عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فيتنام.. تجربة نهوض اقتصادي تسعى مصر لتحقيقها

الرئيس السيسي مع
الرئيس السيسي مع رئيس فيتنام أثناء زيارته لمصر - أرشيفية

تعتبر فيتنام من دول النمور الآسيوية، التي صنعت نفسها من العدم، فبعد الدمار الشامل الذي حل بها، إثر الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت في خلال 30 عامًا فقط، اجتياز هذه المحنة، وتحويل مصيرها، من دولة متخلفة، ممتلئة بأعمال العنف والتخريب والعصابات، إلى دولة أذهلت العالم بمعدل نموها الاقتصادي، الذي وصل إلى 7% وربما يزيد، وهو ما فاق ما حققه نظرائها بما فيهم الصين واليابان في نفس المدة الزمنية.

 

جعلت فيتنام من "الاستقلال والحرية والرخاء"، شعارًا وطنيًا لها، يزيد من إصرارها وعزيمتها، على تحقيق ما كان مستحيلًا بعد دمارها الشامل في حرب الولايات المتحدة الأمريكية، فرفعها هذا الشعار إلى مصاف الدول المتقدمة، وجعلها مقصد غالبية الاستثمارات حول العالم، وباتت مصنفة من أكثر الدول سعادة على مستوى العالم.

 

وأطلق بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية تصريحًا، بأن مصر تسير على خطى التجربة الفيتنامية في النهوض، وتجربتها الاقتصادية التي صنعت لها كل هذا المجد، في 30 عامًا فقط، منذ أربعة أعوام، في محاولة لتكرار هذه التجربة الناجحة، في ظل التشابه الكبير بين البلدين، في العديد من العناصر.

 

أوجه التشابه

فكما عانت مصر من الاستعمار والاحتلال، على مدار 74 عامًا، عمل خلالها المستعمر، على نشر الجهل والتخلف في مصر، إلى أن استطاعت التحرر نهائيًا من كل المستعمرين بعد حرب أكتوبر 1973، شهد تاريخ فيتنام أيضًا حروبًا ضد قوى استعمارية، مثل فرنسا والولايات المتحدة ودخلت فى نزاع مسلح مع جارتها القوية الصين، واستطاعت أن تحصل على حريتها في وقت مقارب لوقت استقلال مصر.

 

ويأتي وجه الشبه الثاني، في تقارب عدد السكان في البلدين، ومساحة كل منهما، فمصر تبلغ الآن 97 مليون نسمة، في حين أن فيتنام يبلغ تعداد شعبها 92 مليون، ويعيشون على ثلث مساحة مصر تقريبا، فمساحة فيتنام 331 مليون كيلو متر مربع، فى حين أن مساحة مصر تزيد قليلا على المليون كيلو متر مربع.

 

عناصر نجاح فيتنام

اعتمدت فيتنام في تجربتها للنهوض على 4 محاور رئيسية، وهي التعليم، وسياسة اقتصادية مدركة لمتغيرات السوق العالمي، وحرصها على الاستفادة من تجربة الصين، وأخيرًا رغبة الشعب في العمل الدؤوب من أجل تحقيق التقدم للبلاد.


ونستطيع أن نرى أن مصر بالفعل تتجه نحو الأربع محاور ذاتها، فتم بالفعل وضع خطة النهوض الاقتصادي، تغييرات في نظام التعليم، الحرص على الاستفادة من الدول ذات التجارب الاقتصادية الناجحة، وتعزيز التعاون معها، وحث الشعب بشكل دائم على ضرورة العمل من أجل تحقيق الرخاء، والنهوض بمصر، ووضعها في مكانها الحقيقي، في مصاف الدول المتقدمة.


نقطة انطلاق فيتنام
كانت الخطة الاقتصادية "دوي موي" أو خطة التجديد، هي أول خطى الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها فيتنام عام 1986، لتضع حجر أساس تجربتها، والتي أزالت من خلالها كل المعوقات أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، ويسرت إلى أقصى حد إجراءات بدء نشاط اقتصادى أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وأصبح من السهل للغاية تأسيس الشركات الخاصة، وفتحت القطاعات الاقتصادية والمالية على مصراعيها أمام نشاط القطاع الخاص المحلى والأجنبية.

 

ثم دشنت فيتنام الأسواق المفتوحة، وخفضت الرسوم الجمركية أمام الشركات الأجنبية، بصورة غير مسبوقة، ما جعل منها أكبر الدول الجاذبة للاستثمارات في العالم، حتى أن العديد من الدراسات البريطانية، أشارت إلى أن فيتنام خلال العقود الثلاثة الأخيرة، كانت أهم مقصد للمستثمرين الأجانب، بعد الصين والبرازيل والهند وروسيا.

 

وبهذه الخطوات، استطاعت فيتنام في 15 عامًا فقط، تحويل عماد اقتصادها من الزراعة إلى الصناعة، بعد أن كانت تعتمد في اقتصادها على الزراعة بنسبة 60%.

 

وفي المقابل، فإن مصر أرست أول خطوات تجربتها، من خلال خطة الإصلاح الاقتصادي، التي أطلقتها الحكومة المصرية، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كما شرعت في سن قوانين اقتصادية جديدة، تفتح آفاقًا جديدة للاستثمار الخارجي في مصر، وتشجيع رجال الأعمال على عمل المشروعات الضخمة التي تستوعب نسبة عمالة كبيرة، مما قلل بالفعل من معدل البطالة.


