عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجدى زين الدين يكتب : الأحزاب ليست ديكورًا

تحدثت من قبل عن أهمية تفعيل الحياة السياسية المصرية، وهذا هو ما تحرص عليه الدولة المصرية منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن، فبعد تثبيت أركان الدولة، والحرب الضروس على الإرهاب وبرنامج الإصلاح الاقتصادى العظيم، وبعد تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى، تم تفعيل المادة الخامسة من الدستور التى تقضى بالآتي: «يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته على الوجه المبين فى الدستور».

لذلك ليس من المقبول أو المعقول ما يقوم به الذين يحاولون التقليل من شأن الأحزاب السياسية فى الفترة الحالية، إنما هم أعداء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وهؤلاء لا يحيون إلا خدمًا وحشمًا للسلطة، لا يعنيهم من قريب أو بعيد سوى تحقيق مصلحتهم الشخصية والمنافع، ولأن هؤلاء الشرذمة لن يكون لهم وجود أصلاً فى وجود الأحزاب فى الدولة الديمقراطية، لذلك هم ينهالون طعنًا على الأحزاب السياسية ووصفها دائماً بأنها ضعيفة، فى حين أنهم هم الذين زينوا للحكام السابقين بالبلاد عدم الاهتمام بالأحزاب السياسية واعتبارها ديكورًا فقط لتزيين الحكم.

بصراحة شديدة يقود هذا الهجوم تياران؛ الأول هو الجماعات الإرهابية، وهم الآن باتوا فى خبر كان ولن تقوم للإخوان قائمة بعد ذلك، أما التيار الثانى فهو أصحاب المصالح الخاصة الفاسدون الذين نهبوا أموال المصريين، وتكرشت بطونهم من أموال السلب والنهب لثروات هذا البلد العظيم. مؤخراً أخبرنى رجال سابقون بالدولة أن هناك حملة ممنهجة ضد كل الشرفاء الذين يريدون حياة سياسية سليمة، وأنهم لن يرضيهم سوى تحقيق مصالحهم الخاصة والشخصية، وهذه الحملة قائمة على تشويه الأحزاب والحياة السياسية.

فهؤلاء يصطادون فى الماء العكر، يتربصون بالأحزاب السياسية وينالون منها، ويسخّرون كل إمكاناتهم فى التطاول عليها والتقليل من شأنها، لإحداث نوع من الفرقة بين الناس والأحزاب. والهدف واضح جدًا وصريح هو ضرب الأحزاب السياسية، وبالأحرى محاولة تفكيك التحالفات السياسية والهجوم الشرس على الأحزاب، وهذا يقتضى بالضرورة أن يكون هناك تماسك شديد بين الأحزاب والقوى الوطنية، للتصدى لكل المساخر التى يقوم بها المفسدون والمتربحون من فساد الحياة السياسية.

وكفى ما تحدثت عنه من قبل والذى يمثل خطيئة كبرى ارتكبتها الحقبة الناصرية بإلغاء الأحزاب السياسية، رغم أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قبل وفاته كان قد اعترف بهزيمة فترة حكمه سياسيا بسبب إلغاء الأحزاب، وبقاء الحزب الواحد والفكر الواحد، وقلت إن الرئيس الراحل أنور

السادات قد بدأ يدرك خطيئة حل الأحزاب، وقرر إنشاء المنابر وأحزاب اليمين والوسط واليسار، حتى جاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واتخذ من الأحزاب ديكوراً لتزيين حكمه، وليقول للعالم إن فى مصر حرية وديمقراطية، فالخارج عندما يعرف أن هناك أحزاباً فى بلد ما، يعنى أن هناك تداولاً للسلطة، مما يعنى الديمقراطية.

ولقد خدع «مبارك» نفسه والمصريين بوجود الأحزاب عندما لم يعترف نظامه إلا بالحزب الواحد والفكر الواحد، ولا فرق بين الحزب الوطنى المنحل، والاتحاد الاشتراكى أو التنظيم الطليعى فى زمن الرئيس جمال عبدالناصر. الأبشع هو أن تنظيم الحزب الوطنى كان قد تجرأ وارتكب من الفساد الكثير والكثير، ووصل به الأمر إلى عدم الاهتمام بأى رأى آخر.. ومنذ هذا التاريخ -أعنى تولى مبارك الحكم- وحتى قبيل ثورة 25 يناير 2011، والحزب الوطنى يرتكب من الجرائم فى حق المصريين الكثير والكثير.

وكلنا يذكر أن زبانية الحزب الوطنى كانوا يضعون قوائم بأعضاء مجلس الشعب قبل إجراء الانتخابات، حتى جاءت ثورة يناير وبعدها ثورة 30 يونية، ليكون للأحزاب دور وشأن آخر بخلاف ما كان يحدث فى الماضي.

فهؤلاء جميعاً لم يؤمنوا بفكرة الأحزاب إلا لتزيين حكمهم، هؤلاء لم يكن فى حساباتهم أى تداول للسلطة. فى دستور مصر العظيم الذى يعد من أعظم الدساتير الموضوعة فى العصر الحديث، لا يوجد أى اعتراف بنظام حكم الفرد المطلق، ولا يوجد أى تفكير لاحتكار السلطة من جانب أى أحد. مما سبق يتضح أن نكسة الأحزاب الحقيقية بدأت مع ثورة 23 يوليو 1952 عندما تم القضاء على الأحزاب تحت دعاوى واهية، بهدف الاستحواذ على الحكم.