رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : الثالث من يوليو.. ذكرى وطن ولد من جديد

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

تاريخ آخر سطره المصريون بعد 3 يوليو 2013، إن وطناً جديداً ولد فى هذا اليوم من رحم أزمة ومعاناة عصفت بالأمة المصرية عصفاً غير مسبوق، وانطلق جامحاً نحو البناء والتصحيح والتحديث.

فى 30 يونيه سنة 2013 تحرك الشعب المصرى، وثار ضد الاستبداد باسم الدين، ورفض العبث بهويته وقيمه التاريخية المكتسبة عبر آلاف السنين، وفى الثالث من يوليو، فى العام ذاته، تحركت القوات المسلحة لتحقق رغبات جموع الشعب فى الخلاص من حكم الجماعة، المُناقض لمبادئ المواطنة، والاستقلال، وسيادة القانون.

لم يكن تصور الأوضاع التالية حال استمرار جماعة الإخوان فى الحكم صعباً، ففى تجربة السنة الواحدة التى تولت فيها الجماعة حكم البلاد لم تكتف بإقصاء خصومها السياسيين من نظام مبارك، بل عملت على تشويه كل آخر، وسعى قادتها وأعضاؤها إلى تقويض مؤسسات الدولة بما فيها القضاء والجيش، وأسهموا فى رفع وتيرة الانقسام داخل المجتمع، وعملوا على تعلية نبرة الطائفية واستغلال الدين فى السياسة. وكان شبح الدولة المتشرذمة الأوصال فى سوريا وليبيا حاضراً وقريباً بعد انكشاف صلات الإخوان بجماعات الإرهاب شرقاً وغرباً.

لقد مثل يوم الثالث من يوليو نقطة انطلاق لوطن جديد قائم على المواطنة، يسعى نحو البناء والتنمية، يحترم الآخر، يُعلى من مبدأ سيادة القانون، يكافح الفساد، ويعمل من أجل إسعاد أهله ورفع مستويات معيشتهم، وحقهم فى التمتع بالخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومسكن وعمل مناسب.

كانت التحديات صعبة، وكانت الرهانات مُحبطة، وكانت الشكوك عديدة بشأن تخطى حالة الانقسام التى حاول الإخوان ترسيخها فى المجتمع، وتجاوز الفوضى والاضطرابات، والنجاة من محاولات ضرب الاقتصاد والإفلاس. لكن لأن إرادة الإصلاح كانت قوية، ونوايا التنمية كانت حقيقية، فقد أمكن للمصريين أن يعبروا بسلام إلى مصاف الدول المستقرة، فنجحت مصر فى إجراء إصلاحات اقتصادية غير مسبوقة، كنا نظنها فيما مضى أحلاماً بعيدة المنال، وأنهت الدولة أزمات أزلية مثل أزمة السوق السوداء للعملة، وإهدار الدعم، وعدم كفاية الكهرباء، وواجهت مع كل ذلك جحافل الإرهاب الكريه، وأعادت دورها الإقليمى ومكانتها عبر التاريخ لتصبح رقماً مؤثراً فى قضايا إفريقيا والشرق الأوسط. وصار لدينا كثير من قصص النجاح التى تستحق أن تروى.

وللتاريخ وبلا حرج أقول إننى كنت، وما زلت، مؤمناً بعظمة الدور الذى

لعبه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حماية الأمن القومى المصرى، والحفاظ على وحدة وتماسك الدولة المصرية، والتعامل بحسم مع أزمات حدود مصر الغربية والشرقية، والمحافظة على أراضى الوطن من التفكك، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية بجرأة وحكمة.

وحتى فى ظل أزمات لم تكن فى الحسبان، مثل أزمة فيروس كورونا المستجد، كان تفاعل وتعاطى الدولة بأجهزتها المختلفة دليلاً على اعتبار صحة الإنسان المصرى، وحقه فى العمل والتمتع بمتطلبات الحياة أولوية لدى صاحب القرار.

وأتصور عن قناعة حقيقية أن النجاح الذى تحقق خلال السنوات القليلة الماضية يجب أن يستمر ويتزايد، وأن هناك حاجة ماسة لاستكمال برنامج التنمية الاقتصادية وتعظيم مكاسبه بالتزامن مع تحقيق الأمن الاجتماعى، إن التقدم للأمام يقتضى المراجعة كل فترة لما تم إنجازه، بغرض دعم وإبراز ما نجحنا فيه، وتصحيح ما قد يواجهنا من أخطاء.

وأعتقد أن ملف الإصلاح الاقتصادى ما زال يحتاج إلى مراجعات، وتشاور، وحوار مجتمعى، خاصة أن عملية الإصلاح عملية مركبة وشديدة التعقيد، ولها تشابكات سياسية واجتماعية وإدارية عديدة. وأرى أننا فى حاجة ماسة وضرورية لطرح تصورات وأفكار وبرامج ومقترحات من كل التيارات السياسية بما يضيف إلى صانع القرار وينير له جوانب قد تبدو ملتبسة.

ذلك الالتفاف والاصطفاف ضرورة تذكرنا بها ثورة يونيه العظيمة، وبيان الثالث من يوليو الخالد، الذى يمثل ميلاداً جديداً لمصر وشعبها العظيم.

ولا شك فى أن الحديث عن الإصلاح السياسى ودعم الحريات الشخصية حوار ممتد، له شجون، وللحديث بقية.

فسلام على الأمة المصرية.