عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المستشار لبيب حليم لبيب يكتب: حكاية كاهن.. وأساقفة

القس مكاري يونان
القس مكاري يونان اثناء وصوله امريكا

< يجب="" أن="" يكون="" الراعى="" سليم="" القلب="" لأنه="" الواسطة="" بين="" الله="">

< لا="" مبرر="" لغضب="" بعض="" الأساقفة="" من="" كاهن="" بسبب="" شعبيته="">

< الرعاة="" سفراء="" المسيح="" على="" الأرض="" كسفراء="" الدول="">

< غضب="" الأسقف="" يهيج="" الخصام="" ويثير="" السخط="" ويتنافى="" مع="" الكلمة="">

< البابا="" شنودة:="" كلام="" الأب="" مكارى="" يونان="" جيد="" ولا="" يخرج="" عن="">

< مزاعم="" الغزو="" الإنجيلى="" على="" الكنيسة="" الأرثوذكسية..="" مجرد="">

 

من المعروف أن لكل دين نظاماً موضوعاً يسير عليه المؤمنون به، والدين المسيحى يمتاز بكماله، وسمو مبادئه ونقاوة تعاليمه، فهو دين مبنى على قواعد محكمة، وأنظمة سديدة، وترتيبات صالحة، سواء ما كان متعلقاً بالآداب، أو مختصاً بالخدمة الإلهية، وعليه قال الرسول: وليكن كل شىء بلياقة وبحسب ترتيب، بل إنه أمر باجتناب كل أمر يُسلك بلا ترتيب، وليس حسب التقليد الذى أخذه منه، طالباً أن يتمثل به لأنه لم يسلك بلا ترتيب.

والغرض من وضع النظام، أو الترتيب توحد الكنيسة فى كل أعمالها، وأمور عبادتها، لتكون متحدة فى كل نظاماتها الروحية، وخدمتها الدينية فى كل مكان، كما قادها فى الإيمان الواحد، والمعمودية الواحدة وعباداتها للإله الواحد، وذلك إتماماً للوحدة التى أشار إليها السيد المسيح فى صلاته الوداعية لله الأب بقوله: ليكون الجميع واحداً، كما أنك أنت أيها الأب فىَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا.. كما أننا نحن واحد.

على أنه إذا رأينا بعض هذه الترتيبات لم يؤيد بأمر صريح فى الكتاب، فليس معناه، أنها غير قانونية، بل يدل قانونيتها أنها من نفس المصدر الذى جاء به الكتاب، وأتت بنفس الطريقة التى أتى بها الكتاب نفسه إنما على أيدى كثيرين فى أوقات مختلفة.

فما أحلى وأبهج أمنية المؤمنين الذين يتمنون أن تكون كل الكنائس سائرة فى طريق واحد، فى النظام وفى الترتيب، ومرتبطة بنظام واحد فى التهذيب، ولها سياسة واحدة، هذا أمر مفرح ومغر وآيل إلى سلامة الكنيسة عن كل تشويش، ونجاتها من شرور التفريق والانقسام.

ولا جدال فى أن اتحاد المؤمنين فى أى مبدأ من مبادئ السلام والرقى الصحيح، ووحدة القلوب، ورابطة النفوس يؤدى بهم إلى النجاح التام، فكم أحرى إذا كان هذا الاتحاد فى روح العبادة، فإنه يسر عليهم بنعمة القبول، ويشملهم ببركة الرضوان، إذ حيثما حل الروح القدس على التلاميذ كان التلاميذ معاً بنفس واحدة فى عبادتهم وعندما رفعوا صوتاً واحداً فى العبادة تزعزع المكان الذين كانوا مجتمعين فيه.

 

سفراء المسيح

وقد عرف الرسل، ومعلمو الكنيسة هذه المبادئ السامية، والأساس الراسخ، فوضعوا عليه بنيان عبادتهم، إذا كانت الكنيسة إلى الجبل الرابع كلها تعبد الله بمبدأ واحد، واتفاق واحد، ورأى واحد، ونفس واحدة، ولما انقسمت، صار لكل منها عبادة متفقة وصلوات معلومة، ومن ذلك الكنيسة الأرثوذكسية، فهى على مبادئها الرسولية متحدة فى طريق عبادتها.

