رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى.

وأشار إلى أنه فى عام 2020، بدأ الصف الثالث الابتدائى الدراسة بالنظام الجديد، كما تم تدريس كتاب الباقة « اكتشف»، وبدأنا تدريب المعلمين على هذا النظام، واستخدام دليل المعلم الجديد، ووصل عدد المتدربين نحو 318 ألف معلم فى برنامج «المعلمون أولًا»، وأكثر من 630 ألف معلم على المناهج وطرق التدريس الجديدة.

من جانبه قال الدكتور طلعت عبدالحميد، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، إن طرق ومناهج التدريس متعددة وتتوقف على أهداف وفلسفة كل دولة من العملية التعليمية.

وأضاف «عبدالحميد»، أن طريقة التدريس المناسبة لدولة مثل مصر، قد لا تتناسب مع دولة أخرى، ولذلك فليس هناك طريقة تدريس واحدة، وإنما تتحدد هذه الطريقة حسب الفلسفة والأهداف والمخرجات المطلوبة من المنظومة التعليمية، والإجابة عن سؤال مهم جدًا وهو لماذا نعلم الطلاب؟

وأوضح أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، أنه يجب أن نسعى فى مصر إلى تخريج مواطن صالح وليس طالبًا كل ما يهمه هو حل أسئلة الامتحان والنجاح، بل يكون مواطنًا نافعًا لمجتمعه قادرًا على القيام بأدواره المختلفة سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية وغيرها، بحيث يكون مواطنًا متعلمًا مثقفًا لديه حس وطنى يؤدى دوره فى المجتمع بشكل صحيح، أما الاعتماد على منظومة تعليمية لتخريج طلاب يؤدون الامتحانات فقط، فإنها لن تجدى وسيستمر تدهور التعليم المصرى لسنوات أخرى.

وأشار «عبدالحميد»، إلى أن اختيار طرق التدريس يجب أن تسير بالتوازى مع تغيير المحتوى والمناهج، ومعرفة رؤية المسئولين عن التعليم حول رؤيتهم للعالم من حولنا، هل يرون أننا نعيش فى عالم واحد أم عالم منقسم ومنفصلين عنه، وإذا كنا نرى أننا نعيش فى عالم واحد فسيكون الاعتماد على دراسة المواد بشكل منفصل ومناهج مستقلة غير صحيح.

وقال: أما إذا كنا نرى العالم وحدة متكاملة، فإنه يجب الاعتماد على المنهج التكاملى، بحيث يكون هناك كتاب واحد يحتوى على تخصصات مختلفة كالجغرافيا والتاريخ والفيزياء والكيمياء، وكل المواد يتم تدريسها فى وحدة دراسية واحدة».

وأكد الخبير التربوى، أن أهم عنصر فى تطبيق المنهج التكاملى هو تدريب المعلمين جيدًا على هذا المنهج وفهم أهدافه، حتى يستطيعوا شرحه للطلاب واستيعابه بسرعة، مشددًا على أن هذه الطريقة لن تكون عبئًا على الطلاب.

 

 

إنشاء «مفوضية عليا».. خطوة على طريق الإنقاذ

 

تطوير التعليم قضية مهمة تحتاج إلى وضع استراتيجية وسياسات ثابتة لا تتأثر وتتغير كلما انتهى دور الوزير الذى وضعها أثناء وجوده فى المنصب، فكثيرًا ما عانت مصر من هذا الأمر، فكلما يأتى وزير جديد للتعليم يضع سياسات معينة تسير عليها الوزارة، وبمجرد خروجه منها تنقلب الأمور وتتغير إلى سياسات الوزير الجديد.

ولحل هذه المشكلة، تقدم أكثر من 60 نائبًا فى البرلمان مؤخرًا بمشروع قانون لإنشاء المفوضية العليا للتعليم ما قبل الجامعى والتعليم الفنى والتدريب المهنى، وتمت إحالته إلى لجنة التعليم بمجلس النواب.

