رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الادعاء بعدم دستورية الاستفتاء محاولة يائسة لتشويه التفاف الإرادة الشعبية حول الدولة

بوابة الوفد الإلكترونية

الاستفتاء على التعديلات الدستورية يكون على جملة النصوص وليس مادة مادة

الأصل فى النصوص الدستورية أنها تعمل فى إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجًا متماسكًا

 

بعد أن فرغ من بحثه الأول عن تدعيم التعديلات الدستورية، وفى ختام بحثه الثانى المتفرد للفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان: (المشاركة الشعبية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية. دراسة تحليلية: فى ضوء الديمقراطية التشاركية لصناعة عقد اجتماعى جديد بين الدولة والمواطنين والتمكين السياسى الاستراتيجى فى صنع القرار) قال إن الاستفتاء على التعديلات الدستورية يكون على جملة النصوص محل الاستفتاء وليس مادة مادة، كما أشاع البعض بالمخالفة للفكر الدستورى الصحيح، وأنه يتعين التفرقة فى مجال الاستفتاءات بين التعديلات الدستورية على مواد الدستور التى تخضع للمادة 226 من الدستور، وبين المسائل التى تتصل بمصالح البلاد العليا التى يرتئى رئيس الجمهورية عرضها على الشعب وتخضع للمادة 157 من الدستور، وأن الادعاء بعدم دستورية الاستفتاء محاولة يائسة لتشويه التفاف الإرادة الشعبية حول الدولة المصرية -- على النحو التالى :

أولًا : الاستفتاء على التعديلات الدستورية لجميع المواد كنسيج واحد لا ينفصل وكيان ثابت لا ينشطر :

يقول الدكتور محمد خفاجى فى ختام بحثه, إن مرتبة النصوص الدستورية التى لا يجوز تعديلها إلا وفقًا للإجراءات الخاصة المنصوص عليها فى المادة 226 من الدستور فتخضع لأحكامها التى وردت بصفة مطلقة دون تخصيص أو تبعيض أو تجزئة، بل إن التمعن فى هذا النص الدستورى، فقد وردت به عبارة «إذا وافق المجلس على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها» فدل ذلك على صيغة جمع النصوص المعدلة جملة واحدة، ثم أردفت المادة عبارة «عُرض على الشعب لاستفتائه عليه» فدل ذلك كذلك على أن جملة النصوص تعرض على الاستفتاء دفعة واحدة دون تبعيض أو تجزئة، ومن ثم فإن الاستفتاء على التعديلات الدستورية يكون لجميع المواد كنسيج واحد لا ينفصل وكيان ثابت لا ينشطر.

ثانيًا: المسائل المتصلة بالمصالح العليا للبلاد المعقودة للرئيس تختلف عن التعديلات الدستورية المعقودة للهيئة الوطنية للانتخابات:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن المادة 157 من الدستور تنص على أنه «لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل التى تتصل بمصالح البلاد العليا وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور، وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة وجب التصويت على كل واحدة منها » وهذا يعنى أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يستفتى الشعب فى المسائل المهمة التى تتصل بمصالح البلاد العليا، وهو لا يخرج عن أن يكون ترخيصًا لرئيس الجمهورية بعرض المسائل التى يقدر أهميتها واتصالها بالمصالح القومية الحيوية، على هيئة الناخبين لاستطلاع رأيها فيها من الناحية السياسية، مستهدفًا تأمين سلامة الدولة ونظامها السياسى وتحقيق مصلحتها السياسية فى حماية البلاد من الداخل أو الخارج وقاصدا تحقيق السلام الاجتماعى، وهذه المسائل المهمة تختلف اختلافا جذريًا عن الاستفتاء على التعديلات الدستورية من حيث طريقة التصويت فالأولى فردية لأنها تعرض ويستفتى عليها وتطبق نتيجة الاستفتاء وينتهى الأمر عند هذا الحد، والثانية المتعلقة بالتعديلات الدستورية جماعية فتعرض ليتكون بها قاعدة دستورية تلتزم بها كافة سلطات الدولة.

ثالثًا: دعوة الناخبين للاستفتاء على المسائل المتصلة بالمصالح العليا للبلاد رخصة للرئيس ودعوتهم للتعديلات الدستورية معقودة للهيئة الوطنية للانتخابات :