والسيد المسيح لما كان موجوداً على الأرض، اختار فئة مخصوصة من المؤمنين، وخولهم حق إقامة الأسرار، وتكميلها لتقديس المؤمنين، كما أعطاهم سلطاناً أن يغفروا الخطايا باسمه، وأن يبشروا بالإنجيل للخدمة كلها، واعداً بأن يكون معهم كل الأيام حتى انقضاء الدهر، وسمى هؤلاء المختارين كنيسة، هذه الكنيسة هى المعروفة بالطغمة الإكليريكية، أو الرعاة والمعلمين ومعاونيهم على اختلاف درجاتهم، والذين يدعونهم طغمة الرؤساء، وهم الأساقفة والكهنة، والقسوس والشمامسة، أما لفظة بابا أو مطران أو قمص، فهى أسماء للدرجات الكهنوتية، ليعرف كل واحد منهم، بدرجته التى يخدم بها، بحسب الموهبة المعطاة له، كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة.

وأصحاب هذه الدرجات يقومون بوظائف متنوعة منها: أنهم سفراء المسيح، لأن نسبتهم إليه كنيسة سفراء الدول لملوكها، فإنه هو دعاهم بروحه، وأقامهم لخدمته، وهم رسله، لكى يبلغوا الناس كلامه ويعلنوا الحقائق الواردة فى كتابه.

وهم خدام المسيح، ووكلاء سرائر الله، لأنهم أقيموا من الله لخدمة إنجيله، ومنح الأسرار للمؤمنين لتقديسهم، وهم كهنة لأنهم مدعوون من الله لتقديم الذبيحة، ذبيحة جسد الرب ودمه التى يقدمونها على مذابح العهد الجديد.

لذلك يطلب من الراعى أن يكون سليم القلب، ثاقب الرأى، لأنه الواسطة الوحيدة بين الله والناس، وهو مجبور على أن يكون مثالاً للرعية بسلامة القلب، وقد أوضح لنا الكتاب المقدس الصفات التى يجب أن يتحلى بها خادم الله أسقفا كان أو قساً، وهى أن يكون بلا لوم كوكيل الله، أى كاملاً خالياً من العيوب التى تشين وظيفته، وتضر صيت كنيسته، وأن تكون نفسه أشد ضياء من أشعة الشمس، فينبغى أن يكون محملاً بكل فضل وفضيلة، وقول وفعل، حتى لا يوجد فيه عيب لا عند الناس، ولا عند نفسه، من حيث إنه نائب المسيح الذى هو رئيس الأحياء وأولهم، فيجب أن يماثله فى الرئاسة، وهذا يوجب عليه بحسب كونه معلماً ومدبراً، إذ لا يليق بمن يلوم الناس على عيوبهم أن يكون هو ملاماً.

كما يجب أن يكون صاحياً فطناً يقظاً متنبهاً لواجباته غير غافل عنها، وأن يكون عاقلاً متروياً فى كلامه، وتصرفه حتى لا يستهين به أحد، كما يجب أن يكون محتشماً فى حديثه، وكل أعماله وأقواله وتصرفاته وأن يكون مضيفاً للغرباء، لأن الضيافة أول ما يتلى على ما تقدم إلى الأسقفية، وإن كان الجميع يودون أن يسمعوا قول الإنجيل «غريباً فآويتمونى» فكم بالحرى الأسقف، فإنه يلزمه أن يجعل بيته مضيفاً للجميع، مأوى للكل، فليقتسم البؤساء والغرباء مائدتك لأن المسيح معهم.

كما يجب أن يكون صالحاً للتعليم كفؤاً للخدمة، غير خرّاب كسيده، وأن يكون حليماً وغير مخاصم، لأن الخصام فضلاً عن كونه من أعمال الجسد، فهو معيب بالمؤمنين، فكم بالرعاة فيجب ألا يخاصم، بل يكون مترفقاً بالجميع صالحاً للتعليم، مؤدباً بالوداعة المقاومين، كما يجب أن تكون له شهادة حسنة من الجميع، وأن يكون محباً للخير، باراً، ورعاً، ضابطاً نفسه، فيلجم لسانه عن التكلم بالشر، ويحفظ يديه عن أن تمتدا إلى الإثم.

كما يجب أن يكون ملازماً للكلمة الصادقة، مدبراً بيته تدبيراً حسناً، كما يجب أن يكون غير غضوب لأن الرجل الغضوب يهيج الخصام، والرجل السخوط كثير المعاصى، وغضب الإنسان لا يضع بر الله.

