رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المستشار لبيب حليم لبيب يكتب: يا صاحب «العمة السوداء».. لماذا تخون سيدك؟!

المستشار لبيب حليم
المستشار لبيب حليم لبيب

«يهوذا» لا يزال حياً فى «ردهات الكاتدرائية»

رابطة «حماة الإيمان» تتلقى أموالاً للانقلاب ضد «قداسة البابا»

لوبى متطرف يستهدف تأليب الشعب القبطى ضد قيادته

الراهب العاصى يؤدى إلى أذى فادح للراعى والرعية

الكنيسة شبكة تجمع السمك الجيد والفاسد.. والله يتولى الفرز

 

صورة: قبلة «يهوذا» الخائن لمعلمه السيد المسيح بينما «بطرس» يعتدى بسيفه على أحد الحراس

 

فى كل مرة أقرأ الإنجيل أتخيل السيد المسيح حين كان على الأرض، أتخيله حين كان يطوف فى الخليل، يكرز ببشارة الملكوت، أتخيله وهو يشفى المرضى وكله ضعف، أتخيله أثناء سيره أبصر أخوين: «سمعان» الذى يقال له «بطرس» و«اندراوس» أخاه، يلقيان شبكة فى البحر فكانا صيادين، فقال لهما: هلما ورائى فأجعلكما صيادى الناس، فللوقت تركا الشباك وتبعاه، ولما ذاع خبر السيد المسيح أحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع فشفاهم، فتبعته جموع  كثيرة.

ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل، فتقدم إليه تلاميذه، فتح فاه وعلمهم قائلاً: سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا أحمق مستوجب نار جهنم، سمعتم أنه قيل عيد بعيد، وسن بسن، أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً، لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث ينقب السارقون ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء حيث لا ينقب سارقون، ولا يسرقون، لا تدينوا لكى لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التى بها تدينون تدانون، احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتون إليكم فى ثياب الحملان، ولكنهم من داخلهم ذئاب خاطفة، فكل من يسمع أقوالى هذه ويعمل بها أشبه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.

 

احذروا

نزل السيد المسيح من الجبل، وقتها تبعته جموع كثيرة، وجاء إلى بيت «بطرس» ورأى حماته محمومة، فلمس يدها فتركتها الحمى، فقامت وخدمتهم، وظل السيد المسيح يطوف المدن والقرى يعلم فى مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت، ودعا تلاميذه أعطاهم سلطاناً على أرواح بخسة حتى يخرجوها، ويشفوا كل مرض، هؤلاء أرسلهم وأوصاهم قائلاً: اذهبوا إلى الخراف الضالة، وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات، اشفوا مرضاً، طهروا برصا، أخرجوا شياطين، مجاناً أخذتم، مجاناً أعطوا.. ها أنا أرسلكم كغنم فى وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات، وبسطاء كالحمام، ولكن احذروا من الناس.

ويحكى لنا الإنجيل أن السيد المسيح أبصر جمعاً كثيراً فتحنن عليهم، وشفا مرضاهم، ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه، وطلبوا منه أن يصرف الجموع لكى يمضوا إلى القرى، ويبتاعوا لهم طعاماً فقال لهم أعطوهم أنتم ليأكلوا، فقالوا له ليس عندنا إلا خمسة أرغفة وسمكتان، فقال إتونى بها إلى هنا، فأمر الجميع أن يتكئوا على العشب، وأخذ الأرغفة والسمكتين ورفع نظره إلى السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع، فأكل الجميع وشبعوا.

وللوقت ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه حتى يصرف الجموع، وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفرداً ليصلى، وأما السفينة فقد صارت فى وسط البحر معذبة من الأمواج لأن الريح كانت مضادة، وفى الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشياً على البحر فلما أبصره التلاميذ اضطربوا قائلين إنه خيال، ومن الخوف صرخوا، فللوقت كلمهم قائلاً: تشجعوا.. أنا هو لا تخافوا، فأجابه بطرس وقال: يا سيد إن كنت أنت هو فمرنى أن آتى إليك على الماء، فقال: تعالى، فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتى إلى يسوع، ولكن ما إن رأى الريح شديدة خاف وإذ ابتدأ يغرق، صرخ قائلاً: يا رب نجنى، ففى الحال مد يسوع يده، وأمسك به، قال له: يا قليل الإيمان لماذا شككت ولما دخلا السفينة سكتت الريح والذين فى السفينة جاءوا وسجدوا له.