هذا المشروع تم إعداده بواسطة مجموعة من علماء مصر الكبار على رأسهم الدكتور محمد غنيم والدكتور مجدى يعقوب، بهدف إنشاء مفوضية للتعليم، تكون مهمتها وضع سياسات طويلة الأمد تضمن استقرار نظام التعليم، فى حال تغير الحكومات أو الحقائب الوزارية.

وينص القانون على أن تنشأ هيئة مستقلة تسمى المفوضية العليا للتعليم ما قبل الجامعى والتعليم الفنى والتدريب المهنى، يكون لها الشخصية الاعتبارية العامة وتتبع رئيس الجمهورية ويكون مقرها الرئيسى القاهرة أو العاصمة الإدارية الجديدة.

تهدف المفوضية إلى وضع سياسات وخطط الارتقاء بالتعليم ما قبل الجامعى بكافة أنواعه ومراحله العام والفنى والتدريب المهنى والخاص والدولى، وتنسق مع الهيئات المختصة بالتعليم العالى وتعمل بالتعاون مع جميع مؤسسات الدولة وتعمل المفوضية العليا على الإشراف والمتابعة والتقييم للجهات القائمة على تنفيذ تلك الخطط والسياسات لضمان جديتها واستمراريتها، وذلك على النحو المبين بهذا القانون.

وتقوم المفوضية بوضع الخطط والسياسات اللازمة لتحقيق خطط الارتقاء بالتعليم ومتابعة تنفيذها وعليها وضع مواصفات خريج التعليم ما قبل الجامعى بأنواعه بما يتفق مع مهارات القرن الـ21.

كما يهتم القانون بوضع الرؤى والسياسات والخطط الاستراتيجية، لدمج ذوى الإعاقة ووضع السياسة التى تهدف إلى الارتقاء بالأداء المهنى لهيئات التدريس، وتوفير القوى البشرية عالية الكفاءة اللازمة لمختلف أنواع ومراحل التعليم ما قبل الجامعى.

ويتضمن القانون وضع المؤشرات القومية للتعليم ما قبل الجامعى على مستوى الدولة، وتقييم الأداء بناء عليها واعتماد الأطر العامة للمناهج التعليمية لجميع أنواع ومراحل التعليم ما قبل الجامعى وسياسات تنفيذها على مستوى المدرسة.

وسبق مناقشة هذا القانون فى مجلس الوزراء عام 2019، فى لقاء بين الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء مع الدكتورة ميرفت الديب، المنسق العام للمجلس الاستشارى لكبار علماء وخبراء مصر.

وأكد رئيس الوزراء وقتها، اهتمام ودعم الدولة لخطط النهوض بالتعليم ما قبل الجامعى، لأهمية هذه المراحل التعليمية فى تشكيل وبناء وعى الأبناء، وما يرتبط بمراحل التعليم قبل الجامعى من غرس بذور الحرص على التعلم واكتساب المهارات فى داخلهم، وإعداد وتخريج طالب مبدع، ومبتكر يتمتع بمهارات متميزة ويمتلك قدرة على المنافسة، فى ضرورة قصوى لتحقيق التنمية وبناء الوطن.

فى هذا السياق، قال النائب أحمد الشرقاوى، عضو مجلس النواب، إن قضية التعليم هى القضية الأهم لمستقبل هذا الوطن، وطبيعة منظومة التعليم والعمل بها لابد أن تكون من خلال خطط طويلة الأمد تؤتى ثمارها الكلية بعد مدة من الزمن.

وأضاف «الشرقاوى»: إن هناك دلالات وإشارات على تحسن أى منظومة من عدمه فى البدايات، ولن يشعر المجتمع وأولياء الأمور بالتحسن الظاهر الواضح فور التطبيق لأن ذلك صعب، مشيرًا إلى أن هناك ارتباكًا وصعوبات تواجه الطلاب فى مصر حاليًا مع تطبيق المنظومة التعليمية الجديدة خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن فى نفس الوقت هناك أيضاً بعض الأفكار الصحيحة التى لم توضع فى إطار كلى يؤدى إلى وجود منظومة قوية ناجعة بسياسات واضحة.

