رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. عبدالسند يمامة يكتب: الدستور قانون قابل للتعديل.. ومبدأ سيادة الأمة يقضى بجواز تعديله أو إلغائه

بوابة الوفد الإلكترونية

ثورة 30 يونيو إلهام من الله ليحفظ أمن ووحدة وسلامة مصر

الدولة تعيش وتتعامل مع حالة حرب حقيقية عقب سقوط حكم الإخوان

واضعو دستور 2014 لم يقدروا مدى الخطر الجسيم الذى يهدد الأمن الداخلى

«الجماعة» تحكّمت فى فرض مسودة دستور لتحقيق مشروعهم السياسى فى نظام الحكم

 

نصوص نظام الحكم فى دستور 2014 عوار دستورى وخطر جسيم يهدد الأمن والنظام ويؤدى إلى نتائج كارثية ـ الحل المقترح

بادئ ذى بدء يمكن القول إن نصوص نظام الحكم فى أى دستور، وتحديدًا عند المقابلة بين النصوص الخاصة بالسلطة التشريعية والنصوص الخاصة بالسلطة التنفيذية تحدد طبيعة هذا النظام هل هو رئاسى أم برلمانى أم مختلط بين البرلمانى والرئاسى، أم هو أكثر ميلًا نحو النظام البرلمانى أو الرئاسى.

وبقراءة الباب الخامس من دستور 2014 وتحديدًا الفصل الأول السلطة التشريعية «مجلس النواب» فى المواد من «101 ـ 138» والفصل الثانى السلطة التنفيذية «رئيس الجمهورية» والحكومة فى المواد من 139 ـ 174 يتبين بوضوح أن الدستور المصرى الصادر فى عام 2014 انقلب على تراثه الدستورى السابق فى جميع الدساتير المصرية السابقة ابتداء من أول دستور عام 1923 ودستور 1930 ودستور 1956 ودستور 1958 ودستور 1964 ودستور 1971، الذى كان يتسم بامتياز وعلو السلطة التنفيذية نصوصًا وواقعًا بالنسبة للسلطة التشريعية فانقلب الوضع فى دستور 2014 إلى امتياز وعلو السلطة التشريعية وهذا العلو لا يبهرنا لأنه يحمل فى طياته بذور فتنة وانشقاق، فالخطر والتنازع والصراع ماثل وقادم ونذكر من مظاهر علو امتياز السلطة التشريعية.

من حيث الشكل:

ترتيب السلطة التشريعية «مجلس النواب» كفصل أول فى باب نظام الحكم وسابق للسلطة التنفيذية، خلافًا لجميع الدساتير المصرية السابقة بفرعيها رئيس الجمهورية والحكومة وعدد مواد فصل السلطة التشريعية يتجاوز عدد مواد السلطة التنفيذية.

من حيث الموضوع:

ـ الاختصاصات الواسعة لمجلس النواب باستئثاره وحده بسلطة التشريع ثم امتداد اختصاصه ليشارك فى الاختصاص المقرر للسلطة التنفيذية بالنص على أربعة اختصاصات فى المادة «101» من الدستور وهى:

ـ إقرار السياسة العامة للدولة.

ـ إقرار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ـ إقرار الموازنة العامة للدولة بجانب اختصاصات أخرى متعلقة بها فى المادتين «124» و«125» «الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية».

ـ اختصاصات مقررة لكل عضو بمجلس النواب:

ـ اقتراح القوانين «م122».

ـ توجيه الأسئلة إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم «م129».

ـ توجيه الاستجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم «م130».

ـ طلبات مناقشة موضوع لاستيضاح رأى الحكومة «بالاشتراك مع 20 عضواً» «م132».

ـ إبداء اقتراح رغبة فى موضوع عام إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم «م123».

ـ تقديم طلب إحاطة أو بيان عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم فى الأمور العامة العاجلة «م134».