 

قول الناس

ويحكى أن السيد المسيح سأل تلاميذه قائلاً: ماذا يقول الناس عنى؟ فقالوا: قدم يوحنا المعمدان، وآخرون إيليا وآخرون، أرميا أو واحد من الأنبياء فقال لهم: وأنتم ماذا تقولون إنى أنا، فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحى، فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبى الذى فى السماوات وأنا أقول لك أيضاً، أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً فى السماوات، حينئذ أوصى تلاميذه ألا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح.

ومنذ ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغى أن يذهب إلى أورشليم، ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة ويقتل، وفى اليوم الثالث يقوم، فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينهره قائلاً: حاشاك يا رب.. لا يكون لك هذا، فالتفت وقال لبطرس: اذهب عنى يا شيطان، أنت معثرة لى لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس.

وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال منفردين وتغيرت هيئة قدامهم، وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه، فجعل بطرس يقول ليسوع: يا رب جيد أن تكون هاهنا، وفيما هو يتكلم إذ سحابة نيرة ظللتهم، وصوت من السحابة قائلاً: هذا هو ابنى الحبيب الذى به سُررت ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا، فجاء يسوع ولمسهم وقال: قوموا لا تخافوا.. وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم قائلا: لا تعلموا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات، وفيما هم يترددون فى الجليل قال لهم: ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونه، وفى اليوم الثالث يقوم،. فحزنوا جداً، وفيما كان صاعداً إلى أورشليم أخذ تلاميذه على انفراد وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت، ويسلمونه إلى الأمم لكى يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفى اليوم الثالث يقوم.

 

يهوذا

وبعد فترة اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب فى دار رئيس الكهنة الذى يدعى قيافا، وتشاوروا لكى يمسكوا بيسوع بمكر ويقتلوه، ولكنهم قالوا ليس فى العيد لئلا يكون شغب فى الشعب.

وفيما كان يسوع فى بيت الأبرص تقدمت ليه امرأة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه، فلما رأى تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين: لماذا هذا الإتلاف، لأن هذا الطيب كان يمكن أن يباع بكثير ويعطى للفقراء، فعلم يسوع وقال لهم: لماذا تزعجون المرأة فإنها قد عملت بى عملاً حسناً، لأن الفقراء معكم كل حين، فقال واحد من تلاميذه وهو «يهوذا» المزمع أن يسلمه: لماذا لم يُبع هذا الطيب بثلاثمائة دينار ويعطى للفقراء، قال هذا لأنه لم يكن يبالى بالفقراء ولأنه كان سارقاً وكان الصندوق عنده، وكان يحمل ما يلقى فيه، فقال يسوع: اتركوها فالفقراء معكم كل حين.. أما أنا فلست معكم فى كل حين.

وحينئذ ذهب يهوذا إلى رؤساء الكهنة، وقال لهم ماذا تريدون أن تعطونى وأنا أسلمه إليكم. فجعلوا له ثلاثين من الفضة ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصته ليسلمه، وفى أول أيام عيد الفطير تقدم التلاميذ إلى السيد المسيح قائلين له: أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح؟ فقال لهم: اذهبوا إلى المدينة إلى فلان، وقولوا له المعلم يقول إن وقتى قريب، عندك أضع الفصح، ففعل التلاميذ وأعدوا الفصح، ولما كان المساء اتكأ مع الاثنى عشر، وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحداً منك يسلمنى، فحزنوا جداً، وابتدأ كل واحد منهم يقول له: هل أنا، فأجاب وقال: الذى يغمس يده فى الصفحة هو يسلمنى، إن ابن الإنسان ماضى كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذى يسلم ابن الإنسان، كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد، فأجاب يهوذا وقال: هل أنا هو يا سيدى، قال له: أنت قلت.