وأوضح عضو مجلس النواب، أن انحدار التعليم فى مصر لم يكن وليد اللحظة أو السنوات القليلة الماضية، وإنما منذ سنوات طويلة حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن من تكدس الفصول بالطلبة، وعجز المدرسين الذى تجاوز 300 ألف معلم وحاجة المعلمين الحاليين إلى تأهيل ورفع كفاءة.

وأكد «الشرقاوى»، أن تطوير التعليم بشكل حقيقى لن يكون إلا بعد أن يصبح التعليم هو القضية الرئيسية للدولة المصرية بسلطاتها التنفيذية والتشريعية حتى نجنى ثمار أى خطة تطوير، مشيرًا إلى أنه عندما يكون التعليم أولوية ستتوفر له الميزانيات المطلوبة لبناء الفصول والمعلمين وخفض الكثافة فى الفصل الواحد.

ولفت إلى ضرورة ترتيب أفكارنا ناحية التعليم وتستقر سياساته الصحيحة لمدة طويلة، لأن إحدى مشكلاتنا الرئيسية هى تغير السياسات بتغير الوزراء، ولذلك لابد من إنشاء مفوضية عليا للتعليم لوضع السياسات العامة، ويكون وزير التعليم عضوًا فيها، كما يجب أن تكون هذه السياسات واضحة مستقرة مدروسة، بحيث إنه مهما تغير الوزير يأتى الجديد لتنفيذ هذه السياسات.

وأوضح أن هناك مشروع قانون فى مجلس النواب بإنشاء المفوضية العليا للتعليم ما قبل الجامعى ولكن لم يناقش حتى الآن وتمت إحالته إلى لجنة التعليم، وهذا القانون أعده مجموعة من العلماء، فضلًا عن مشاركة وزير التربية والتعليم طارق شوقى نفسه فى إعداده عندما كان أمينًا للمجلس الاستشارى لرئيس الجمهورية، وأتمنى منه ألا يقف ضد تنفيذ هذه الفكرة الآن، وتؤيد الحكومة وضع قانون يضمن استمرار السياسات الصحيحة للتعليم لنبنى بها الدولة.

وأضاف عضو مجلس النواب أن منظومة التعليم تقوم على 3 أسس هى المناهج والمعلمون وكثافة الفصول، والحكومة طورت المناهج بالفعل ولكن الفصول والمعلمين المؤهلين غير موجودين الآن، ويجب العمل عليهم فى الفترة المقبلة، لأن الثلاثة أسس تكمل بعضها البعض، ولا يجب أن ننتظر تطويرًا للتعليم دون أن تكون هذه الأسس على خير ما يرام».

 

 

الخريجون.. ضحايا انفصال التعليم عن سوق العمل

 

ربط التعليم بسوق العمل أمر مهم جدًا للعملية التعليمية وتطويرها باستمرار لمعرفة احتياجات السوق وتلبية هذه الاحتياجات بخريجين متميزين قادرين على مواكبة التطور السريع فى عالمنا الآن.

وتسيطر الآن على سوق العمل وظائف مجالات التكنولوجيا والبرمجة والاتصالات وغيرها من المجالات التى تتطلب إحداث تغيير فى منظومة التعليم المصرى، لتتناسب مع هذه المتغيرات، لأن كثيرًا من الطلاب المصريين لا يزالون يلجأون إلى الالتحاق بالكليات النظرية الخاصة بالعلوم الإنسانية، بدلًا من الاتجاه إلى الكليات الأخرى المطلوبة لسوق العمل.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد أكد مؤخرًا، خلال كلمته فى فعاليات إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، أن الدولة تواجه الكثير من التحديات والأعباء المتراكمة على مدار عقود طويلة.

وتحدث الرئيس عن سوق العمل على مستوى العالم، وقال إنه تواصل مع وزير الاتصالات لتأهيل الطلاب، وكل طالب يتم توفير 30 ألف دولار له لتأهيله للعمل فى سوق العمل العالمى.

