رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسرتُ الجنرال الإسرائيلى فى حفرة ..وعزيمة المقاتل المصرى سر الانتصار العظيم

بوابة الوفد الإلكترونية

كنا جبارين بعزيمتنا وإيماننا بالله سبحانه وتعالى

 

سيبقى نصر أكتوبر المجيد ملحمة عظيمة فى تاريخ الشعب المصرى، ورمزًا خالدًا تفتخر به الأجيال وتتباهى به على مر السنين، وسيظل هذا النصر العظيم تجسيدًا عمليًا لكفاءة وعقلية المصريين ورفضهم للانكسار والهوان، ودليلًا دامغًا على أن مصر أقدم دولة مركزية فى التاريخ وستظل إلى نهاية التاريخ مهما كان حجم التهديدات والمخاطر أو المؤامرات. لقد تحول انتصار المصريين على عدوهم وعدو العرب إلى مرجع وسند فى تاريخ العسكرية، لأنها الحرب التى غيرت العقيدة القتالية فى العالم، حيث كانت كل الأسلحة التى شاركت فى الحرب تطويرًا لأسلحة الحرب العالمية الثانية، واستطاع الجيش أن يحارب بأسلحة دفاعية محضة أحدث الأسلحة التى توصل اليها العقل البشرى. إنها الحرب التى أثبتت أن المصريين شعب عظيم لا يعرف المستحيل، وأن جيش المصريين قادر على فعل المستحيل، جيش أعاد بناء نفسه فى 6 سنوات، وعبر أصعب مانع مائى صناعى عرفته حرب فى التاريخ وهو «قناة السويس»، واخترق «خط بارليف» أعتى مانع صناعى أقيم فى حرب دارت بين البشر، هدمه بالماء ودمر نقاطه الحصينة.

فى حرب أكتوبر سطر المصريون بطولات تضاهى ما يروى فى الأساطير، من الشجاعة والجرأة ومحاربة المجهول.. استلهموا أرواح أجدادهم الفراعنة الذين شيدوا الحضارة قبل ان يعرف البشر معنى الحضارة.. أثبتوا للعالم أن مصر الحضارة لا تنكسر أو تموت.. قدموا أرواحهم لتحيا مصر. هذه الحرب المجيدة، مبعث فخر لكل الأمة العربية، حتى اليوم بعد مرور ٤٧ عاما على الانتصار وسحق الجيش الإسرائيلى، وسقوط قادته أسرى فى يد رجال جيشنا العظيم، الذى سيبقى عظيما طول الدهر، بإخلاص رجاله وقادته.

أول أسير إسرائيلى:

وفى هذه الأيام المجيدة، واحتفال الشعب المصرى العظيم بذكرى انتصار السادس من أكتوبر، ذكرى الانتقام واسترداد الأرض، والكرامة، نتحين الفرص لإلقاء الضوء على أهم بطولات رجال الجيش المصرى العظيم، الذين حفروا أسماءهم من نور فى سجلات البطولة والفداء من أجل الوطن الغالى، ومن هؤلاء الأبطال، العميد يسرى عمارة الضابط المصرى الذى أسر الجنرال الإسرائيلى عساف ياجورى قائد اللواء ١٩٠ مدرع، وثلاثة من جنوده كانوا مختبئين داخل حفرة بجوار سرب دبابات دمره الجنود المصريون، وقبل الاستفاضة فى قصة أسر عساف ياجورى البطولية، يروى العميد يسرى لـ«الوفد» تفاصيل ملحمة أخرى شارك فيها وهى أسر أول ضابط إسرائيلى تم أسره فى حرب الاستنزاف، وهو أفيدان شمعون، والذى كان بطلا للمصارعة فى القطاع الجنوبى بإسرائيل، وأحد أقرباء جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل،

ويقول البطل المصرى : كنت فى حرب الاستنزاف بالفرقة الثانية مشاة، وبينما بدأت بطولات حرب الاستنزاف، كنا جميعا فى اشتياق لأن نخوض أى عملية ضد الجيش الإسرائيلى، وبالفعل تحقق مرادنا قبل أيام من وقف إطلاق النار، فإسرائيل كانت راكبة الضفة الغربية بساتر ارتفاعه ٢٢ مترا، مثل عمارة علوها ٧ أدوار كاملة، وبيننا وبينهم قناة السويس، ولكننا كنا جبارين بعزيمتنا، وايماننا بالله سبحانه وتعالى، وخططنا لخطف أسير لكى نعرف إسرائيل أننا لسنا نائمين، وبالفعل قمنا بإخراج أكبر عملية فى عز الظهر وتقريبا فى الساعة الثالثة والنصف، بقيادة النقيب أحمد إبراهيم قائد سرية، عبرت القناة، ومشيت أكثر من كيلو و٣٠٠ متر شرق القناة، وجهزوا حفر برميلية، ونزلوا فيها، وكان الجميع يعلم أنه ربما يستشهد فى العملية، ولا يرجع، ورغم ذلك كانوا أسودا، وبعد دقائق أخبرتنا أجهزة الاستطلاع، أن سيارة جيب إسرائيلية ذاهبة من الشمال إلى الجنوب، وسوف تمر على الدورية المصرية المرابطة فى حفر البراميل، وبعد ابلاغهم، تم تدمير السيارة، وابلغونا ان معهم ضيفا ثقيلا، فقمنا بتوجيه دورية أخرى لمؤازرته وسحب الضيف الثقيل، وبعثنا له ضابط ملازم أول أحمد عبد الرؤوف، ومعه طاقم من ضباط الصف والجنود، وبالفعل كرمنا ربنا، وأحضروا الضابط الأسير وكان ضخم الجثة وملتحيا، وأخذته أنا وأنزلته بعد سحبه بحبل إلى الملجأ، وطلب منى مياها، وشربته، وأصيب بنزيف قوى نتيجة شرب المياه، وهذا من شيم المصريين والإسلام التى تعلمناها فى القوات المسلحة، أخذ الضابط يسألنى : اسمك إيه ؟ فقلت له اسمى جمال عبدالناصر، وقال لى ما اسم الدكتور، فقلت له جمال عبدالناصر، وقمت بتسميعه النشرة المصرية التى تؤكد أننا أسرنا ضابطا إسرائيليا، وسمعنا فى ذات الوقت نشرة العدو وهى تذيع كذبا أننا أسرنا ضابطا إسرائيليا، بعد أن كبدنا خسائر فادحة وقتلى، وللحقيقة لم يصب منا فرد واحد فى العملية، وعرفنا بعد ذلك أن هذا الضابط من أقرباء جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل،
وتم تسليمه إلى إسرائيل فى أول دفعة لتبادل الأسرى، وعلمت بعد ذلك أنه أصبح بعد مرور سنوات رئيسا للموساد الإسرائيلى.

