رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بئر الحنفي.. أسطورة مياه "زمزم" غير صالحة للشرب

زيارة بعض الناس للبئر
زيارة بعض الناس للبئر وأخذ البركات

الإيمان والاعتقاد ببعض الأمور أحيانا لا يكون ناتجا عن علم أو دراية تامة، فالفطرة هي السبب الأهم عند الكثيرون دون طرحهم لسؤال مهم على أنفسهم "هل ما اعتقده حول هذا الأمر صحيح؟"، وعدم التفكير في صحة الاعتقاد الفطري قد يؤدي إلى الإيمان بخرافة أو أسطورة، وفي الغالب افتقار العلم والمعرفة هما السبب الأكبر.

 

هذا ما كان عليه بعض الزائرين لمسجد "السطان الحنفي"، فبعد زيارتهم للمقام، يدخلون إلى حرم المسجد ويجلسون على يمين المنبر، منتظرين أحد العاملين ليأتي ويرفع سجادة حمراء اللون من سجاد المسجد، ومن ثَمَّ يفتح باب معدني يغطي بئر ماء ليس بعميق، ويقوم بإسقاط دلو يجلب به بعض من الماء وأثناء هذا يردد البعض "زمي زمي بأمر الله"، ثم يشربون ويملئون زجاجاتهم.

 

وإذا كنت زائرًا للمرة الأولى ولا تعلم عن هذا البئر شيئًا وسألت أحدهم عن ماهيته وماهية هذه المياه، فستكون الإجابات كالتالي، "هذه مياه زمزم"، "أنها تشفي الأمراض والعلل"، وستجد إيمانا تمامًا واعتقادً خالصًا بشيء لا دليل على صحته ناتجًا عن حكايات تبلورت فيها الأسطورة رواها السلف للخلف عبر الأجيال.

 

وهنا أتي دور "بوابة الوفد" لتدخل في رحلة إطّلاع حول هذا البئر وحقيقته، ومعرفة مدى صدق ما يروه الناس عنه من كرامات وقدرات، ومدى صحة الماء للشرب أو الاستخدام الآدمي لها.

 

البركات تقضي الحاجات

 

فور دخولنا المسجد توجهنا ناحية البئر وجدنا البعض ينتظرون العامل ليفتحه لهم، ومن هنا كانت نقطة البداية، فبعدما أتي عم"صابر" يعمل داخل المسجد منذ 7 سنوات، وفتح البئر وأخذ كل امرئ منهم مبتغاه، جلسنا معه ليخبرنا عما يعرفه و يعتقده عن المياه و كرماتها.

 

وأستهل صابر حديثه حول كرمات البئر والسلطان الحنفي قائلاً "الحنفي كان رجل صالح متدين في حياته، شاذلي الطريقة، وهذا البئر اقرب دليل على كراماته، فعمره قد تجاوز الـ 700 عام، ومياهه ما زالت كما هي لم تتغير ولم تنفذ ولم تتعكر، و الناس تأتي باستمرار من مصر وخارجها يشربون منها طمعاً في الشفاء من عللهم و أمراضهم.

 

وأضاف صابر، أن هذا البئر يتصل ببئر زمزم و لكن بشكل روحاني لا يعلمه أحد، مستشهداً بما يروه أغلب الناس من حكايات حول هذا الأمر، وأن البعض يقولون إن طعم هذا الماء صافي يشبه طعم ماء زمزم.

 

وأشار صابر، إلى أن الشفاء والعلاج من الأمراض بأمر الله والماء ما هو إلا سبب مثله مثل الطبيب، والعقاقير الطبية التي تساعد المريض على الشفاء، والإيمان بالأولياء و كرماتهم ليس كفراً بالله، مضيفاً أن السلطان الحنفي شدد على عدم تكذيب الأولياء و كرماتهم.

 

وعلى نفس المنوال أعربت "كريمة عبد ربه" سيدة عجوز عمرها يقارب الـ 70 عام وتسكن بحي السيدة زينب وتأتي إلى البئر باستمرار، عن مدى إيمانها بمياه البئر وبكرمات الحنفي، قائله "الفتيات التي ترغب بالزواج، ومنْ يعانون من الأمراض، ومنْ يرغب بقضاء حاجة مستعصية عليه، إذا جاءوا إلى الحنفي وزاروا مقامه و شربوا من البئر انفكت عقدتهم، مدلله على هذا بكلمات الحنفي "من كان له حاجه فليأتي إلى قبري ويطلب حاجته".

