عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : لا تنمية حقيقية دون كفالة حقوق الإنسان

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

هذا بلد يتغير ويتطور وينتقل من إنجاز لآخر بسرعة وجدية سيتحدث عنها المؤرخون فيما بعد.
سيقف الباحثون مشدوهين أمام عملية التنمية الشاملة التى تجرى بشكل متسارع، والتى خالفت توقعات، وتجاوزت ظنونا، وتعدت طموحات كنا نتصورها أحلاما منذ سنوات قليلة، فالاستثمار البشرى هو أجدى وافضل صور الاستثمار على الإطلاق.
وكما قلت مرارا، فإن تنمية الإنسان وتحديثه والاستثمار فيه هو الأهم والأبقى والأنفع للناس، لذا فقد جاء ميلاد أول استراتيجية مصرية لحقوق الإنسان بمثابة طرح عظيم يؤكد أن الجمهورية الجديدة لن تتحقق دون إنسان جديد، يتمتع بحقوقه، ويعتز بكرامته، ويؤمن بالمواطنة وبسيادة القانون.
وتشتمل الاستراتيجية الوليدة على أربعة محاور عمل رئيسية تشمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، فضلا عن الحقوق الثقافية وبناء القدرات.
لقد بدأ اعداد الاستراتيجية فى سبتمبر سنة 2018 من خلال اللجنة العليا لحقوق الإنسان، وبرعاية الدولة وهيئاتها ومؤسساتها، وسيستغرق تنفيذ الاستراتيجية خمس سنوات تنتهى فى 2026 لتتحقق كافة الحقوق للإنسان بدءا من الحق فى الحياة والسلامة الجسدية، ومرورا بحقوق التقاضى ومعاملة المحتجزين وحرية التعبير والدين والمعتقد، وصولا إلى الحقوق الأساسية من التمتع بالصحة والتعليم اللائق والسكن والغذاء، وحتى حقوق المرأة والطفل والمعاقين.
وإذا كانت كافة هذه الحقوق مكفولة بنص الدستور، ومتفقا عليها من خلال التزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان، فإن وضع استراتيجية عملية لتحقيقها على أرض الواقع من خلال تعديلات تشريعية وإجراءات عملية وحملات توعية وتثقيف وتنظيم يعنى تماما أننا على الطريق الصحيح وأن الامر ليس مجرد حملة دعائية، ويعنى أيضا أن الدولة تدرك أن ملف حقوق الإنسان مازال فى حاجة لعمل حقيقى، وجاد، ينطلق من أرضية وطنية، متسقا مع الدستور المصرى، ومع يقين القيادة السياسية فى أن عبارة كل الأمور على ما يرام ليست صحيحة فى المطلق، وأن هناك ضرورة للتدخل فى هذا الملف على وجه التحديد، والذى كانت الحكومات السابقة تعتبره ملفا شائكا ومستبعدا.
وفى تصورى، فإن تأخر التحرك فى هذا الملف، يرجع فى الأساس لإدراك الدولة أنه لا معنى لاستراتيجيات ومبادرات يتم إعلانها دون بناء مؤسسات كفيلة بتحقيق أهداف التنمية، وهو ما استغرق فترة ليست قليلة فى مشروع بناء الجمهورية الجديدة.
فى الوقت ذاته، فإن إعلان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان يقطع الطريق تماما على مؤسسات الاتجار بقضايا الإنسان فى العالم شرقا وغربا، ويمنع توظيفها سياسيا لتحقيق أهداف خاصة لبعض الدول والجهات الأخرى.
وبقراءة سريعة للاستراتيجية ندرك يقينا أن تفعيلها يتطلب مشاركة قوية وفعالة للأحزاب السياسية، والمجتمع المدنى من جمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية وكيانات إعلامية ومؤسسات صحفية وهيئات مختلفة.
ويذكر نص الاستراتيجية صراحة أن هناك حاجة ماسة لتعزيز المشاركة فى الشأن العام، وهو ما يستلزم معالجة ضعف التواجد الفعال للأحزاب فى الشارع المصرى، وعدم انخراط الشباب فى العمل الحزبى بالشكل المأمول.
ولا شك أن ذلك يضع على أكتافنا داخل حزب الوفد وعلى عاتق كل سياسى وكل شخص مهتم بالعمل العام مسئوليات حقيقية، وسيدفعنا لأن نعمل بجد ونتحاور بعمق لاستعادة السياسة وإصلاحها وتهيئة المناخ للشباب للحاق بالعالم المتطور فى ظل إصرار حقيقى للقيادة السياسية على تحديث الإنسان المصرى. وفى النهاية فإن العبرة ليست بالخطط والاستراتيجيات وحدها، وإنما الأهم هو وضع هذه الخطط والاستراتيجيات موضع التنفيذ وتحويلها إلى واقع.
وسلامٌ على الأمة المصرية.