رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاهد.. عقب عرض "ممالك النار".. هنا أُعدم طومان باي

باب زويلة
باب زويلة

 منذ أن تطأ أقدامنا قاهرة المعز، نجد أنفسنا داخل حقبة زمنية يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، عندما نشاهد المباني العريقة التي تحدنا من كل اتجاه، فمثلًا عند الانتهاء من السير بشارع الغورية نكون أمام أثر شاهق وفائق الجمال والندرة، ألا وهو باب زويلة.

 بعد الانتهاء من عرض المسلسل الدرامي العربي ممالك النار، الذي كان يوثق الحقبة الأخيرة من دولة المماليك وسقوطها على يد العثمانيين في بداية القرن السادس عشر، وانتهاؤه بإعدام آخر سلاطين المماليك طومان باي، الذي كان يجسد شخصيته الفنان خالد النبوي، على باب زويلة، التفت أنظار الكثيرين إلى ذلك الأثر الذي لم يكن شائعًا صيته من قبل، بل وهناك عدد غير قليل لم يعرف تاريخ ذلك الباب، وربما أيضًا لم يعرف مكانه.

 

باب زويلة، هو أحد أبواب القاهرة التي بناها المعز لدين الله الفاطمي وقائده جوهر الصقلي عام 969م، وسمي بذلك الاسم نسبة إلى جنود قبيلة زويلة البربرية الذين كانوا جزءًا من الجيش الفاطمي، وكان معسكرهم قريبًا من أبواب القاهرة الأولى، حيث كانت تضم العاصمة الفاطمية الجديدة مجموعة من الجنسيات المختلفة مثل الأوروبيين واليونانيين والأرمنيين والسودانيين والأتراك، الذين كانوا يشكلون قوام الجيش الفاطمي.

 يطلق على باب زويلة اسم بوابة المتولي أيضًا، وذلك نسبة إلى صاحب الكرامات متولي قطب الذي عاش بجوار البوابة، وكان له كرامات لذا أصبح الباب ملجأً لمن يريد شفاعته، وترجع تلك التسمية إلى القرن التاسع عشر.

 وفي القرن الخامس عشر، أرخ المقريزي بأن هذا الباب يجلب النحس، وذلك لاستخدامه كمكان عام لتعليق رؤوس المجرمين الذين يتم إعدامهم فوق النتوءات الموجودة على الباب، وتعد واقعة إعدام السلطان المملوكي طومان باي في القرن السادس عشر هي أشهر حالات الإعدام التي تمت على باب زويلة.

 

 وعند دخولي إلى مبنى باب زويلة واتجاهي نحو المنصة العلوية، جذبتني لافتة مثبتة على ثاني سُلمة بالدرج، دُوِّن عليها عبارة "أنت الآن خارج قاهرة الفاطميين"، أثارت فضولي لمعرفة معنى تلك العبارة، وماذا يقصد بها؟ لذا تواصلت مع الدكتور محمد أحمد إبراهيم، أستاذ التاريخ الإسلامي، ورئيس قسم التاريخ بجامعة بني سويف، لتفسير ما وراء العبارة المدّونة.

 

 جاء التفسير بأن ذلك الجزء من المبنى لم يكن ضمن الباب الذي أنشأه جوهر الصقلي عند بنائه للقاهرة، بينما هو التوسعة التي أسسها بدر الجمالي عام 480 هجريًا، ودونت تلك العبارة حتى يعرف الزوار بأن ذلك الجزء لم يكن ضمن حدود القاهرة الفاطمية القديمة التي أسسها جوهر الصقلي.

 

فقد أعاد القائد الفاطمي بدر الجمالي بناء أسوار القاهرة في أواخر القرن الحادي عشر، على رغم  عدم تجاوز القاهرة 120 عامًا، ولكن أسوارها الأصلية كانت متأثرة بالنمو العمراني الذي شهدته المدينة داخل وخارج حدودها، وذلك لأنها كانت من الطوب اللبن، وبالتالي أصبح باب زويلة الحالي الذي أنشأه بدر الجمالي هو البوابة الجنوبية لقاهرة العصور الوسطى.

 

 وعلى رغم أن باب زويلة المبني من الحجر نموذجًا للعمارة الحربية، إلا أنه لم يتعرض في تاريخه لهجوم من جيوش غازية، وقد كانت أرضية البوابة في الأصل مغطاة بطبقة ملساء لامعة من الجرانيت لتعيق الخيول عند الهجوم عليها، ولكن تم هدم هذه الطبقة على يد السلطان الكامل محمد الأيوبي عندما إنزلق حصانه عليها.

 

 وبعد مرور 300 عام من إنشاء الباب قام السلطان المملوكي المؤيد شيخ ببناء جامع ملاصق لباب زويلة واستغل برجي الباب لبناء مئذنتي جامعه فوقهما، وتتكون الواجهة الجنوبية للباب من برجين وقنطرة تصل بينهما، أما الواجهة الشمالية تتكون من جدار حجري مستقيم تعلوه منصة رئيسية على ارتفاع تسعة أمتار من المنسوب الحالي لمستوى الشارع، ويوجد بالجانب الجنوبي لها ثلاث فتحات معقودة يعلوها منصة أخرى.

 

 كان المدخل الأصلي لباب زويلة هو سلم على شكل حرف L  يحجبه سور المدينة الجنوبي ولازالت بقاياه موجودة حتى اليوم، أما السلم المستخدم حاليًا فيرجع للقرن التاسع عشر، وفوق مدخل الباب توجد شرفة كان يستخدمها الموسيقيون للإعلان عن المواكب الفاطمية، وفي العهد المملوكي استخدم هذا المكان لقارعي الطبول إشارة لدخول الأمراء للمدينة، كما استخدمه سلاطين المماليك لمشاهدة زفة المحمل التي صنعها المصريون، التي كانت تحمل غطاء الكعبة إلى مكة.