ـ اختصاصات مقررة لمجلس النواب بأغلبية خاصة:

ـ سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم بعد استجواب بناء على اقتراح عشرة أعضاء من المجلس ويكون القرار بأغلبية الأعضاء والاستقالة هى أثر لسحب الثقة «م131».

ـ تزكية المترشح لرئاسة الجمهورية بعدد عشرين عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب «م141».

ـ أداء رئيس الجمهورية القسم أمامه قبل توليه مهام منصبه«م144».

ـ منح الثقة لتشكيل الحكومة التى يكلفها رئيس الجمهورية بعد عرض برنامجها على المجلس بموافقة أغلبية عدد الأعضاء «م146».

ـ إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء المجلس «م147».

ـ الموافقة على إجراء تعديل وزارى «م147».

ـ الاستماع إلى بيان رئيس الجمهورية حول السياسة العامة للدولة عند افتتاح دور الانعقاد العادى السنوى «م150».

ـ الموافقة على المعاهدات «م151».

ـ الموافقة على إعلان الحرب أو إرسال قوات مسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة «م152».

ـ موافقة أغلبية الأعضاء على إعلان حالة الطوارئ وموافقة ثلثى الأعضاء على مد حالة الطوارئ «م145».

ـ موافقة أغلبية الأعضاء على العفو الشامل عن العقوبة «م155».

ـ الموافقة على القرارات بقوانين التى يصدرها رئيس الجمهورية ـ فى حالة عدم انعقاد المجلس فى أول دور انعقاد «م156».

ـ استقبال استقالة رئيس الجمهورية «م158».

ـ اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو أية جناية أخرى بناء على طلب من أغلبية الأعضاء ويصدر قرار الاتهام بأغلبية الثلثين «م159».

ـ مباشرة رئيس مجلس النواب سلطات رئيس الجمهورية حال خلو منصب رئيس الجمهورية «م160».

ـ اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية الأعضاء وموافقة ثلثى الأ عضاء «م161».

ـ مناقشة بيان الوزراء أمام المجلس أو إحدى لجانه وإبداء الرأى بشأنه «م169».

ـ تشكيل لجنة خاصة أو تكليف لجنة من لجان تقصى الحقائق فى موضوع عام «م135».

ـ لخمسة أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ومناقشة طلب رئيس الجمهورية بتعديل مادة أو أكثر وموافقة أغلبية أعضائه على ذلك الطلب «م226».

وليت الأمر وصل إلى هذا المدى من الاختصاص والسلطة التى منحها الدستور للبرلمان بل إن الكارثة أن نصوص الدستور تغابت عن طبيعة الشعب المصرى من العهد الفرعونى إلى العهد الإسلامى وحتى دولة مصر الحديثة التى بناها محمد على فالتراث والمزاج والثقافة المصرية لا يسوسها ولا يرضيها إلا النظام الرئاسى أساسًا فى إطار مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينهما.

ومظاهر نزع السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية فى حالة حصول حزب أو ائتلاف على أغلبية مقاعد مجلس النواب فى:

قبل أن نعرض لهذه المظاهر نذكر مسألتين تصل بتقييد سلطة تنفيذ سلطة رئيس الدولة وهى نص المادة «160» التى تحدد مدة الرئاسة بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وهذا النص أعظم إنجاز لدستور 2012 وردده دستور 2014.

ولكن وجه الاعتراض ـ لماذا تميز مدة ولاية عضو البرلمان بخمس سنوات «م140 دستور 2014».

المسألة الثانية ألا يشغل الرئيس منصباً حزبياً خلال فترة رئاسته «م140/3» ونوافق تمامًا على ذلك النص ولكن كان يتعين منح الرئيس فى ظل النصين السابقين سلطات تعادل المطلوب منه من مسئوليات وهذا ما لم ينص عليه، بل نص على عكسه فى النصوص الدستورية التالية:

1ـ يلتزم الرئيس بتكليف رئيس لمجلس الوزراء يترشح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب «م146/1».

2ـ يلتزم الرئيس بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء فى اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل «م146/4».