ولا شك أن الرعاة طغمة كنائسية أسسها الله لإهداء الناس إلى الخلاص بالتعليم والخدمة الإلهية، لذلك كان من أهم ما يجب على الأسقف أن يأتيه ليخلص نفسه، ويكون عمله مقبولاً لدى الله ونافعاً لمجده وخير شعبه، أن يكون قدوة للرعية فى الكلام، فى التصرف، فى المحبة، فى القداسة، فى الوداعة، ولا يكون عثرة فى شىء لئلا تلام الخدمة، بل يجب أن يظهر فى كل شىء كخادم الله، مطهراً نفسه فى كل شىء مثالاً للأعمال الصالحة، ومقدماً نقاوة ووقاراً وإخلاصاً وكلاماً صحيحاً.

 

المحبة

والكنيسة ملزمة أن تتحقق من توافر أهلية الراعى، فإذا ما تم شرطنته، ونال عمة الكهنوت، فهو ملزم بأن يخدم المذبح والذبيحة دون سواها، وأن يعامل القمامصة والقسوس بحب ووقار، وأن يجعل بيته مضيفاً للجميع، وأن يكون حليماً، وحلمه يكون معروفاً عن جميع الناس كسيده ومعلمه الإلهى، باراً وورعاً مزداناً بالفضائل، محباً للخير، ضابطاً نفسه ساداً أذنيه من سمع الكلمات الرديئة، ملجماً لسانه عن التكلم بالشر، ويحفظ يديه عن أن تمتدا إلى الإثم.

وواجب الكنيسة هى أن تتحقق داخلها الصورة الحقيقية التى أرادها الله أن تكون عليه، فالكنيسة هى جسد المسيح، ونحن أعضاء هذا الجسد بالمحبة، والصورة الكاملة للكنيسة كما أرادها الله هى أن يكون الجميع واحداً بالمحبة، مع بعضهم البعض، ومع الأب بابنه.

فالكنيسة ليست هى المبانى التى يجتمع فيها المؤمنون بيسوع، وقيامته لينمو اتحادهم به، لكنها هى المؤمنون أنفسهم أعضاء جسده السرى المتحدين به كرأس هذا الجسد، وببعضهم البعض بالمحبة من قلب طاهر بشدة.

والعضوية فى الكنيسة هى عضوية فى جسد ابن الله، فنحن أعضاء جسمه، لحم من لحمه، وعظم من عظامه، ومن ثم فإن العضوية فى جسد ابن الله الوحيد تعنى الاشتراك فى هذه البنوية للأب، أى أنها ليست بنوة شكلية أو شرفية، لكنها تبنٍّ حقيقى بسبب الاتحاد بالابن الوحيد، الذى لا يستحى أن يدعونا أخوه قائلاً: أخبر باسمك إخوتى فى وسط الكنيسة أسبحك، صائراً هو بكرابين أخوة كثيرين، فانظروا أية محبة أعطانا الأب حتى ندعى أولاد الله؟!

هؤلاء الأبناء لابد أن يكونوا واحداً فى الابن بالمحبة، فالمحبة هى العلامة المميزة لتلاميذ الرب، بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضكم لبعض، وهى أيضاً السمة الفعلية لكل من ولد من الله، لأن من يحب، فقد ولد من الله، ويعرف الله، ومن لا يحب لم يعرف الله، لأن الله محبة، من يحب فقد دخل دائرة الحياة الإلهية، فنحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الأخوة، وأما من يبغض أخاه فهو من الظلمة، وفى الظلمة يسلك، ولا يعلم إلى أين يمضى، لأن الظلمة قد أعمت عينيه.

بهذه الشركة، شركة المحبة، يجتمع المؤمنون حول الابن المذبوح بالمحبة لأجل حياتهم ليعمقوا ويتموا اتحادهم به يوماً فيوماً فى الأفخار شيئاً، فيحيون إلى الأبد.

هذه الممارسة العملية للبنوة، والشركة ليست عملية ميكانيكية تتم بمجرد التناول الفمى للجسد المكسور على المذبح، ولكن بالثبوت فيه بالمحبة، اثبتوا فىّ وأنا فيكم.. اثبتوا فى محبتى.. إن حفظتم وصاياه تثبتون فى محبتى.. وهذه وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضاً، كما أحببتكم أنا.

