رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لواء. أ. ح. متقاعد/ حسام سويلم يكتب: الرد على ازدراء الوطنية

بوابة الوفد الإلكترونية

 

جذور ازدراء الوطنية فى الفكر الإخوانى:

يمثل ازدراء الوطنية ومحاربة الانتماء إلى مصر أساسا فكرياً لدى الإخوان المسلمين منذ نشأة هذه الجماعة.. ولذلك حفلت مواقف وأقوال وتصريحات معظم قادة الإخوان بالعداء للوطنية ومحاربة الانتماء إلى مصر بمجرد تولى الإخوان للحكم فى مصر وما تبعها من أحداث حتى اليوم.. وليست هذه المواقف والتصريحات زلة لسان أو انفعال غير مقصود.. وانما تصدر كلها عن فكر متأصل يدعو اليه قادة الإخوان منذ إنشاء هذه الجماعة فى مصر ونشأ عليه كل المنتمين إلى هذا الفكر الخارج عن القرآن والسنة الشريفة.. ومن ثم فإن دعوة أحد قادتهم وهو «صفوت حجازى» فى اعتصام رابعة العدوية إلى «ادخال مصر فى دائرة إمارات إسلامية عاصمتها القدس وليس القاهرة» لا تختلف عن قول المرشد الحالى للإخوان المسلمين محمد بديع لزعيم حركة حماس إسماعيل هنية: «كنت أود أن أراك رئيساً لوزراء مصر».. وما وعد به الفلسطينيين فى حركة حماس بأن يعطيهم أولوية التوطين فى أرض سيناء وأن يمنح خمسين ألفا منهم الجنسية المصرية.. كما لا يختلف عن موافقة محمد مرسى على زيادة عدد أنفاق التهريب عبر الحدود مع غزة عن ستمائة نفق إلى ألفى نفق ومنع قوات الجيش من هدمها.. بل وموافقته على إقامة منطقة حرة على الحدود مع غزة ليكون التهريب مفتوحاً فوق الأرض وتحت الأرض فى أن واحد ومبرراً ذلك بقوله عن حلفائه فى حركة حماس «هم منا ونحن منهم»!! وبنفس هذا المفهوم الخيانى، لم يجد محمد مرسى غضاضة فى ضم حلايب وشلاتين إلى السودان تحت زعم «هم منا ونحن منهم» وكذلك السماح لقطر بإدارة محور قناة السويس بنفس الزعم «هم منا ونحن منهم»!!.. ولقد لخص المرشد السابق للإخوان المسلمين مهدى عاكف مواقف الإخوان المسلمين من مصر فى عبارته الشهيرة «طظ فى مصر واللى جابوا مصر.. أنا أقبل برئيس من ماليزيا»!!.. إذ أن ذلك كله هو تعبير عن أساس عقائدى للإخوان المسلمين يسعى إلى تخريب المجتمعات الإسلامية وهدم كياناتها بزعم أن الولاء لا يكون للوطن ولا للأهل ولا للأرض وانما يكون للعقيدة فقط.. وأن الولاء للعقيدة يتمثل فى الولاء والطاعة للمرشد والجماعة.

 

ازدراء الوطنية لدى الإخوان:

ـ يتضمن ازدراء الوطنية فى دعوة الإخوان المسلمين فى الجوانب الآتية:

أـ التحقير من شأن الوطن والانتماء لمصر:

ـ يحفل كتاب سيد قطب «فى ظلال القرآن» بالدعوة إلى قتل الولاء والانتماء للوطن.. ولم يقدم سيد قطب دليلاً واحداً على صحة هذه الدعاوى والمزاعم.. وانما اكتفى بتقديم أقواله الهدامة ومزاعمه الباطلة فى صورة نظريات وادعاءات مجردة من السند أو الدليل: فيقول فى صفحة 105 «ان الوطن ليس أكثر من قطعة طين»!!.. ويحقر من شأن جنسية البلد التى يحملها الانسان فيصفها بأنها «نتن عصبية النسب».. ويفرق بين انتماء المسلم لدينه وانتمائه لوطنه ويزعم باستحالة الجمع بينهما فى قلب المسلم.. ويصف الوطن والقوم والأهل بأنهم «مجرد كلأ ومرعى وقطيع وسياج».. ومن ثم فإنه يشبه من يشعر بالانتماء للوطن والأرض والأهل بأنه أشبه فى نظره «بالبهائم»!!..

