رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : خطوات نحو إصلاح السياسات المالية للدولة

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

كنت وما زلت على مدى سنوات طويلة من مسيرتى منشغلاً بقضية الإصلاح. أؤمن أن الإصلاح ضرورة ولازمة من لوازم نهوض الأمم وتطور المجتمعات. وأتطلع دوماً لأن أكون جزءاً من عملية تحديث وتطوير وتغيير إلى الأفضل. فليس أبقى لدى الإنسان من مفخرة فى ذاكرته من أن يشارك فى عمل ما يُحسن أوضاع الناس ويحل مشكلات المجتمع.
وبحكم عملى فى مجال القانون، فإننى أتصور أن التشريعات هى إحدى وسائل الإصلاح الشامل. فبها تتحقق الأهداف والغايات العليا، ومن خلالها تتحسن الأوضاع وتتيسر المعاملات، وهذا ما شهدته مؤخراً فى قانون المالية الموحد، الذى يمثل خطوة هامة فى مجال إصلاح السياسات المالية للدولة، وهو للأسف الشديد لم يحظ باهتمام مناسب من جانب الإعلام رغم أهميته القصوى ودوره فى تحسين خطة التنمية الاقتصادية، ربما لأنه يتضمن مصطلحات قد لا يفهمها العامة من الناس.
لكن على أى حال، وببساطة شديدة فإن هذا القانون يعنى بإعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، والتى يتم من خلالها توجيه الإنفاق الحكومى كل عام ومتابعة ذلك التوجيه، بما يخدم فى النهاية المواطن المصرى بالشكل الأنسب. وكان الواقع معقداً ومحبطاً، لأن الموازنة كانت تخضع لتشريعات عديدة متداخلة، وبعضها قد يتعارض مع الآخر، ولا تواكب نظم المحاسبة العالمية الجديدة، مما يجعل عملية الإصلاح الهيكلى عرجاء.
لقد كنا على مدى سنوات طويلة ننادى ونطالب بضرورة التحول من موازنة البنود، إلى موازنة البرامج، وهو ما تطبقه الدول المتقدمة، لكن ذلك التحول لم يكن ليتحقق فى ظل غابة التشريعات الموروثة المرتبطة بماليات الحكومة.
لقد سبقتنا فى هذا المضمار بعض الدول فى المنطقة، كان أبرزها المملكة العربية السعودية، وجنوب إفريقيا حيث تحولت فيها الموازنة من البنود التقليدية إلى البرامج المختلفة.
إن إعداد الموازنات وفقاً للبرامج والأداء بدلاً من البنود توجه مهم جداً نظراً لاتسامها بالمرونة التى تسمح بالتغيير وفقاً لمستجدات الأداء، فيمكن تخفيض تكاليف برنامج ما نظراً لحدث ما، أو مواجهة أمر طارئ مثل وباء عالمى أو غيره، فضلاً عن ذلك فإنه يمنح الدولة القدرة على

تقييم أداء مختلف الإدارات الحكومية تقييماً موضوعياً، وتساهم فى الوقت نفسه فيه وتضمن توحيد الجهود فى الأنشطة المتشابهة بمختلف القطاعات وربط برامج الوزارات والجهات بأهداف الحكومة.
لقد قطعت مصر شوطاً جيداً فى تطوير نظام إدارة المالية من خلال تطبيق نظام موازنة البرامج والأداء جنباً إلى جنب مع موازنة البنود والأبواب، وحققت التجربة أداء جيداً خاصة فى مجال الصحة.
ولا شك أن استكمال الإصلاح المالى رهين بتشريع جديد يدمج قانونين معاً هما الموازنة العامة والذى صدر سنة 1973، والمحاسبة الحكومية الصادر سنة 1981 فى قانون واحد، يتفق مع الدستور المصرى ويتوافق مع أهداف رؤية مصر 2030.
ومثل هذا التشريع يسمح بإعادة استخدام المخصصات المالية للحكومة خلال عام ما بإعادة استخدامها فى سنوات تالية إذا حالت الظروف دون إنفاقها خلال سنة الاعتماد. كما يسمح القانون بطرح خطط موازية لضمان التخطيط المالى الجيد، ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالى فى الجهات الإدارية، وضبط الأداء المالى من خلال استخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية لرفع كفاءة الأداء المالى بمختلف القطاعات.
فضلاً عن تحقيق أعلى مستويات الشفافية والإفصاح فى الإعداد والتنفيذ والرقابة، والاستجابة للتغيرات المتعلقة بالصرف والتحصيل المميكن.
إن تأسيس دولة جديدة قوية يتطلب وجود مؤسسات راسخة وتشريعات مستحدثة ونظم مرنة وأداء فعال، وهو ما تمضى مصر نحوه بقوة وفاعلية، نرجو أن نشهدها.
وسلام على الأمة المصرية.