رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعرض مصر لأعاصير.. مستحيل

بوابة الوفد الإلكترونية

قال الدكتور السيد الحسينى، رئيس الجمعية الجغرافية المصرية، إن الاحتباس الحرارى الناتج عن آثار تدخل الإنسان على سطح الأرض هو السبب الرئيسى فى التغير المناخى، مشيرا إلى أن هناك آثارا محتملة لهذا التغير على مصر.

وأوضح «الحسينى»، فى حواره مع «الوفد»، أن أبرز هذه الآثار تشمل ارتفاع مستوى سطح البحر إلى متر واحد خلال المائة عام المقبلة، وغرق أراضى سواحل الدلتا، وفقدان مساحات كبيرة من الأرض الزراعية تزيد عن مليون فدان، لافتا إلى أن الحل العملى لمواجهة هذه الآثار بناء جسر مثل خط بارليف يتمشى مع طول الساحل من إسكندرية لبورسعيد ليكون مانعا من تغلغل المياه إلى الدلتا وإغراقها.

وأشار رئيس الجمعية الجغرافية المصرية، إلى أن التوصيف المناخى لمصر تغير ويجب تحديث الكتب الدراسية بالمتغيرات العلمية الحديثة أولا بأول، فنحن بالفعل فى الصيف مناخنا حار جاف بدون أمطار ولكن الشتاء نحن لا نوصف بأننا دولة ممطرة.

< فى="" البداية="" ما="" هو="" التغير="">

- التغير المناخى هو الاختلاف فى العناصر المناخية ارتفاعا أو انخفاضا عن معدلاتها التى سجلت عبر قرون ماضية، وهناك عنصران أساسيان فى التغير المناخى هما الحرارة والدورة الهيدرولوجية، أما الحرارة فالأرض تمتص نحو نصف ما يصل إليها من كمية الإشعاع الشمسى الواردة من الشمس خلال النهار، ويتبدد الباقى فى الفضاء الخارجى أو الغلاف الجوي، ولا تلبث أن تفقد ما اكتسبته ثانية أثناء الليل بالإشعاع الأرضي، لتبدأ يوما جديدا مع شروق الشمس، أى أن «البونديرة» صفر كما نقول، وهذا الاتزان الطبيعى يحافظ على ثبات درجة حرارة الجو عند معدلاتها الطبيعية، «نحو 15 درجة مئوية كمعدل عام لسطح الأرض»، ولكن بعد زيادة ملوثات الهواء اختل هذا الاتزان، ولم تعد البونديرة صفرا، وهو ما يعرف بالاحتباس الحرارى.

وأما الدورة الهيدرولوجية، فتشمل التبخر والتساقط، إذ تتعرض المسطحات المائية لأشعة الشمس والحرارة فتتبخر كميات هائلة من المياه إلى طبقات الجو العليا، ثم لا تلبث أن تتساقط صوب سطح الأرض فى صورة أمطار وثلوج وغيرها، فتنساب المياه أنهارا مائية أو جليدية أو تتراكم فى المناطق القطبية كغطاءات جليدية، ويتسرب جزء من مياه المطر إلى باطن الأرض مكونا مياها جوفية.

وتتجمع هذه المياه فوق سطح الأرض وتنساب لتصب فى النهاية فى المحيط الذى يتعرض بدوره للتبخر، وهكذا دواليك.. وتدوم الدورة بدوام هذا الكوكب، ويتحكم فيها قوتان هما الطاقة الشمسية التى ترفع بخار الماء إلى أعلي، والجاذبية الأرضية التى تجذب ما يتكاثف من بخار الماء إلى أسفل «سطح الأرض».

< وما="" أسباب="" حدوث="" هذا="" التغير="">

- أهم الأسباب هو الاحتباس الحرارى الناتج عن آثار تدخل الإنسان على سطح الأرض، حيث أن هذا الاحتباس يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجو نتيجة انبعاث غاز ثانى أوكسيد الكربون والميثان فى الجو بمعدلات غير مسبوقة.

وترجح بعض الدراسات أن زيادة معدل ثانى أوكسيد الكربون فى الجو إلى ضعف ما كان عليه قبل الثورة الصناعية سيؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجو بين 1.5 إلى 4.5 درجة مئوية خلال المائة سنة القادمة، ولكن مقدار الارتفاع الأكثر ترجيحا هو 3 درجات مئوية.