ـ ومن الجدير بالذكر أن الكثيرين من الإخوان المسلمين يتناقلون هذه المزاعم المجردة من السند أو الدليل لسيد قطب دون تدبر أو تعقل.. ويوضح هذه الحقيقة الكاتب الدكتور ثروت الخرباوى المنشق عن هذه الجماعة فى قوله «ان إلههم هو المرشد.. وان قرآنهم هو معالم فى الطريق».. ولعل ذلك يتبين فى اعتراف قيادى منشق آخر عن الإخوان فى احدى الفضائيات بأنه قد انضم فى سن الخامسة عشرة عاماً إلى الجماعة وتم تلقينه أن الأرض المصرية ليست سوى مساحات من الطين والرمل وأن حب هذا البلد كوطن هو نوع من الكفر لأن الطين والرمل تصنع منها التماثيل وهى أوثان.. ومن ثم فإن الوطنية والحب والعشق لهذه الأرض هى نوع من الكفر!!.. وقد اعترف أنه لم يكتشف زيف هذه المقولات الا بعد أن بلغ عمره الثلاثين عاماً حيث أدرك أن مصر ليست الأرض فقط ولكنها الوطن الذى يضم البشر والطين الحيوان والنبات والنيل والتاريخ والحضارة معاً.

 

ب- رفض الدفاع عن الوطن فى مواجهة الأعداء:

يحض سيد قطب فى كتابه «فى ظلال القرآن» صفحة 707 أتباعه من الإخوان المسلمين على عدم القتال دفاعاً عن الأوطان فيقول «إن المسلم لا يقاتل لمجد شخص ولا لمجد بيت ولا لمجد دولة ولا لمجد أمة ولا لمجد جنس وإنما يقاتل فى سبيل الله»!!.. وقد أكد شكرى مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة- والذى كان عضواً نشطاً فى جماعة الإخوان المسلمين وسجن معهم لعدة سنوات قبل تكوينه لجماعته المستقلة- أنه لا يجوز للمسلمين محاربة اليهود اليوم، وأن الحرب الجارية الآن بين العرب واليهود ليست حرباً إسلامية، حيث جاء فى أقواله أمام المحكمة العسكرية عام 1977 فى صفحة 1535 بالحرف الواحد: «إن قتال اليهود مع العرب لا يمكن بحال أن يسمى قتالاً إسلامياً».. وقال فى صفحة 1540 «إن اليهود إذا دخلوا إلى مصر فإنه هو وأتباعه: «لن يقاتلوا فى صفوف الجيش المصري» وبرر ذلك بقوله: «إن العدو الوافد هو تماماً كالعدو المحلي»..

أما الشيخ يوسف القرضاوى فقد دعا شباب الإخوان المسلمين إلى استغلال فترة التجنيد الإجبارى بالجيش المصرى فى اكتساب مهارات التدريب العسكرى من جهة. وفى العمل على نشر فكر الإخوان المسلمين بين الجنود والضباط من جهة أخري.. وقد ورد ذلك بشكل صريح ومباشر فى كتابه «الحل الإسلامى فريضة وضرورة» عام 1992 والذى قال فيه بالحرف الواحد فى صفحة 166 «إن التدريب العسكرى مطلوب لعضو الحركة الإسلامية ويمكن أن يتم خلال التجنيد الإجبارى دون التعرض لمخالفة القانون».. ودعا فى صفحة 172 شباب الإخوان المسلمين الذين يقضون فترة التدرى بالإجبارى إلي: «نشر الفكر الإسلامى بين ضباط الجيش وجنوده وكسبهم إلى جانب الاتجاه الإسلامى بتقديم الكتب والرسائل والمجلات لهم ودعوتهم فى المساجد والخطب»!!

