عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خبراء: قانون الطفل ملائم للعصر.. والأولى إصلاح المجتمع

محمود البنا قتيل
محمود البنا قتيل الشهامة

انتشر بالمجتمع المصري خلال السنوات الماضية ظواهر عديدة غريبة على مصر وأهلها، وانتشرت وتوغلت بداخله كالطاعون، حتى أننا وقفنا عاجزين أمام ما يجرى، وانقسمت الآراء وتضاربت، فقد أصبحنا لا نعرف الصواب من الخطأ.

وتفشت الجريمة وسط الفئات العمرية الدُنيا، وهم الأطفال الذين أصبحوا يُكنون بداخلهم طاقة شر وعنف باتت تهدد المجتمع بأسره، وشاعت الجريمة مؤخرًا ونقف جميعًا حائرين أمام  سؤال من الجاني؟، هل الطفل أم الأسرة أم المدرسة أم المجتمع بأكمله.

وشهدت مصر خلال الأيام الماضية جريمة جديدة تعد من أبشع ما رأينا في الحياة، وهي لطفل لم يتجاوز السابعة عشر عامًا يُدعى محمود البنا قُتل على يد طفل أخر في ذات العمر وهو محمد راجح، والسبب أن المجني عليه كان يُدافع عن فتاة حاول الأخير أن يعتدي عليها، وهو الأمر الذي أثار غضب وأحدث ثورة بداخل المدعو راجح دفعته للتربص للبنا، وقتله عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، باستخدام "مطواة" ووجه له عدة طعنات متتالية أنهت حياة الضحية محمود البنا.

وهنا يقف القانون عاجزًا أمام معاقبة الجُناة، وذلك لأن قانون الطفل يمنع عقوبة الإعدام أو السجن المُشدد لكل من لم يتجاوز عمرة الثامنة عشر عامًا، وجاءت مطالبات الكثيرين بضرورة تعديل القانون لأخذ ثأر المجني عليه محمود البنا.

ومن جانبه، قال صبري عثمان، مدير خط نجدة الطفل بالمركز القومي للأمومة والطفولة، إن مصر وقعت على اتفاقيات دولية بشأن الأطفال،  وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989، وصدقت عليها عام 1990، ووفقًا للمادة الأولى منها يُعد الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر عامًا.

وأضاف عثمان في تصريحه لـ"بوابة الوفد"، أن بناءً على إلتزام مصر بالاتفاقيات الدولية صدر قانون الطفل رقم 12 لعام 1996، الذي تنص المادة الثانية به على أنه يقصد للطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنة 18 عامًا.

وأوضح مدير خط نجدة الطفل بالمركز القومي للأمومة والطفولة، أن المادة 80 من دستور مصر نصت على أنه يُعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره، وبناءً عليه أن أي تعديل بالقانون سيصطدم بالتزامات مصر الدولية، وأخصها حقوق الطفل ويخالف المادة 80 من الدستور.

وتابع: أما من الناحية الموضوعية ما القصد من تعديل القانون؟،  معاقبة المتهم محمد راجح تحديدًا، ولكن التعديل ليس له جدوى حاليًا لأنه قام بارتكاب الجريمة قبل التعديل وبالتالي لا يسري عليه أي جديد بالقانون، موضحًا أن القانون مجرد ولم يقصد به أشخاص وإنما يعالج حالات عامة، لذا فالقانون المعمول به حاليًا كافي وليس به أي نقص، والمعالجة يجب أن تكون من المجتمع بالتربية السليمة ودور المدرسة.

فيما  قال المحامي بالنقض محمد الحسيني، المُنسحب من قضية المتهم محمد راجح، إن القانون منقول عن اتفاقيات وقعت عليها مصر، والسن الذي حدده مناسب للطفل، ولا يجب أن يكون البحث في تغير سن الطفل، ولكن الهدف منع الجرائم التي يرتكبها الأطفال لوجود بيئة تنقصها وسائل تربوية ينتج عنها جرائم للطفل.

وأضاف الحسيني، أنه لا يجوز توقيع عقاب شديد على الطفل لأن ارتكابه للجرائم عرض وليس مرض، وانتشار الشعبوية في العالم كله بسبب البيئة غير الصحيحة لتربية النشأ،

مؤكدًا أنه لا يجب النزول بسن الطفل، لأنه حال نزوله لأقل من 18 عام، سوف يُحاكم من هو عمره 15، و16عامًا، بعقوبة الشخص الكبير وهذا مخالف للمعايير الدولية للطفولة.

وتابع: أن الصحيح في علاج ظاهرة انتشار الجرائم التي تقع ممن هم في سن الأحداث لعدم توافر بيئة حاضنة يتوافر بها شروط التربية الصحيحة، أن نربيهم بدلًا من فرزهم بجانب المجرمين بالمجتمع، موضحًا أن التربية الصحيحة تبدأ من المنزل والمسجد والكنيسة والمدرسة، وعدم وجود هذه البيئة الصالحة هو السبب الرئيسي لوقوع الجرائم من الأطفال.

وأكد الحسيني، أن البحث في العلاج أفضل من البحث في تغير سن الطفل، فهناك تغيرات طرأت على كل المجتمعات ولكن انتشار الظاهرة بمصر أكبر لعدم توافر المقومات الصحيحة لتربية الطفل، مشددًا أن المدرسة لها تأثير كبير على الطفل، فلديها القدرة على صناعة أبطال وفنانيين من خلال الأنشطة التي تمتص الطاقة الزائدة لدى الأطفال، وبالتالي تفرز أطفال صالحين بالمجتمع.

فيما قال الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام، إن قانون 12 لسنة 1996 المعروف بقانون الطفل، تم تشريعه بناءً على تصديق مصر على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والاتفاقيات الدولية تأخذ حكم الدستور، وانضمام مصر لهذه الاتفاقيه فرض عليها ضرورة وضع قانون للطفل، لذا جاءت نصوص هذا القانون مطابقة لنصوص الاتفاقية، وبالتالي تعديله أمر غير جائز وغير مسموح به.

وأضاف مهران، أن الاتفاقية تمت لمواجهة ظواهر اجتماعية خاصة بارتكاب جرائم ضد الأطفال بالعالم، وكان الأمر في حاجة لفرض حماية قانونية ودستورية للأطفال في العالم، فقد توضع القوانين وتُخلق بهدف التصدي لمواجهة ظاهرة اجتماعية خطيرة على المجتمع.

وأكد أستاذ القانون العام، أن المشرع عندما حدد السن، لم يضعه كصغرة في القانون ولكن لحماية كل الأطفال من العقاب والتعدي عليهم، لافتًا إلى أن المتهم محمد راجح لم يكن لديه نية القتل وإزهاق الروح.

واستطرد: نحن في حاجة إلى ماهو أهم من تعديل القانون، هناك حاجة مُلحة لتربية سليمة ورقابة من الأسرة على تصرفات أبناءهم، والرجوع للأخلاق والدين، مضيفًا: "احترام تطبيق القانون أولى من إعدام راجح، لأن القانون هو الضمانة والحماية الحقيقية لكل الأطفال".