3ـ لا يجوز للرئيس إعفاء الحكومة من عملها إلا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب «م147/1».

4ـ لا يجوز للرئيس إعلان حالة الطوارئ إلا بعد أخذ رأى مجلس الوزراء ثم العرض على مجلس النواب خلال أسبوع وموافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس «م/154».

5ـ لا يجوز للرئيس إعلان حالة الطوارئ إلا بعد أخذ رأى مجلس الوزراء ثم العرض على مجلس النواب خلال أسبوع وموافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس «م154».

6ـ لا يجوز للرئيس العفو عن العقوبة أو تخفيضها إلا بعد أخذ رأى مجلس الوزراء «م155/1» ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون «م155/2».

7ـ جميع القرارات بقوانين والتى يصدرها الرئيس فى غيبة مجلس النواب يجب عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال «15» يومًا من انعقاد المجلس الجديد فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك «م156».

 

وجه العوار الدستورى فى السلسلة الغائبة لرئيس الدولة فى دستور 2014:

الدستور قانون وذلك يعنى أنه قابل للتعديل فى أى وقت، كما أن مبدأ سيادة الأمة يقضى بجواز تعديله وإلغائه، وفى الدساتير نصوص ومبادئ لا يجوز تعديلها أو اقتراح تعديلها حتى ولو لم ينص فى صلب الدستور صراحة على ذلك، وهذه المبادئ تسمى بالمبادئ الحاكمة أو النصصو فوق الدستورية، وتنص بعض الدساتير على هذه المبادئ «م89 من الدستور الفرنسى، م68/3 من دستور ألمانيا الاتحادية، م145، 137 من دستور روسيا الاتحادية، ومن هذه المبادئ الاستقلال والفصل والتوازن بين سلطات الدولة الثلاث تنفيذية وتشريعية وقضائية.

 

د. عبدالسند يمامة: المبادئ الدستورية فى الدساتير الديمقراطية والدستور المصرى الجديد ـ ص10 وما بعدها ـ طبعة 2012».

وقد صاغت المادة الخامسة من دستور 2014 هذا المبدأ فى الباب الأول ـ الدولة يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينهما وتلاؤم المسئولية مع السلطة.

هذا النص هو صياغة لأهم المبادئ الدستورية فى الدساتير الديمقراطية وتحديدًا مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينهما وتلاميذ السلطة مع المسئولية.

ولما كانت المواد السابق الإشارة إليها فى دستور 2014 والتى تنزع السلطة التنفيذية من رئيس الدولة تمثل اعتداءً صارخًا على المبدأ الوارد فى نص المادة الخامسة من ذات الدستور.

ولما كانت هذه المواد وإن نص عليها فى الدستور فهى غير دستورية فى مضمونها لتعارضها مع مبدأ دستورى حاكم لا يجوز تعديله أو اقتراح تعديله.

وعليه فإن هذه المواد بهذه المثابة يشوبها عوار دستورى ويتعين وعلى وجه الاستعجال إلغاؤها.

 

وجه الخطر الجسيم الذى يهدد الأمن والنظام بسبب السلطة الغائبة لرئيس الدولة فى دستور 2014:

المتأمل لنجاح ثورة 30 يونيو 2013 فى إسقاط حكم/ الإخوان لا بد أن يدرك أن سببها الأول هو الهام من الله ليحفظ أمن ووحدة وسلامة مصر الهام بأن يوجه القادة فى القوات المسلحة بأن يكون تدبيرهم انحيازًا لإرادة ومصلحة الشعب ودون حساب لعواقب لو فكروا فيها تفكيرًا برجماتيًا قد يترددون ويتراجعون، ولكنه لطف الله بهذا الشعب وكان هذا الإلهام الإلهى ممتدًا لجموع الشعب التى استجابت لنداء الرئيس عبدالفتاح السيسى للخروج يوم 30 يونيو 20134 بثورة شعبية سلمية مائة فى المائة ليسقط نظام حكم الإخوان بغير رجعة إن شاء الله.