 

ج- الدعوة إلى تقويض المجتمع المصرى وتخريبه:

يدعو سيد قطب جماعة الإخوان المسلمين فى كتابه «معالم فى الطريق» إلى الخروج عن الولاء، الطاعة للسلطات والحكومات القائمة فى أى وقت.. وأن يقتصر ولاؤهم وطاعتهم على الجماعة وحدها.. حتى يصل الإخوان المسلمون إلى الحكم فيتحقق بذلك- على زعمهم- «حكم الله» المنشود!

ويتبين بوضوح لكل قارئ متدبر أن كل مزاعم سيد قطب ودعاواه الباطلة هى مجرد عبارات مرسلة بلا سند شرعى من القرآن أو الحديث الشريف.. كما أنها كلها تتعارض تعارضاً كاملاً مع القرآن والسنة.. ففى صفحة 56 يدعو سيد قطب الإخوان المسلمين إلى التجمع تحت قيادة مستقلة عن قيادة المجتمع الجاهلى، ويقول بالحرف الواحد «لابد أن يخلع كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله ولاءه من التجمع الحركى الجاهلى الذى جاء منه ومن قيادة ذلك التجمع سياسية واقتصادية واجتماعية وأن يحصر ولاءه فى التجمع الحركى الإسلامي».. ويدعو صراحة إلى عدم مشاركة المسلم فى أى نشاط مفيد أو مثمر فى هذا المجتمع أو إمداده بالخبرة أو النشاط أو الكفاءات.. ويحذر الإخوان المسلمين من كل عمل من شأنه أن يؤدى إلى تقوية المجتمع أو أن «يظلوا خلايا حية فى كيان المجتمع الجاهلى تمده بعناصر البقاء والاستمرار أو أن يعطوه كفاءاتهم وخبراتهم ونشاطهم ليحيا بها ويقوى».. ويحدد سيد قطب الهدف النهائى لعدوة الإخوان المسلمين بأنه تقويض المجتمع وإزالة الأنظمة والحكومات القائمة.. فيقول فى صفحة «إن الإسلام ليس مجرد عقيدة.. فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الأنظمة والحكومات التى تقوم على أسس حاكمية البشر للبشر».. ويزعم سيد قطب أن إزاحة الحكومات القائمة والاستيلاء على الحكم هو جهاد فى سبيل الله فيقول فى صفحة 64 «إن الحركة الإسلامية يجب بالقوة والجهاد أن تزيل الأنظمة والسلطات القائمة.. أن الانطلاق بالمذهب الإلهى تقوم فى وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة ونظام المجتمع وأوضاع البيئة.. وهذه كلها هى التى ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة»!!

 

محاربة الانتماء لمصر وجيشها خيانة:

