عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجدى زين الدين يكتب: كفاح الشرطة المصرية بين الماضى والحاضر

وجدى زين الدين
وجدى زين الدين

بطولات رائعة ضد الإنجليز بقيادة فؤاد سراج الدين

دور مهم وفاعل فى البناء والتنمية برئاسة محمود توفيق

ملحمة أمنية محترفة ضد أوكار الإرهاب والتطرف

لا تهاون مع من يرفع السلاح أو يحاول المساس بأمن واستقرار الوطن

عطاء الشرطة لا ينقطع فى سبيل أداء الواجب وحماية الجبهة الداخلية

 

باقٍ ساعات قليلة وتحل ذكرى 25 يناير، موعد الاحتفال بعيد الشرطة المصرية الثامن والستين، والاحتفال هذا العام يختلف تماماً عن كل احتفال مضى فى تاريخ الشرطة فى ظل الدور الوطنى الكبير الذى تؤديه أجهزة الأمن، وفى ظل مشاركتها أجهزة الدولة المختلفة فى البناء والتنمية، فالشرطة المصرية بات لها الآن دور فاعل ومهم ليس فى تعضيد الاستقرار الأمنى فحسب وإنما فى مشاركة الدولة المصرية فى مشروعها الوطنى، الموضوع بعد ثورة «30 يونيو»، لتأسيس الدولة المصرية الحديثة، ولذلك وجدنا اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بما يتمتع به من حس سياسى لا ينفصل أبداً عن رؤية الدولة الأعم والأشمل، ولذلك فإن عطاء الشرطة سيظل متصلاً بمسيرة العمل الوطنى الذى تقوم به مصر حالياً حتى لو كلف ذلك تقديم التضحيات الغالية فى النفوس، وسقوط الشهداء والمصابين، فالمهم هو أداء الواجب المقدس وحماية الجبهة الداخلية للبلاد.. وهذا بطبيعة الحال يؤدى إلى خوض غمار الصعاب والتحديات من أجل تدعيم الدولة الوطنية المصرية، والسعى الدائم لدفع مسيرة التنمية الوطنية التى تحقق الحياة الآمنة والكريمة للمواطنين، لأن الشرطة المصرية لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تنفصل عن الشعب العظيم الذى يؤدى الدور المهم والأكبر فى مسارات التنمية المختلفة، وهذا ما يجعله يواجه بصفة مستمرة التحديات الصعبة.

إن استراتيجية وزارة الداخلية الآن لم تعد مقصورة على الاستجابة لمتطلبات تقليدية، بل تتسارع وتتفاعل مع كل ما يفرضه الواقع من مهام ومتطلبات تكتمل حلقاتها فى أداء ملحمة أمنية محترمة، وهذا ما تقوم به الآن الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة فى مشاركة القوات المسلحة المصرية الباسلة فى مواجهة بؤر الإرهابيين والتكفيريين، ولذلك نجحت الأجهزة الأمنية التابعة للداخلية وفق استراتيجية محكمة فى التعامل مع ملف الإرهاب وانتزاع المبادأة من الإرهابيين، جعلها لا تقوى إلا على عمليات فردية وفى ذات الوقت يتصدى لها رجال الشرطة بالمرصاد. وهنا ظهر وبرز دور العمليات الاستباقية التى يقوم بها الأمن ضد أوكار وبؤر الإرهاب، والتى اتبعتها الأجهزة الأمنية مؤخراً طبقا لرؤية ثاقبة أثمرت عن نجاحات باهرة.. واستراتيجية الداخلية قائمة على عزم وإصرار على تطهير المجتمع من كل الجرائم سواء كانت إرهابية أو جنائية فلا تهاون مع من يرفع السلاح أو يحاول المساس بأمن واستقرار الوطن، إضافة إلى أهمية المشاركة الفعالة فى التنمية وتفعيل القانون وتطبيقه ومتابعة تطور الجريمة والتصدى لها بهدف حفظ الأمن واستقرار النظام العام والإسهام المباشر فى تحقيق الانضباط بالشارع.. وهذا كله بدأ يتحقق على أرض الواقع بفضل حنكة اللواء محمود توفيق الوزير السياسى قبل أن يكون مسئولاً أمنياً.

ويكفى أن الوزير يتفاعل يومياً مع جميع الجهات المعنية بتحقيق الاستراتيجية الجديدة التى تستهدف خلق مجتمع جديد قائم على تقليل الجريمة الجنائية وتطهير البلاد من فلول الإرهاب والتكفير.