المحبة إذن هى المؤهل العملى للثبوت فى الجسد المكسور والاتحاد به، وتحقيق العضوية فيه التى بدونها يستحيل أن يكون هناك كنيسة بالمعنى الحقيقى، ذلك لأن من يفقد المحبة يعلق عضويته فى الجسد، ويحتاج أن يجددها بالتوبة.

من يفقد المحبة يسلك فى الظلمة، وهو يخطئ محكوماً عليه من نفسه، يقطع نفسه من الشركة، إنه يخطئ إلى نفسه لأنه يقتل ويحرمها الحياة «من يبغض أخاه فهو قاتل نفس»، ويخطئ إلى الجسد والرأس لأنه يهين المحبة ويحتقرها، ويصبح محتاجاً أن تسامحه الكنيسة، وتغفر له خطيئته، وتحاكمه، وتضمه إلى شركتها من جديد بالتوبة، إذ يأتى مقراً أمامها، ومعترفاً بخطاياه تائباً وراجعاً ونادماً.

لذلك ليس عبثاً فى طقس القداس، أن يصدح الشماس فى بدايته: صلوا من أجل السلام، والمحبة والقبلية الطاهرة الرسولية، ثم قبلوا بعضكم بعضاً بقبلة مقدسة، فالمحبة والقبلة المقدسة كتعبير عنها هى جواز المرور للتقدم إلى هذا الرسم.

إذن، فمن بين المئات التى تزدحم حول المائدة الإلهية، لا يتحد بهذا الحمل المذبوح إلا قلة الأعضاء الحقيقيين فى الجسد، سواء الذى لم يخنقوا شركتهم بالخطيئة والبغضاء، أو الذى جددوها بالتوبة والاعتراف بخطيئتهم، هؤلاء هم الذين يشكون الجسد الحقيقى ليسوع المسيح، الذين لن يشفع لواحد فيهم وظيفته أو دوره الأدبى أو الدينى أو أى شىء آخر أيا كان بدون المحبة، وطهارة القلب.

فالمحبة هى ثمرة الحياة الجديدة، الحياة الإلهية، التى حصلنا عليها بغسل الميلاد الثانى، وتجديد الروح القدس، والروح القدس هو تيار المحبة الذى سرى فى كياننا الجديد، لأن محبة الله، قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا.

وبديهى أنه لكى تكون هناك ثمة جريمة كنيسة تستوجب المؤاخذة، وتستأهل العقاب، يجب أن يرتكب رجل الكهنوت فعلاً أو أفعالاً، تعتبر إخلالاً بواجبات وظيفته، أن مقتضياتها، ومن ثم فإن إخلال الكاهن بواجبات وظيفته، أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، إنما يرتب ذنباً يسوغ تأديبه، أما النعوت العامة، والأقوال المرسلة، فإنها لا يمكن أن تقوم معها الجريمة الكنيسة.

والحكم الذى يصدر على الكاهن لارتكابه ذنباً معيناً، يجب أن يبنى على الجزم واليقين، لا على الظن والاحتمال، فالحكم الصادر بالإدانة

يجب أن يبنى على حجج قطعية الثبوت، تفيد الجزم واليقين، لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً، دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفى أن يكون استخلاصها عن طريق الاستنتاج مما يتكشف فى الظروف والقوانين وترتيب النتائج على المقدمات.

ويجب أن تكون الأدلة متساندة يكمل بعضها البعض الآخر، ومن حق من يحبهم أن يختار من كل طرق الإثبات ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة، وهو ملزم أن يزن أقوال الشهود، فيأخذ منها ما يطمئن إليه ويطرح ما لا يطمئن إليه منها، أما إذا كانت المسألة المطروح من المسائل العقائدية البحتة، فإن دارس العقيدة وحدهم هم الذين يملكون إبداء الرأى فيما هو منسوب إلى الكاهن، فإذا كانت الواقعة غير ثابتة، فإن من يملك الحكم ملزم فى هذه الحالة أن يقضى ببداءة الكاهن مما أسند إليه.

والأب مكارى يونان واعظ شهير، ومؤلف له عدة كتب، وله العديد من الترانيم، واشتهر عنه مقدرته فى إخراج الشياطين، وعلاج المرضى، وشعبيته كبيرة فى الكنيسة القبطية ومن يحضرون عظاته، يتخطى عدد الحضور فى العظات سواء التى كان يلقيها البابا شنودة الثالث، أو البابا تواضروس الثانى نفسه.

