رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سكان "بحر البقر" يستغيثون.. والسيسي يستجيب

مصرف بحر البقر
مصرف بحر البقر

90 عامًا مضت ولا يزال أهالي محافظات كثيرة يعانون من الأضرار العديدة التي يبعثها مصرف بحر البقر، فهو ليس وليد اليوم، لا سيما الحشرات والقوارض الملوثة، التي اتخذت منها مرتعًا ومأوى تهدد حياة الصغير والكبير والشيوخ، على حد سواء.

 ففور اقترابك من مصرف بحر البقر تشم رائحة كريهة تكاد تصيبك بالاختناق حتى لو كنت مفتقدًا لحاسة الشم، فمنذ ثلاثين عامًا والأمراض تنهش أكباد وأجساد الأهالي بالمنطقة، والحكومة لم تقدم لهم شيئًا سوى دراسات وخطط ووعود لم تنفذ.

 ولا يزال المصرف ليومنا هذا يستقبل مياه الصرف الصحي الخام والمعالج، والصرف الزراعي، والأسمدة والمبيدات والديدان والقوارض والأعشاب والحشائش المهددة لحياة الأفراد هناك.

 يمتد مصرف بحر البقر لأكثر من 190 كيلو مترًا، بدءًا من جنوب القاهرة، ومرورًا بمحافظات "القليوبية، والشرقية، والإسماعيلية، والدقهلية"، حتى تصل في النهاية إلى المصب في بحيرة المنزلة في الدقهلية.

 كان المصرف في بداياته عام 1914 مخصصًا للصرف الزراعي فقط، لكن في أوائل السبعينات من القرن الماضي قررت الحكومة تحويله لاستقبال الصرف الصحي لسكان القاهرة الكبرى، من دون الأخذ في الاعتبار لمخاطره على الأهالي المجاورة له.

 يعتبر مصرف بحر البقر من أخطر مصادر التلوث لما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية وصرف صحي غير معالج، وتكمن خطورة هذا النوع من التلوث في ظهور الأمراض الطفيلية والمستوطنة بين جموع المواطنين الذين يعيشون حوله، فضلًا عن إصابة الأسماك الموجودة فيه بالطفيليات، وتركيز المعادن الثقيلة المسممة التي تصرفها المصانع المطلة على البحيرة في أنسجتها، مما يمثل ذلك مخاطر صحية للإنسان في حال تناول هذه الأسماك.

 أثبتت الدراسات التي أجريت على مياه هذا المصرف إصابة الأسماك بأمراض مختلفة تصيب من يتناولها بحساسية في الجهاز التنفسي، والأمراض المتوطنة، والفشل الكُلوي، والأمراض الجلدية المختلفة، كما أن الصورة العامة للدم تتغير كثيرًا جزاء تناول هذه النوعية من الأسماك، كما أثبتت الدراسات إصابة هذه الأسماك بأنيميا حادة مما يشكل خطورة على من يتناولها.

 في نهاية العام الماضي كشف اللواء عاصم عبدالله شكر، مدير إدارة المياه في القوات المسلحة، عن المشروعات التي قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذها والمتعلقة بتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، من خلال إنشاء 56 محطة خاصة للتحلية والمعالجة، من ضمنها محطة مياه "مصرف بحر البقر"، ويجرى تنفيذها عن طريق نقل المياه من المصرف غرب القناة عبر سحارة السلام، إلى محطة المعالجة شرق القناة، لمعالجتها ثلاثيًا بتقنية فائقة الجودة.

 وفي إطار الجهود أيضًا وقعّت مصر والصندوق الكويتي للتنمية في نهاية السنة الماضية بأيام قليلة، اتفاقيتين لدعم مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر، بقيمة 1.4 مليار جنيه، وتمويل مشروع إنشاء أربع محطات تحلية مياه البحر في محافظة جنوب سيناء بقيمة 880.5 مليون جنيه، في إطار برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء، وذلك على هامش منتدى أفريقيا 2018 بمدينة شرم الشيخ.

 وفي أواخر السنة الماضية ناقش مجلس النواب خلال جلسته العامة قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن الموافقة على اتفاقية قرض مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر، بين حكومة جمهورية مصر العربية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وذلك بمبلغ 50 مليون دينار كويتي.

 تأتى الاتفاقية في إطار اتجاه الدولة إلى التنمية المستدامة، وسعيها إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة، فضلًا عن حرصها على صحة المواطن المصري وتوفير سبل الحياة الكريمة وزيادة الرقعة الزراعية.

 من جانبه أكد رائف تمراز، عضو لجنة الزراعه بمجلس النواب، أن قضية مصرف بحر البقر معقدة للغاية، وتحتاج لتطوير وعمل خطة دقيقة بسرعة لتنفيذها.