وللأسف لم يقدر واضعو دستور 2014 تقديرًا كافيًا مدى الخطر الجسيم الذى بات يهدد الأمن الداخلى والنظام داخلياً، ولم يقدروا أن مصر تعيش وتتعامل مع حالة حرب حقيقية عقب سقوط نظام حكم الإخوان، وقد ظهر عدم التقدير عند اقتراحهم نصوص نظام الحكم فى الدولة وتحديدًا السلطة التنفيذية والتشريعية.

 

دستور 2014 نسخة كربونية من دستور 2012 وانقلاب على التراث الدستورى المصرى

بعد ثورة يناير 2012 عهد إلى لجنة منتخبة من مجلس الشعب آنذاك مكون من مائة عضو وقد كنت أحدهم للإعداد لدستور لعهد جديد بعد أن سقط دستور 1971 بنجاح ثورة 25 يناير 2012 إلا أن تشكيل لجنة المائة وما اتسمت به من أغلبية تتجاوز الثلثين من أعضاء ينتمون للإسلام السياسى الإخوان والسلفيين أساسًا ومناصريهم، فقد حكموا فى فرض مسودة دستور 2012 لتحقيق مشروعهم السياسى وكان ذلك سببًا فى استقالة جماعية لعدد من الأعضاء ـ كنت من بينهم ـ وصدر دستور 2012 ليؤسس للمشروع السياسى للإخوان وأنصارهم وتجلى ذلك فى باب نظام الحكم.

صدر دستور 2014 بعد ثورة 30/6/2013 وسقوط نظام حكم الإخوان الذى كان يستند إلى دستور 2012 وكان ذلك يقتضى أن يستند نظام الحكم الجديد إلى دستور جديد وقد صدر دستور 2014 إلا أنه للأسف لم يعرب عن ثورة يونية 2013 فى باب نظام الحكم.

والدليل على ذلك هو نتيجة تطابق المقابلة بين نصوص دستور 2012، 2014 فى باب نظام الحكم.

ولما كان التراث الدستورى فى مصر يأخذ النظام الرئاسى حيث تتركز السلطة التنفيذية فى رئيس الجمهورية، وله منفرداً من الصلاحيات الدستورية التى تتحكم فى الحياة السياسية فى مصر فكان الحل هو انقلاباً على التراث الدستورى المصرى الذى يعتمد النظام الرئاسى فى الحكم إلى النظام البرلمانى حيث تكون السلطة التشريعية كاملة فى يد البرلمان وكذلك السلطة التنفيذية تحت هيمنته ولا يكون الرئيس إلا رمزًا وليست المسألة أى النظامين أفضل: برلمانى أم رئاسى، ولكن المسألة أن المجتمع السياسى والبيئة والمشهد السياسى الخاص بكل دولة هى التى تفرض نجاح أى نظام سياسى: رئاسى، أم برلمانى، أم مختلط.

وصدر دستور 2012 فى باب نظام الحكم بنصوص تعلى من مقام واختصاص السلطة التشريعية وتجعلها تهين وتسبق السلطة التنفيذية وتنزع عن رئيس الجمهورية كثيراً من السلطات والاختصاصات فى النظام الرئاسى أو حتى النظام شبه الرئاسى وكان هذا الاتجاه مقصوداً ومتعمداً فى مشروع الإخوان والسلفية وحتى يحقق الدستور لهم بهذه المثابة الوسيلة والمشروعية القانونية فى الاستحواذ على سلطة الحكم بصرف النظر عن الاتجاه السياسى للرئيس القادم، لأنه سيكون مقيداً بنصوص الدستور.

