رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : مجلس الشيوخ المفترى عليه

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

لا إصلاح بدون تشريع، ولا تشريع بلا برلمان متعدد الرؤى يُعبر عن وجهات نظر مختلفة تمثل كافة ألوان الطيف السياسى والفكرى.

ولاشك أن مجلس النواب وحده، لا يُمكنه استيعاب كافة التشريعات اللازمة للإصلاح المنشود، إلى جانب القيام بدوره الرقابي، ما حذا بالدولة المصرية إلى الاستجابة لدعوات متكررة باستعادة الغرفة الثانية للبرلمان، وهى مجلس الشيوخ، والتى عرفت طوال الفترة الممتدة من 1980 وحتى فبراير 2011 بمجلس الشورى.

إن القرار الجمهورى رقم 141 لسنة 2020 والصادر أول يوليو الماضى يؤكد أن القيادة السياسية ماضية بعزم، وهمة لاستكمال دعائم النظام الديمقراطي، وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، باعتبارها الضمان الأول للاستقرار ولدعم مشروع الدولة الوطنية المدنية.

لا مجال للتراجع عن دعم النظام البرلمانى وتخفيف أعباء البرلمان التى تحد من دوره الحقيقى فى الرقابة، وليس أفضل من غرفة ثانية لديها خبرات معرفية وتنوع فكرى وسياسي، للقيام بمثل هذا الدور المهم. من هنا فقد حددت المادة الثامنة من قانون مجلس الشيوخ اختصاصات المجلس فى أخذ رأيه فيما يلى :

1ـ الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.

2ـ مشروع الخطة العامة للتنمية الإجتماعية والاقتصادية.

3ـ معاهدات الصلح والتحالف وجميع معاهدات حقوق السيادة.

4ـ مشروعات القوانين التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.

5ـ ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو سياستها فى الشئون الخارجية.

ويعنى ذلك أن وجود المجلس يصُب فى صالح النظام الديمقراطي، وليس أدل على ذلك من أن معظم الدول الديمقراطية تعتمد نظام المجلسين ترسيخا لقيم المشاركة الأوسع واستيعابا لعناصر ذات كفاءة وخبرة يمكن أن تسهم فى إثراء الحوار ومناقشات القوانين، وحسبنا أن نتابع الدور الهام الذى يلعبه مجلس الشيوخ فى الولايات المتحدة حيث ينفرد باختصاصات فريدة تخص اقتراح وسن القوانين. كذلك فإننا نجد فى بريطانيا مجلسين أحدهما للوردات والآخر للعموم، ولكل منهما دوره الهام فى تعزيز الديمقراطية.

وفى مصر، كان دستور 1923 يعتمد نظام المجلسين، بحيث يكون أحدهما النواب، والآخر للشيوخ، وشهدت مصر فى ظل ذلك النظام عصرًا ذهبياً من التعددية وتمددًا وازدهارًا للحركة الليبرالية، ما ساهم فى تحقق مبدأ سيادة الشعب، وازدهار الحريات، ونمو الحركة الوطنية المصرية، بعيدا عن أى شعارات دينية أو عرقية.

وكان غياب الغرفة الثانية بعد ثورة يوليو 1952 مُتسقًا مع تراجع الحريات وانحسار الديمقراطية وغلبة الحزب الواحد على التعددية. ولم تعد الغرفة الثانية للبرلمان إلا سنة 1980 فى ظل انفتاح

الحياة السياسية تدريجيًا وعودة الأحزاب مرة أخرى. وحسبنا أن نجد ــكما يشير الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد فى كتابه الأحدث عن تاريخ مجلس الشيوخ أن أول مجلس شورى وقتها ضم أسماء عظيمة لمفكرين وسياسيين ورجال مجتمع مثل توفيق الحكيم، عبد الرحمن الشرقاوي، ثروت أباظة، انيس منصور، أمينة السعيد، محمود المليجي، الشيخ الباقوري، والشيخ الشعراوي، وغيرهم.

وإذا كانت هناك انتقادات سابقة وجهت إلى الغرفة الثانية خاصة مجلس الشورى عبر ممارسات ما استندت إلى عدم جدوى المجلس، وقلة اختصاصاته، وصلاحياته، وتحمله لميزانية إنفاق كبيرة لا تتناسب مع جدواها، فإن ذلك كان رهنا بفترة ماضية، وفى ظل أوضاع سياسية يشوبها خلل كبير أدى فيما بعد إلى اندلاع ثورة يناير سنة 2011. بل إن مجلس النواب القائم وقتها نفسه لم يكن يعبر عن أطياف وفئات الشعب المصرى.

إن فقيها دستوريا مخضرما مثل الدكتور شوقى السيد يؤكد لنا أن الغرفة الثانية، لها دور رقابى أيضا بخلاف دورها التشريعى. وهو يوضح ذلك الدور بممارسة الاختصاص بالدراسة والاقتراح وإبداء الرأي، ما يدفع الدارس ( عضو مجلس الشيوخ) إلى التنقيب عن إيجابيات خطة ما وسلبياتها، وتقييمها، وتقويمها، مع تقديم الرأى والمشورة والنصيحة. ويتساءل الدكتور شوقى السيد : أليس فى كل ذلك رقابة فاعلة لعمل الحكومة؟

إنها كذلك بالفعل. وأتصور أن تنوع وتعدد الانتماءات السياسية والفكرية والمجتمعية لأعضاء مجلس الشيوخ تمنحه قدرة أوسع على تقديم قراءة أكثر عمقا للتشريعات والمعاهدات المحولة إليه، وهو ما يضيف للنظام الديمقراطى ويساعد على تعزيز مكانته فى بلدنا الذى يخطو بُخطى عظيمة نحو المستقبل رغم سهام الحاقدين.

وسلامٌ على الأمة المصرية.