عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الشرطة".. صمام الأمن الحقيقى للوطن (4)

بوابة الوفد الإلكترونية

> يد التغيير لحقت أجهزة الأمن بعد يوليو 1952

> رسالة الشرطة شملت البعد الإنسانى والاجتماعى معًا لتحقيق الاستقرار

> الأجهزة الأمنية تلاحمت مع الشعب عند تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى على مصر

 

 

كان لزامًا عقب قيام ثورة 1952 وطرد الملك مباشرة أن يتجه الضباط إلى إيجاد حلول لأمراض أجهزة الشرطة المصرية، في ظل عدم الاهتمام بالتدريب والتعليم، لذا فقد اهتم النظام الجديد فى بواكير عهده بالعمل على التغييرات المتلاحقة، خاصة بعد أن أدرك الضباط وقتها أهمية معالجة جوانب الخلل فى الأجهزة الأمنية المختلفة، فالشرطة المصرية صمام الأمن الحقيقى للوطن، لتلحق بعد ذلك يد التطوير كل مجالات العمل الأمنى وفى فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات أيضًا تجاوز التطوير طريقه حتى طال رسالة ورؤية وأهداف هذا الجهاز الأمنى الكبير وذلك حتى يؤدى دوره المنوط به فى الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين.

ولم تكن الشرطة ببعيدة عن الأحداث، فقد لعبت دورًا وطنيًا فى تأميم قناة السويس وصد العدوان الثلاثى على مصر، بالإضافة إلى تأمين الجبهة الداخلية ومواجهة المخططات المعادية للبلاد، كما كان رجال الشرطة مثل غيرهم يتحرقون شوقًا لتحقيق نصر أكتوبر، ولذا كان لهم دور كبير فى تأمين البلاد من الداخل والتصدى لأنشطة التخابر والجاسوسية والشائعات، "الوفد" ترصد حلقة جديدة من تاريخ ونضال الشرطة الوطنى.

عانى المجتمع المصرى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية من أزمة طاحنة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كانت الأزمة نتيجة حتمية للتناقضات التى تولدت عن ادماج مصر كمجتمع تابع فى إطار النظام الرأسمالى العالمى، ولقد وصلت الأزمة إلى ذروتها فى مطلع الخمسينيات من القرن العشرين.

وكان على النظام الجديد أن يواجه العديد من المشاكل، منها: علاجه الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة، وإيجاد حل للقضية الوطنية وللمسألة السودانية، كما كان عليهم أن يحددوا موقفهم من الحرب الباردة، فضلًا عن موقفهم من الأحزاب السياسية والقوى والتيارات الداخلية المعارضة لهم.

لقد أجرى الضباط عدة تغييرات سريعة ومهمة، إلا أن أهم هذه الإجراءات ما ارتبط بتعديل صيغة التوازن فى العلاقات القائمة التى كان يرتكز عليها النظام القديم ومؤسساته.

تطوير أجهزة ومؤسسات الشرطة بعد الثورة:

كانت أجهزة ومؤسسات الشرطة فى مقدمة الركائز التى قام الضباط بإجراء تغيير جذرى عليها، ولعل هذا يفسر اختيار جمال عبدالناصر لمنصب وزير الداخلية إلى جانب منصبه كنائب لرئيس مجلس الوزراء فى أول تشكيل وزارى يدخل فيه الضباط فى شهر يونية 1953؛ إذ كان يدرك أهمية معالجة جوانب الضعف فى الأجهزة الأمنية المختلفة، كما كان يدرك أهمية إعادة تكوين وتشكيل هذه الأجهزة، فهى صمام الأمن الحقيقى للنظام الجديد، وإن كان لابد من ملاحظة أن يد التغيير لحقت أجهزة الأمن قبل إعلان الجمهورية ومن البداية.

ولقد بدأ النظام الجديد بعد طرد الملك مباشرة يعالج هذه المشكلات، وبدأت التغييرات المتلاحقة، فى أحد أهم أجهزة الدولة التنفيذية «الشرطة المصرية».

كان إلغاء قسمى «معاونى الإدارة» و«الكونستبلات» بكلية البوليس، من أول التغييرات التى وجهت للشرطة، كما أعدت خطة للتدريب لتهيئتهم للمرحلة الجديدة، ونجح ذلك القانون فى إغلاق أبواب التسلل من الوزارات الأخرى إلى وظائف الأمن العام الكبرى.