«عساف» ويوم إسرائيل الحزين:

ويضيف البطل المصرى يسرى عمارة: فى ظل تحقيق الانتصارات بمعداتنا وعتادنا الضعيف، بالمقارنة بما لدى العدو الإسرائيلى، وذلك بالروح المعنوية التى فاقت التصور، جاء يوم الثامن من أكتوبر، ليكون علامة بارزة فى حرب أكتوبر والذى سطره المؤرخون كأعظم حرب للدبابات، ووصفته إسرائيل بأنه يوم الاثنين الحزين، لما شهدته إسرائيل من تدمير وتفحم دباباتها ومدرعاتها، بقوة الجندى المصرى، الذى كان يستخدم سلاح الـ«آر بى جيه» بمهارة فى تدمير دبابات العدو، ووصلت معلومات أن لواء دبابات إسرائيليا فى الطريق، لإرجاع قواته، واقتحام القناة، ودخول القاهرة، وتم الاستعداد جيدا لهذه العملية وفى الساعة الرابعة يوم ٨ أكتوبر، خدناهم الحضن، واستطعنا تدمير ٧٣ دبابة فى أقل من نصف ساعة، وأخذنا أوامر بتطوير الهجوم، وكان مخصصا لى عربة جيب يعلوها مدفع مضاد للدبابات، وأصيبت العربة، وأصبت فى يدى، فقمت بربط المدفع فى مدرعة، ولم يكن لى مكان داخلها، حيث كان قائدها نقيب فاروق سليم، و١٠جنود، فصعدت وجلست فوق شبكة التمويه، وكان الدخان والدمار فى كل مكان، والإسرائيليون يتساقطون، ويخرجون من الدبابات بأسلحتهم، فيلقون حتفهم على أيدينا، وكان فى المقابل يتساقط الشهداء من الجنود والضباط البواسل، وكانت بى اصابة فى يدى لم أدر بألمها، من شدة المواجهة، وفى تلك اللحظات، وجدت أحد جنود العدو يختبئ خلف بقايا رتش وأسفلت الطريق، ووفقنى الله، وأمسكت سلاحه، وضربته بخزينة سلاح على رأسه، فهشمتها، وسقط صريعا على الفور، وكان بجانبى الجندى البطل محمد حسان الذى قتل جنديين آخرين، وفى هذه الأثناء، سمعنا صراخ ٤ آخرين فى حفرة، وقلت لـ«فاروق» رحمه الله، اضغط عليهم وأنا أقوم بإحضارهم، وقمت أنا والجندى محمد حسان وسحبنا الأربعة الذين أعلنوا استسلامهم لنا، وكان من بينهم لواء عساف ياجورى لم أكن أعرف اسمه، ولكنى أخذت سلاحه وسلمته إلى القائد، وفى هذه الأثناء تم نقلى إلى المستشفى لوجود رصاصة فى يدى لم أشعر بألمها من شدة المواجهة قبل أن أقوم بقتل الجندى الإسرائيلى الذى احتفظت بهويته العسكرية، وقبل أسر عساف ياجورى قائد اللواء ١٩٠ مدرع الإسرائيلى، وبعد نقلى للمستشفى، بيومين، جاءتنى نشرة عبارة عن برقية شكر من قائد الفرقة العميد حسن أبو سعدة، نصها «نشكر القوات على ما بذلوه من جهد كما أحيى النقيب الجريح يسرى عمارة ومجموعته التى أسرت قائد اللواء الإسرائيلى عساف ياجورى».

الشهيد الحى

ويروى البطل المصرى يسرى عمارة قصة الشهيد الحى العقيد محمد حمدى الحديدى، والذى فقد ساقيه فى الحرب، ويقول: العقيد الحديدى كان جبارا فى مواجهة العدو الإسرائيلى، فعندما كان موجودا فى حفرة تمويه لاصطياد العربات والجنود من العدو، ألقيت قذيفة على الحفرة، فتطايرت ساقه اليمنى، وبعدها بدقائق فقد ساقه اليسرى، وتم نقله إلى المستشفى العسكرى بالسويس،وهذا من أبطال أكتوبر البواسل الذى ضحى بنفسه من أجل عودة الكرامة لوطنه.