عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : تنمية شاملة... لا نمو اقتصادى

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

ينتهز مسئولو الحكومة كل فرصة ممكنة للتصريح باستهداف تحقيق معدل نمو اقتصادى مرتفع، والتباهى باستمرار النمو رغم تبعات جائحة كورونا، وغيرها من الظروف الدولية المحيطة، دون اهتمام فعلى إن كان النمو الاقتصادى كنمو رقمى كفيلا وحده بإصلاح الأحوال الاقتصادية والاجتماعية أم لا.

إن كثيرين يتصورون أن تحقيق معدل نمو يتجاوز الـ3 % فى العام المقبل، ثم الوصول إلى 5 و6% أو ما يفوقهما فيما بعد يُحقق آمال الناس فى رضا عام ويشعرهم بتحسن أحوالهم المعيشية.

 والحقيقة ربما تخالف ذلك التصور كثيرا، وأتذكر أننى التقيت قبل سنوات غير بعيدة بالسيد جيم كليفنتون، والذى يترأس معهد «جالوب» الأمريكى المهتم بالأبحاث الاستراتيجية للدول منذ سنة 1988، وتناقشنا كثيرا عن النمو الاقتصادى ومستويات الرضا الشعبي.

 وكان من المفاجئ أن يُطلعنى السيد كليفنتون على دراسة احترافية أعدت عن أوضاع الاقتصاد والأحوال الاجتماعية فى مصر خلال الفترة من سنة 2005 إلى 2010، وخلصت هذه الدراسة إلى أن معدل النمو الاقتصادى فى مصر، والذى نما بشكل كبير وصل به إلى 7%، قابله معدل تراجع شديد فى  مستوى رضا الرأى العام، وهو ما وصل لحالة سخط كبرى عرفنا ذروتها فى 25 يناير 2011.

ومعنى ذلك، أنه رغم تحقيق معدل نمو اقتصادى كبير، وجذب استثمارات أجنبية هائلة، واتساع فى عدد المشروعات الاستثمارية فى كافة المجالات، وتحقيق بعض الكيانات الاقتصادية أرباحا كبيرة، فإن الآثار الاجتماعية للنمو المتحقق لم تصل إلى غالبية المصريين. من ُهنا ظلت الخدمات العامة متدهورة، ولم تتحسن خدمات الصحة، ولم يقترب أحد من ملف التعليم، ولم تقتحم الدولة ملف العشوائيات، كما لا تسعى لأى إصلاحات فى الجهاز الإدارى الحكومي. وهكذا فقد استفادت  من النمو شرائح محددة من المجتمع المصري، وهو ما انعكس بصورة بالغة السوء على الأوضاع الاجتماعية للناس، وهو أيضا ما يمكن أن يفسر حالة انعدام الرضا خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك.

ولست ممن يرون أن الرضا العام يتناقض دوما وحتما مع الإصلاح الحقيقي، ذلك لأن هناك بالفعل تجارب إصلاح عالمية حظيت

بالرضا الشعبي، وفاقت فى نتائجها التوقعات المسبقة.

 وأتصور أن الرضا والإصلاح يتوازيان معا، وأن تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، أعظم مرارا من مجرد التباهى بمؤشرات ربما تشهد تحسنا وارتفاعا رقميا، لكنها لا تحمل بالضرورة انعكاسا إيجابيا على معيشة البشر.

من هنا، ومن واقع خبرات ومتابعات دولية فى المجال الاقتصادى أستبشر كثيرا باقتحام الدولة المصرية لملفات تنموية عظيمة مثل الصحة والتعليم والعشوائيات. أُتابع برضا وسعادة مبادرة الرئيس(100 مليون صحة)، والتى لاقت تقديرا دوليا، أتفاءل بسعى الدولة الجاد والدءوب لإصلاح وتطوير الخدمات العامة من طرق وصرف صحى وكهرباء ووسائل نقل. أسعد بحجم ما تحقق من إنجازات عظيمة، وأتمنى أكثر وأكثر.

وفى رأيي، فإن هناك ملفات هامة ما زالت تحتاج إلى سعى حثيث وجهد كبير من جانب الدولة لاستكمال منظومة التنمية، وربما من بينها مثلا قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذى حصل بالفعل على دعم ومبادرات، لكنه ما زال يحتاج لدعم كبير. كذلك فإن الجهاز الإدارى الحكومى ما زال فى حاجة لإصلاح شامل، مع المُضى قدما فى تحديث التشريعات وتطوير المؤسسات القائمة، والحد من البيروقراطية، وخلق مناخ جاذب للاستثمار يتسوده الشفافية الكاملة ومبدأ تكافؤ الفرص.

ذلك التصور أراه جديرا بالتحليل والدراسة والعمل الجاد من جانب مؤسسات الدولة حتى يشعر الناس، كل الناس، بآثار ما تحقق من إنجازات غير منكرة على أرض الواقع.

وسلامٌ على الأمة المصرية.