وتبع ذلك تحديد دقيق لاختصاصات الشرطة، وإلغاء الأعباء التى كانت تشغلها عن حفظ الأمن والنظام؛ وكان فى مقدمة الأجهزة المتخصصة التى أضيفت للشرطة المصرية بعد الثورة:

مصلحة الأحوال المدنية، ومصلحة أمن الموانئ، وإدارة شرطة المسطحات المائية، وأقسام مكافحة الاختلاس والتهرب والرشوة، وقسم مباحث الضرائب، والاحتياطى المركزى، والإدارة العامة لشرطة الكهرباء.

ومن التحولات المهمة أيضًا، إخضاع محافظات: البحر الأحمر، ومطروح والوادى الجديد لنظام الشرطة العام، مثل بقية المحافظات.

ولقد تواكب ذلك مع التخطيط لرفع المستوى العام لأجهزة ومؤسسات الشرطة على كافة الأصعدة والمستويات، فتم التخلص من الأسلحة القديمة التى كان يعود تاريخ بعضها لأكثر من قرن من الزمان، وواكب ذلك تنفيذ خطط تدريب الضباط والجنود على الأسلحة الجديدة، ومن ناحية أخرى تم تطوير وسائل النقل الخاصة بمؤسسات وأجهزة الشرطة وزودت المركبات المدرعة والمائية وعربات الإطفاء والإنقاذ بأحدث التجهيزات.

وامتدت يد التطوير أيضًا إلى الاتصالات التليفونية والبرقية؛ حيث أمكن سنة 1974 الربط بين الخطوط التليفونية وشبكة لاسلكى الشرطة، وبين إدارات وأقسام النجدة بمديريات الأمن وفى سنة 1979 - 1980 تحقق الاتصال المباشر بين المستويات الاشرافية العليا بالوزارة.

ولحقت يد التطوير جميع مجالات العمل الشرطى، ففى مجال تحقيق الأدلة الجنائية أنشئ معمل جنائى متطور سنة 1957، لفحص وكشف الآثار المادية الخاصة بالحوادث الجنائية، واستمر تطوير الشُعب المختلفة كشعبة فحص آثار الآلات والأدوات، وشعبة فحص الأسلحة والمقذوفات النارية، وشعبة فحص آثار الحرائق، وشعبة فحص آثار التزوير والتزييف، وشعبة الفحوص الطبيعية والكيميائية، وشعبة التصوير الجنائى.

وما بين سنة 1973- 1980 شهد قسم المساعدات الفنية طفرة جديدة؛ حيث حصل على أجهزة للاستقبال والتسجيل فى الوقت نفسه، وعلى أجهزة إرسال لاسلكية صغيرة، كما زود بكاميرات تصوير عن بُعد بعدسات مكبرة، وكاميرات للتصوير من ثقب الباب، وكاميرات لتصوير المستندات، كما زودت كوادر القسم بصديرى واق من الرصاص، وأجهزة خاصة بالرؤية الليلية، ولشل حركة المجرمين، وأيضًا زود القسم بدوائر تليفزيونية مغلقة، وأجهزة اتصال لاسلكى محمولة، وعدد كبير من النظارات المكبرة، ويسجل تاريخ الشرطة الكثير من القضايا المهمة التى تم ضبطها بعد تطوير أجهزة الكشف عن الجرائم، وبالصورة السابقة.

وأيضًا تم تطوير قطاع المرور والدفاع المدنى والإطفاء، كما أدخل بالوزارة أول مركز للحاسبات الإليكترونية.

وقد شهدت هذه الفترة 1952 - 1981 الاتجاه إلى ترشيد الأنظمة والأساليب فى مجال الأمن العام، إذ كان من أبرز ما نفذ فى هذا المجال استخدام الدوريات الراكبة المجهزة لاسلكيًا، كما تم تطوير النظام الإحصائي؛ حيث أصبح من الممكن اعداد تقارير جنائية تشمل بيانات تحليلية مهمة حول الجرائم ومرتكبيها.

والمتتبع لتاريخ السجون المصرية يدرك على الفور تعدد التشريعات التى صدرت بعد ثورة يوليو 1952، بتنظيم السجون، حيث روعى فيها تحسين معاملة المسجونين، والعناية بتغذيتهم وتثقيفهم وتقويمهم وتوفير الخدمات لهم واستثمار جهودهم وخبراتهم فى المشروعات المختلفة، والأهم تأهيلهم للاندماج فى المجتمع بعد انتهاء مدة العقوبة.

وامتدت رسالة الشرطة وبالاتجاه الإنسانى والاجتماعى نفسه لتغطى مجال حماية الآداب، ومكافحة المخدرات، ومحاربة العادات الاجتماعية البغيضة، بالإضافة إلى السعى للصلح بين المتنازعين، وتصفية الخلافات الفردية والعائلية والمهنية والطائفية وعدم انتظار وقوعها.