يقول الدكتور محمد خفاجى إن اَلية أداة اتصال الإرادة الشعبية بالاستفتاء للمسائل المتصلة بالمصالح العليا للبلاد المعقودة لرئيس الجمهورية تختلف اختلافًا جذريًا عن استفتاء تعديل مواد الدستور المعقودة للهيئة الوطنية للانتخابات، حيث إن دعوة الناخبين للاستفتاء على المسائل المتصلة بمصالح البلاد معقودة لرئيس الجمهورية بموجب المادة 157 من الدستور وفى تلك الحالة أوجب الدستور إذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة وجب التصويت على كل واحدة منها، وهذا ما يتفق مع المنطق الدستورى باعتبار أن كلمة مسائل هنا تعنى موضوعات قد تكون مختلفة وغير متصلة ببعضها لذا وجب التصويت على كل واحدة منها، أما فى حالة الدعوة للاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور فإنه يخضع للمادة 226 من الدستور وتكون معقودة للهيئة الوطنية للانتخابات وفقا للمادة 208 من الدستور باعتبارها هيئة مستقلة والمختصة وحدها دون غيرها بإدارة الاستفتاءات وجميع الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية فى جميع مراحلها المتصلة الحلقات.والتى صدر قرارها رقم 26 لسنة 2019 بدعوة الناخبين للاستفتاء على المواد المعدلة للدستور، ومن ثم تكون أداة دعوة الناخبين للاستفتاء فى الحالتين أى أداة اَلية اتصال الإرادة الشعبية تختلف فى المسائل المتصلة بالمصالح العليا للبلاد عن تعديل مواد الدستور والخلط بينهما لا يغم  إلا على  من لا يرى الرؤية الصائبة فى الفكر الدستورى الصحيح.

رابعًا: الاستفتاء على مواد الدستور المعدلة تجمعها وحدة عضوية والادعاء بانفصالها عن بعضها لغو، والقول باستنفار موادها بهتان:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن الأصل فى النصوص الدستورية المعدلة المعروضة على الاستفتاء، أنها تفسر

بافتراض تكاملها باعتبار أن كلا منها لا ينعزل عن غيره، وإنما تجمعها تلك الوحدة العضوية التى تستخلص منها مراميها، ويتعين بالتالى التوفيق بينها، بما يزيل شبهة تعارضها ويكفل اتصال معانيها وتضامنها، وترابط توجهاتها وتساندها، ليكون ادعاء تماحيها وانفصالها عن بعضها لغوا، والقول بتآكلها واستنفار موادها بهتانا، ذلك أن الأصل فى العمل الوطنى، أن يكون جماعيًا يقوم على تضافر الجهود وتعاونها، فلا يمتاز بعض المواطنين على بعض فى إدارة الشئون القومية أو تصريفها، بل تنعقد السيادة لجموعهم يباشرونها على الوجه المبين فى الدستور، بما يتفرع عن هذه السيادة من نتائج، من بينها عدم جواز تجزئتها، وتواصل أمتهم وتضامن أجيالها، وغلبة مصالحها العليا ودوامها. ومن ثم كان الاستفتاء على كل المواد المعدلة المطروحة وليس الانتقاء من بينها مادة أو أكثر.

خامسًا: النصوص المعدلة مستقلة استقلالًا لا يعزلها عن بعضها البعض بل يقيم فى مجموعها البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية:

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الأصل فى النصوص الدستورية أنها تعمل فى إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا متماسكا، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها فى مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالى أن تفسر النصوص الدستورية المعدلة بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة فى الفراغ أو باعتبارها قيمًا مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعى.وهذا يعنى أن النصوص المعدلة المعروضة للاستفتاء تكون نسيجًا مترابطًا لا ينفصم، وكلًا واحدًا لا يتجزأ ولا ينشطر، بل تتكامل أحكامه وتنصهر فى بوتقة واحدة متماسكة عضوية لا شرقية ولا غربية يكاد بريق وحدتها يضئ ولو لم تمسسه نار.

سادسًا: الادعاء بعدم دستورية الاستفتاء محاولة يائسة لتشويه التفاف الإرادة الشعبية حول الدولة المصرية:

ويضيف الدكتور محمد خفاجى: وهكذا يبين فساد الادعاء بالقول بعدم دستورية الاستفتاء بحجة أن الاستفتاء يجب ان يكون على مادة مادة وهو قول يجافى الحقيقة الدستورية فى الفكر الدستورى الحديث، ويعد محاولة يائسة القصد منها تشويه الإرادة الشعبية الصلبة التى التفت حول الدولة المصرية للحفاظ عليها، ذلك أن نظام المشاركة الاستفتائية يستمد أهميته القصوى فى بناء الدول والمحافظة على كيانها أنه أصبح بمثابة صمام الأمان للمحافظة على أركان الدولة وأمنها القومى، والذى بدونه لا تستطيع الدولة الاستمرار فى المقاومة والصمود فى مواجهة انتشار التيارات المتطرفة المارقة عن فكرة الأوطان، التى تستخدم العنف وسيلة لفرض سيطرتها على الشعوب، وتستخدم الدين تكئة للوصول للحكم ، والتى راح ضحيتها كثير من الدول فى المنطقة العربية التى سادها الخراب والدمار وتشتيت شعوبها وتفرقهم بين الدول، بعد أن عصفت بهم رياح الجماعات المتطرفة التى تنتهج الإرهاب لفرض سيادتها بديلًا لفكرة الدولة.

وبهذا الجزء الخامس والأخير من هذه الدراسة الفقهية التجربة الفريدة فى عرضها فى ذات النطاق الزمنى للعملية الاستفتائية على التعديلات الدستورية فى تنوير الشعب عن أصول المشاركة ينتهى بحث الفقيه الدكتور «خفاجى» الذى أثرى الحياة العامة فى مصر مفندًا الرأى الفاسد بالادعاء بعدم دستورية الاستفتاء.