وزير الأوقاف: حرمة الدول أشد من البيوت
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أننا نرسخ لحق الجوار الدولي فحرمة الدول كحرمة البيوت وأشد ، فكما لا يجوز أن تدخل بيت أحد إلا بإذنه لا يجوز أن تدخل دولة بدون الإذن المعتبر لأهلها ، وكما أن الكريم لا يسمح أن يُعتدى على جاره من بيته فإن الدولة الكريمة لا تسمح أن تتخذ حدودها لأذى جيرانها ، والصدق كما يطلب من الأفراد فإنه يطلب من الدول والدولة الصادقة هي التي تفي بعهودها ومواثيقها والتزاماتها الدولية دون مراوغة.
وأضاف اننا في حاجة إلى قراءة جديدة لفهم النص في ضوء فقه بناء الدول واحترام سيادة الدول ولفت الى أن قضية الحوار بين الأفراد والمؤسسات تعادلها قضية التفاوض بين الدول.
جاء ذلك خلال كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المجلس الأعلى الحادي والثلاثين فى أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة.
قدم الوزير الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على تفضله برعاية هذا المؤتمر ، والذي جاء استجابة لدعوة سيادته لحوار دولي ينطلق من منطلقات المشترك الإنساني ويحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات .
وأكد الوزير الى أن الحوار يقتضي أن تُعامِل الآخر بما تحب أن يُعاملك به ، وأن تنصت إليه قدر ما تحب أن ينصت إليك ، وأن تأخذ إليه الخطوات التي تنتظر منه أن يخطوها نحوك ، واشار الى أن الحوار البناء هو الذي يهدف إلى التفاهم والتلاقي على مساحات مشتركة ، وأهداف إنسانية عامة لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون ، أو الجنس ، أو القبيلة ، واوضح الوزير الى ان تحقيق المواطنة لا يقتضي التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة فحسب وإنما يقتضي أيضًا إعطاء الجميع نفس الحقوق والفرص ، وفي مقدمة ذلك الاهتمام بالمرأة ، وأن الحوار البناء يتطلب إنصاف الآخر ، فإنصاف الآخر هو منهج القرآن الكريم قال تعالى : "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ"، فالدين قائم على إنصاف الآخر ، ويعني تسامح كل طرف عن بعض ما يراه حقا له ، ليتسامح له الآخر في بعض ما يراه حقًا.
وبين الوزير الى أن الحوار البناء لا يجعل من المتغيرات ثوابت ، ولا من الثوابت متغيرات ، فمن جهة لا يفرط في ثوابتنا العقدية .
واستشهد الوزير بالعديد من الشواهد القرآنية منها قوله تعالى لسيدنا موسى وهارون (عليهما السلام): "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" ، فأمرهما الحق سبحانه وتعالى أن يقابلا طغيان فرعون بالحكمة والموعظة الحسنة ، والقول اللين الحسن ، وألا يقابل طغيانه وجبروته بمثل فعله أو لغته ، ومنها : أدب أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم (عليه السلام) في محاورته لوالده ، حيث يقول والده : "لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" ، فيجيبه سيدنا إبراهيم (عليه السلام) في غاية البر والأدب : "سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"، ومنها الحوار الذي دار بينه وبين نمرود بن كنعان كما حكى القرآن الكريم على لسانه : "قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ " ، وهنا لم يرد عليه سيدنا إبراهيم (عليه السلام) بالنفي المباشر، إنما انتقل إلى أمر آخر قائلاً : "فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ
وأشار وزير الأوقاف إلى أن أخطر ما يعوق الحوار أمران هما : الأدلجة والنفعية ؛ فأما الأدلجة فإن العالم أو الكاتب أو المحاور المؤدلج تحمله عصبيته العمياء للجماعة التي ينتمي إليها إما على عدم رؤية الحق ، وأما على التعامي عنه ، إذ يمكن لأحدهم أن يحاورك أو يجادلك أو يقبل نقاشك في مفهوم آية من كتاب الله (عز وجل) أو حديث صحيح من سنة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولا يقبل منك أن تحاوره أو تناقشه أو تراجعه في كلام مرشده المقدس لديه ، واسار الى ان النفعيون والمتاجرون بالأديان والقيم والمبادئ فلا يدافعون أبدًا عن الحق، ولا ينتظر منهم ذلك ، إنما يدافعون عن مصالحهم ومنافعهم.
يذكر أن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف افتتح المؤتمر نائبًا عن الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وحضر المؤتمر الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، و عادل بن عبد الرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي ، والدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزيد نائبًا عن الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسي أمين عام رابطة العالم الإسلامي ، والشيخ نصر الدين مفرح وزير الشئون الدينية والأوقاف بجمهورية السودان الشقيقة ، والدكتور محمد أحمد الخلايلة وزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية بالمملكة الأردنية الهاشمية ، والدكتور نور الحق قادري الوزير الاتحادي للشئون الدينية والتسامح بين الأديان بباكستان والدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية ، والدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة ، والدكتور أسامة العبد وكيل اللجنة الدينية والأوقاف بمجلس النواب نائبًا عن الدكتور علي جمعة رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف ، والدكتور تيموسي متامبو وزير التوعية العامة والوحدة القومية بمالاوي ، والدكتور محمد عيضة مهدي شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد اليمني والدكتور عمر علي روبلي وزير الأوقاف والشئون الدينية بالصومال.