وهكذا شهدت الفترة ما بين 1952 - 1970 فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والفترة التالية لها 1970- 1981 فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، عمليات تغيير وتحولات كثيرة، استهدفت الأجهزة والمؤسسات المختلفة للشرطة المصرية، كما استهدفت جنود وضباط وقيادات الشرطة المصرية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى رسالة ورؤية وأهداف الشرطة المصرية، ولعل هذا يتضح بجلاء عند تتبع التطوير التشريعى للشرطة المصرية؛ حيث يعكس بوضوح الأهداف الاستراتيجية لواحد من الأجهزة المهمة التى تسعى للحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين.

الأمن العام:

فرضت التحديات السابقة التى واجهت الثورة سواء فى مرحلة الاتجاه إلى الاشتراكية، أم فى مرحلة العودة إلى الاقتصاد الرأسمالى فى زمن السادات، الاستمرار فى تطوير البناء التنظيمى للشرطة، والاستمرار فى تطوير المرجعية الفكرية التى تتحكم فى رؤية ورسالة الشرطة المصرية، ولعل هذا يفسر تطوير قطاع الأمن العام، وتضمينه لمهام جديدة تتعلق بتحقيق الأمن الاقتصادى والأمن الاجتماعى.

السجون:

ولقد شهدت مصلحة السجون تحولات هائلة خلال فترة حكم جمال عبدالناصر يتضح من خلالها تبنى الثورة لرؤية جديدة خاصة بدور المؤسسات العقابية.

ففى 14 مارس 1956 صدر قرار مجلس الوزراء بنقل تبعية مصلحة السجون من وزارة الحربية إلى وزارة الداخلية، وكان قد صدر قبلها القانون رقم 57 لسنة 1955 بإلغاء وضع القيود الحديدية فى أرجل المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة.

ثم صدر القانون رقم 396 لسنة 1956 بتنظيم السجون واشتملت لائحته التنفيذية على عدة مواد فى غاية الاهمية منها حق المسجونين فى الحصول على أجر مقابل عملهم، والعمل على تهيئة وسائل اتصال المسجونين بذويهم سواء بالزيارة أم بالمراسلة.

كما تقرر أن يمر كل مسجون بفترات انتقال فيما يتعلق بمعاملته وكل فترة يحصل على ميزات أفضل من سابقتها.

وفى السنة نفسها أنشئت سجون شبه مفتوحة ومتوسطة الحراسة تتبعها بعض المزارع كسجن المرج.

أما خلال الفترة من 1972- 1980 فأدخلت عدة تعديلات ارتكزت على روح القوانين التى صدرت أثناء حكم عبدالناصر فى مقدمتها:

إنشاء مدرسة صناعية بسجن الرجال بالقناطر الخيرية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم بحيث يمنح المسجونون بعد إتمام الدراسة بها «دبلوما فنيا» يساعدهم فى العمل بعد انتهاء فترة العقوبة.

وتنظيم قواعد خروج المسجونين لقضاء إجازة خارج السجن بدون حراسة كل مدة معينة بعد استطلاع رأى جهات الأمن. وإلغاء تشغيل المسجونين بتكسير الأحجار والبازلت، وقصر تشغيلهم على الأعمال الصناعية.

وإنشاء مقاصف بالسجون. والسماح للمسجونين باستحضار مراتب وكاوتشوك ووسائل من الخارج لحين تعميم نظام الأسرة. والسماح للمسجونين باقتناء جهاز راديو، والسماح لهم بمواصلة دراستهم.

كان هدف الثورة من البداية توفير قاعدة مثقفة ثقافة مناسبة تقوم بمهامها داخل أجهزة الشرطة بوعى يساعد على المحافظة على الأمن العام، أما فئة الخفراء النظاميين وهم المسئولون عن حفظ الأمن العام والنظام بالقرى فاستمرت فى أدنى مستوى من كادر هيئة الشرطة،  فلم يشترط فى المتقدم لهذه الوظيفة المؤهل الدراسى، ولا الإلمام بالقراءة الكتابة، أما السن فاشترط القانون ألا تقل سن المتقدم عن «21 سنة» ونص القانون على أن يعين شيخ الخفراء من بين وكلائه فى القرية إن وجدوا، وإن تعذر فيعين من بين الخفراء الأكفاء بالقرية، وإن تعذر فيعين من بين خفراء القرى المجاورة، وإن تعذر فيعين من الأهالى بشرط موافقة العمدة فى الحالة الأخيرة، كما نص على أن قرار تعيين مشايخ الخفراء ووكلائهم يصدر

بقرار من مدير الأمن، وقرار تعيين الخفراء يصدر من المأمور.

