رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الملك فاروق" بسيناء يدين نظام مبارك

بوابة الوفد الإلكترونية

قبل ثورة 25 يناير.. كان قصر الملك فاروق على ساحل مدينة العريش في شبه جزيرة سيناء المصرية مقرا لجهاز أمن الدولة السابق الذي عرف عنه قمع وتعذيب معارضي نظام حسني مبارك.

واليوم.. تحول القصر الذي شيد في أربعينيات القرن الماضي إلى مزار شعبي، بعد أن هجره رجال أمن الدولة بعد أيام معدودات من ثورة يناير هربًا من الغضب الشعبي الذي اجتاح معظم مقار هذا الجهاز وأدى إلى اقتحامها من قبل الجماهير.
والزائر لهذا المكان المفتوح لأهل العريش يمكنه بسهولة أن يشاهد غرفا وزنازين كان يتم فيها استجواب وتعذيب وحبس المعارضين للنظام سواء كانوا من الإسلاميين أو من عناصر فصائل المقاومة الفلسطينية.
ومازالت هذه الغرف تحمل آثار من قبعوا بداخلها، حيث خط بعضهم ذكرياته ووصاياه وهو ينتظر الفرج من قبضة سجانيه.
هذا القصر الذى شيده "فاروق" آخر ملوك مصر وحكامها من الأسرة العلوية، والذى أرغمته "ثورة" 23 يوليو 1952 بقيادة الجيش على التنازل عن العرش وتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية.
يقع المبنى الذي مازال يحتفظ بمظهره الأثري، وطرازه المعماري الإسلامي، على ربوة عالية، تطل نوافذه على البحر بوسط مدينة العريش، وبدت بمحيطه مظاهر التخريب من تكسير للنوافذ الزجاجية وخلع تام للأبواب والشبابيك، واقتلاع أشجار كانت تجمل المكان.
ويحيط به سور عال تتوسطه بوابة ضخمة، وعلى جانبي السور من الجهة الغربية في الداخل بنيت بشكل بدائي غرف متراصة، يتم فيها احتجاز المطلوبين أمنيًا.
وعلى جدران هذه الغرف والزنازين خطت آيات قرآنية وكلمات مأثورة وأشعار وذكريات، وتوقيعات لأسماء أشخاص وقبائل بدوية في سيناء، وفصائل فلسطينية، مرت على هذه الزنازين.
وكتبت أيضا عناوين لمدن وقرى مصرية مختلفة، وأخرى من غزة، وتواريخ لسنوات متكررة ورسومات تعبيرية وشعارات لفصائل إسلامية مصرية وفلسطينية، وربما الأهم دعوات على "الظالمين" يرى أهالي سيناء أنه تمت الاستجابة لها حين قامت ثورة 25 يناير 2011 وأطاحت بحكم الرئيس السابق حسني مبارك.
وعلى الجانب الشمالي وبجوار السور أيضا.. غرف أخرى تبدو كأنها كانت مبيتا للجنود، ومستودعات لما كان يتم مصادرته على أيدي "أمن الدولة" من كتب ووثائق.
بداخلها بقايا لملابس جنود وأكوام من أوراق بينها استمارات تحمل شعار الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك، والمنحل حالياً، وكتب دينية ممزقة وملقاة على الأرض بينها تفاسير قرآنية ووثائق لبطاقات هوية شخصية .
أما مكاتب الضباط فكانت في غرف القصر المكون من طابقين تتوسط كل طابق ردهة واسعة، ويحيطها عدد من الغرف الصغيرة.
"في هذا المبنى.. كانت تجري حلقات التعذيب بمختلف أنواعها لنزع الاعترافات"، بحسب وصف أحد من كانوا سجناء في القصر، إنه "بسام آدم" الذى قال إنه اعتقل 3 مرات من قبل أمن الدولة في هذا القصر، وتعرض "لتعذيب بشع" -على حد قوله.
ويستعيد شريط الذكريات الأليمة، قائلا: "في 2008 وجهوا لي تهمة المشاركة في صناعة طيارة بدون طيار وتمويل حركة المقاومة الإسلامية حماس بقطاع غزة كوني عضوا بجماعة الإخوان المسلمين، واحتجزوني لأشهر في مقر جهاز أمن الدولة بالعريش الذي كنا نطلق عليه (فزع الدولة)".  ويصف مراحل التعذيب بداخل قصر فاروق فيبين أنها "تبدأ من الغرفة الجانبية الأولى التي تطل على البوابة الرئيسية".
