وجدى زين الدين يكتب : بين.. جابر عصفور ورجائى عطية
تابعت باهتمام شديد الحوار الفكرى الأكثر من رائع بين أستاذى المفكر الدكتور جابر عصفور، والمفكر المحامى المجدد رجائى عطية، والمنشور فى جريدة الأهرام، هذا الحوار الذى يدور حول تجديد الفكر الدينى، والذى نحن فى أشد الحاجة إليه الآن، وهذه مهمة العلماء والمفكرين الذين تخلفوا عن مناقشة هذه القضية، أو أنهم اكتفوا بظواهر الأمور فى هذا الصدد من خلال ندوات وتصريحات إعلامية من «باب الشو». وكأن هذه القضية الخطيرة ـ تجديد الفكر الدينى ـ شيء عارض يمر مرور الكرام، أو أنها حكر على فئة دون الأخرى، وقد تابعنا خلال الأعوام الماضية الألسن تلوك هذه القضية دون الاقتراب من جوهرها القائم على حوار فكرى جاد يعيد للأمة- ليس مجدها فحسب- وإنما لبدء مرحلة جديدة فى ظل عالم جديد متغير لا يعرف الثوابت أو يقف عندها، ولا يعمل العقل فيها.
جابر عصفور ورجائى عطية بدأ الاثنان فعلياً هذا الحوار الفكرى الجاد جداً، لتجديد الخطاب الدينى، ولم يقفا عند حد التسليم بآراء القدماء فى القضايا التى عاصروها فى أيامهم، فلهؤلاء القدماء من المفكرين رؤيتهم ولهم جميعاً كل الاحترام والتقدير، وليس معنى ذلك الوقوف عند رأيهم وإبطال التفكير وتعطيل العقل، فى حين أن الدين الإسلامى، وكل الأديان السماوية تدعو إلى التفكير وإعمال العقل والتخلى عن التسليم بكل شىء، لأن هذا التسليم يعنى الخنوع والتعطيل وعدم المواكبة للتطور والتحديث الذى يطرأ على المجتمعات يومياً، وهناك من يعتقد أن خلافاً فكرياً بين جابر عصفور ورجائى عطية، وهذا غير صحيح بالمرة، لكن الحقيقة أن هناك اتفاقاً شديداً بين المفكرين الاثنين حول ضرورة تجدد الفكر الدينى والتخلى تماماً عن المسلمات التى مر عليها قرون من الزمن ولم تعد تنفع الآن فى عصر الفيسبوك وتويتر، والعالم الذى تحول إلى قرية واحدة.
إذا كان القدماء أنفسهم قد اختلفوا فيما بينهم، حول قضايا كثيرة، وانقض التلاميذ على الأساتذة فى فكرهم، وجاء الأتباع بأفكار محدثة على من سبقوهم، فلماذا نحن الآن فى عام 2018 نصر على التسليم والخنوع لآراء السلف واعتبارها المقياس الهادى الوحيد؟!... أليس فى هذا تعطيل للعقل بل وإلغاؤه وإبعاده عن وظيفته الأساسية، وهى التفكير والوصول إلى الجديد والمحدث الذى ينفع البشرية. وما أحوج الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر حالياً، لهذا التجديد والتحديث بعيداً عن المظاهر الكاذبة والمنتديات التى لا يشغل بالها إلا حديث الصحفيين والإعلاميين عنها فقط!
الدولة المصرية وقيادتها السياسية عندما تطالب بتجديد الفكر الدينى والخطاب الإعلامى له، لا تعنى أبداً التخلى عن الأصول الثابتة للدين أو إنكار المعلوم منه، وإنما ترى