فك الأعمال وإبطال السحر.. الوفد تقتحم عالم الدجل والشعوذة بمحال العطارة

"كلما اقتربت من هذا العالم كلما كانت فرصك للضياع أكبر".. هكذا بدأ أحد أصحاب محال العطارة حديثه معنا خلال جولتنا الصحفية ليكشف لنا عن خبايا أعمال الدجل والشعوذة داخل محال العطارة، وكيف تحولت هذه المحال إلى دكاكين للتجارة الحرام والكسب بطرق غير مشروعة من خلال بيع الوهم للزبون.

 

بدأت الجولة بمحل عطارة كائن بمنطقة حسن محمد بفيصل، يُشاع عنه أنه متخصص في أعمال الدجل والشعوذة سرًا من خلال بعض الأفعال الوهمية مع الزبون لجلب الحبيب وفك الأعمال السفلية وتقريب الزوج وحل المشاكل الأسرية، فكانت البداية مع هذا العطار من خلال إخفاء هويتنا الصحفية وقيامنا بدور أشخاص يعانون من بعض المشاكل الخاصة لكشف الحقيقة.

 

كانت البداية صادمة والقلب مقبوض ونحن داخل المحل المذكور، ومع سؤالنا الأول لهذا الرجل "العطار" دون أن يفصح عن اسمه، وهو أننا نُعاني من بعض المشاكل الخاصة ليدور بيننا حديث استغرق قرابة الخمس دقائق ليتركنا بعدها ويدخل إلى خلوته وهي عبارة عن غرفة مظلمة لا يدخلها سواه يخرج منها دخان بشكل كثيف، ليخرج بعدها ويفاجئنا بمعلومات عن حياتنا الشخصية صحيحة بنسبة كبيرة.

 

المعلومات كانت عبارة عن مواقف حدثت لنا في حياتنا بالفعل وعن صفات أقارب لنا وعن عدد أشقائنا ووظائفهم وكأن هناك شخصًا ما لقنه هذه المعلومات، ليبلغنا بعدها أن هناك شخصا ما ينظر إلى حياتنا ولابد من مواجهة هذا الشخص من خلال شراء بعض الأعشاب النادرة والتي يمتنع بعض العطارين عن بيعها وماء مذكور عليه اَيات محددة من القراَن الكريم وبعض الوصفات والتركيبات، ليرشدنا عن طريقة استخدام هذه الأشياء من خلال رش الماء وشرب الأعشاب ودهان الجسد بالمسك لطرد الشيطان ومنع الحسد.

 

وكي تكتمل عملية الشفاء والتي تستغرق من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع عليك أن تشتري هذه الأعشاب والمسك والماء وتداوم على الجلسات معه، وبدون هذه الخطوات لن يكتمل شفاءك، وأسعار هذه الأعشاب والتركيبات تتراوح ما بين 100 إلى 150 جنيها، وكل عشب له هدف معين، فهناك أعشاب خاصة لإخراج الأعمال السفلية وأعشاب اَخرى لجلب الحبيب وإبطال الحسد وتقريب الزوج – على حد قوله.

 

وعلى الجانب الاَخر كشف لنا "أ.ع" صاحب محل عطارة، عن طرق النصب التي يتبعها بعض العطارين، قائلًا: "أنا كواحد عندي محل عطارة بيجي ليا زباين كتير عندهم مشاكل وعاوزينك تحلها، بس أنا دايما بقولهم أن المشاكل دي عند كل الناس، والحل انك تقرب من ربنا بالصلاة وسماع القراَن الكريم وتكون طاهر دايما، لكن للأٍسف الزبون بيكون موهوم أن الحل عند العطار".

 

وأكد: "بعض الزباين بيفضلوا يذهبوا إلى العطارين عن الشيوخ توهما منهم أن الحل في خلطة وتركيبة العطار لحل مشكلته أو فك سحره أو جلب حبيبه، للأٍسف ده وهم بيتباع للناس، وأنا بيجيلي ناس تقولي انا روحت للعطار الفلاني عملي جلسة وقعد معايا وباع ليا أعشاب اشربها وحاجات ادهن بيها جسمي وماء اغسل بيه جسمي ومرتاحتش برضو.. بقوله ان ده وهم وانت عندك توهم وكل ده نصب ودجل وشعوذة ومفيش حاجة من الحاجات دي بتشفي ولا بتصلح الحال".