أما المحور الآخر فى الاستراتيجية التى يتبناها وزير الداخلية فتعتمد على التركيز على خدمة المواطن، وتذليل كل العقبات أمامه من أجل توفير الحياة الكريمة وتحسين العلاقة بين المواطن وجهاز الشرطة ونشر ثقافة جديدة قائمة على احترام المواطن فى إطار تفعيل كامل لكل القوانين بما يعود بالنفع والخير على المواطنين، ولا تقتصر هذه العلاقة بين المواطن والشرطة على حسن المعاملة فقط، إنما هناك تعليمات وتوجيهات من الوزير إلى الأجهزة المختلفة بأحقية المواطن فى العلاج بمستشفيات الشرطة المختلفة التى تم تجهيزها على أعلى مستوى، وهناك تنسيق تام بين وزارتى الداخلية والصحة، لاستقبال الحالات الحرجة للعلاج بمستشفيات الشرطة، فى إطار حزمة المشروعات العلاجية التى تنفذها الدولة حالياً بتوجيهات من القيادة السياسية التى تسعى بكل السبل والطرق لإنهاء حالات قوائم الانتظار للعلاج وإجراء الجراحات الدقيقة.

وزير الداخلية الحريص جداً على الاستقرار الأمنى فى الشارع، لديه حرص أشد على المشاركة فى عمليات التنمية التى تقوم بها الدولة من أجل خدمة المواطنين، ولدى الوزير وعى كامل وواضح بأهمية العمل من أجل خدمة المواطن على كافة الأصعدة، وهذا ما يدفعنا الى القول بأن وزير الداخلية يتمتع بصفة الوزير السياسى الذى يضع الاستراتيجيات وعلى جميع الأجهزة التابعة لوزارته تنفيذها فى زمن محدد من أجل خدمة المواطن وتوفير سبل الراحة له، وهذا هو لب المشروع الوطنى الجديد الذى يتم التأسيس له من خلال إعادة بناء مصر الجديدة.

فى السابق كانت كل وزارة تعمل بمفردها، وفى جزر منعزلة بعيدة عن الأخرى وانتهت هذه السياسة إلى غير رجعة، وكانت هذه السياسة بمثابة وبال على المواطن، الآن يقوم كل وزير بالتنسيق الكامل مع زميله داخل الحكومة وهى سياسة جديدة لم تعرفها مصر من قبل، والداخلية بسياسة الوزير الجديدة واحدة من الوزارات التى تشارك فى التنمية بفاعلية واضحة.

ولا نملك إلا أشد على يد الوزير محمود توفيق للمضى قدماً فى تنفيذ الاستراتيجية الجديدة التى تنفع الناس فى نهاية المطاف.

فى ذكرى الاحتفال بعيد الشرطة، لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ننسى صاحب الفضل فى هذا العيد، ولابد أن ننسب الأمور إلى أصحابها، بعد طول غياب وتزييف للتاريخ استمر لعدة عقود زمنية، اقتربت من السبعين عاماً، شهدت إنكاراً شديداً لأصحاب الفضل والشأن، وطيلة هذه الفترة كان التجاهل والتغافل يسيطران على مقاليد الأمور بالبلاد، هناك رجل من خيرة رجالات مصر، كان وراء هذا الاحتفال بعيد الشرطة إنه فؤاد سراج الدين وزير الداخلية فى حكومة الوفد، الذى يستحق بجدارة فائقة أن نطلق عليه لقب «زعيم خلده التاريخ بحروف من نور».

من حق الأجيال الجديدة أن تعرف من هو فؤاد سراج الدين الذى ينتسب إليه عيد الشرطة، ولماذا تحدد يوم 25 يناير احتفالاً بهذا العيد. فؤاد سراج الدين كان وزير داخلية مصر فى حكومة الوفد وقاد حركة الشرطة ضد المستعمر البريطانى فى مدن القنال، وأنزل بالمستعمر الغاشم الويلات الشديدة، وجعل بريطانيا العظمى ـ حينذاك ـ تئن بالشبكوى والصراخ من هول الخسائر التى لحقت بها فى معركة القنال.. فالشرطة المصرية سجلت صفحات مضيئة فى البطولات الخالدة ضد المستعمر البريطانى، وقد تواصل هذا النضال حتى يومنا هذا فى الحرب الضروس ضد الإرهاب وأهله، والجميع يرى كم

التضحيات العظيمة التى يقدمها جهاز الشرطة فى المعركة ضد أهل الإرهاب وأشياعهم وأنصارهم.

أجمع كثير من المؤرخين على أن دور الشرطة بقيادة الوزير فؤاد سراج الدين فى معركة القنال جعل الإنجليز يفكرون فى الرحيل من البلاد والجلاء عن مصر، والمعروف أن الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس قام بتشكيل الحكومة الوفدية الأخيرة وألغى معاهدة 1936 التى وقعها من قبل وأمر صراحة بإعلان الحرب على بريطانيا مما تسبب فى غضب القصر.. قاد حزب الوفد حركة الجهاد المسلح ضد المستعمر، وسطرت بطولات المصريين المتمثلة فى قوات الشرطة برئاسة فؤاد سراج الدين أعظم الصور والملاحم فى معركة القنال، وهى التى ألهبت مشاعر الضباط الأحرار لثورة 1952 فيما بعد.