لقد قامت دعوة الإخوان المسلمين منذ حسن البنا وحتى اليوم على خيانة الوطن وخيانة مصر بمحاربة الانتماء لها والزعم بالتعارض بين الولاء للوطن والولاء للعقيدة.. ولعل هذا يظهر واضحاً فيما أوردناه من أمثلة على ألسنة دعاة الإخوان المسلمين الذين يدعون صراحة إلى عدم المشاركة بأى شكل فى تقوية ومساندة جيش مصر والمقاتلة فى صفوفه.. ومحاولة استغلال فترة التجنيد الإجبارى فى تعلم واكتساب مهارات القتال والتدريب العسكرى للمجندين من الإخوان المسلمين لاستغلالها فى محاربة الجيش والشرطة والمجتمع الإسلامى فى مصر عندما يحين وقت المواجهة وكذلك استغلال التجنيد الاجبارى لشباب الإخوان المسلمين فى نشر الفكر المتطرف بين الجنود والضباط.. وليست هذه المواقف والأقوال إلا تطبيقاً لفكر جماعة المسلمين منذ نشأتها والذى قام على خيانة الوطن وخيانة الدين.. وبعد إسقاط الشعب المصرى لحكم الإخوان المسلمين فى مصر فى 30 يونيه 2013 شهد المصريون الكثير من صور الخيانة الصريحة لزعماء الإخوان المسلمين فقد طالب بعضهم علناً بالتدخل الأمريكى والأوروبى وإرسال القوات الأجنبية إلى مصر لإسقاط النظام الجديد بها وإعادة الإخوان المسلمين إلى الحكم!!.. وسمع المصريون والعالم فى اعتصام رابعة بعض الخونة من الإخوان يبشرون كذباً من فوق المنصة بنزول «سبعة آلاف من المارينز الأمريكيين فى السويس» وسط التهليل والتكبير من باقى الإخوان المجتمعين فى ذلك الاعتصام ليكون ثمن عودة الإخوان إلى الحكم فى مصر هو خيانتهم وبيعهم لوطنهم وبلادهم إلى أعداء الإسلام.. كما طالب الشيخ يوسف القرضاوى علناً فوق منبر مسجد عمر بن الخطاب فى الدوحة بالتدخل الأجنبى ضد مصر!..

ولم تكن هذه المواقف الصريحة تختلف عن مواقف الخيانة التى اتخذها زعماء الإخوان المسلمين أثناء توليهم مقاليد الحكم فى مصر.. فلقد أعلنوا- كما ذكرنا فى حلقات سابقة- عن استعدادهم للتفريط فى حلايب وشلاتين فى جنوب مصر والتنازل عنها.. واستعدادهم للتنازل عن 750 كيلو متراً من شمال سيناء لمنحها إلى جماعة حماس فى غزة.. وكانوا يعدون العدة لتسليم مفاتيح التنمية والاستثمار فى منطقة القناة إلى قطر.. كما تنازلوا سراً لإسرائيل عن حقوق الغاز الكبرى التى تم اكتشافها فى المياه المصرية فى البحر المتوسط!.. ويكفى أن نتوقف أمام ما قاله أحد قادة الإخوان المسلمين «وهو محمد عبدالمقصود عضو مكتب الإرشاد» أثناء احتفالات نصر أكتوبر عام 2012 والذى أعلن «نهاية زمن مصر للمصريين»!.. وهذا الشعار هو الذى أطلقه طلعت حرب أثناء الاحتلال الإنجليزى من أجل استعادة ثروات الشعب المصرى التى استولى عليها الإنجليز.. ثم جاء الإخوان المسلمون ليحاولوا القضاء على هذه الروح الوطنية العظيمة ويجعلوا مصر وثرواتها نهباً للغرباء تحت الزعم بأنه «لا وطن فى الإسلام» ولتصبح ثروات مصر ملكاً لأى إخوانى من قطر أو غزة أو تركيا أو السودان أو ماليزيا أو غيرها.. كما كشف الإخوان المسلمون عن خيانتهم لدينهم ولمصر وجيشها أثناء احتفالات النصر فى يوم 6 أكتوبر فى العام التالى عام 2013 فى أعقاب سقوط حكم الإخوان وأظهروا ما تحمله قلوبهم من الحقد والكراهية للجيش والخيانة لمصر.. ففى هذا اليوم

الذى اجتمعت فيه قلوب أهل مصر على الاعتزاز بجيشهم وانتصاره التاريخى العظيم على اليهود فى سيناء راح الإخوان فى هذا اليوم يحطمون كل شيء يقع تحت ايديهم ويخربون المنشآت العامة والخاصة ويحاولون تفجير محطات المترو، ويطلقون النار عشوائياً على الجيش والشرطة وعلى المواطنين الأبرياء الذين اجتمعوا فى الميادين العامة للاحتفال بانتصار جيشهم العظيم.. وكانت النتيجة هى سقوط أكثر من خمسين قتيلاً وأكثر من ثلاثمائة مصاب فى هذا اليوم الذى لم يستطع فيه الإخوان المسلمون أن يخفوا حقدهم وكراهيتهم لمصر وجيشها وانتصاراتها.