ولقد تواكب مع التحولات الخاصة باختيار العنصر البشرى العامل بهيئة الشرطة، الاهتمام بالتدريب بهدف ضمان أفضل أداء العناصر والكوادر المختلفة، ولقد اهتمت ثورة يوليو بعمليات التدريب منذ السنوات الأولى، حيث صدر القرار الوزارى رقم «2 لسنة 1954 بانشاء سم التدريب والتعليم والتسليح وافتتحت فى السنة نفسها مدارس الثقافة لرجال الشرطة وفى عام 1956 أنشئت مدرسة ضباط الصف لتدريب حملة الشهادة الإعدادية وفى العام نفسه نظمت عدة فرق تخصصية للضباط فى الدفاع المدنى واللياقة البدنية والإسعاف والمباحث والإمداد والتموين والمفرقعات والاطفاء واللاسلكى والجوازات والحملة الميكانيكية والأسلحة الصغيرة، كما نظمت للمساعدين فرقة تدريبية فى أعمال العهدة وقيادة الموتوسيكلات والجوازات ونظمت كذلك للصف والجنود، فرقة تدريبية فى أعمال المباحث والجوازات والمرور والتدريب واستعمال الأسلحة.

الشرطة والحركة الوطنية:

تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى:

تجدر الإشارة إلى أن رجال الشرطة ومؤسساتها المختلفة لم ينفصلوا عن الواقع الاجتماعى والسياسى بعد الثورة وحتى اليوم بل تفاعلوا مع التطورات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية، وكذلك مع الأزمات السياسية المختلفة، فضلًا عن وعيهم بالتحديات التى تعرضت لها البلاد نتيجة للمخططات التى واجهتها الثورة من المعسكر الغربى وإسرائيل.

فبعد انتهاء شهر العسل مع المعسكر الغربى، وبعد أن قررت الولايات المتحدة الأمريكية وضع النظام الجديد على المحك على حد تعبير «إيزنهاور» وذلك بتراجعها عن تمويل مشروع بناء السد العالى استشعرت قيادات وكوادر الشرطة المصرية الخطر، ما إن صدر قرار تأميم شركة قناة السويس 26 يونية 1956 تأهبت أجهزة الشرطة لمواجهة الأخطار المحتملة.

فالثابت أن قوات الشرط حددت هدفها فى تأميم قرار التأميم، وذلك بإعلان حالة الطوارئ وتأمين الجبهة الداخلية، مواجهة المخططات المعادية ورفعت درجة الاستعداد الأمنى فى مدن القناة.

وفى الوقت نفسه بدأت أجهزة الشرطة تستعد لمواجهة العدوان المحتمل على مدينة بورسعيد، فقامت بتأمينها وعبأت الشعور الوطنى ضد العدوان الغادر، ومن ناحية أخرى وفرت السلاح والذخيرة والمؤن، كما قامت بتدريب فرق المقاومة الشعبية وتعاونت مع المنظمات الفدائية وكإجراء وقائى قامت بترحيل اليهود وكثير من العناصر الخطرة من الجاليات الأجنبية إلى مدينة القاهرة، وكانت تقديرات الأجهزة الأمنية انها ستمنع بذلك أى تخريب داخلى فى بورسعيد أثناء العدوان، كما أنها من الممكن أن تستفيد بمبادلة هذه العناصر بمن سيقع فى الأسر من الفدائيين المصريين بعد العدوان.

ولما بدأ العدوان الثلاثى يوم «29 أكتوبر 1956» وأدركت القيادة السياسية جوهر الخطة فأمرت بانسحاب القوات المصرية من سيناء حتى لا يتم تطويقها وتقع بين شقى الرحى، إسرائيل فى سيناء والقوات الإنجليزية والفرنسية من خلفها بمنطقة القناة، بدأت الشرطة المصرية تحمل دورها الذى استعدت له، خاصة بعد بدء العدوان الغاشم على مدينة بورسعيد يوم «5 نوفمبر 1956»، حيث التحمت مع القوى الوطنية والعسكرية وعبأت أهالى المدينة لتصنع ملحمة وطنية كتبت بحروف من ذهب فى سجل التاريخ المصرى.

واستمر كفاح رجال الشرطة ضد القوات المعتدية بعد احتلال مدينة بورسعيد، فرفضت التعاون، معهم، وتمسكت بإدارة المدينة، واستمرت فى دعم المقاومة الشعبية وتخطيط وتنفيذ العمليات الفدائية بالتعاون مع رجال القوات المسلحة، ولقد تحولت أقسام الشرطة وإدارتها المختلفة ومساكن ضباطها مقرًا لإدارة المقاومة ومنطلقًا لنشاط الفدائيين، الأمر الذى عرض بعض رجال الشرطة للاعتقال وتحديد إقامة البعض الآخر منهم.