وحين أخذهم يسوع وخرجوا إلى جبل الجليل قال لهم: كلكم فى هذه الليلة تشكّون فىِّ لأنه مكتوب إنى أضرب الراعى فتتبدد خراف الرعية، ولكن بعد قيامى أسبقكم إلى الجليل، فأجاب بطرس فقال له: وإن شك فيه الجميع فأنا لا أشك أبداً، قال له يسوع: الحق أقول لك إنك فى هذه الليلة قبل أن يصيح الديك تنكرنى ثلاث مرات، قال له بطرس: ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك، حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة «جنسيمانى» وقال لتلاميذه: اجلسوا حتى أمضى وأصلى هناك، وأخذ معه بطرس وآخر وابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم: نفسى حزينة جداً حتى الموت.. امكثوا هنا واسهروا معى.

وفيما هو يتكلم إذ يهوذا قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصىّ من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب، وأعطاهم علامة قائلاً: الذى أقبله هو هو أمسكوه، فللوقت تقدم إلى يسوع وقال: السلام يا سيدى وقبَّله، فقال له يسوع: يا صاحب لماذا جئت؟!

حينئذ تقدموا وألقوا الأيادى على يسوع وأمسكوه، وإذ واحد من الذين مع يسوع استل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه فقال له يسوع: رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون.

فى تلك الساعة قال يسوع للجميع كأنه على لص خرجتم بسيوف، وعصىّ لتأخذونى، كل يوم كنت أجلس معكم، أعلم فى الهيكل ولم تمسكونى، وأما هذا كله فقد كان لكى تكتمل كتب الأنبياء، حينئذ تركه كل التلاميذ وهربوا!!

 

صياح الديك

والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلى «قيافا» رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ، وأما بطرس فتبعه من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، فدخل إلى الداخل، وجلس بين الخدام لينظر النهاية وكان الجميع يطلبون شهادة زور على يسوع لكى يقتلوه، فلم يجدوا، ولكن أخيراً تقدم شاهدا زور وقالا: هذا قال إنى أقدر أن أنقض هيكل الله وفى ثلاثة أيام أبنيه، فقال رئيس الكهنة أما تجيب بشىء، أستحلفك بالله الحى أن تقول: هل أنت المسيح ابن الله، قال له يسوع: أنت قلت وأيضاً أقول من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء، فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً: لقد جدف، ما حاجتنا بعد إلى شهود، ماذا ترون فأجابوا إنه مستوجب الموت، حينئذ بصقوا فى وجهه ولكموه وآخرون لطموه قائلين: تنبأ لنا أيها المسيح من ضربك؟

أما بطرس فكان جالساً خارجاً فى الدار، فجاءت إليه جارية قائلة: وأنت كنت مع يسوع فأنكر قدام الجميع قائلاً: لست أدرى ما تقولين. ثم إذ خرج إلى الدهليز رأته أخرى فقالت للذين هناك وهذا كان مع يسوع فأنكر أيضاً بقسم إنى لست أعرف الرجل، وبعد قليل جاء القيام وقالوا لبطرس: حقاً أنت أيضاً منهم، فإن لغتك تظهرك، فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف إنى لا أعرف الرجل وللوقت صاح الديك، فتذكر بطرس كلام يسوع الذى قال له إنك قبل أن يصيح الديك تنكرنى ثلاث مرات، فخرج إلى خارج وبكى بكاءً مراً.

ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه، فأوثقوه ومضوا به إلى بيلاطس، فلما رأى ذلك يهوذا الذى أسلمه ندم، ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة قائلاً: لقد أخطأت إذ سلمت دماً بريئاً فقالوا ماذا علينا أنت ابعد، فطرح القضية فى الهيكل وانصرف، ثم مضى، وخنق نفسه، فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا: لا يحل أن نلقيها فى الخزانة لأنها ثمن دم، فتشاوروا واشتروا بها حقلاً ليكون مقبرة للغرباء. وحاكموا يسوع ثم أخذه عسكر الوالى إلى دار الولاية، وهناك عروه وألبسوه رداء قرمزياً وضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه، وبصقوا عليه وضربوه على رأسه، وبعد أن استهزأوا به نزعوا عنه الرداء وألبسوه ثيابه ومضوا به للصلب، ومن الساعة السادسة حتى التاسعة  كانت ظلمة على الأرض وقتها صرخ قائلاً: إلهى إلهى لماذا تركتنى.. وللوقت أخذ واحد منهم إسفنجة وملأها خلاً وجعلها على قصبة وسقاه، أما الباقون قالوا: أترى هل يأتى أحد ليخلصه؟! فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح، ثم أخذوا جسد يسوع ولفوه بكتان وفى قبر جديد لم يوضع فيه أحد وضع يسوع.

وبعد أيام جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر، فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذى كان يسوع يحبه وقالت لهما: أخذوا السيد من القبر فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر فشاهدا الأكفان موضوعة، والمنديل الذى كان على رأسه ليس موضوعاً مع الأكفان، أما مريم فكانت تبكى فقالا لها لماذا تبكين؟ قالت لهما: إنهما أخذا سيدى ولست أعلم أين وضعوه، ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع، ولم تعلم أنه يسوع فقال لها: لا تلمسينى ولكن اذهبى إلى إخوتى، وقولى لهم إنى أصعد إلى أبى وأبيكم، وإلهى وإلهكم فجاءت المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب.

وفى عشية ذلك اليوم كانت الأبواب مغلقة، وكان التلاميذ مجتمعين، جاء يسوع وقال لهم سلام لكم.. ففرح به التلاميذ وقال لهم: كما أرسلنى الأب أرسلكم أنا، وقال: اقبلوا لروح القدس.. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت.

ثم ظهر بعد ذلك يسوع

للتلاميذ على بحر طبرية ظهر هكذا، كان سمعان بطرس وتوما وآخرون من تلاميذ المسيح مع بعضهم، قال لهم سمعان بطرس أنا ذاهب لأتصيد، قالوا: نذهب نحن أيضاً معك فخرجوا ودخلوا السفينة، وفى تلك الليلة لم يصطادوا شيئاً، ولما كان الصبح وقف يسوع على الشاطئ فقال لهم: يا غلمان العمل عندكم إداما.. أجابوه: لا، فقال لهم: ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا فألقوا ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك، فقال أحد التلاميذ لبطرس هو الرب، فلما سمع بطرس أنه الرب اتزر بثوبه لأنه كان عرياناً، وألقى نفسه فى البحر، وأما باقى التلاميذ فجاءوا بالسفينة، فقال لهم يسوع: قدموا من السمك الذى أمسكتم الآن، فصعد بطرس وجذب الشبكة إلى الأرض ممتلئة بالسمك، فقال لهم يسوع، هلم تغدوا، ثم جاء يسوع وأخذ الخبز وأعطاهم، وبعد أن تغذوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان أتجنى أكثر من هؤلاء؟ قال نعم يا رب: قال ارع خرافى، قال له أيضاً ثانية: يا سمعان بن يونا: أتجنى؟ قال له: نعم يا رب: أنت تعلم أنى أحبك، قال له: ارع غنمى، قال له ثالثة: يا سمعان بن يونا: أتحبنى؟ فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة أتحبنى فقال له يا رب: أنت تعلم كل شىء أنت تعرف أنى أحبك. قال له يسوع: ارع غنمى، الحق الحق أقول لك لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك، وتمشى حيث تشاء، ولكن متى شِخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء، قال هذا مشيراً إلى آية متينة كان مزمعاً أن يمجد الله بها، ولما قال هذا قال له: اتبعنى. فالتفت بطرس ونظر التلميذ الذى كان يحبه يسوع يتبعه، فلما رأى بطرس هذا قال ليسوع يا رب وهذا ما قال له يسوع إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجىء فماذا لك. اتبعنى أنت.

أما الأحد عشر تلميذاً فقد انطلقوا بعد ذلك حيث أوهم يسوع، ولما رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكوا، فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.

الصخرة

صحيح فى كل مرة أقرأ الإنجيل تشدنى شخصية «يهوذا» وشخصية «بطرس»، فكلاهما من تلاميذ السيد المسيح، الأول كان يعرف الأماكن التى اعتاد يسوع أن يختلى فيها بتلاميذه، فدل اليهود على مكانه، مقابل ثلاثين قطعة من الفضة، باع سيده ومعلمه الذى كان معه فى كل الأيام، كان يراه حين يصنع أعمالاً عجيبة، ونال منه سلطان الكرازة، لكن قلبه لم يلتق معه بسبب حب المال، فمن أجل هذه الدراهم كف عن أن يكون مع المسيح، وفقد رجاؤه فى الله. باعه بثمن بخس، ولما ندم حاول التراجع عن الشر الذى ارتكبه بإعادة الثمن إلى الكهنة فرفضوا كونه ثمناً للخيانة، فاشتروا به قطعة أرض لتكون مقبرة للغرباء، كان يهوذا قد وقع فى قبضة الشيطان، والانتحار كان هو السبيل الوحيد لمن فقد إيمانه وأخذ اليأس بتلابيبه، وعندما أحس يهوذا بفعلته، وأنه ضل الطريق، لم يبحث عن طريق التوبة إنما ذهب وشنق نفسه!

فأصبح اسم يهوذا تعبيراً للخيانة، كان ظلمته هو الباعث الأقوى لخيانته، صورة يهوذا محفورة فى ذهنى منذ الصغر، الرجل الذى كان تلميذاً للمسيح وحظى بصحبته، لم يكن نصيبه من هذه الصحبة الطاهرة غير ازدراء الأجيال المتعاقبة.

مضى يهوذا بخطيئته إلى طريق الظلام، إلى حبل غليظ تعلق به عنقه واختنقت به آماله. إننا نهرب منه ولا يجرؤ واحد من الناس على حمله، ورغم طول هذه السنين فإن يهوذا ما زال بيننا وما زال بصورته. وبصوته، وبآثامه فى كل مكان، إنه يطاردنا فى كل مكان، ودائماً أسأله: يهوذا لماذا قتلت سيدك!

أما الثانى فهو بطرس الذى مر عليه السيد المسيح ودعاه إلى الخدمة، وعلى الفور ترك الشباك وتبعه، ثم دعاه ليكون له رفيقاً، ثم دعاه ليكون رسولاً له. وقد ساعد حماس بطرس ونشاطه وغيرته على أن يبرز كالمتقدم من التلاميذ منذ البداية، وفى الكتاب المقدس أمور كثيرة أظهرت صفات بطرس الحسنة، وتأثره بالمعجزات التى صنعها، وأمور كثيرة تبرهن على سرعة إيمانه وثقته بابن الله منها مشيه على الماء، ومنها أنه أول من أدرك حقيقة شخصية يسوع فأقر جهاراً بأنه المسيح ابن الله، وبعد القيامة أخبرنا أن بطرس حقق ما أنبأ المسيح عنه، وعلى هذه الصخرة ابنى كنيستى، كان هو الذى أوضح حلول الروح القدس، وكيف يكون الخلاص بالإيمان بابن الله لمغفرة الخطايا فانضم إلى الكنيسة بسببه أول ثلاثة آلاف عضو، وكان هو الكليم المدافع عن المسيحية والشارح لأصولها، وفى رومية نصحه المسيحيون بأن يهرب غير أنه رأى السيد داخلاً وهو يحمل الصليب فأجابه إلى: رومية حيث أصلب ثانية، فقد نج بطرس ورجع واستشهد مصلوباً، وطلب أن ينكس الرأس إمعاناً فى تأديب نفسه وهو فى الشهادة لسيده.

مضى بطرس بعد أن أخطأ بدموعه ونبضات قلبه المفعم بالإيمان إلى طريق الشوك، جاز طرقات أورشليم والسامرة ويافا وقيصرية وإنطاكية وروما، ومن حوله عيون مترقبة وأعداء يتربصون به فى كل مكان. يسألونه فى بلاط القياصرة: بأية قوة صنعت هذا، وباسم من تتكلم فيجيبهم فى حزم لا يعرف الوجل: إنه باسم يسوع الذى صلبتموه!!

الإيجابية وقوة الإرادة كانتا مفتاح شخصية بطرس ومدخله، والسلبية والجبن كانتا مفتاح شخصية أحقر رجل خلده التاريخ، الأول شخصيته تجعلك تسجد له وتقدسه، والثانى شخصية تجعلك تنفر منها وتهرب!!

 

العمة السوداء

ورغم أن يهوذا شنق نفسه، ومات، لكنه ما زال حياً، ورغم أنه ما زال يحظى حتى هذه اللحظة بصحبة سيدة، فإنه ما زال يجوس، ويحيا فى ردهات الكاتدرائية، ملء السمع والبصر!! ما زال يطاردنا كالروح النجس، ويسعى بيننا بصوته وآثامه لصنع الوقيعة بين أبيه وأشقائه.

فمنذ فترة ونحن نسمع عن رابطة أطلقت على نفسها رابطة «حماة الإيمان» يقول الناس إن أعضاءها يتلقون دعماً مادياً ومرتبات شهرية من أساقفة على عداء فكرى مع قداسة البابا، ويدّعوا أنهم يحمون العقيدة، وانضم لهم عدة صفحات قبطية، نجحوا فى تشكيل لوبى متطرف مهمته تأليب الشعب القبطى على قياداته.

وأصدرت مجموعة أطلقت على نفسها «شباب كريستيان» بياناً كشفت فيه عن أن هناك مخططاً يستتر بادعاء حماية الإيمان الأرثوذكسى، وهو يسعى لإحداث انقلاب على البابا، وأن أحد الأشخاص كان من المقربين من الرابطة وأصدر تحذيراً منها، وأن المنسق الإعلامى للرابطة أفهمه أن البابا سوف يعترف بمعمودية الكاثوليك فإنه حشد المواطنين لهذا السبب عبر جروب على موقع التواصل الاجتماعى معنى بالشأن الكنسى، وينتظرون ساعة الصفر للتظاهر ضد البابا، وأضاف زقزوق أن هذا المنسق أجبره بأن مصدره فى هذه المعلومة عمّة كبيرة!!

 

راهب عاصٍ

وقد استغل البعض ما يقال فادعوا على خلاف الحقيقة أن قاتل رئيس دير أبو مقار من معتنقى الفكر الشنودى، وأن أصحاب هذا الفكر هم حماة الإيمان التى انضمت إليها عشرات الصفحات.

إن القدر المتيقن أن صاحب العمة السوداء، الذى يدعى أنه يهدف إلى حماية العقيدة أسقف، عمله هو الصوم والسهر والصلاة والسجود وتلاوة المزامير وقراءة الكتب، الواجب عليه أن يحيا حياة التجرد والبعد عن كل شر، وأن يحيا حياة الطاعة، بحفظ وصايا الرب، والخضوع لرئاسته، ويحيا حياة النسك والتوبة مع بغضه الذات، إلا أنه تعثر فاغتاب أباه، ونم عليه هو راهب عاصٍ لا يسمع ولا يطيع، يحرض شعب الكنيسة على باباهم الروحى، ويحرضهم على العصيان عليه، إنه يمشى بالنميمة والوقيعة بين الرعية وراعيها وأن استمرار وجود خطر داهم على الكنيسة وعلى شعبها.

إن الكنيسة هى الحقل الجيد الذى طلع فيه الزوان، إنها الشبكة الجامعة للسمك الجيد والسمك الردىء، والله وحده هو الذى يميز بينهم، هو الذى ينتقيهم ويفرزهم من بعضهم، لأنه متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض، كما يميز الراعى الخراف من الجداء، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار، ثم يقول للأبرار: تعالوا إلىَّ، وللأشرار اذهبوا عنى، إنه ينتقى ببدرة ويجمع قمحه، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ.

أعرف أن كل راهب يغتاب أخاه وينم عنه، وكل راهب عاصٍ لا يسمع ولا يطيع، وكل راهب يؤذى رئاسته وزملاءه ويطرح الشر بينهم يجب أن يخرج من بينهم، إننى أناشدكم أن تخرج. فإذا لم تستجب فإن دور قداسة البابا أن يعزلك لأن فى وجودك أذى فادح بالراعى والرعية.

احترسوا يهوذا ما زال حياً، ملء السمع والبصر، لا يكفى أن ننكره ولا أن نبتعد عنه، من واجبنا أن ننفر منه، وأن نطرده من بيتنا.