لماذا تظهر هذه الفتن فى أوقات الحروب مع الأعداء؟

ـ لابد أن ننتبه إلى الاجابة عن سؤال هام.. وهو: لماذا تظهر هذه الفتن التى تستهدف إضعاف الأمة وتفريقها وبث الوهن بين أبنائها فى أوقاف الخطر والأوقات الحرجة التى يكون الوطن فيها معرضاً لهجمات الأعداء وأخطارهم؟.. والاجابة أن هذا التوقيت لا يأتى مصادفة.. لأن الذين يحركون هؤلاء الخونة هم الأعداء الذين يحاربون المسلمين ويمثلون أشد صور الخطر على الإسلام وأرضه وثرواته ومقدساته.. وهم يستخدمون الخوارج الذين يرفعون شعارات الإسلام من أجل تفتيت بلاد المسلمين وإضعاف جيوشهم وبث الوهن بينهم.. ولا يختلف ما يحدث اليوم على أرض مصر والبلاد

العربية المجاورة لها عما حدث من قبل فى أثناء تعرض مصر والدول العربية لهجمات الصليبيين والتتار.. ففى هذه الأوقات الحرجة التى كان فيها مصير مصر والبلاد العربية معرضاً للخطر الشديد ظهر ابن تيمية وقام هو واتباعه فى مصر والشام بإثارة فتن التكفير والعنف والتقاتل بين المسلمين.. وكان هدف ابن تيمية واتباعه من ذلك هو إلهاء المسلمين وإضعافهم وإشغالهم بالفتن الداخلية عن المواجهة والاستعداد لأعدائهم وحماية بلادهم ومقدساتهم.. ومن الجدير بالذكر أن المزاعم والأباطيل التى تتردد اليوم على ألسنة الخوارج الجدد من الإخوان المسلمين هى ذاتها نفس الدعاوى والأباطيل التى رددها من قبل ابن تيمية واتباعه لتفريق الأمة وبث الفتن والتقاتل بين أبنائها من أجل إلهاء أهل مصر وجيشها عن دورهم فى حماية البلاد والمقدسات.. وكما فشل أعداء الإسلام وأتباعهم فى وقت الصليبيين والتتار فى إسقاط مصر وجيشها فإنهم سوف يفشلون أيضاً باذن الله فى كل مخططاتهم اليوم.. وستبقى مصر هى الحامية لدين الله المدافعة عن مقدساته، لأن دور مصر فى حماية الإسلام ومقدساته هو قدر إلهى مقدور كما يبين الحديث الشريف «مصر كنانة الله فى أرضه» وكما يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل مصر «إن فيهم خير أجناد الأرض وأنهم لفى رباط إلى يوم القيامة..

 

مزاعم التعارض بين الولاء للوطن والعقيدة:

إن الأقوال والمزاعم التى أطلقها الإخوان المسلمون عن التعارض المزعوم بين الولاء للوطن والعقيدة ليست سوى عبارات مرسلة لا تستند إلى أى دليل شرعى على الإطلاق.. وهى تتعارض تعارضاً مطلقاً مع القرآن والسنة.. فالحديث الشريف يقول «من مات دون أرضه فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد.. ويكفى فى هذا الصدد أن نتذكر قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة «والله إنك لأحب بلاد بلاد الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت» حيث يؤكد حضرته حبه لمكة التى عاش فيها وتعلقه بها.. ولعل ذلك الحديث الشريف المعروف يكفى لإسقاط كل المزاعم التى يروج لها الإخوان المسلمون عن التعارض بين حب الأرض التى نشأ عليها المسلم والوطن الذى ينتمى اليه مع إيمانه وانتمائه لعقيدته..

