رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : الإصلاح الإدارى فى بلادي

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

الإصلاح ضرورة نادى بها المفكرون واحدًا تلو آخر، وناضل فى سبيلها الساسة النبغاء من عصر لآخر بهدف تحسين حياة البشر حولهم.

وفى بلادنا الموصوفة دومًا بالعالم الثالث، والساعية للصعود، والراغب قادتها وأهلوها فى التطور والترقى، فإن الإصلاح ضرورة حياتية تدفعنا دفعًا أن نفكر ونتدبر ونعيد قراءة إطروحات وأفكار رصينة سعت فى الماضى إلى الإصلاح ونادت به.

ولاشك أن استعادة بعض أفكار وآراء الراحل العظيم إبراهيم شحاتة، رجل القانون، والمفكر البارز، ونائب رئيس البنك الدولى الأسبق، لرسم معالم للإصلاح الإدارى فى بلادنا ضرورة تقتضيها الرغبة والاهتمام لدى الدولة المصرية لتحقيق إصلاحات حقيقية.

لقد ترك لنا المفكر الكبير كتابًا كنت وما أزال أراه جديرًا بأن يتم تدريسه للطلبة فى المدارس، وهو «وصيتى لبلادي» الذى صدر سنة 1999، محاولًا وضع تصور تفصيلى للإصلاح الحقيقى فى بلادنا بدءًا من الإصلاح الإدارى، حتى الإصلاح الاقتصادى، والسياسى.

فمصر وفق رؤية الرجل أمامها ثلاثة طرق لا غير، أولها طريق الارتداد للخلف بمعنى الرجوع لنظم بالية وتراث قديم لا عصرى ومحاولة استعادته وهو طريق يرتد بالمجتمع والفكر والحضارة ويخاصم المدنية، وثانيها طريق «محلك سر» أى لا تقدم ولا تغير فى كل شىء وهو يثبت بالتدهور العام على ما هو عليه. أما الطريق الثالث فهو التقدم إلى الأمام وهو ما يستلزم تطويرًا وإصلاحًا إداريًا شاملًا.

وهنا، فإن أهم مقومات الإصلاح الإدارى هى رسم صورة واضحة للخدمة العامة فى مصر بمعنى تغيير نظرة الموظف للوظيفة العامة، فلابد أن تتجاوز الخدمة العامة فكرة ممارسة عمل مقابل أجر إلى ممارسة خدمة عامة ومهمة للصالح العام. كذلك فلابد من تغيير قدرة الموظف على أداء وظيفته من خلال التدريب المستمر ومواكبة العصر.

ولابد للقائمين على كل مؤسسة كسر إحباطات الوضع السائد وعدم استساغة الممارسات القائمة وما يكتنفها من فساد، لأنه لا إصلاح بدون إيمان حقيقى بحتميته وبإمكانيته. ومن الضرورى هنا تنفيذ الإصلاح وفق تسلسل رشيد يراعى وضع برنامج للتعامل مع مشكلة العمالة الفائضة دون التسبب فى مشكلات إجتماعية جديدة.

ومما رأه إبراهيم شحاتة جديرًا بالالتفات والاهتمام هو ضرورة تحديد فكرة تنازع المصالح التى تسهم فى شيوع الفساد بين موظفى الجهاز الإدارى لدرجة أن بعضهم يطالب جهارًا ببعض المنافع الشخصية، وهنا لا يجوز الاحتجاج بضعف الرواتب الحكومية، لأن علاج ذلك الضعف يكون بزيادة الرواتب وليس السماح بالفساد.

كذلك، فإن نسف البيروقراطية المسيطرة يتطلب أولًا فهمًا ووعيًا كاملًا بها، فهى نتاج طبيعى للقواعد والنظم المتبعة وهى نظم متعددة ومعقدة وكثير منها يتناقض بعضه البعض، ما ينجم عنها فى النهاية تعطيلًا للمصالح العامة والخاصة على السواء. ويتطلب الأمر وضع نظم حديثة للعمل وللتعامل مع الجمهور.

إن الثورة الإدارية المنتظرة تستلزم اهتمامًا متزايدًا بالموظف العام وبكفاءته والتزامه وهو ما يرتبط بشكل أو بآخر بنظام التعليم والمنفصل فعليًا منذ زمن عن حاجات العمل، لذا، فإن إصلاح التعليم وتطوير نظم التدريب ضرورة يفرضها وجود نوايا لدى الحكومة لإصلاح الجهاز الإدارى.

إن التدرج فى الإصلاح مهم مثلما أثبتت تجارب كثيرة من الدول، فمن المفيد البدء بوزارة أو اثنتين وتطبيق الإصلاح فى الجزء تمهيدًا لتوسعته إلى الكل. فرسم الإصلاح جزئيًا يكشف أى مشكلات محتملة ما يسهم فى اجتياز العقبات ويساعد على تقبل المنظومة لعملية الإصلاح.

أتصور أن الاستعانة بتجارب الدول الأخرى ضرورة لازمة، فالحكماء هم مَن يستفيدون بتجارب الآخرين ويتعلمون منها.

وسلام على الأمة المصرية.