وللأسف الشديد صدر دستور 2014 بعد ثورة يونيو 2013 يردد وفى باب نظام الحكم كل النصوص الواردة فى دستور 2012 مع استبعاد نصوص مجلس الشورى الذى كان يشارك مجلس النواب فى دستور 2012 فى اختصاصات السلطة التشريعية إلا أن هذا الاستبعاد لم يغير فى الأمر شيئًا، حيث أحيلت اختصاصات مجلس الشورى إلى مجلس النواب وكان هذا الاتجاه أكثر سوءاً، حيث إن التعديلات الطفيفة التى أضافها دستور 2014 إلى ما كان عليه دستور

2012 زادت من النيل من، وإضعاف سلطة رئيس الدولة فى مواجهة البرلمان ولعل المثال الواضح فى ذلك نص المادة 159 التى أضافت لمجلس النواب حق سحب الثقة عن رئيس الجمهورية وإعفاءه لأسباب سياسية ونص المادة 159 التى أضافت وابتدعت جريمة غير معروفة فى التاريخ الدستورى المصرى ولا فى دستور 2012 هو انتهاك الرئيس لأحكام الدستور وهى جريمة سياسية فى المقام الأول ويخضع الاتهام بها لهوى حزب الأكثرية فى البرلمان إذا أراد الإطاحة برئيس الجمهورية فى أى وقت.

اختلاف تنظيم الدستور الفرنسى لمواد نظام الحكم عن تنظيم الدستور المصرى شكلًا وموضوعاً.

أخبرنى أحد أعضاء لجنة الخمسين التى صدر عنها دستور 2014 بأنه عندما وزع عليهم مسودة نظام الحكم على الأعضاء ذكروا لهم أنها ترجمة أو مأخوذة عن الدستور الفرنسى وخاصة فى اختصاصات رئيس الجمهورية وإذا صح ذلك فانه لا يخرج عن أحد أمرين إما غشاً أو جهلاً، فإذا كان صحيحاً أن النظام القانونى المصرى فى غير مسائل الأحوال الشخصية يسير على هدى المدرسة القانونية الفرنسية بل كان فى حالات كثيرة نقل وترجم حرفياً عن نصوص القوانين الفرنسية وذلك ليس عيباً بل إنه من وجه التحضر والتقدم أن يساير النظام القانونى المصرى مدرسة القانون والحرية ما عدا استثناءين تميز بهما النظام القانونى المصرى مدرسة القانون والحرية ما عدا استثناءين تميز بهما النظام القانونى المصرى دون اتباع للمدرسة الفرنسية أحدهما مبرر ومشروع وهو مسائل الأحوال الشخصية لارتباطها بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية واستثناء آخر غير مبرر وهو نظام الحكم فى كافة الدساتير المصرية بما فيها دستور 1971، حيث وضعت نصوص تؤسس لشرعية استبداد رئيس الدولة فى جميع الدساتير المصرية السابقة لدستور 2012 وعلى حساب السلطة التشريعية، ثم انعكس الوضع فى دستور 2012، ودستور 2014 بوضع نصوص تؤسس لهيمنة السلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية «رئيس الجمهورية والحكومة» ويمكن القول بأن النصوص الدستورية فى هذا الباب فى جميع الدساتير المصرية بعيدة تمامًا عن النصوص الدستورية فى الدستور الفرنسى وهو ما سنعرض له وسأقدم ترجمة شخصية لى عن فصل المجلس الدستورى الوارد فى الدستور الفرنسى وليس له مقابل فى دستورنا، ما يؤكد فساد المقابلة بين الدستور المصرى مع الدستور الفرنسى وهذا المجلس يمثل صمام أمان وتوازن بين سلطة رئيس الجمهورية والاختصاصات الضرورية اللازمة له حتى يمارس مهام منصبه والتوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وهذه النصوص ليست نصوصاً مقدسة بل يجوز التعديل فيها مع ما يتناسب مع الواقع السياسى المصرى:

اختصاصات المجلس الدستورى الفصل السابع المواد من 56 ـ 63 وكذا المواد 7، 16، 46، 54.