وفى مقابل ذلك، واجه الأب مكارى يونان اتهامات عديدة، سواء بالهرطقة، أو بالخروج على الإيمان أو هجرة المذهب الأرثوذكسى، وانضمامه إلى الكنيسة الخمسينية، وأول من اتهم القس مكارى يونان هو الأنبا بيشوى مطران دمياط فذكر فى تسجيل له تبعية القس مكارى للمذهب الخمسينى، وأن هذه التبعية كانت السبب الرئيسى فى إبعاد الأنبا ميخائيل له من الخدمة فى أسيوط.

وأتذكر أن فى أحد اجتماعات الأب مكارى بالكنيسة المرقسية أنه استهل قداسته اجتماعه بصلاة انسحاق، وحين سُئل: ليه يا أبونا مشيت من أسيوط، هل قالوا عليك أنك خمسينى، فرد أنا مش هدافع عن نفسى، لكن هفضح الشيطان وأعوانه، واستدعى سيدة من الحضور من شعب أسيوط، وقال وهى واقفة أمامه: مرة بعثوا شخص حى يرزق عشان يجيب شهادة من الأنبا ميخائيل بأسباب إبعادى عن أسيوط، فذهب هذا الشخص إلى الأنبا ميخائيل يسأله فقالت: لما بعت الأنبا بيشوى، وهنا قاطعها أبونا مكارى، وقال: مش عايزين نذكر أسماء، فقالت إن نيافة الأنبا ميخائيل قال للشخص المرسل من الكنيسة أبونا مكارى، كاهن أرثوذكس صميم، كاهن طقس، مرنم معزى، واعظ قدير، لكنه ينقصه ضبط النفس.

وبذلك يكون الأنبا ميخائيل وكان فى ذلك الوقت أكبر المطارنة، وشيخ الأرثوذكسية، والمدافع عنها، قد أبرأ ساحة الأب مكارى من كل ما نسب إليه، وأضحى ما قاله الأنبا بيشوى مجرد أقوال مرسلة لم تتأيد بأى دليل.

وتحكى لنا مجلة «روزاليوسف» الصادرة فى 7-10-2009 أن الأنبا بيشوى أعلن خلال مؤتمر تثبيت العقيدة وجود غزو إنجيلى للكنيسة الأرثوذكسية، لكن فى الحوار الذى أجراه قداسة البابا شنودة مع جابر القرموطى أكد أنه لا يوجد ما يسمى بالغزو، وأن من يقول ذلك شخص متوهم، وأن ما صرح به الأنبا بيشوى من أن الكنيسة المرقصية التى يرأسها الأب مكارى يونان باتت وكراً للغزو الإنجيلى أمر نفاه أيضاً البابا شنودة فى اجتماع لجنة البر، وأكد أنه يشاهد اجتماعات الأب مكارى يونان وأنه يتكلم كلاماً جيداً، وليس فى كلامه أى خروج عن العقيدة، وأنه طلب من الأنبا مكسيموس الاتصال بالقس مكارى وإبلاغه بذلك، فلما فشل فى الاتصال بالأخير ترك له رسالة بمضمون ما حدث.

ويبدو أن الأب مكارى يونان يضطهد من بين بعض الأساقفة أيضاً، فقد وُجهت إليه دعوة لتكريمه فى الجامعة الكورية فى ولاية كاليفورنيا، وفى أثناء تواجده فى نيوجيرسى وقبل سفره الى كاليفورنيا أبلغه واحد من تلاميذه أن الأنبا سيرابيون مطران لوس أنجلوس أصدر بياناً ذكر فيه أنه علم بإعلان يتم توزيعه فى فناء الكنائس من أفراد غير معروفين يحمل عنوان فرصة روحية مع الأب مكارى يونان يعلن عن اجتماعات له تنظمها هيئة غير أرثوذكسية وأنه لما تواصل مع الباب تواضروس أبلغه بأنه سيقوم بفحص الموضوع، وبسؤال للأنبا روفائيل أجابه بأنه هذا القس لا يتكلم معه ومقاطعه ولا يعرف عنه شيئاً!