وقال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء إن الدولة عملت على تأهيل الشباب على أن يلتحقوا بالعمل ويحصل على دخل شهرى يتراوح بين 20 و30 ألف

دولار.

ولفت «مدبولى»، إلى أن الدولة أصدرت إعلانًا عن عمل، وتقدم عدد كبير من الطلاب خريجى كليات الاتصالات وتكنولوجيا معلومات، والهندسة والحاسبات، وتم إجراء الاختبارات للطلاب على الطريقة العالمية التى تحتاجها تلك الشركات، لـ300 ألف متقدم.

بعدها تدخل الرئيس، وقال إن المعايير انطبقت على 111 طالبًا فقط من 300 ألف، وانفعل قائلًا: «تعليمى تعبان، ياريت الكل يصحى لو خايف على بلده».

وأكد «السيسى»، ضرورة ربط التعليم بسوق العمل، لأن بعض التخصصات التى يدرسها عدد كبير من الطلاب ليس لها مكان فى سوق العمل، قائلًا، «هو النهاردة لو أنا خرجت آلاف الطلاب من كلية الآداب تاريخ ولا جغرافيا.. هو سوق العمل فيه الكلام ده؟».

وأضاف: «ألاقى حد كاتب فى الجرنال أرجو ربط سوق العمل بالتعليم، ده عنوان جميل أوى.. طب هى الناس عاوزة كدا؟ ولا عاوزة تدخل ابنها أو بنتها الجامعة وبس.. أنتم عاوزين إيه؟، عاوزين تعلموهم لسوق العمل ولا عايز تغسل إيدك وتقوله أنا علمتك».

فى السياق قالت الدكتورة بثينة عبدالرءوف، الخبيرة التربوية، إن فكرة تطوير التعليم وربطه بسوق العمل تتردد فى مصر منذ 20 عامًا، وكانت متمثلة فى هل يكون التعليم من أجل التعليم والمعرفة وتشكيل العقول أم من أجل الوظيفة.

وأضافت «عبدالرءوف»، إننا كمصريين لدينا تراث قديم بأن التعليم دائمًا ما يكون من أجل الوظيفة، وخاصة منذ ربط محمد على باشا التعليم بالوظائف عندما بدأ حكم مصر فى 1805، وأنشأ المدارس المتخصصة فى مختلف المجالات، ثم ركز الاحتلال الإنجليزى على هذا الأمر فيما بعد ووضعوا سياسات تخدم هذا الهدف.

وأوضحت الخبيرة التربوية، أن تلبية التعليم لحاجة سوق العمل أمر مهم، ولكن فى نفس الوقت ربط التعليم بالسوق فقط خطر، لأن سوق العمل متغير وغير ثابت، قائلة، «لو أنا كدولة دلوقتى محتاجة فنيين ومبرمجين للعمل على الآلات المختلفة، بعد 5 أو 10 سنين من دلوقتى ممكن التكنولوجيا تتطور أكتر ويصبح من خلال الروبوت والإنسان الآلى.. يبقى هعمل إيه بالفنيين اللى علمتهم دلوقتي».

وأكدت «عبدالرءوف»، أن سوق العمل مرن وغير ثابت ولذلك ليس المهم تخريج فنيين فقط، لأننا لا نستطيع بناء شخصية إنسان بشيء متغير، موضحة أن العلوم الإنسانية المختلفة كالجغرافيا والتاريخ مهمة جدًا لبناء الشخصية، مضيفة، «أه مش عاوزين كل الناس تدرسهم لكن مينفعش نلغيها من حياتنا وما نهتمش بيها».