فى «25 يناير 1952» قامت الشرطة بضرب أروع مثل وطنى وأنزلت الخسائر الفادحة بقوات بريطانيا العظمى وهو ما اتخذته الداخلية فيما بعد عيداً للشرطة المصرية... فى «25 يناير» رفضت الشرطة المصرية فى الإسماعيلية تسليم وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية بأوامر الوزير الوفدى فؤاد سراج الدين، وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد خمسين شرطياً مصرياً وإصابة ثمانية آخرين، ويذكر لنا التاريخ أنه فى هذا اليوم تلقى الضابط مصطفى فهمى تعليمات من فؤاد سراج الدين بعدم التسليم للقوات البريطانية أو إخلاء مبنى المحافظة، ورفض الامتثال لتعليمات القائد البريطانى «إكس هام» ودارت معركة الإسماعيلية التى سجلت فيها الشرطة المصرية أروع الأمثلة فى الدفاع عن الوطن.. ورغم عدم التكافؤ بين القوات المصرية والبريطانية، إلا أن الجنود أصروا على عدم الاستسلام أبداً.

كانت منطقة القناة تحت سيطرة القوات البريطانية بمقتضى اتفاقية 1936، وكان بمقتضاها أن تنسحب القوات البريطانية إلى القناة، وألا يكون لها أى تمثيل داخل القطر المصرى غير منطقة القناة والمتمثلة فى الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، وقام المصريون بتنفيذ هجمات فدائية ضد القوات البريطانية داخل منطقة القناة، وكانت تكبد بريطانيا خسائر بشرية ومادية فادحة كل يوم تقريباً دون كلل.. وكان الفدائيون فى هذا التوقيت يعملون دون تنسيق بينهم حتى قام الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين وزير الداخلية حينئذ بدور بالغ الأهمية وهو توحيد صفوف الفدائيين والتنسيق فيما بينهم، وتم تكبيد القوات البريطانية خسائر كبيرة بعد التنسيق بين الفدائيين الذى قام به سراج الدين، وكانت منطقة الإسماعلية فى هذا التوقيت تنقسم إلى قسمين، الأول للحى الأفرنجى ويسكن به الإنجليز، والثانى البلدى ويسكن به المصريون، مما اضطر الإنجليز إلى ترحيل أهالى الحى البلدى، ورغم ذلك ازدادت عزيمة المصريين إصراراً على قتال الإنجليز.

فطن الاحتلال البريطانى إلى أن وزير الداخلية سراج الدين يقوم بالتنسيق بين الفدائيين ويعطى تعليماته لهم بقتال الاحتلال، فأصدرت بريطانيا قراراً بإخلاء مبنى المحافظة ومديرية الأمن من الشرطة، لكن رجال الشرطة بقيادة سراج الدين رفضوا القرار البريطانى، وقاوموا بشدة فى معركة سيظل يذكرها التاريخ بحروف من نور.

كان فى مبنى المحافظة فى هذا التوقيت الضابط المصرى الملازم أول مصطفى فهمى، وفوجئ بقائد القوات البريطانية بالإسماعيلية «إكس هام» يطالب بمغادرة المبنى ومن معه من الجنود والضباط، رفض الضابط وإلى جواره ضابط آخر يسمى عبدالمسيح المغادرة، ويذكر التاريخ أن عامل التليفون نادى على الضابطين للرد على التليفون، وكان المتحدث هو فؤاد سراج الدين الذى طالبهم بالثبات ورباطة الجأش والاستبسال وعدم ترك مبنى المحافظة وبدأت معركة الإسماعيلية الخطيرة من أجل الكرامة.

ومنذ هذا اليوم من تاريخ كفاح الشعب المصرى ضد الاحتلال، تم اتخاذه عيداً للشرطة وعيداً قومياً لمحافظة الإسماعيلية، رحم الله فؤاد باشا سراج الدين وتحية عطرية إلى هؤلاء الرجال البواسل، الذين يستكمل أحفادهم من بعدهم الحرب على الإرهاب وكل من يريد النيل من استقرار الوطن.

هذه المعركة التى استبسلت فيها الشرطة دفعت قادة جيش الاحتلال إلى أن يؤدوا التحية العسكرية للشباب من ضباط الشرطة الذين لقنوا بريطانيا درساً لن تنساه أبداً.

وكل ذلك تم تحت قيادة الراحل الكريم خالد الذكر فؤاد سراج الدين، يرحمه الله على كفاحه ونضاله طوال مسيرة حياته الوطنية المليئة بحب الوطن.. يرحم الله فؤاد سراج الدين الذى رحل عن عالمنا فى عام 2000، ويحفظ الله الوطن سالماً من كل المؤامرات التى تحاك ضده فى الداخل والخارج، ويحفظ الله الوفد حزباً وصحيفة لاستمرار الدور الوطنى من أجل مصر كما عهده المصريون.