< وما="" أبرز="" مصادر="" انبعاث="" غاز="" ثانى="" أوكسيد="" الكربون="">

- استخدام الوقود الأحفورى (الفحم - البترول - الغاز الطبيعى) فى المصانع والسيارات ومداخن التدفئة فى المدن الكبرى وغيرها من أنشطة إزالة الغابات بقطع أشجارها أو حرائق الغابات أبرز المصادر، حيث يفقد الغلاف الجوى بقطع الأشجار مصدرا مهما للأوكسجين، فضلا عن حرمان الغلاف الجوى من عامل امتصاص غاز ثانى أوكسيد الكربون، حيث ينتج عن احتراق الغابات انبعاث كميات كبيرة من هذا الغاز فى الجو، فيزيد الطين بلة، وآخر مثال على ذلك اشتعال الحرائق فى غابات الأمازون فى البرازيل منذ شهور وتكاتف العالم كله معها لإطفاء هذه الحرائق لأن العالم يعرف القيمة الكبيرة لهذه الغابات للأرض.

< وما="" الآثار="" المحتملة="" للتغير="" المناخى="" على="" العالم="">

- التغير المناخى لم يعد قاصرا على دولة بعينها، بل أصبح محل اهتمام العالم كله، وتعتبر الدول الساحلية والصناعية الأكثر تأثرا به، ومؤخرا تعرضت مدينة الخرطوم السودانية لأمطار غزيرة غير عادية وكذلك تعرضت مكة المكرمة لأمطار غزيرة، وما حدث فى مصر من أمطار ورعد ورياح غير عادية، كلها آثار ناتجة عن التغير المناخى.

أما الدول الأفريقية فرغم عدم مشاركتها فى إحداث التغير المناخى بنسبة كبيرة، إلا أنها ستتضرر منه بشكل كبير، ونحن فى مصر سنتعرض إلى عدد من الآثار المحتملة رغم أننا لا نساهم كمصدر انبعاث لثانى أوكسيد الكربون سوى بنسبة لا تتعدى 0.4%، وأبرز هذه الآثار ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لذوبان الجليد فى المناطق القطبية، ما يؤدى إلى غرق المناطق الساحلية فى الدلتا، ومن المتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط ليتراوح بين 10 و50 سم مع حلول منتصف القرن الحالى، ومن المرجح أن يصل إلى متر واحد مع نهاية القرن الحالى.

ونتيجة لذلك سوف تغرق أراضى ساحل الدلتا، فضلا عن غرق المدن التى يقع مستواها دون مستوى الارتفاع المحتمل، وفقدان مساحات كبيرة من الأرض الزراعية قد تزيد عن مليون فدان والقرى والمدن الواقعة دون مستوى سطح البحر الجديد، فضلا عن تهجير الملايين من قاطنى هذا النطاق الغارق، والحرمان من المنتجات الزراعية، إضافة إلى احتمال حدوث تقلبات مناخية وتغيرات كبيرة فى أحوال الطقس وتكرار أحداث غير عادية مثل موجات الجفاف والأمطار والسيول وغيرها.

< وما="" الحلول="" المتاحة="" أمامنا="" لتفادى="" هذه="" الآثار="">

- الحل العملى لتفادى آثار التغير المناخى وتحديدا ارتفاع مستوى سطح البحر وغرق الأطراف الشمالية للدلتا، هو بناء جسر مثل خط بارليف بطول الساحل من إسكندرية لبورسعيد ليكون مانعا من تغلغل المياه إلى الدلتا وإغراقها، خاصة أن النطاق الساحلى للدلتا يمتلك كميات هائلة من المواد التى تصلح لإقامة هذا الجسر، ممثلة فى الكثبان الرملية الساحلية التى تنتشر بكثافة على طول هذا النطاق، كما أنه لن يكلف الدولة أموالا ضخمة، وحتى إذا كانت تكلفته عالية فالفوائد الناتجة عنه أكبر من قيمة هذه الأموال.

ولعل تجربة دولة هولندا، والتى تسمى مملكة الأراضى

المنخفضة، فى هذا الشأن خير دليل ومثال يحتذى به، فقد أقامت سياجا يحول دون طغيان المياه على أراضيها التى تقع 27% من مساحتها تحت سطح البحر، رغم أن الفارق الرأسى فى مصر لا يتعدى المتر، أو أكثر من ذلك بقليل، وهو صغير جدا بالمقارنة بالسياج الهولندى الذى يبلغ سبعة أمتار، وإذا كانت هولندا استطاعت تشييد سياج 7 أمتار تستطيع مصر عمل سياج ارتفاعه متر أو متران.