م/7: فى حالة خلو منصب رئيس الجمهورية لأى سبب كان أو فى حالة وجود مانع حققه «أثبته» المجلس الدستورى وبناء على الأغلبية المطلقة لأعضائه يأمر بأن تباشر الحكومة وظائف رئيس الجهورية ما عدا تلك الاختصاص المنصوص عليها فى المواد 11، 12 والتى يمارسها بصفة مؤقتة رئيس مجلس الشيوخ ما لم يكن ممنوعاً هو من مباشرة هذه الاختصاصات فتمارسها الحكومة.

بعد إعلان المجلس الدستورى حالة فراغ منصب رئيس الجمهورية أو وجود مانع يحول دون مباشرته اختصاصاته يحدد ميعاد الاقتراع لانتخاب رئيس جديد وفى غير حالة القوة القاهرة التى يقررها المجلس الدستورى، فإن الميعاد هو عشرون يوماً على الأقل أو خمسة وثلاثين يوماً على الأكثر من بداية الخلو أو الإذعان بصفة نهائية عن المانع.

م/16: عندما تتعرض مؤسسات الجمهورية، استقلال الأمة. وحدة أقليها، تنفيذ تعهداتها الدولية لتهديد خطير وحال يؤثر على سيل عمل السلطات العامة الدستورية بالتوقف يتخذ رئيس الجمهورية الإجراءات الضرورية بسبب هذه الظروف بعد استشارة رسمية لرئيس الوزراء ورؤساء المجلسين التشريعى والمجلس الدستورى.

ويستشار المجلس الدستورى فى موضوع الإجراءات.

م/46: لا يجوز إصدار القوانين الأساسية إلا بعد إعلان المجلس الدستورى بأنها متوافقة مع الدستور «م46 الفقرة الأخيرة».

م/54: يختص المجلس الدستورى بناء على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء أو رئيس أحد المجلسين التشريعى أو ستون نائبًا من الجمعية العامة أو ستون شيخاً من مجلس الشيوخ أن يعلن أن أى تعهد دولى يتضمن شرطًا مخالفاً للدستور وأن التصديق أو الموافقة على هذا التعهد لا يكون نافذًا إلا بعد مراجعة الدستور.

م/56: تشكيله:

يتكون المجلس الدستورى من 9 أعضاء ومدة لعضوية تسع سنوات غير قابلة للتجديد، يتم تجديد العضوية لثلث أعضاء المجلس كل ثلاث سنوات يعين رئيس الجمهورية ثلاثة أعضاء، ويعين رئيس الجمعية العامة ثلاثة أعضاء ويعين رئيس مجلس الشيوخ ثلاثة أعضاء ويضاف إلى عضوية المجلس الرؤساء السابقون للجمهورية.

ويعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس ويكون صوت الرئيس مرجحاً فى حالة تساوى الأصوات.

م/57: لا تتعارض اختصاصاً عضو المجلس الدستورى مع اختصاصات وزير أو أعضاء البرلمان أو الاختصاصات المقررة فى القانون الأساسى.

م/58: يرعى ويختص المجلس الدستورى فى الفصل فى مشروعية انتخاب رئيس الجمهورية ويراقب إجراءاتها ويعلن نتيجة الانتخاب.

م/59: يفصل المجلس الدستورى عند المنازعة فى مشروعية انتخاب أعضاء البرلمان والشيوخ.

م/60: يراقب المجلس الدستورى مشروعية الاستفتاءات المنصوص عليها فى المادتين 11، 89 ويعلن نتائجها ويراقب كذلك تطبيق الفصل الخامس عشر من الدستور «الجماعات الأوروبية والاتحاد الأوروبى م88 من الدستور».

م/11: مشروعات القوانين الخاصة بالسلطات العامة والإصلاحات الخاصة بالسياسة الاقتصادية أو الاجتماعية للأمة والمرافق العامة والتصديق على المعاهدات والتى لا تتعارض مع الدستور، والتى لها آثار على سير مؤسسات الدولة.

م/89: الاقتراحات الخاصة بتعديل الدستور، ويستثنى من الطرح على الاستفتاء أى إجراء بتعديل الدستور يتضمن تعديلاً فى وحدة إقليم الدولة.

