عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : أمننا القومى يتجاوز الحدود... ليبيا نموذجًا

يستحق الدور العظيم الذى تلعبه مصر فى ليبيا تقديرا وإشادة، لأكثر من سبب. فأولًا فهو دور إنسانى يتسق مع قيم مصر الحضارية بمساندة الاستقرار، ودعم كيان الدولة الوطنية فى مواجهة المرتزقة.

وثانيًا لكونه دورًا مناهضًا للمتاجرة بالدين، وتشويه الإسلام من قبل جماعات الإرهاب والتطرف، الخارجة عن كل قانون وعرف.

وثالثًا لأنه يؤكد فعالية مصر الإقليمية وقدرتها على التأثير فى قضايا الشرق الأوسط، تأثيرا يساوى قواها الحقيقية، التى حسب البعض أنها خمدت فى ظل الانشغال بقضايا الداخل.

ورابعًا لأن مستقبل ليبيا هو مستقبل دولة عربية شقيقة، يهم مصر ويهم المصريين جميعًا.

وأخيرًا، وهو لا يقل أهمية لأن ذلك الدور يخدم الأمن القومى المصري، الذى لا يجب أبدًا أن يقف عند الحدود، وإنما يمتد إلى أى بقعة تمثل تهديدًا لمصر والمصريين.

وأتصور أن انهيار كيان الدولة فى ليبيا، واحتشاد الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، وتكالب أنظمة وحكومات عديدة على التواجد والعبث فى الداخل الليبي، لا يمكن أن يواجه بصمت، فحدودنا مع الجار الغربى تُحتم علينا أن نشارك ونواجه ونهتم ونُحدد ونخطط ونعمل بقوة على وأد أى أخطار قادمة.

من هُنا أتفهم بعمق الخطاب المصرى المُعبر عن اعتبارات أساسية للأمن القومى المصري، وحرصه على وحدة الصف وتماسك الكيانات المؤسسية فى الجار الشقيق، وإيمانه المطلق بضرورة بناء جيش وطنى ليبى نظامي، ومؤسسي، وإنشاء شرطة وطنية ونظام تعليمى متماسك.

إن مصر رغم ما تواجهه من تحديات وما تعانيه من مشكلات جمة لا يمكنها السكوت أمام ما يحدث فى ليبيا دعما للإرهاب وخصما من البناء الدولى القائم على القانون، والمؤسسات الرسمية. ليس من طبائع مصر السكوت على شرعنة الفوضى أو تحويل البلدان إلى بؤر للإرهاب وسفك الدماء، وليس من شيم المصريين التقهقر أو التسليم أمام الأخطار، وإنما هى المواجهة بحزم وقوة ووعى بأمن مصر وأمن شعبها.

من هُنا نُثمن إعلان القيادة السياسية بأنها لا يُمكن أن تقف مكتوفة الأيدى أمام تدفق الإرهابيين والمرتزقة، وتغلغل النفوذ الأجنبى لاستنزاف الموارد الطبيعية لدولة ليبيا، وضغوط بعض الدول لسحق هوية الجار الشقيق وتفتيتها.

إن مصر الجديدة، دولة قوية، لها إرادة وتأثير وأذرع سياسية واستراتيجية يُمكن أن تمتد

حيثما كان الخطر لتقتلعه، بفضل اصطفاف أبنائها المخلصين، ووحدة صفوفها الداخلية. وسبق أن قلت إن حماية الأمن القومى المصرى تستوجب تفكيك كافة القواعد الإرهابية داخل ليبيا وتجفيف منابع تمويلها، وتأمين الحدود تأمينا كاملا، وهو ما نجحنا فى تحقيقه بفضل يقظة ووعى القيادة السياسية وقدرتها على قراءة الواقع بشكل سياسى عميق.

إننى أتذكر قبل تسع سنوات أننى شاركت فى لقاء موسع حول تنمية سيناء، وأننى استمعت خلال اللقاء لتنبيه واعٍ لبعض القادة العسكريين فى مصر بضرورة النظر بعناية وفهم للحدود الغربية، وما تمثله من أهمية استراتيجية لمصر. وأشار صاحب التنبيه إلى أن تلك الحدود تمثل تهديدا مباشرا، وقناة لمد قنوات الإرهاب إلى الداخل، وأثبتت السنوات التالية أن هناك وعيا وحرصا واهتماما واضحا لدى القادة بتلك الحدود، وما بعدها، وأن مفهوم الأمن القومى المصرى اتسع بالفعل بما يوازى قوة التأثير الحقيقية لمصر. فأطماع تركيا وقطر والرغبة فى السيطرة على الغاز فى مياه البحر المتوسط يجب ألا تكون بعيدة عنا.

ولا شك أن ذلك يعنى لنا الكثير والكثير، لكن أهم شىء فى تقديري، فإنه يعنى أن مصر ليست كما كانت، وأن تأثيرها السياسى فى المنطقة أعظم وأقوى، وأنه آن الأوان لنا أن نطمئن على حاضرنا ومستقبلنا. والتطرق أيضًا لحدودنا وأشقائنا فى الجنوب (السودان)، والعمق الإفريقى لا يجب أن يغيب عن الأذهان، ولنا فى ذلك حديث آخر.

وسلامٌ على الأمة المصرية.