عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. وجدى زين الدين يكتب : جامعة القاهرة تتصدى لتجريف العقل

د. وجدى زين الدين
د. وجدى زين الدين

تشرفت يوم «الثلاثاء» الماضى بأن أكون ضيفاً على جامعة القاهرة، لإلقاء محاضرة عن تطوير العقل وبناء الإنسان، ضمن ختام فعاليات معسكر قادة المستقبل الذى يرعاه ويتبناه الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة. ولا أكون مبالغاً فى القول إذا قلت إن هذا المعسكر بما تضمنه من ندوات ونقاشات بين طلاب الجامعة والضيوف من المفكرين والأدباء والإعلاميين يعد ضرورة مهمة فى هذه الفترة التى تمر بها مصر حالياً.. وتعد جامعة القاهرة رائدة فى هذا المشروع الثقافى الوطنى، الذى يتواكب مع رؤية القيادة السياسية فى بناء الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة. ولقد أدار الدكتور الخشت والدكتور عبدالله التطاوى، مساعد رئيس الجامعة، هذه الحوارات داخل المعسكر باقتدار شديد.
الرائع فى هذا المعسكر أن طلاب الجامعة الذين تم اختيارهم تدربوا تدريباً رائعاً على كيفية طرح الأسئلة على الضيوف، وكيف يستفيدون من خبرات أهل الفكر والثقافة طوال مدة المعسكر، الدكتور الخشت فيلسوف لا يشق له غبار، والعالم كله يشير إليه وإلى مصنفاته العلمية التى تتحدث عن إعمال العقل وبناء الإنسان، وهو ما كان يتم النقاش فيه خلال مدة المعسكر الذى استضافته جامعة القاهرة. ولا يخفى على أحد أن مصر الجديدة التى تأسست ملامحها من خلال المشروع الوطنى الموضوع بعد ثورة 30 يونيه، لا يمكن لها أن تنجح إلا بإحداث تغيير شامل فيما يتعلق بالمنظومة الثقافية، ولابد أن ترتقى هذه المنظومة بما يتواكب مع الإرادة السياسية التى تريد تحقيق كامل للجمهورية الجديدة، وهذا يتحقق من خلال تطوير العقل المصرى وإعادة بناء الإنسان، وقد أعجبنى إصرار الدكتور الخشت على استئناف أعمال معسكر قادة المستقبل رغم جائحة كورونا، ما يعنى أن هناك إصراراً شديداً على ضرورة أن يستفيد طلاب الجامعة، وأن تكون هناك مواكبة حقيقية مع ما يتم من مشروعات وإنجازات على الأرض، فلا يجوز أن تكون هناك كل هذه الإنجازات، ولا يتواكب معها فكر جديد قائم على تطوير العقل وبناء الإنسان المصرى، وهذا ما التفت إليه الدكتور الخشت، وقام بتنظيم أعمال معسكر إعداد القادة الذى يناقش مبادرات تطوير العقل من أجل بناء الإنسان.
فى مصر نعيش حالياً فترة زمنية أكثر من رائعة، تتصدى خلالها الدولة للإرهاب وتقضى على أوكار التطرف، وفى المقابل تتم مواجهة الفكر المغلق والعقل المغلق والرؤية الأحادية. وهذا أيضاً ما فطن له الخشت فى كتابه

«نحو تأسيس عصر دينى جديد».  إن إعمال العقل بات ضرورة مهمة فى هذه الفترة التى نحياها حالياً، وكفى ما وقع على المواطنين من استبداد فى الفكر بسبب عمليات النقل الممجوجة التى أوصلت البلاد إلى «جاهلية»، وآن الأوان لها أن تختفى إلى غير رجعة.. ولذلك فإن المشروع الثقافى الوطنى للدولة المصرية، يسعى إلى بناء دولة عصرية جديدة قائمة على التفكير السوى والعقل الرشيد الذى يعود بالنفع على الوطن والمواطن. ولذلك فإن قيام جامعة القاهرة بتدريس مادة التفكير النقدى وريادة الأعمال لجميع الطلاب سواء فى الكليات العملية أو النظرية، يمثل دعوة مفتوحة للرأى والتفكير وحل المشكلات بهدف دعم الابتكار والإبداع وثقافة الحوار والمراجعة والمساءلة.
إن ما يقوم به الخشت فى جامعة القاهرة يؤكد حاجة العقل المصرى إلى التطوير فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الوطن، بعد معاناة رحلة طويلة من الجمود خلال حكم جماعة الإخوان الإرهابية وما خلفته من كوارث فادحة. وذلك لأن هذه الجماعة الفاشية أخرت كل شىء فى البلاد، حين أرادت تحويل مصر إلى دولة ثيوقراطية تخلط الدين بالسياسة، فأساءت إلى الدين والسياسة والوطن والمواطن.
خلاصة القول إننى أرى ضرورة أن يتحول مشروع جامعة القاهرة إلى مشروع وطنى شامل يعمم فى كل جامعات مصر الحكومية والخاصة والأهلية، بهدف إعادة بناء الإنسان المصرى الذى ظل عقوداً طويلة يعانى من تجريف العقل وتهميش الفكر، وهو الآن يحتاج إلى صحوة تضمن له مستقبلاً أفضل.. وشكراً للفيلسوف الخشت الذى تسير رؤيته مع رؤية المشروع الوطنى للبلاد الذى يتبناه الرئيس عبدالفتاح السيسى.

 

[email protected]