ولم يتوقف الدور الوطنى لأجهزة الشرطة المصرية ورجالها بعد انقشاع غيوم العدوان الثلاثى على مصر، حيث استمرت ترقب الحركة السياسية المصرية سواء على المستوى الداخلى أو على مستوى العلاقات الخارجية.

عدوان يونية 1967:

عندما تلبد جو العلاقات الدولية بالغيوم فى مايو 1967 رفعت أجهزة الشرطة استعدادها، حيث كان واضحًا إصرار اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على الهجوم على مصر، وتحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه سنة 1956، أى إسقاط النظام والقضاء على جمال عبدالناصر، ومع أن كارثة يونية 1967 كان مذهلة وصادمة لأجهزة الشرطة المصرية إلا أنهم سرعان ما تلاحموا مع رجال القوات المسلحة لمواجهة تطورات ما بعد النكسة.

ولقد تحددت مهام أجهزة الشرطة فى تأمين الجبهة الداخلية وحماية سلامتها ومواجهة الشائعات التى تستهدف سلامة البناء الاجتماعى، فضلًا عن مساهمة رجال الشرطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى حرب الاستنزاف، فلقد سقط تحت الأنقاض شهداء من رجال الشرطة أثناء محاولاتهم إنقاذ المدنيين الذين سقطت عليهم المبانى والمنشآت عندما بدأت اسرائيل تضرب العمق المصرى وكذلك احترق منهم عدد آخر أثناء محاولاتهم إطفاء الحرائق التى أشعلتها قذائف الطيران الإسرائيلى.

 

حرب أكتوبر المجيدة:

عندما استشعرت أجهزة الشرطة أن الحرب واقعة مرة ثانية لا محالة بين مصر واسرائيل بدأت الاستعداد لتشارك فى معركة التحرير، وكان رجال الشرطة مثل غيرهم يتحرقون شوقًا للثأر من العدو الذى احتل الضفة الشرقية وسيناء.

وتحددت مهام أجهزة الشرطة ورجالها فى المهام التالية:

تأمين الجبهة الداخلية والتصدى لأنشطة التخابر والجاسوسية والشائعات وأعمال الدفاع المدنى وتدريب وتنشيط المقاومة الشعبية وتأمين خطوط المواصلات وتأمين مؤخرة القوات المسلحة وتأمين توفير المواد الغذائية وقمع محاولات التلاعب بالسلع الغذائية وتوفير الأمن والأمان وبث الطمأنينة بين فئات الشعب المختلفة.

وبمجرد أن انطلقت شرارة الحرب فى السادس من أكتوبر 1973، وقفت أجهزة الشرطة بكافة قطاعاتها خلف صفوف القوات المسلحة وتلاحمت معها، وقدمت كل ما فى امكانياتها من مساعدات ليس هذا فقط، بل سرعان ما تحولت قوات الشرطة فى مدن القناة إلى قوات مقاتلة، فضلًا عن نجاحها فى احباط محاولات التخريب التى استهدفت الجبهة الداخلية.

ولقد استحقت الشرطة المصرية التقدير والتكريم على دورها فى مواجهة التحديات التى تعرضت لها البلاد من أعدائها خاصة اسرائيل، إذ قام رئيس الجمهورية وقيادات القوات المسلحة بتكريم رجال الشرطة.

هكذا تعرض جهاز الشرطة لتغيرات على درجة كبيرة من الأهمية، خلال الفترة الممتدة بين «1952- 1981» وهى الفترة التى شهدت نجاح ثورة يوليو وطرد الملك واعلان الجمهورية وتأميم القناة وبناء السد العالى كما شهدت الصراع المرير مع اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، كما شهدت صعود الرئيس الراحل أنور السادات إلى الحكم بعد رحيل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر سنة 1970 فقد تبدلت سياسة مصر، سواء على المسوى الداخلى أو على مستوى علاقاتها الخارجية ولقد انعكست التحولات التى تعرضت لها مصر فى المرحلتين، على جهاز الشرطة، الأمر الذى أدى إلى تطوير الجهاز الإدارى، وتغيير التشريعات التى تحكم عمل الشرطة، فضلًا عن تغير رسالتها واختصاصاتها، وهو الأمر الذى انعكس على اختيار وتدريب الرجال العاملين فى أهم أجهزة الدولة التنفيذية.