واقترحت الخبيرة التربوية، ربط التعليم الجامعى فى الكليات النظرية بسنة دراسات عليا اختيارية للتأهيل لسوق العمل والتخصص فى مجال معين فى السوق إذا أراد الطالب ترك مجال دراسته والاتجاه لمجال آخر، قائلة، «لو أنا طالب تاريخ وعاوز أدرس برمجة أو حرفة فنية أخرى أقدر أخد السنة دى للتأهيل لسوق العمل، والأمر ده موجود فى دول كثيرة فى العالم، خلال تعاملها مع العلوم الإنسانية».

وأشارت إلى أن هذا الأمر سيساعد على ربط الصناعة بالمجالات الإنسانية ودراسة الأسواق المختلفة، وتخريج طلاب يمتلكون دراسة فى المجالات الإنسانية وفى نفس الوقت يمتلكون تأهيلًا عمليًا لمجال يبحث عنه سوق العمل، مختتمة بقولها، «المهم هو توظيف الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليس إلغاءها».

 

 

الدروس الخصوصية.. مرض مزمن فى جسد العملية التعليمية

 

الدروس الخصوصية أزمة مزمنة فى جسد العملية التعليمية، ودائمًا ما تقف حجر عثرة أمام أى تطوير للتعليم خلال السنوات الماضية، رغم سعى الحكومة الدائم للقضاء على هذه الظاهرة التى تؤرق المجتمع كله وليس المسئولين فقط.

وتتخذ الحكومة الكثير من الإجراءات لمواجهة الدروس الخصوصية، ما بين غلق مراكز هذه الدروس، أو إعداد مشروع قانون لتجريمها، أو طرح بدائل أمام المعلمين تعوضهم عنها.

ويكفى لتوضيح حجم وضخامة مراكز الدروس الخصوصية فى مصرأن نذكر أن إجمالى عدد المراكز التى تم إغلاقها تجاوز 97 ألف مركز فى أقل من عام، منذ صدور قرار وزارى بذلك فى أول ديسمبر 2020 حتى مطلع شهر أكتوبر 2021.

وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أعدت مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية، يتضمن غرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 50 ألفًا لكل من أعطى درسًا خصوصيًا فى مركز أو سنتر تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة.

وفى حالة العودة لتكرار ذات الجرم يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، كما يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 50 ألفً والحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، كل من أسهم أو اشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة، وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة.

وطبقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن 26 مليون أسرة فى محافظات الجمهورية تنفق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية حوالى 47 مليار جنيه، بنسبة 37.7% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم، حسب نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017- 2018.

وتعلن وزارة التربية والتعليم دائمًا وقبل بداية كل عام دراسى، عن أنها ستكافح الدروس الخصوصية وآخرها هذا العام 2021/2022، عندما قال الوزير طارق شوقى، فى كتاب دورى أرسله للمديريات إنه سيتم بذل كل الجهود الممكنة؛ للقضاء على الدروس الخصوصية ومعاقبة المخالفين، لا سيما المعلمون المتغيبون عن مدارسهم أو من لا يتواجدون فيها فى أوقات العمل الرسمية؛ للقيام بهذا الجرم فى حق المجتمع.

وشدد الوزير، على اتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة فى حق من يمارس المهنة دون وجه حق، لا سيما ممن هم فى إجازات بدون مرتب أو إجازات طويلة ويمارسون التدريس بشكل خاص فى مراكز خاصة أو بمقراتهم الخاصة وتوقيع أقصى عقوبة على المخالفين.

ولمواجهة هذه الظاهرة، حرصت الدولة على توفير بدائل قانونية تغنى الطلاب عنها وتساعدهم على عدم الاستسلام لمن يتاجر بهم، تتمثل فى مصادر التعلم المجانية التى أتاحتها الوزارة لجميع الطلاب بلا تمييز مثل منصة البث المباشر للحصص الافتراضية، ومنصة المكتبة الرقمية «ذاكر»، ومنصة حصص مصر، ومنصة بنك المعرفة المصرى، ومنصة إدارة التعلم، فضلًا عن القنوات الفضائية التعليمية.

