رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : المصرى.. مشروع بناء لا هدم وكراهية

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

سيبقى المصرى مصريا، مهما حاولت جماعات الشر تلوينه. سيبقى نقيا، وسطيا، متسامحا، وصانعا للسلام والجمال.

فى مدينة الموصل، بالعراق وقبل بضعة أعوام، وقف أمير الدم السفاح، أبوبكر البغدادي، فوق منبر مسجد النورى الكبير ليُعلن ميلاد الخلافة الإسلامية. صاح الرجل الإرهابى صيحته العالية ليدشن عصرا من الدم، وزمنا من الظلام. واستغل الرجل المسجد الأشهر فى المدينة، والذى أقامه فى القرن الثانى عشر البطل العظيم نور الدين محمود زنكي، ليبث دعوات الكراهية والخراب.

وعلى مدى سنوات طويلة خاض العراقيون حروبا شرسة لإنقاذ مدينتهم من شرور داعش، ليُحرروها بمقابل باهظ من الضحايا والخراب، ولم يكن غريبا أن ينهدم مسجد النورى ويتحول إلى أنقاض خلال المعارك.

الخبر السار هذه الأيام المباركات هو أن مجموعة من المهندسين المعماريين المصريين، تضم ثمانية مهندسين فازت مؤخرا في مسابقة إعادة بناء المسجد، ضمن مشروع دولى تنفذه الأمم المتحدة بعنوان «إحياء روح الموصل».

لقد اختير التصميم المصرى من بين 123 تصميما عالميا فى مسابقة دولية أشرفت عليها مكاتب استشارية عالمية، وكأنهم يقولون للعالم كله إن التصميم المصرى للمسجد هو الأفضل والأكثر إبهارا وجمالا.

ومغزى الخبر، هو أن المصريين، مهما تعرضوا لموجات استقطاب، أو محاولات للعبث فى هويتههم، فإنهم لا يغادرون الإطار الأصلى للمصرى القديم، ذلك الذى يبنى ولا يهدم، ويطور ولا يعرقل، وينشر الخير والعمران، ويرفض الهدم والخراب.

لقد تخيل البعض فى وقت ما أن المصريين صاروا متزمتين، منغلقين، مخاصمين للحضارة والتمدن، لكن الزمن أثبت أن شخصية المصرى المحب للخير، والقابل للتعدد، والمستوعب للتنوع أكثر صلابة ومتانة من موجات التعصب المغلف بالصبغة الإخوانية.

لقد رفع الإرهابيون يوما علم تنظيم القاعدة فى

سماء ميدان التحرير، وكم كان يوما حزينا، متصورين أن لهم مستقبلا فى أرضها، وبين ناسها، لكن المصريين أبوا الخضوع لأى راية تُفرق بينهم، وتُخالف طبيعتهم. فالمصرى الذى عرف التدين طيبة وتسامحا، لا عنفا وانغلاقا، يُصر أن يُثبت للعالم أن وجوده دوما خير، ونفع للبشرية، وأن يقظته إضافة للبناء والعمران والمدنية ليس فى مصر وحدها، ولكن فى كل مكان.

وانطلاقا من هذه الشخصية القوية الوثابة، أمكن لمصر أن تعبر أكبر تحدٍ واجهها فى تاريخها الحديث، عندما سعت قوى الظلام إلى مد مظلات رؤاها المتطرفة على المصريين، فأبوا وقاوموا، وانتصروا بدعم حقيقى من مؤسسات وطنية قوية، تُدرك طبيعة المصريين وسمات الهوية المرسومة منذ آلاف السنين.

فى سنوات قليلة حقق المصريون مكاسب جمة.. دحروا الإرهاب، ومدوا خيوط الحداثة، والعمران شرقا وغربا، وأصلحوا كثيرا من المنظومات الفاسدة، وبنوا مشروعات منفعة لأجيال وأجيال. والأعظم أنهم صاروا نماذج تحضر وبناء خارج مصر، ليشاركوا فى بناء ما هدمه الإرهاب بالفكر والإبداع والجمال.

تحية لروح التفوق والإبداع والتميز للمصريين فى كل مكان وزمان.. وسلامٌ على الأمة المصرية.