عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : الزيادة السكانية.. أخطر من الإرهاب

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

لو سألنى سائل عن أخطر تحدٍ يواجه مسيرة التنمية فى مصر لأجبت دون تفكير: الزيادة السكانية. فهى فى اعتقادى أخطر من الإرهاب، وأسوأ من الفساد، وهى الوحش الكاسر الذى يطارد خطط التنمية، ويلتهم ثمارها تباعاً. لذا فإننى أتصور أنه مهما حققت مصر نمواً اقتصادياً واضحاً، فإن أحدا لن يشعر به إلا إن تجاوز معدل النمو، ثلاثة أضعاف الزيادة السكانية.

ولا شك أن الدولة ترى بوضوح آثار الزيادة السكانية وتدرك خطورتها وهو ما يدفع الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية إلى التأكيد المتكرر على أن زيادة السكان تعوق أى إصلاحات تستهدف التنمية.

إن علينا أن نُدرك بوضوح أن مصر التى تجاوز عدد سكانها رسميا 102 مليون نسمة تشهد مولوداً كل أربع عشرة ثانية، أى ما يزيد عن ربع مليون كل خمسين يوماً، وهو ما يُهدد بصعوبة تلبية كافة الاحتياجات من سلع أساسية، وخدمات، وتعليم، وصحة.

 وهذا الوضع لو استمر كما هو فإنه لا معنى لأى مبادرات تنمية، ولا توجد حكومة فى العالم قادرة على التعامل مع هذا الطوفان المتدفق من الاحتياجات مهما امتلكت من القدرات.

وحسبنا أن نعرف أن عدد سكان مصر بلغ تسعة ملايين نسمة فى سنة 1900 وهو الوقت الذى كانت بعض تقارير الاحتلال البريطانى تصف حكم مصر فيه بأنه صعب. وفى منتصف الستينيات تنبأ زكريا محيى الدين وكان رئيساً للحكومة وقتها بمعاناة مصر من مشكلة سكانية خطيرة، وكان عدد السكان وقتها ثلاثين مليوناً فقط. ورغم ذلك فقد واصلت الزيادة صعودها حتى إن عدد سكان مصر وفقا لتأكيدات الدكتورة هالة السعيد وزير التخطيط ارتفع بنحو 45 مليوناً خلال عشرين عاما فقط.

والمفزع فى الأمر أن استمرار معدلات المواليد كما هى عليه الآن عند 3.4 مولود لكل سيدة سيؤدى إلى وصول عدد سكان مصر فى سنة 2052 إلى ما يقارب المئتى مليون، وهو أمر يتناقض تماما مع أى تنمية تسعى مصر إلى تحقيقها.

إننى أدرك كرجل على اتصال وتفاعل يومى بالأنشطة الاقتصادية فى مصر أن مشكلة المشكلات، وأعمق المعضلات، وأكثرها تعقيدا هى الزيادة السكانية، والتى ما زلنا نتعامل معها بنفس السياسات السابقة من أمثلة ضبط زواج

القاصرات، وتوفير وسائل تنظيم الأسرة مجانا، ووضع ملصقات دعائية تحض على تحديد النسل فى الوحدات الصحية بالقرى والنجوع.

وأتصور أن القضية هى قضية وعى بالدرجة الأولى، ونحن فى حاجة إلى نسف معتقدات قديمة موروثة ومربوطة بالدين دون وجه حق، وقيادة المجتمع نحو الاعتدال المنطقى فى المواليد، وهو ما يستلزم تحركاً واضحاً وحاسماً على المستويين التشريعى والتوعوى. إن المؤشرات الافتراضية تشير إلى أن خفض متوسط المواليد لكل سيدة إلى اثنين فقط يهبط بالعدد المتوقع للسكان عام 2052 إلى 143 مليوناً، وهو مع كل ذلك أمل وحلم نتمنى تحقيقه. وفى اعتقادى فإن التجربة الصينية فيما يخص التشريع للحد من زيادة السكان تستحق الدراسة والمتابعة والفهم، وليس شرطاً محاكاتها بالحدية ذاتها، لكن يُمكن وضع حوافز للأسر الملتزمة بالاكتفاء بمولودين فقط. كذلك فإن التجربة الإيرانية فى التعامل مع الزيادة السكانية من خلال حملات التوعية الدينية التى شارك فيها بقوة رجال الدين باعتبارها مصلحة عامة تجب أى فهم لنص سابق، تحفزنا على ضرورة إشراك علماء الأزهر ورجال الأوقاف بفاعلية وقوة فى المواجهة. إن محو الارتباط الزائف بين التكاثر والتناسل والدين ضرورة لازمة فى ظل وضع يزداد سوءاً.

وأتصور أننا فى حاجة ماسة لحوار متصل ودائم بشأن المشكلة وأتصور أن الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى يمكن أن تلعب دوراً فاعلاً فى هذا الشأن، فالوطن ومستقبله يحتاج لكل رأى صالح لتحقيق التنمية المنشودة.

وسلام على الأمة المصرية