 أضاف تمراز، خلال تصريحه لـ"الوفد"، أن هناك خطة وضعت قديمًا عن طريق وضع محطات علاجية لمصرف بحر البقر، والرئيس عبدالفتاح السيسي اهتم بنفسه، وصُرف عليها أكثر من 30 مليار جنيه من أجل تطويرها وتنقية مياهها الملوثة، مؤكدًا أن الخطة الموجودة الآن بالاتفاق مع وزارة الصحة ووزارة البيئة، سوف تنهي مشاكل تلوث هذا المصرف كافة في القريب العاجل.

 ولفت عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب

إلى أن المسئولين الآن سوف يستمدون من مصرف بحر البقر أسمدة عضوية تساعد في العملية الزراعية، كما تم البدء في العمل بمحطات تنقية المياه وجعلها صالحة للاستخدامين الآدمي والزراعي.

 وأشار في نهاية حديثه إلى أن لجنة الزراعة بمجلس النواب

تعمل بجهودها كافة للقضاء على التلوث الموجود بمصرف منطقة البحر، وأنه سيتم البدء بتنفيذ محطة معالجة لمياه تلك المنطقة  في أبريل المقبل وسينتهي العمل بها خلال السنوات الثلاث المقبلة.

 وفي السياق ذاته أكد الدكتور سامي المشد، أمين سر لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن الدوله تُنشئ الآن محطات معالجة كبيرة ذات تقنيات عالية من أجل تنقية ومعالجة مياه مصرف بحر البقر.

وكشف المشد، في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أنه تم اكتشاف ثروة سمكية هائلة داخل مصرف بحر البقر، وفي حالة النجاح في تنقية ومعالجة مياهه سوف يستفاد منه في الثروة السمكية، ويكون دخلًا قويًا للدولة واقتصادها، لافتًا إلى أن الدولة قادرة على معالجة وحل أزمة ذلك المصرف في وقت قصير.

وأشار إلى أن المصرف يتسبب في انتشار أمراض الفشل الكُلوي وارتفاع نسبة الإصابة بفيروس "سي"، فضلًا عن مخاطر تناول الخضراوات والفاكهة المروية بمياه المصرف شديدة الخطورة، إضافة إلى موت أسماك بحيرة المنزلة، نتيجة لتلوث مياه المصرف التي تصب هناك، فمياهه بمثابة أفعى سامة تنهش أبدان سكانه.

وكان لنا لقاء مع عدد من أهالي وسكان منطقة بحر البقر أثناء جولتنا الميدانية هناك.

 

 أعرب المواطن محمد عامر، أحد أهالي قرية بحر البقر، عن استيائه الشديد لتجاهل المسئولين للتلوث الذي يسببه المصرف، فضلًا عن الأمراض الخطيرة الناجمة عنه.

 وأضاف عامر، خلال حديثه مع الوفد، أن تجاهل المختصين لما يسببه مصرف بحر البقر من انتشار أمراض وأوبئة طوال السنوات الماضية هو سبب تفاقم الأزمة، فعدم الاهتمام والرقابة وراء ما يحدث الآن بالمنطقة من انتشار روائح كريهة، وأمراض فتاكة، وقتل للثروة السمكية، قائلًا: "إحنا لو لينا مكان تاني كنا سيبنا بيوتنا وأراضينا هنا بس ما باليد حيلة والحكومة حاطة إيديها في ميه باردة وسيبانا نموت هنا بالبطيء".

وناشد المواطن، الجهات المسئولة بالنظر لهذا المصرف، وإيجاد حلول عاجلة، لا سيما بعد استحالة التعايش مع تلك الروائح الكريهة والأمراض، متابعًا: "عاوزين الحكومة تبصلنا شوية وتحس بينا والله ما هيقدروا يباتوا ليلة هنا".

 كما أكد المواطن علي السيد، أحد أهالي قرية بحر البقر، أن مصرف بحر البقر لا تكمن خطورته في انتشار الحشرات الضارة والروائح الكريهة، بل الأمر تخطى الكثير ووصل لتلوث المحاصيل الزراعية التي تُروى بمياهه، فضلًا عن تلوث "المواشي والأسماك" فهي لا تصلح للتناول الآدمي.

 وناشد السيد المسئولين بالالتفات لسكان ومجاوري مصرف بحر البقر المميت، أو كما يصفه سكان المنطقة بـ"الغول"، لافتًا إلى وجود مشاكل أخرى يعاني منها سكان وأهالي المنطقة من سوء أحوال تعليم ومستشفيات وخلافه، تحتاج للتدخل من المختصين والجهات المعنية للحل السريع.

وأكد أنه على رغم تأجير المساكن والأراضي الخاصة بأهالي منطقة بحر البقر من وزارة الري ودفعهم للإيجار السنوي في ميعاده، إلا أنه لا يوجد أدنى اهتمام، أو إحساس بالمسئولية من  المختصين.