رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : ليس تشاؤما بل تنبيه.. استعدوا للموجة الثانية من الوباء

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

ليس من باب التشاؤم توقع السيناريوهات الأسوأ، ولا يعنى الحديث عن توقعات لموجة ثانية من وباء كوفيد 19 المستجد، سوى التنبيه ولفت الأنظار للاستعداد اللازم لذلك، خاصة أن التداعيات المنتظرة على الجانب الاقتصادى قد تتضمن تراجعا فى المدخرات لدى القطاع العائلي، وتدهورا فى ثقة المستهلك، وانخفاضا فى واردات السلع النهائية والوسيطة، وما قد ينتج عن ذلك من ارتفاع فى الأسعار وتقلص للقوى الشرائية لدى المستهلك.

أتصور أن الاستعداد للتقلبات والظروف الطارئة يستلزم قراءة واعية ودراسة علمية ودقيقة لما مضى. ولا شك أن استرجاع ما حدث بالفعل من تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد، وما طرحته الحكومة من خطط لمواجهة أزمة استثنائية وغير مسبوقة ضرورة للوقوف على حجم التراجع المتوقع.

وطبقا لتقرير حديث لمؤسسة «ديكود» للاستشارات التمويلية والاقتصادية، فإن تأثيرات الأزمة قد تأخذ وقتا طويلا حتى تصل إلى أرض الواقع مثلما حدث فى عام 2011، إذ لم تظهر مؤشرات التراجع الاقتصادى بوضوح إلا فى عامى 2012 و2013.

من هنا لم يكن غريبا أن نشهد التراجع الأكبر فى الاقتصاد خلال الربع الأخير من عام 2019ـ 2020، وربما فإن أبرز ملامح ذلك التراجع يتمثل فى ارتفاع نسبة البطالة من 7.7% فى مارس الماضي، إلى 9.6% فى يونيو، وارتفاع أعداد العاطلين من 2.2 مليون إلى 2.6 مليون شخص. بالإضافة إلى 2.3 مليون فرد تركوا قوة العمل تماما ولم يعد ينظر إليهم باعتبارهم جزءا منها ومجرد احتسابهم يرفع نسبة البطالة إلى 16.9%، والمؤسف أن النسبة الأكبر من هؤلاء من الإناث. ويتوزعون جميعا على قطاعات الصناعة، السياحة، النقل والإسكان، والتشييد والبناء، والقطاع الزراعي.

واللافت أن الأمر لم يقتصر على ذلك، ففى أكتوبر الماضى نشر جهاز التعبئة والإحصاء بيانا كشف فيه انخفاض عدد ساعات العمل بسبب الوباء. وأظهر استطلاع رأى حديث أن نصف العائلات متشائمة بشأن توقعاتها للدخل خلال الشهور الثلاثة القادمة مقارنة بشهر مايو.

وانعكس كل ذلك على السلوك الاستهلاكى للمواطنين، خاصة أن انخفاض الدخول نتيجة الوباء تزامن مع زيادة أسعار الكهرباء فى يوليو الماضي، وزيادة أسعار تذاكر المترو فى أغسطس، وتطبيق 1% ضريبة على الرواتب لمدة

سنة بدءا من أغسطس، فضلا عن إقرار رسم تنمية على بعض السلع غير الضرورية.

لكن الحكومة واجهت تلك التداعيات بإجراءات جيدة كان على رأسها توظيف شبكة الحماية الاجتماعية بما تضمنته من برامج مهمة مثل تكافل وكرامة وإعانات للعمالة الموسمية، ووقف احتساب الفوائد على القروض، وتأجيل سداد الضرائب، فضلا عن تشغيل المشروعات الكبرى وزيادة الاستثمارات الحكومية، كذلك فقد أعلنت الحكومة من خلال الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط مبادرة لتشجيع الاستهلاك الخاص بخصومات وصلت إلى 25% على السلع الأساسية والمعمرة بما فيها الإلكترونيات، الملابس، منتجات الجلود، والأثاث، والوصول بحجم المشتريات إلى 125 مليار جنيه خلال الفترة من نهاية يونيو حتى يناير 2021.

وصاحبت تلك الإجراءات سياسة نقدية متزنة ومتوازنة ساهمت فى زيادة السيولة النقدية، ما نتج عنه ارتفاع الاقتراض الحكومى من البنوك بنحو 21.4% خلال الفترة من فبراير إلى يوليو الماضيين، وربما كان من اللافت ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 17.1 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2020 مقارنة بـ 15.8 مليار دولار فى الفترة ذاتها من العام السابق نتيجة حرص كثير منهم على إرسال مدخراتهم لعائلاتهم.

ولاشك أن كل ما حدث فى الموجة الأولى يدعونا للتحفز والاستعداد لأى موجات أخرى محتملة من خلال إجراءات مدروسة بعناية، مع اهتمام أكبر وزيادة مدروسة للإنفاق الحكومى على القطاع الصحي. وحفظ الله مصر من كل شر.

وسلامٌ على الأمة المصرية.