< هل="" لا="" يزال="" توصيف="" المناخ="" المصرى="" بأنه="" حار="" جافا="" صيفا="" دافئ="" ممطر="" شتاء="">

- عندما وضع هذا التوصيف فى الكتب المدرسية كان عدد الجغرافيين فى مصر قليلا ومن يُدرس الجغرافيا أساتذة التاريخ، وبالتالى كانوا يقرأون من الكتاب ويحفظون الطلاب الجملة كما هى دون شرح كاف لها، ولكن العلوم تتغير وتتطور وهذا الوضع لم يعد قائما الآن والتوصيف المناخى لمصر تغير ويجب تحديث الكتب الدراسية بالمتغيرات العلمية الحديثة أولا بأول، فنحن بالفعل فى الصيف مناخنا حار جاف بدون أمطار ولكن الشتاء نحن لا نوصف بأننا دولة ممطرة لأن كمية الأمطار لدينا قليلة تتراوح ما بين 3 و4 مليمتر، وعدد مرات هطول الأمطار قليل، ولكن قد تمطر بغزارة فى أحد المرات.

< هل="" من="" الممكن="" أن="" تتعرض="" مصر="" لإعصار="" فى="">

- نحن فى منطقة منتصف العالم وهذه المنطقة تتلقى من الشمال كتلا هوائية باردة ومن الجنوب كتلا دافئة، وعندما تصطدم هذه الكتل ببعضها البعض تسقط الأمطار الغزيرة التى قد يشبهها البعض بالإعصار ولكنها ليست كذلك، وإنما الأعاصير تظهر فى المناطق القريبة من المحيطات كما نرى فى أمريكا وبعض دول آسيا كاليابان، ومثل هذه الأعاصير لا يمكن أن تحدث فى مصر.

< وما="" حقيقة="" ما="" يشاع="" بأن="" ثقب="" الأوزون="" كذبة="" ولا="" وجود="">

- علماء المناخ فى الماضى كانوا يريدون معرفة سبب ارتفاع درجة حرارة الأرض ولماذا تشتعل الحرائق، ففسروا الأمر فى البداية بأن الأرض تتعرض لموجات حارة من الشمس تزيد درجات الحرارة، ثم تطور الأمر وأعلنوا عن وجود شىء اسمه ثقب الأوزون وهو ما يسبب هذا الارتفاع فى الحرارة، ولكن ذلك كله لم يقنعهم ولذلك لم نعد نسمع عن هذا الثقب منذ فترة، إلى أن وصلوا إلى تفسير التغير المناخى والاحتباس الحرارى وبدأ التوجه نحوه، وهو الجانب الأقرب للحقيقة.

< مؤخرا="" شهدت="" مصر="" أمطارا="" عنيفة="" أغرقت="" الشوارع..="" كيف="" نتعامل="" مع="" هذه="" المشكلة="" ونستفيد="" من="">

- تتعرض مصر سنويا لسيول فى سيناء وأودية الصحراء الشرقية، وهناك سدود مبنية لتخزين هذه المياه فيها للاستفادة منها طوال العام للرى والشرب، ولكن المدن الأخرى كالقاهرة وغيرها لا تسقط فيها سيول بشكل منتظم، ولذلك قد يكون الحل هو إنشاء شبكة لتصريف الأمطار داخل هذه المدن ولكن تكلفتها ضخمة جدا، والدولة حاليا تتبع أولويات معينة كل حسب أهميته وتحتاج أموالا كبيرة، ولذلك فالأولويات تحكمنا حاليا وقد لا تمثل هذه الشبكة أولوية قصوى حاليا، لأننا من الممكن أن نبنيها ولكنها ستعمل وقت الشتاء فقط، وبما أننا دولة غير مطيرة فإن قلة المياه سوف تتسبب فى انسداد هذه الشبكة بمرور الوقت.. إحنا المطر عندنا يحصل مرات قليلة فى السنة لكن فى بعض الدول الأخرى يستمر طوال العام ولذلك الشبكة تعمل بكفاءة لديهم. 

< وماذا="" عن="" الجهود="" الدولية="" حتى="" الآن="" للحد="" من="" تغير="">

- هناك عدد من الجهود التى اتخذتها دول العالم، أبرزها برنامج الأمم المتحدة للبيئة «المنظمة الدولية للأرصاد الجوية» منذ منتصف الثمانينيات، ومؤتمر قمة الأرض فى ريو دى جانيرو عام 1992، والتوقيع على معاهدة المناخ الدولية للعمل على خفض انبعاث غازات الاحتباس الحرارى، وبروتوكول «كيوتو» فى اليابان الذى تعهدت فيه 28 دولة بخفض الانبعاثات، وتعهدت الدول المتقدمة الصناعية بمساعدة الدول النامية فى خفض انبعاثاتها.

ولكن رغم خطورة التغير المناخى على العالم أجمع، إلا أن معظم الدول لم تف بالتزاماتها، وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التى أعلن رئيسها دونالد ترامب انسحابه من اتفاقية المناخ مؤخرا رغم أنها أكثر دول العالم تلويثا للغلاف الجوى.