رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : مبدأ سيادة القانون أساس لدولة الحقوق العصرية

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

ليس الهدف من هذه المقالات المسلسلة التذكرة بالماضى فحسب، ولكن التأكيد أيضاً على أن ثوابت حزب الوفد منذ أكثر من مائة عام لا تزال مستقرة، وراسخة، وصالحة للتطبيق برؤية معاصرة تتفق مع المستجدات المحيطة بنا.

سيادة القانون هو الإطار الحاكم لدولة المؤسسات العصرية التى نرجوها، فلا تقدم ولا عدالة بعيداً عن تغليب القانون، والاحتكام إليه، ووجود مرجعية ضامنة للحقوق والالتزامات هو السبيل والضمان للعدل المرجو.

من هنا كانت سيادة القانون مبدأ ثابتاً يحدد مسار الوفد فى أدائه كحزب حاضن للأمة المصرية منذ ميلاده وعلى مدى مائة عام، نتذكر بإجلال ووعى مقولة سعد باشا زغلول الشهيرة لزملائه فى الجمعية التشريعية «لا يفوتنكم أن تحتجوا على كل أمر ترون أن فيه مخالفة للقانون مهما كان صغيراً فى نظركم، فربما كان لهذا الأمر الصغير علاقة فى المستقبل بأمر كبير فيتخذ سكوتكم فى هذا حجة عليكم فى ذاك».

ونتذكر مقولته الخالدة «يجب أن ننقاد للقانون وألا نعتبر الانقياد إليه مهانة ومذلة بل عزاً وشرفاً».

وقوله أيضا «من أراد أن نخضع له ونذعن إليه ونتجرد أمامه من قوتنا وشجاعتنا فليس بيننا وبين الوصول إلى ذلك إلا أن يعمل عملاً واحداً فقط، وهو أن يحترم الحق والقانون فنخر له صاغرين».

وإذا كان الدستور هو مرجعية القوانين جميعاً، فإن حزب الوفد خاض معارك حادة وعنيفة مع القصر والحكومات الموالية وأحزابها دفاعاً عن الدستور، وحماية لمبدأ سيادة القانون روحاً ونصاً.

ففى انتخابات مارس 1925 ورغم محاولات تزوير إرادة الأمة فاز الوفد بأغلبية مكنته من اختيار سعد زغلول رئيساً للبرلمان وانتخاب وكيلين وفديين هما على الشمسى وويصا واصف، فأصدر الملك فؤاد قراراً بحل البرلمان فى مايو 1925، لكن الوفد ناضل وكافح لوقف الاعتداء على الدستور والحياة النيابية وتآلف مع القوى السياسية للضغط على القصر لإعادة العمل بالدستور، وقبل سعد بالتنازل عن حقه الدستورى فى رئاسة الحكومة سنة 1926 حماية للحياة النيابية، ليعاد انتخابه رئيساً للبرلمان.

وفى مرة ثانية يعود الملك فؤاد لانتهاك الدستور والقوانين فيقيل مصطفى النحاس من رئاسة الحكومة فى يونيه 1928 ثم يقوم فى الشهر التالى بحل البرلمان، ويلجأ الوفد إلى الأمة ويدعوها للنضال من أجل دستورها وحريتها النيابية، ويعتبر النواب قرار الحل باطلاً، ويقررون أن الحكومة منتهكة للدستور، وينزعون

الثقة منها.

ثم تكرر الأمر فى حكومة النحاس سنة 1930 عندما تدخل الملك فى قانون إنشاء محكمة النقض، وبدل صياغته فتقدمت حكومة الوفد باستقالتها، ولجأت إلى البرلمان برئاسة ويصا واصف الوفدى لترفض تدخل الحكومة التالية برئاسة إسماعيل صدقى فى أعمال التشريع، وتخوض نضالاً عظيماً ضد الاعتداء على الدستور وإهدار سيادة القانون، ينتهى بإعادة العمل بالدستور استجابة للجماهير.

وفيما بعد وقف الوفد موقفاً واضحاً ضد انتهاك القانون والدستور من قبل القصر، وتعددت مواقفه، فمنها مثلاً عندما رفض اقتراح الوصى على العرش بتنصيب الملك فاروق سنة 1936 تنصيباً دينياً، ثم تكرر الأمر عند تعيين رئيس الديوان الملكى إذ رأت حكومة الوفد أنه وفقاً للدستور فإن ذلك حق للحكومة المنتخبة وليس للملك. وأعدت حكومة الوفد مذكرة قانونية تفصيلية أعلنتها فى ديسمبر سنة 1937 أكدت فيها بوضوح أن السلطة الفعلية لإدارة شئون البلاد تنحصر فى مجلس الوزراء وحده، ما أغضب الملك ودفعه إلى إقالة الحكومة.

وفى حكومة 1942 تكررت الصدامات مع الملك لإصرار الوفد على احترام القانون، ففى إحدى زيارات الملك إلى مسجد عمرو وجد لافتات شعبية ترحب به مع الزعيم النحاس، فطلب من مدير الأمن العام إزالتها، فقرر وزير الداخلية الوفدى إيقاف مدير الأمن لقبوله أوامر الملك المخالفة للدستور.

ولم يكن الوفد بعيداً عن أى معركة يُعتدى فيها على القانون، فقد كان احترام الدستور وتغليب سيادة القانون مبدأ راسخاً فى تاريخ الوفد، وسيبقى مع الوفد المعاصر قيمة دائمة ضامنة للعدل والحكم الرشيد.

فسلام على الأمة المصرية.