 

وأضافت عبد ربه، أن ماء هذا البئر طعمها نقي وعزب ويشفي شاربها مثل ماء زمزم، وهناك من يشككون بهذا الحديث ويقولون إنه خرافات لكن الأمر روحانيا يصعب عليهم فهمه وتصديقه.

 

ليس من زمزم         

 

عرف عن "بئر السلطان حنفي" أن عمره تخطى الـ700 عام، لذا فيجب أن يكون مقيد كأثر إسلامي، ومن هذا المنطلق كان ينبغي علينا التوجه إلى مصدر معلوم وعلى دراية تامة بهذا الشق، ليُخبرنا "هل البئر بالفعل اثر، وما هي حقيقة مياهه؟".

 

وقد أكد الدكتور جمال مصطفى، رئيس هيئة الآثار الإسلامية، أن

البئر بالفعل اثر مقيد لدى هيئة الآثار الإسلامية، وعمره يقارب الـ800 عام.

 

وأشار مصطفى، إلى أن الرواية الأكثر صحة حول هذا البئر تقول "إن مسجد السلطان الحنفي قبل بنائه كان زاوية صغيرة، وهذا البئر كان بجانبها يشرب الناس منه، وبعدما مات الحنفي بنا الناس له مقاما لصلاحه في الحياة الدنيا، وبُني المسجد بعدها مع الحفاظ على البئر والمقام أصبحوا داخل المسجد".

 

وأضاف رئيس هيئة الآثار الإسلامية، أن

البئر ليس له أي علاقة بماء زمزم كما يزعم اغلب المترددين عليه، و البركات هي مجرد أسطورة تبلورت عبر حكايات خرافية تسحر العقول، وتحولت إلى حقيقة داخل أذهان من هم يفتقدون العلم والمعرفة.

 

لا نعرف عنها شئ

 

مياه الشرب لها مواصفات محددة من الجيد ألا تنحرف عنها؛ حتى لا تسبب ضرر لمستخدميها، وتم تحديدها من قبل جهات مختصة، لذا فقد سألنا عدة جهات؛ لنتأكد ما إذا كانت مياه بئر الحنفي صالحة أم لا، و لكننا لم نجد أي معلومات عن مدى صحتها.

 

وقد أكد مصدر مسئول بـ "شركة مياه الشرب و الصرف الصحي بالقاهرة" على عدم وجود أي تقارير أو معلومات عن هذه المياه، حيث لم تصل أي شكاوي أو طلبات بالتأكد من صحتها.

 

و على نفس الصعيد، أوضح أحد العاملين بالمعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة، أن المعامل المختصة بتحليل المياه لم تستقبل أي عينات من هذا البئر، مضيفاً أن وزارة الصحة ليس لديها أي معلومات عن هذه المياه، لعدم استقبال أي شكاوي أو أضرار من المواطنين.

 

قد تصيبك بالفشل الكلوي

 

رحلة الوصول لحقيقة صحة مياه البئر للشرب أو عدم صحتها، لم تتوقف عند الجهات الحكومية التي لم تتوافر لديها أي معلومات، فقد قمنا بتحليل هذه المياه لدى عدة معامل للخدمات الكيميائية و تحلية المياه.

 

وقد أوضحت نتيجة التحليل، أن المياه تحتوي على نسبة عالية من أملاح قدرها 450 ملي جرام في اللتر، ونسبة القلويات قدرها 8 ملي جرام في اللتر، علماً أن نسبة الأملاح لمياه الشرب العادية قدرها 200 ملي جرام اللتر والقلويات قدرها 7 ملي جرام باللتر، مما يعني أنها غير صالحة للشرب.

 

وقد أكد الدكتور إبراهيم عبد الحميد سنوسي، أخصائي تحاليل طبية، وصاحب أحد معامل التحاليل، أن الشرب من هذه المياه علي المدى البعيد قد يصيب بالفشل الكلوي وزيادة نسبة الأملاح في الجسم، موضحا أن سبب شرب الناس لهذه المياه هو الاعتقاد بالخرافات والأوهام ليس إلا.