ومن الحقائق التى لا خلاف عليها بين الفقهاء أن مقاصد الشريعة الاإسلامية خمسة مقاصد وهى حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال.. وهذه المقاصد ترتبط بالأرض التى يعيش عليها المسلم.. فالمال الذى يكتسبه الإنسان وينفقه يرتبط بالأرض التى يعيش عليها.. والنسل كذلك يرتبط بالأرض التى يولد فيها الإنسان ويعيش فوقها.. ومن ثم فإنه يكون من البديهى أن مقاصد الشريعة لا يمكن أن تتعارض مع أن يكون لكل انسان أرض ووطن يعيش عليها ويرتبط بها ويدافع عن حقوقه وحرماته فيها.

 

تقسيم البلاد إلى دار حرب ودار إسلام:

من الأباطيل التى روج لها الإخوان المسلمون والتى ترتبط بدعوتهم إلى ازدراء الوطنية ومحاربة الانتماء للوطن ذلك الزعم بأن البلاد تنقسم إلى دار حرب ودار إسلام.. وهو زعم ليس له أى أساس من القرآن أو السنة.. وقد عرف سيد قطب فى كتابه «معالم فى الطريق» فى صفحة 149 دار الإسلام بأنها البلد الذى يطبق الشريعة الإسلامية طبقا للمفهوم الخاطئ الذى يدعو له الإخوان المسلمون، وأن دار الحرب هى كل البلاد الأخرى التى لا تطبق ما تدعو إليه جماعتهم.. ثم تتبين خطورة هذا التقسيم حين يقول سيد قطب أن علاقة المسلم بدار الحرب «إما القتال وإما المهادنة على عهد أمان.. ولا ولاء بين أهلها وبين المسلم».. ويحكم سيد قطب على المسلمين فى دار الحرب المزعومة بأنهم «حلال الدم والمال» فيقول فى صفحة 157 «إن المسلم يحارب فى دار الحرب ولو كان فيه مولده وفيها قرابته من النسب والصهر وفيها أمواله ومنافعه».. ويحكم سيد قطب بتكفير المسلمين جميعاً فى أى مجتمع إسلامى حتى لو كانوا يصلون ويصومون ويحجون البيت الحرام إذا كان حاكمهم لا يحكم بالقوانين التى يدعو إليها الإخوان المسلمون، فيقول سيد قطب فى صفحة 116 «ليس المجتمع الإسلامى هو الذى يضم ناساً ممن يسمون أنفسهم مسلمين، بينما شريعة الإسلام ليست هى قانون هذا المجتمع.. وإن صلى وصام وحج البيت الحرام»..

 

ويتبين بطلان هذه المزاعم بتقسيم البلاد إلى دار حرب ودار إسلام من الحقائق الآتية:

1ـ أن هذه المزاعم ليس لها أى أصل أو دليل فى القرآن أو السنة على وجه الإطلاق.. وهى لا تستهدف سوى تكفير المسلمين ومجتمعاتهم وتبرير استحلال دماء المسلمين وأموالهم وإثارة الفتن والصراعات فى المجتمعات الإسلامية، وخاصة فى الأوقات الصعبة التى تتعرض فيها الأمة للهجوم من جانب أعدائها... ولذلك فإن الترويج لاتهام المجتمعات الإسلامية بأنها دار حرب قد شاعت على يدى ابن تيمية فى وقت غزو الصليبيين والتتار للأمة الإسلامية. ثم أشاعها الإخوان المسلمون فى وقتنا الحاضر لإحداث الفتنة بين المسلمين وخاصة فى مصر وتفريقهم وإضعافهم وإلهائهم وشغلهم عن محاربة اليهود الذين يحتلون أقدس المقدسات الإسلامية.

