عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عيد الجهاد.. الشعب ينتصر بقيادة سعد زغلول

سعد زغلول
سعد زغلول

حينما اقترب بزوغ الفجر وسطعت شمس السلام و انطوى كابوس الحرب العالمية الأولى فى عام 1918 كان من الطبيعى ان تطالب تلك الشعوب التى غلبت على امرها باسترداد حقوقها فى الحرية والاستقلال وذلك وفقاً لما أعلنه الدكتور "ولسن " من حق تقرير المصير.
 

كان الشعب المصرى فى مقدمة تلك الشعوب التى انتهزت الفرصة فأخذ الوطنيون من رجال السياسة والفكر فى التجمع والاستعداد للمطالبة بالاستقلال يتباحثون ويتشاورون من أجل تحرير البلاد.

ودارت هذه المباحثات والمشاورات بين بعض ساسة حزب الأمة وأعضاء الجمعية التشريعية وغيرهم الذين رأوا أن الشعوب الأخرى تأهبت لإرسال وفودها لمؤتمر الصلح فى باريس.
 

وأسفر البحث والتشاور عن فكرة تشكيل الوفد المصرى وعقد عدة اجتماعات فى أوائل عام 1918 قبل أن تعقد الهدنة فى 11 نوفمبر.
 

 وأخذ بعض الساسة والأقطاب يفكرون في مصير البلاد عندما تضع الحرب أوزارها يحدوهم الأمل فى أن يستطيعوا تمهيد السبيل لأن تنال مصر حظها من الحرية والاستقلال سواء انتصر الحلفاء أم أعداؤهم.
 

جانب من مذكرات سعد زغلول.

سجل "سعد زغلول" فى مذكراته تفاصيل اجتماعين للبحث فى مصير مصر بعد انتهاء الحرب" عقد احدهما فى 19 يناير 1918 والاخر فى 19 ابريل 1918 .

وتوالت الإجتماعات وكانت حالة الحرب التى مازالت قائمة تحول دون الجهر بما يدور فيها، ففى أحد أيام شهر سبتمبر 1918 كان " سعد زغلول ،محمد محمود، لطفى السيد، عبدالعزيز فهمى "مغادرين من مجلس إدارة الجامعة المصرية القديمة فعندما جاوزوا بأبها واتجهوا نحو ميدان الفلكى توقف محمد محمود وفجأة... وضع عصاه أمام أصحابه بعرض الرصيف".

وقال : "الى أين تذهبون  إننى اريد أن أتحدث فى مصير مصر لقد انتهت الحرب وستحصل الهدنة ولابد من النظر فى تأليف وفد كى يسافر الى الخارج للمطالبة بحقوق البلاد".

ويمضى "عبدالعزيز فهمى " فى مذكراته قائلاً : وبعد ذلك انصرف كل منا إلى حاله وقطعنا النظر فى مسألة تأليف وفد ولكن لم يمض إلا قليل حتى أرسل لنا سعد باشا نفسه يدعونا إلى الإجتماع عنده وفتح لنا بيته "

ثم يتساءل " عبدالعزيز فهمى" لماذا  وجه سعد إليهم الدعوة للبحث فى تأليف الوفد.

يفسر ذلك بأنه عقب الإجتماع ذهب سعد باشا إلى نادى محمد على كعادته فألتقى  بـ "حسين رشدي وعدلي باشا" وخطأه فى رأيه وقالا له : أنت أخطأت لأننا نحن والسلطان "فؤاد" متفقون على السفر إلى أوروبا للمطالبة بحقوق مصر ومن المصلحة أن يكون بجانبنا فريق من الامة يدافع عن حقوقها نعتمد عليه لأخذ شىء من الانجليز".

وعندما سمع سعد باشا هذا الحديث من رشدى وعدلى خشى ألا يكون له فى الامر شىء فأسرع إلى دعوتنا إلى منزله"

 

وأشار "العقاد" إلى ما يؤكد رواية "عبدالعزيز فهمى"  فيذكر لنا أن "سعد زغلول " دعا فى سبتمبر أصحابه " محمد محمود باشا ,احمد لطفى السيد بك , عبدالعزيز فهمى بك"  وعلي شعراوي إلى مسجد وصيف للتحدث فيما ينبغى عمله عندما تسنح الفرصة للبحث فى المسألة المصرية بعد إعلان الهدنة .

لقد كان أيضا للأمير عمر طوسون دور بارز فى نشأة تأليف الوفد فيذكر فى مذكراته " أن فكرة ارسال وفد رسمى للمطالبة بحقوق مصر فى مؤتمر الصلح قد خطرت بباله بعدما صرح الدكتور ولسن بمادئه الأربعة عشر"

ويستطرد "عمر طوسون"  فيقول " ولما كنت مسألة مصر بناء على هذا الإعتبار مسألة دولية  وليس لدولة سواها أن تنفرد بالنظر فيها وانها تحتاج الى درس وتمحيص قبل إجتماع المؤتمر حتى لا يأتى يوم انعقاده إلا ونحن جميعا مستعدون للمطالبة بحقوق بلادنا كاملة ولا يضيع علينا الوقت سدى فقد رفعنا ذلك الى التكلم مع محمد سعيد باشا فى شأنها فاقترح علينا أن نتكلم فيها مع سعد زغلول باشا الشخصية البارزة فى الهيئة الإجتماعية وفى الجمعية التشريعية فاستوصينا هذا الرأى وصممنا عليه "

ولم نتمكن من مقابلة سعد باشا إلا فى الحفلة التى أقامها رشدى باشا فى ليلة 9 اكتوبر 1918 .