وأضاف البيان أن إبراشية لوس انجلوس لم توجه له أى دعوة، ولم يصل للإبراشية أى شىء بخصوص حفل التكريم الذى يعد له، وأن هذه الاجتماعات خارجة عن النظام الكنسى، وتنظمها هيئات من خارج الكنيسة وأنه اذا كان الأب مكارى يونان ما زال يعتبر نفسه كاهناً بالكنيسة الأرثوذكسية، فإنه بتصرفاته يكون قد خالف القوانين الكنسية التى تمنع الكاهن من ترك مكان خدمته إلا بإذن أسقفه، كما خالف قرارات المجمع المقدس التى تمنع ذهاب الكهنة إلى أية مؤتمرات إلا بإذن من البابا، وأبدى مطران لوس انجلوس حزنه أن يرى هذا التحول الواضح فى خدمة الاب مكارى يونان من جهة سلامة التعليم، وأضاف أنه واثق أن إلهنا الصالح سيحفظ كنيسته من كل عثرة وتشويش، كما أنه واثق فى وعى شعبه فى رفضه لكل المحاولات المخادعة لإحداث انقسام وتشويش داخل الكنيسة.

ولا شك أن مطران لوس أنجلوس ليس له من السلطات أن يمنع أى كاهن من زيارة أمريكا، وأن إقامة حفل تكريم للأب مكارى يونان لا يحتاج الموافقة مطران لوس إنجلوس، وأن اتهام الأب مكارى يونان بأن هذا الحفل تنظمه هيئات خارج الكنيسة أمر لم يقدم مطران لوس أنجلوس أى دليل عليه، كما أنه ليس من حق الأخير أن يتهم الأب مكارى يونان بأنه يحدث عثرة وتشويش داخل الكنيسة، وينبه شعبه إلى رفض أية محاولات مخادعة الغرض منها انقسام وتشويش داخل الكنيسة، كما أنه ليس من سلطاته أن يعيب على فترات القس مكارى يونان ومخالفتها للقوانين الكنسية وقرارات المجمع المقدس، لأنه بذلك يكون قد سلب اختصاصات البابا، واغتصب اختصاصات السلطة القضائية الكنسية وهو أمر معيب لا تقره الشرائح المسيحية، ويكشف بجد عن إساءة بالغة لرجال الكهنوت، وتحدى لهم، مما يدل على انعدام المحبة، والذى يفقد المحبة يسلك فى الظلمة، ومن يبغض أخاه فهو قاتل نفسه، فهو محتاج أن تسامحه الكنيسة، وأن تغفر له خطيئته فالعشرات الذين تزدحم حول المادة الإلهية لا يتحدون بهذا الحمل المذبوح إلا قلة منهم، أما الباقون الذين يعيشون فى غير محبة وفى بغض، فلن يشفع لواحد فيهم وظيفته أو كرسيه، فلماذا صمموا على اتهام الأب مكارى يونان بالخروج على الارثوذكسية تارة، وبالهرطقة تارة أخرى، وبإحداث انقسام داخل الكنيسة ومخالفة تعاليمه لتعاليم الآباء.

ألا يكفى ما شهد به البابا شنودة نفسه، إن الرجل يتكلم كلاماً جيداً، وأنه ليس فى كلامه أى خروج على العقيدة، صحيح أن الكنيسة كبناء إيمانى طقس منظم، كله جميل، كله مكتمل كما واضع النظام نفسه لكن: لهفى على أناس يشوهون معموديتها المقدسة بضياع المحبة من حياتهم، لهفى على رعاة يقفون أمام مذبح الحب موضوعاً عليه ذبيح المحبة وقلوبهم مقبحة بالبغض والتخرب والصراع الذاتى بعضهم لبعض، لهفى على عظات ميتة لا تحرك ساكناً تلقى من على منابرها لأنها منطوقة من أناس لا حياة فيهم، لهفى على خدام تاركين عمل الصلاة وسهر الركب الساجدة ليحيوا فى اصطناع المكائد وفى إحداث البغض، وفى التحريض، ويحيوا فى دوامة الشقاق والتحزب والتحدى، هل من فاهم طالب الله، هل من يقوم ليبنى أسوار أورشليم ولا تكون بعد عاراً!!

هل من حقى أن أتساءل: لماذا يغضب الأساقفة إذا كان لأحد كهنتهم شعبية فائقة، لماذا يشعرون بالضيق إذا تلقى أحد كهنتهم إطراء أو مديحاً، أو إذا كان هذا الكاهن نشيطاً ناجحاً فى خدمته ويحظى بمحبة شعبه، صدقونى: إن الغيرة تؤذى الخدمة، وتثير الشقاق، فارحمونا يرحمكم الله.