الطرق والبنية الأساسية
أدركت الحكومة في فيتنام، أنه لا سبيل لزيادة الاستثمارات الخارجية، وفتح سبل تعاون مع الدول الكبرى، إلا بوجود شبكة طرق ضخمة، تمهد ما أفسدته الحرب، والتي كانت تتسبب في حوادث تفقد البلد كثير من ثروتها المادية والبشرية.


فأنفقت السلطات مليارات الدولارات لتطوير شبكة الطرق بصورة غير مسبوقة، حتى قيل إنها تفوقت على تايلاند والفلبين في هذا النحو، على الرغم من أنهم سبقوها في خطة الإصلاح.


أما عن شبكة الكهرباء، فأصبحت تغطى أكثر من 96% من البلاد، بعد أن كانت منذ أقل من 20 عامًا لا تغطى نصف قرى ومدن فيتنام، كما زاد عدد المطارات والموانى وأصبحت تعمل وفق أحدث الأساليب.

 

وفي المقابل، فإن مصر بالفعل شرعت في أعمال البنية التحتية منذ أربعة أعوام، واستطاع الفيلم التسجيلي "حكاية وطن" رصد أبرزها، وما تم إنجازه في مصر، في وقت عصيب تمر

به، ولكنه كان عظيمًا ومبهرًا وغير متوقع أيضًا.

 

فتم افتتاح عشرات المصانع، وتم تعديل واستحداث شبكات طرق في شتى محافظات مصر، سواء في العاصمة أو محافظت الصعيد والوجه البحري، فضلًا عن إصلاح الكثير من الطرق الموجودة بالفعل، ولا نستطيع أن نغفل نقطة البداية القوية، وهي افتتاح قناة السويس الجديدة، وكل هذا لسبب واحد، هو التمهيد لدخول الاستثمارات الأجنبية، وأن تكون مصر دولة جاذبة لاستثمارات الدول الكبرى.

 

أما في قطاع الكهرباء، فإن مصر تعمل على افتتاح محطات جديدة، لتوفير الطاقة الكهربية لأكبر مساحة ممكنة، إذ أنه تم افتتاح 3 محطات توليد طاقة كهربية، تعمل بالغاز الطبيعي، وعند الانتهاء منهم بالكامل، ستوفر الطاقة اللازمة لنحو 45 مليون مواطن، كما إنها ستُمكنّ مصر من توفير حوالي 1,3 مليار دولار سنويًا نتيجة التوفير في استهلاك الوقود، كما توفر ما يقرب من 50% من الطاقة الكهربية التي تحتاجها مصر، ومن المتوقع أن تكون إحدى المحطات الثلاث، أكبر محطة في العالم لتوليد الكهرباء بالغاز الطبيعي.


أهمية التعليم
يعد التعليم أحد أهم وأبرز العناصر التي يجب الاعتماد عليها، في حالة الرغبة الحقيقية للنهوض بالبلاد، وهذا ما أدركته فيتنام، وقررت أن تنمي مهارات ثرواتها البشرية، وتأهيلهم لسوق العمل، بدءًا من الاهتمام بتعليمهم جيدًا في مراحل التعليم المختلفة، فجعلت نسبة التعليم 7% من الموازنة العامة لها، فضلًا عن تطوير نظامها التعليمي بشكل كبير، بما يحقق أهدافها، في خلق أجيال قادرة على مواجهة سوق العمل ورفعة بلادها.


وفي المقابل، نجد أن ميزانية التعليم في مصر، أصبحت 7% أيضًا من الموازنة العامة، بنسبة 4% لمرحلة التعليم ما قبل الجامعي، و2% للجامعي، و1% للبحث العلمي، مع الحرص على تطوير منظومة التعليم بأكملها، سواء في التعليم ما قبل الجامعي، أو التعليم الجامعي.

 

مساهمات الصين
استطاعت فيتنام التغلب على ماضيها السيئ مع الصين، وقررت الاستفادة من تقدمها الاقتصادي المذهل، وفي نهاية الألفية الثانية، وجدت الصين أن فيتنام أرضية ممهدة لافتتاح شركات بها، خاصة في ظل توافر العمالة المدربة، وبسعر أقل بـ60% عن الموجودة في الصين نفسها، ومع فتح خط النشاط الاقتصادي بين الطرفين، أصبحت هذه الفترة قفزة جديدة في تاريخ تقدم فيتنام.


نجد في المقابل، أن هذا ما تسعى مصر لرصده والاستفادة منه الآن، هو تجارب دول النمور الآسيوية، على أن تخلق من رحمها، التجربة المصرية الخالصة في النهوض، مستندة فيها على ركائز تقدم هذه الدول، وأسرار نجاخ تجاربها الاقتصادية.


ويمكن إجمال أبرز القرارات والخطوات التي اتخذتها فيتنام، للوصول إلى ما هي عليه الآن، وقد نجد به أوجه تشابه مع الأوضاع في مصر، وفقًا لتقرير الهيئة العامة للاستعلامات، في عدة نقاط..

- الحد من الدعم الذي تقدمه الدولة

- تنويع ملكية الأصول المملوكة ملكية عامة

- تشجيع وتحفيز تنمية المؤسسات الخاصة والأفراد والقطاعات الاقتصادية

- الاستغلال الأمثل للموارد من أجل تنمية الإنتاج وتبادل السلع

- وضع سياسات من أجل دمج فيتنام في الاقتصادات العالمية والإقليمية

- زيادة أنشطة التجارة الخارجية وتشجيع الاستثمار المباشر

- اتخاذ إجراءات في مجال الإصلاح الإداري جنباً إلى جنب مع الإصلاحات المتخذة في مجال السياسة الاقتصادية

- الجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والاستقرار الاجتماعي