 

واختصر حديثه بأن السبب وراء هذه الأفعال من بعض العطارين يرجع للربح السريع والسهل، حيث أطلق على هذه الأفعال "التجارة الحرام"، مؤكدا "بيع الوهم للناس وانك تبيع ليهم أعشاب ملهاش لازمة وتركيبة وخلطة كدب أسهل تجارة ومربحة جدا، وفي عطارين بيكسبوا من الجلسات خلال جلوسهم مع الزبون وسماع مشكلته بالاضافة إلى شراء الخلطة وفي عطارين مبتاخدش حق الجلسة لكن بياخدوا حق الخلطة".

 

"بالرغم إني صرفت فلوس كتير عند العطارين إلا اني لسه زي منا تعبان وموسوس وعندي مشاكل".. هكذا حكى

أحد الزبائن الذين يترددون على محال العطارة لحل مشكلته إلى "العطار" الذي يتحدث لنا، ليكشف مما لايدع مجالا للشك أن العملية في النهاية نصب في المقام الأول والأخير.

 

وأشار "العطار" لنا إلى أن بعض العطارين معدومي الضمير يقومون بوهم الزبون بقوتهم الخارقة التي تستطيع حل أي مشكلة، لافتا إلى أنه لا يبيع هذه الأعشاب ولا خلطة النصب.

 

ولفت إلى أن أغلب المترددين على العطارين لحل مشاكلهم سيدات،  متابعا "بيجيلي ستات كتير يحكوا مشكلتهم أن بنتهم كل لما يجي ليها عريس يمشي والجوازة متكملش، بقولها ده نصيب، وواحدة تانية تقولي عندي مشاكل أسرية كتير اعملي خلطة ارشها عشان أصلح الدنيا واقرب مني زوجي، اقولها مفيش الكلام ده".

 

وكشف لنا عن اسماء الأعشاب التي تدخل في تركيبة النصب، حيث جاءت كالتالي – على حد قوله – "الحلتيت والترياق" ويستخدمان في فك الأعمال السفلية وطرد السحر من خلال شرب المريض هذا العشب، بالرغم من مرارته ورائحته الكريهة، وكذا "ورق سدر، وورق نبأ" يوضعان في الماء ويتم قراءة بعض الأَيات القراَنية عليهما، ومن ثم يقوم الشخص بالاستحمام بهذا الماء لمنع الحسد، و"ميعة سائلة" يدخل أيضًا في خلطة النصب لعلاج السحر، و"فاسوخة مغربي" عبارة عن بخور لطرد الشياطين.

 

واختتم "مفيش حاجة اسمها خلطة لجلب الحبيب ورد المطلقة والكلام ده، لأن لو في مكنش حد غلب".

 

ومن جانبه قال الشيخ حمدي نصر، إمام و خطيب بوزارة الأوقاف، عن  أعمال الدجل والشعوذة بمحال العطارة من خلال فك الأعمال السفلية والسحر وتقريب الزوج وجلب الحبيب "حرام شرعًا"، مؤكدًا أن لكل داءٍ دواء.

 

وأكد في تصريح خاص لـ"بوابة الوفد"، أن التقرب إلى الله وقراءة القراَن الطريق الأفضل لحل أي مشكلة، لافتا إلى أن الطب وخاصة الطب النفسي يعتبر أيضا البديل الأفضل للأشخاص الموهومين بالمرض.

 

وتابع "بالنسبة للعطارين اللي بيقوموا بعمل تركيبة ووصفة للمرضى النفسيين ده دجل وشعوذة وبيع وهم للناس وده باطل وحرام شرعا، لأن المريض بيكون غرقان في قشاية عشان يحل مشكلته وانت كده بتستغله، فأموال العطارين اللي بيعملوا كده حرام".

 

وعن كفارة هذه الأعمال، أوضح أن من يقوم بأعمال النصب على المواطنين من خلال بيع أعشاب وتركيبات خاطئة عليه أن يتوب ويرد الأموال إلى أصحابها إما أن يخرجها لوجه الله سواء في بناء مسجد أو مستشفى، بالإضافة إلى أن يُحذر الناس من هؤلاء العطارين حتى لا يكونوا ضحايا جدد.