2ـ أن هذه الأباطيل تتعارض تعارضاً كاملاً مع صريح آيات القرآن والأحاديث الشريفة.. فآيات القرآن لا تربط إيمان المسلم بإيمان غيره ولا بسلوك الحاكم ولا بالقوانين التى تطبق، فالمولى عز وجل يقول «ولا تزر وازرة وزر أخري» 164 الأنعام.. وانما يرتبط الإيمان أو الكفر بما فى قلب الإنسان وحده من معتقد فى أركان الإيمان.. ولا يضار المؤمن مطلقاً بضلال أى انسان آخر كائناً من كان مصداقاً لقوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم» 105 المائدة. كما لا يضار إيمان المسلم بالمكان الذى يعيش فيه حتى ولو كان يغلب على أهله الكفر أو الضلال.

3ـ أن اتهام المسلمين بالكفر حتى لو كانوا يصلون ويصومون ويحجون البيت الحرام بدعوى «أنهم فى دار الحرب لأن الحاكم لا يطبق الشريعة الإسلامية من وجهة نظر الإخوان المسلمين» هو إمعان فى الضلال ومخالفة الأحاديث الشريفة الكثيرة التى تحذر أشد التحذير من رمى الناس بالكفر مثل قوله صلى الله عليه وسلم «لايرمى رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه أن لم يكن صاحبه كذلك» وكذلك الحديث الشريف «إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما».

4 ـ من المفارقات التى تستحق التأمل أن الإخوان المسلمين لا يتورعون عن تكفير المسلمين الذين يعيشون فى مجتمعات إسلامية بدعوى أن حاكمهم لا يحكم بالشريعة الإسلامية كما تراها هذه الجماعة على حين يعيش الكثيرون من قادة الإخوان المسلمين لفترات طويلة فى بلدان أوروبا وأمريكا وغيرها، كما يستقر قادة تنظيمهم الدولى طوال العمر فى هذه البلدان دون أن يحكم أحد من الإخوان المسلمين على قادتهم هؤلاء بأنهم كافرون!!.. كما أنه من المفارقات التى تستحق التأمل أيضاً أنه فى الوقت الذى يدعو فيه الإخوان المسلمون الناس إلى خلع كل انتماء لهم لأوطانهم فى البلاد الإسلامية فإن اليهود فى نفس الوقت يجتمعون فى فلسطين بدعوى أنها «وطن قومى لليهود» ويحاولون تحويل بلاد المسلمين المغتصبة إلى وطن أبدى لهم!!

ويكفى لكشف حقيقة من يروجون لمزاعم ما يسمى بـ«دار الحرب» أن نورد الفتوى الشهيرة التى أفتى بها الشيخ الألبانى والتى يدعو فيها إلى هجرة المسلمين من الضفة الغربية فى فلسطين وتركها لليهود باعتبارها «داراً للحب» والهجرة منها إلى أى بلد إسلامى آخر.. وقد راجعه السائل- وهو مسلم من الضفة الغربية- قائلاً أن ذلك يؤدى إلى تمكين الأعداء من الأرض وهى أعظم خدمة يمكن أن تُقدم لليهود.. ولكن الشيخ الألبانى أصر على فتواه زاعماً أن هذا هو حكم الشرع وأنه واجب التطبيق على كل مسلم!! «راجع نص الفتوى ص 37 فى كتاب «فتاوى الشيخ الألبانى» تأليف الشيخ عكاشة عبدالمنان الطيبى ـ مكتبة التراث الإسلامى بعابدين عام 1994».. فهل يخفى على أحد بعد ذلك نوايا وأهداف الإخوان المسلمين وخيانتهم للإسلام ولله ورسوله فى دعوتهم الآثمة والمغرض إلى محاربة الانتماء للوطن والأرض والتى تستهدف إضعاف المسلمين وشق صفوفهم وبث الوهن بينهم فى أثناء خوضهم للحرب المقدسة ضد اليهود لتحرير الأرض والمقدسات؟