 

وفى تلك الليلة ذكرنا لسعد باشا قرب انتهاء الحرب وانعقاد مؤتمر الصلح وأنه يحسن بمصر أن تفكر فى إرسال وفد للمطالبة بحقوقها أمامة فأستحسن الفكرة ووعد التكلم مع أصدقائه فيما عند عودته الى القاهرة وأن يخبرنا بالنتيجة .

قد أشار سعد فى مذكراته الى تلك المقابلة وذكر انه أجاب على عمر طوسون بقوله " انها فكرة جميلة قامت فى بعض الرؤوس من قبل وقد آن الآن أوانها وانه أفضى بموافقة وارتياحه كما تدبر معه فيما يحتاج إليه تنفيذ هذه الفكرة من المال الكثير " .

ففى يوم عقد الهدنة حضر "

عمر طوسون " الى مصر وزار سعد و ابدى رغبته فى عقد اجتماع " للمذكرة فى حالة مصر ومايجب أن يقدم لها من الخبرة الآن "

فوافقه سعد واتفق معه على صيغة الدعوة وأسماء المدعوين ومكان الإجتماع ويبدو ان سعد كما يذكر العقاد يميل الى تقديم " طوسون" فى هذا العمل لما له من منزلة رفيعة وما يحتاج اليه العمل من المال الكثير  .

لكن هل هذا التقديم يعنى ان سعد  من جانبه لا يطمح فى رئاسة الوفد الذى اصبح تأليفه متوقعا وانه يتنازل عنها " لعمر طوسون"

مقابلة 13نوفمبر 1918

 

استطاع سعد زغلول أن ينفرد بالعمل فقرر هو وزملاؤه مقابلة المندوب السامى "السير ريجنالد ونجت" للتحدث معه بشأن المسألة المصرية فما كادت أن تعلن الهدنة فى 11 نوفمبر 1918حتى بادروا الى طلب المقابلة وحدد موعدها فى 13 نوفمبر وكان قد تألف وفد من سعد وصاحبيه على شعراوى باشا وعبدالعزيز فهمى بك وقد وقع الاختيار على هؤلاء الثلاثة لأنهم كانوا أعضاء فى الجمعية التشريعية وفيهم الكفاية لتمثيل الوفد .

جرت المقابلة المشهورة بين هذا الوفد والمندوب السامى والتى طالب فيها الثلاثة انجلترا أن تعترف بإستقلال مصر  وأن مصر مستعدة فى حالة الاعتراف بإستقلالها ان ترتبط مع انجلترا بمعاهدة صداقة تكونان فيها ندين متساويين وتعاونان معاً فى مواجهة الظروف الدولية أما "ونجت" فقد تجاهل هذه المطالب وأظهر استخفافا بها  ورأى فيها جرأة أزيد من اللازم ولم يصدر عنه سوى التأييد لسياسة بلاده الاستعمارية والتهوين من أمر المصريين والقول بأنهم غير جديرين بالإستقلال .

 

تشكيل الوفد المصرى الأول

 

التقى السير ونجت بحسين رشدى رئيس الوزراء وأبدى له دهشته وعدم اقتناعه بامر المندوبين الثلاثة الذى ليس لهم صفة التحدث باسم الأمة فأجابه رشدى بانهم يملكون هذه الصفة بإعتبار ان سعد وكيل منتخب للجمعية التشريعية وان عبدالعزيز فهمى و على شعراوى  عضوان فيها وأن الجمعية مازالت قانوناً .

وحينما أحاط رشدى سعد زغلول علما بمضمون ذلك اجتمع سعد مع أصحابه وأخذوا يتشاورون فى الطريقة التى يعلنون بها صفتهم فى التحدث عن الامة ثم قرروا تأليف هيئة تسمى "الوفد المصرى " لتحصل هذه الهيئة على توكيلات من الأمة لتخويلها هذه الصفة وتألف الوفد فعلا يوم 13 نوفمبر 1918 على النحو التالى سعد زغلول "رئيساً"على شعراوى ،عبدالعزيز فهمى , محمد محمود ، أحمد لطفى السيد ,عبداللطيف المكباتى, محمد على علوبة "أعضاء"

حررت التوكيلات الاولى بهذه الأسماء السبعة فقط للتوقيع عليها من فئات الامة المختلفة .

إلا ان في مثل هذا اليوم من العام 1918، طالبوا السماح لهم بالسفر والمشاركة في المؤتمر، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض، وقيل إنهم لا يمثلون سوى أنفسهم فقط، فهب الشعب المصري بكل فئاته لجمع التوكيلات لسعد زغلول ورفيقيه لتفويضهم للسفر، لتكون تلك هي النواة الأولى لثورة 1919 وتشكيل حزب الوفد.

 

واعتبر 13 نوفمبر من كل عام عيدا للجهاد الوطنى يحتفل به جموع الشعب المصرى الذى آمن وما زال يؤمن بثوابت الوفد وعقيدته الراسخة فى اذهان ووجدان المصريين .