م/61: تخضع القوانين الأساسية قبل إصدارها، وكذلك لوائح مجلس البرلمان قبل سريانها للمجلس الدستورى ويعلن بأنها متوافقة مع الدستور.

يفصل المجلس الدستورى فى الحالات المذكورة فى الفقرتين السابقتين خلال شهر ومع ذلك يجوز للحكومة فى حالة الاستعجال تخفيض هذه المدة إلى ثمانية أيام.

م/62: فى حالة إصدار المجلس الدستورى قرار بعدم دستورية نص فإنه لا يجوز تطبيق هذا النص.

قرار المجلس الدستورى غير قابل للطعن بأى وجه ويكون ملزماً لجميع السلطات العامة والسلطات الإدارية والقضائية.

م/63: يحدد القانون الأساسى قواعد تشكيل وسير العمل فى المجلس الدستورى فى اختصاصه بالمنازعات والإجراءات واجبة الاتباع أمامه وعلى وجه الخصوص مواعيد القبول للمنازعة فى اختصاصاته.

الخلاصة الحل المقترح

يحضنى حديث شريف عبقرى الدلالة والحكمة أخرجه البخارى عن أبى هريرة: «إن إعرابياً سأل النبى (صلى الله عليه وسلم) عن الساعة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة ـ قال الإعرابى كيف أضاعتها ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا وسد «أوكل» الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة.

أمل تدبر الحديث الشريف وأعماله عند اختيار اللجنة التى ستتولى تعديل باب نظام الحكم فى دستور 2014.

وأمل تدبر الحديث الشريف وأعماله عند تشكيل البرلمان الجديد قوائم وفرادى.

ـ إن مسألة تعديل الدستور وخاصة فى باب نظام الحكم والعودة للتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يقتضيها الواقع الأمنى والسياسى والاجتماعى والاقتصادى المصرى.

ـ تعديل باب نظام الحكم الوارد فى دستور 2014 بما يحفظ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والعودة لتراثنا الدستورى بمنح رئيس الجمهورية اختصاصات تماثل اختصاصات رئيس الجمهورية فى الدستور الفرنسى واستحداث فصل خاص بالمجلس الدستورى على غرار المجلس الدستورى الفرنسى ولا أعنى هنا الترجمة الحرفية عن نصوص الدستور الفرنسى بل مع روح نصوص الدستور الفرنسى فى نظام الحكم.

هذه دعوة واجتهاد شخصى أراه ضرورياً لمواجهة ذلك العوار الدستورى فى الدستور المصرى والذى يهدد الأمن والنظام والاستقرار فى مصر.

والمشكلة ستثور بعد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية والصراع المتوقع بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

والأكثر خطورة أن التوازن السياسى الحالى أو ما بعد الانتخابات يقوم على شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى وما يمثله وما له من ظهير شعبى.

ولكن قيام حياة سياسية مستقرة على حياة فرد مسألة تهدد الاستقرار وتهدد النظام وتفتح الباب للفوضى.

يا سادة المشهد السياسى واضح تماماً بعد استبعاد ما يطلق عليهم فلول أو أعضاء الحزب الوطنى واستبعاد نظام الإخوان وتابعيه المشهد فيه فراغ مخيف وتخطط وتمول لسد هذا الفراغ الوثوب لسلطة الحكم قوى إما أن تستولى على الحكم رغم الإرادة الشعبية التى قامت بثورة يونيو 2013 أو فوضى وحرب أهلية تهدد وجود ووحدة الدولة المصرية فى سيناريو على غرار ما وقع فى العراق وسوريا وليبيا واليمن.

هذه دعوة مخلصة لتدارك ذلك حفاظاً على أمن مصر واستقرارها ولتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة والسلام الاجتماعى المنشود.

 

الأستاذ بكلية الحقوق ـ جامعة المنوفية

مساعد رئيس حزب الوفد للشئون الدستورية والقانونية