ولتعويض المعلمين عن الدروس الخصوصية، قالت وزارة التربية والتعليم، إنها ستعوض المعلمين بطرق قانونية، فالمعلم له نصيب فى جميع المنصات الإلكترونية التعليمية الخاصة بالوزارة، كما تشركهم فى تسجيل الفيديوهات الخاصة بالقنوات التعليمية بمقابل مادى، ويتاح لبعض المعلمين الاشتراك فى إعداد الكتب والفيديوهات التفاعلية بمقابل مجزى أيضاً.

كما يحصل المعلمون على نصيب كبير من حصيلة مجموعات التقوية، حيث يحصل المعلم على نسبة 85% من إجمالى حصيلة مجموعات التقوية فى مدرسته.

فى هذا الصدد، قال الدكتور كمال مغيث، الباحث والخبير التربوى، إن التعليم المصرى الحديث عمره 200 سنة منذ أن قرر محمد على باشا إنشاء نظام تعليم حديث بجانب التعليم الأزهرى سنة 1805.

وأضاف مغيث، أن ذلك أدى إلى تراكم خبرات لدى الخبراء المصريين، وخير مثال على ذلك، الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى الذى قال منذ 70 سنة أن التركيز على الامتحانات وإهمال الأنشطة والدراسة والفنون والعلوم جعل التلميذ يُقبل على الامتحان وهو تافه ويُعرض عن العلم وهو لب الحياة وخلاصتها.

وأوضح الخبير التربوى، أن القضاء على الدروس الخصوصية لن يكون إلا من خلال عنصرين أساسين فقط، الأول رضا المعلمين عن رواتبهم، بحيث تكفيهم ولا تؤدى بهم إلى السعى نحو إعطاء الدروس الخصوصية، وتحفظ كرامة المعلم التى أصبحت تهان بشكل كبير خلال السنوات الماضية بسبب حاجته إلى المال.

وأشار إلى أن العنصر الثانى هو وجود عملية تعليمية ناجعة داخل الفصول كما كانت موجودة فى مصر حتى الستينيات والسبعينيات، عندما كان التلميد لا يحتاج إلى الحصول على دروس خصوصية بسبب كفاءة المعلم وجودة التعليم فى هذه الفترة.

وأكد الباحث التربوى، أنه لكى نشهد تطويرًا للتعليم فإنه يجب أن يكون جزءًا من مشروع وطنى على المستوى الثقافى والاقتصادى والاجتماعى، لأن هذا المشروع يحتاج إلى تخصصات فى مختلف المجالات وليس التربية فقط.

ولفت إلى أن هناك بعض الملاحظات على المنظومة التعليمية الحالية، تتمثل فى أن خطة التطوير التى يتحدث عنها الوزير دائمًا ليست موجودة أصلًا، ولا مكتوبة فى أى مكان، ولم يطلع عليها أحد من الناس ولا المهتمين، ومن ثم فلا نعرف ما هى أهدافها ولا آلياتها ولا فلسفتها، وأننا تبعًا لذلك لا نعرف من وراء تلك الخطة من خبراء وخبرات.

وتابع: «كما لعب التابلت دورًا محوريًا فى تطوير التعليم، وتكلف شراؤه المليارات، ورغم مرور أربع سنوات على وجوده مع تلاميذنا وفى الامتحانات، فليس لدينا إحصاء أو دراسة موثقة واحدة عن نجاحاته وإخفاقاته وجدواه، ومعنى التمسك به، كما لا نعلم مدى استفادة الطلاب والعلمين من المنصات الإلكترونية ولا بنوك المعرفة التى تكلفت الكثير من الأموال ولا ما إذا كانت موادها قد أصبحت جزءًا من المقررات الدراسية».

واختتم «مغيث» تصريحاته قائلًا، «لا يمكن الحديث عن تطوير التعليم فى ظل معلمين هم من أفقر معلمى الأرض، ولا بمدارس تعانى عجزًا فى أعداد المعلمين يصل إلى 400 ألف معلم، ولا بحلول بائسة لسد هذا العجز كالتدريس بالحصة بعشرين جنيه، أو بالتطوع».