ويمضي قائلا: "هذه هي البداية، حيث يتم في هذه الغرفة استدعاء المطلوب والذى ينتظر لساعات وأحيانا يوما كاملا إلى أن يتم اقتياده وهو معصوب العينين إلى الضابط المسئول، وخلال عملية الاقتياد التي لا يعرف خلالها أين يسير يتم بث الرعب في داخله من خلال تهديده بالقتل، إلى أن يصل لمكتب الضابط المسئول عن استجوابه، حيث إن لكل فصيل سياسي ضابطا مختصا به".
"وبحسب نوع المساءلة – يتابع آدم - تكون المعاملة التي قد تتطور إلى تعذيب نفسى ولفظي يتطور إلى جسدي، يخرج منه البعض لا يستطيع السير على قدميه، ومن ثمتيتم إعادته إلى ذات الغرف الجانبية الملاصقة للسور".
ويشير إلى أنه كان يجد في تلك الغرف أشكالاً وألواناً من الناس بينهم مصريون وفلسطينيون، والبعض من مراكز مرموقة وآخرون من الناس العاديين الذين ليس لهم أي انتماء سياسي.
يضيف آدم أن "الغرفة أو الزنزانة التي لا يتجاوز محيطها 4 أمتار، كان يتكدس بها العشرات ويتبعها دورة مياه واحدة تفتح أبوابها على الغرفة بشكل غير آدمي".
ويشير "غنام سعيد"، الذى اعتقل لمرة واحدة على خلفية انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين إلى أن "البعض كان يلقى به داخل الزنازين وهو مقيد ولا يستطيع الحركة من شدة ما تعرض له من تعذيب، وكان الباب كلما فتح علينا يصيبنا الرعب في انتظار من سيتم اقتياده للاستجواب والتعذيب من جديد".
أما أحمد سواركة، فيذكر أنه تم اقتياده إلى قصر فاروق على خلفية اتهامه بالتورط في تفجيرات سيناء الإرهابية عام 2005 وشاهد بعينه "كم التعذيب الذى تعرض له أبرياء وهم يطالبونهم أن يقدموا معلومات عن  العناصر المشتبه بتورطها في التفجيرات، وأيضا ذوى المتهمين فيها من سيدات كبار في السن وزوجات مع أطفالهن، ورجال مسنين يلقى بهم في تلك الغرف لحجزهم بهدف إرغام المطلوبين على تسليم أنفسهم" .
أما المعتقل السابق محمد على فيشير الى غرف صغيرة على شكل سراديب  قائلاً "كنا نعذب في هذا المكان، وأهلنا في الخارج لا يعلمون عنا شيئا، اذا حضر أحدهم للسؤال عنا أخبروه أننا لسنا هنا، ونحن بأمس الحاجة إلى ما يحملوه لنا من طعام وشراب".
ويروي كل من محمد هاشم، ومحمد عبده، من قاطني البيوت الملاصقة لهذا المقر، "كنا نسمع صرخات المعذبين بداخله، وكثيرا ما يصاب اطفالنا بالهلع من شدة وحدة الاصوات والأنين والتشنجات، وكانوا يمنعوننا من فتح نوافذ منازلنا المطلة على القصر من بعد صلاة المغرب وحتى الصباح ، وهو الوقت الذى  تسمع فيه اصوات المعذبين ".

من جهته، يقول عبدالرحمن الشوربجى، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، والنائب عن شمال سيناء بمجلس الشعب المنحل، إن هذا المقر "هو احد اثار المنطقة الذى استولت عليه مباحث امن الدولة سابقا في عهد مبارك، وجعلت منه مقرا للرعب في سيناء طوال عهد النظام السابق، والكثير من ابناء سيناء زاروا هذا المقر كمعذبين، وفيه قطعت اوصال ابناء سيناء بوطنهم وجعلت البعض تمتلئ نفسه بالكراهية لكل ما حوله".
ويضيف "ما نسعى اليه حاليا ان يتحول هذا المبنى الى مزار تاريخي، فيه تجسد معاناة ابناء سيناء في ظل النظام السابق من خلال متحف يوصف لتلك الحقبة من الزمن".
وكان جهاز مباحث امن الدولة قد تم حل جميع إداراته  منتصف مارس 2011 بقرار وزير الداخلية اعقبه قرار اخر بإنشاء جهاز امني جديد بوزارة الداخلية اسمه قطاع الأمن الوطني ينحصر دوره في الحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب وفقا لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحريته.