رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شاهد.. صاحبة الـ 55 عامًا تركت مجالها لتتألق في المشغولات اليدوية

جانب من لقاء المواطنين
جانب من لقاء المواطنين

كتبت- فاطمة عيد ، تصوير- مصطفى مهدي:

تجلس يوميًا في إحدى زوايا غرفتها أمام التلفاز، الذي لم يستطع أبدًا جذب عينيها الغارقتين في الخامات المتنوعة من الجلد والصمغ، والأقمشة الملونة بأزهى الألوان، التي تخطف أعين الناظرين، منها الأحمر، الأصفر، والأزرق.

وتمتد يداها يمينًا ويسارًا للحصول على أدواتها، فيبدو المشهد حولها مزعجًا للبعض، بسبب انتشار الأقمشة هنا والمقص هناك، ولكنه يشكل بداخلها راحة، وهي تعمل وعلى وجهها ملامح التركيز العميق على صوت التلفاز.

وتتسلل أناملها الرقيقة التي تعبر عن نعومتها بين الخوص لصنع الشنط الحريمي تارة، وبين الأقمشة لتطريز الطرح وتفصيل البلوزات تارةً أخرى.

"هالة البركي" البالغة من العمر 55 عامًا، بدأت مجال عمل جديد، وتطورت شيئًا فشيئًا، تحلت بالصبر والجد في العمل، حتى كلل الله سبحانه وتعالى مجهودها بالنجاح، وأصبحت الآن تعمل بشكل متواصل طوال الليل والنهار، ومنتجاتها تصدر للخارج لتمثل إبداع وفن المرأة المصرية أمام العالم.

فقد تمكنت موهبة المشغولات اليدوية "هاند ميد" من جذب هالة في العقد الخامس من عمرها، لتبدأ معها حياة جديدة، حيث تخلت عن عملها في مجال التسويق والإعلان الذي قضت به قرابة ربع قرن، حتى ترتمي في أحضان حلم الطفولة الذي ظل يروادها كثيرًا، وهنا يكمن الدرس المستفاد من هذه التجربة فلم يقف العمر أبدًا حائلًا أمام تحقيق الحلم.

تعلمت هالة مبادئ فن المشغولات اليدوية من والدتها، مدرسة الفنون اليدوية بالتربية والتعليم، حيث اعتادت على تفصيل ملابسها منذ الصغر هي وشقيقتها، كما قامت بتفصيل فستان زفافها بنفسها.

غادرت مصر عقب زواجها لتقضي 30 عامًا في الغربة، ولكنها حرصت ألا تضيع وقتها بالخارج هباءً، فكانت بجانب عملها تتعلم المشغولات اليدوية بشتى أنواعها على أيدي المتخصصين من الجنسيات المختلفة، فدائمًا كان يتملكها حب الفنون وتزداد شغف لمعرفة أصولها.

فتعلمت الرسم على الزجاج، والحرير، والتطريز، وحفر الخشب، ولم يكن بداخلها نية لامتهان فن المشغولات اليدوية والتربح منه، ولكنها كانت تتعلمه لإشباع رغبتها فقط.

وبعد عودت هالة لأحضان وطنها بحوالي 10 سنوات، لمعت الفكرة برأسها أن تصنع بعض موديلات الشنط، وتطريز الطرح، وتصنيع الجذم وتقوم بعرضها للبيع، قضت سنة في محاولة جذب الانتباه

لمصنوعتها.

وحاولت مرارًا وتكرارًا في مواكبة جميع الأزواق، حتى لاقت الفكرة القبول لدى الكثيرين بعد معاناة وصبر، فضربت هالة البركي بذلك مثالًا للمرأة الذكية الطموحة الصابرة.

وقررت الاعتماد على مجهودها في ذلك، من خلال شراء الخامات، والعمل بمفردها دون مساعدة أحد، والتسويق لمنتجاتها، لأن الاعتماد على عدد كبير من العمالة يزعجها، وبدأت في ابتكار الأفكار، واستحضار الفنون التي تعلمتها في البلدان المختلفة واستغلالها، فأدخلت شغل الكنفاة الذي تعلمته في بلغاريا على الشنط الجلد والإيشاربات، إضافة لتنسيق الألوان وتداخلها مع بعضها كما تعلمت في هولندا، كما استوحت شغل تطريز الفساتين بالخرز واللؤلؤ من معرض بازل بسويسرا.

وتحرص هالة دائمًا على شراء الخامات المصرية لاستخدامها في مشغولتها المتنوعة من شنط كنفاه، وشنط خوص، جذم، شيلان، تفصيل بلوزات، خيامية رمضان، صنادل جلد طبيعي، مفارش، بوكات، تصميم كوشة أفراح.

وتهتم بأدق التفاصيل أثناء التصنيع، فمثلًا عند تصنيع الصندل الجلد، تُحضر الجلد الطبيعي، وتقوم بقصه على "الباترون" وتحرص على إخراجه بأفضل شكل، وتبدأ في تزينه بدقة.

تمتلك هالة رغبة ملحة لنقل موهبتها وخبرتها للجيل الجديد، دون الحصول منهم على أجر مقابل ذلك، معبرة عن هذا الشعور قائلة: "أنا بحب فن الهاند ميد وليست التجارة به".

وتلقن بتجربتها درسًا هامًا للجيل الجديد، ورسالة للإيمان بقدراتهم، تتلخص في التصميم على تحقيق الحلم مع التعلم وأخذ الخبرات التي تؤهلهم لذلك، مع الجد والمصابرة من أجل الوصول للقمة.

شاهد الفيديو..