رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأدخنة تكسو وجوه الناس.. مصانع السُكّر بنجح حمادي مصدر الأمراض المزمنة

فوهات مداخن مصانع
فوهات مداخن مصانع سكر نجع حمادى

قنا- محمد عبد الصبور

 

لا شك أنَّها من أهم مصانع السُكّر في الشرق الأوسط بأكمله وهي مصانع السكر بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا؛ ولكن تبقى أزمة الأدخنة المنبعثة منه هي مشكلة كل عام التي تتجدد دون أن تلقي الدولة لها بالًا وهو ما يؤثر على سلامة المواطنين وصحتهم.

وفي هذا التقرير الذي أعدّه مراسل «بوابة الوفد» لقنا عن الأمراض المزمنة التي لحقت بالأهالي جراء هذه الأدخنة، وهو ما دفع مركز حقوقي لتحميل المسئولين مسئولية سلامة المواطنين.

وطالب أهالي القرى المجاورة لمصانع سكر نجع حمادي بشمال قنا، الدولة وعلى رأسها حكومة المهندس مصطفى مدبولي بالنظر في كارثة الأدخنة المنبعثة من مصانع السكر في موسم تشغيله من كل عام، التي تهدد بشكل مستمر وعلني حياة الناس وصحتهم، مطالبين الدولة متمثلة في أجهزتها المختلفة بحل تلك الكارثة في أسرع وقت ممكن حفاظًا على حقوقهم في الحياة.

في البداية؛ تقول زينب أحمد عطية السيد "60 عامًا" من سكان قرية نجع موسى المتاخمة لفوهات أدخنة المصانع: "الجميع في القرية والقرى المحيطة يعانون من الأمراض الفتاكة مثل الربوة الصدرية وغيرها،  نتيجة لتلك الانبعاثات الخطرة التي لم يسلم منها بيت أو فردًا واحد من أهالي القرية"؛ موضحة أن الجميع مصاب بالأمراض الرئوية وأمراض الصدر وضيق التنفس.

"الأدخنة تكسو وجوه الناس وتترك أثرها عليها" بهذه الكلمات أضافت "عطية"، "يا سيدي انظر لوجوه الناس لترى أثر السواد على أجسادهم" على حد تعبيرها.

وأوضحت أنَّ "طيلة موسم التشغيل الذي يبدأ من فصل الشتاء ويستمر لمدة 6 أشهر؛ خلال تلك الفترة لا نستطيع رؤية الشمس مثل باقي البلدان نتيجة لتجمع الأدخنة لتكون بعد ذلك سحبًا سوداء، تستمر طيلة اليوم تحجب عنا أشعة الشمس".

كما أوضح  علي أحمد محمود"50 عامًا" عامل بمزلقان خط السكة الحديد المجاور للمصانع، يقول إنني أعمل في ذلك المكان منذ قرابة أكثر من15 عشر عامًا.

وذكر أنَّ تلك الأدخنة قد سببت لديه مرض مزمن جعله يذهب للقاهرة للمستشفيات منذ عدة سنوات، متحملًا مشاق السفر وتكاليفه، للكشف وتلقي العلاج جراء وجودي الدائم طيلة اليوم بالقرب من الانبعاثات الدخانية نظراً لطبيعة عملي.

فيما ذكر أحد المواطنين المتضررين- فضَّل عدم ذكر اسمه - أن تلك الانبعاثات تصل لعدة قرى مجاورة من الجهة الجنوبية للمصانع باتجاه الرياح، تبدأ من قرية نجع موسى، وهى الأكثر تضررًا نتيجة لقربها من مصدر الأدخنة، مرورًا بقرية نجع عمر وقرية هو التاريخية وقرى حاجر الجبل.

وأشار إلى أنَّ الانبعاثات تسير لتصل للمدينة السكنية لمجمع مصانع الألومنيوم، مما اضطر عديد من سكان المدينة للتقدم بعدة شكاوى جراء بقايا الأدخنة التي تتساقط على شرفات المنازل، مما دعى إدارة شركة مصر للألومنيوم لمخاطبة الجهات المعنية للنظر في تلك المشكلة والعمل على حلها، وما أن كان من شركة السكر إلا أن قامت بتعلية ارتفاع أعمده الأدخنة قليلًا وما زال الوضع كما هو.

وأوضح أن تلك الانبعاثات تزداد بشدة مع حلول الليل من كل يوم، وكذلك في أوقات العطلات الرسمية، ومع انتهاء دوام العمل اليومي للمصالح الحكومية لنجد أنفسنا وحيدين أمام تلك الأدخنة.

وعلى صعيد متصل؛ أكد الدكتور مجدى طه السيد، استشاري أمراض الصدر والحساسية، على الأضرار التي تسببها الأدخنة بشكل عام، مشيراً إلى أنها تتسبب في أغلب الأمراض الصدرية، وأمراض المعدة والرئتين وكذلك الربوة الشعبية كما أن لها تأثيرا على العين.

وفي نفس السياق؛ أوضح الدكتور أحمد مصطفى السيد، طبيب بيطري، أن المواد التي يحملها الدخان المتصاعد من فوهة مداخن مصنع السكر  تحمل تركيبة كبيرة جدًا من المواد الضارة  للإنسان والحيوان وحتى النبات، الناتجة عن

حرق مصاص القصب بالمازوت.

وأوضح أنَّ تلك المواد تظل عالقة على الحشائش مصدر غذاء المواشي؛ مما يعني دخول تلك المواد لمعدة الحيوان، وبالتالي يؤثر عليه، كما أن تلك الأدخنة تترك أثرًا على جلود الحيوانات.

من جانبه؛ أوضح الدكتور بدوي المعاون مدير الإدارة الطبية بنجع حمادي أن الإدارة تقوم بعمل عدة بلاغات ضد شركة السكر والصناعات التكاملية جراء تلك الانبعاثات، المسمى بالهبوب الأسود التي لها أثر بالغ الخطورة على صحة أهالي القرى المجاورة، وخاصة أهالي قرية نجع موسى المتاخمة للمصنع.

كما أوضح مدير الإدارة الطبية أن الوزارة متمثلة في إدارة نجع حمادي قامت بوضع أجهزة استكشاف وتتبع في تلك المنطقة، لرصد أي مخالفات أو تجاوزات من مصانع السكر ، نقوم على إثرها بعمل تقارير لرصد تلك المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها .

وفى نفس السياق أوضح  الحقوقي بركات الضمرانى، مدير مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بصعيد مصر، قال بالنسبة للأدخنة وما ينتج عنها من أمراض وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الإنسان والحيوان، وقد حذرنا كثيراً ولسنوات عديدة من هذا الخطر الداهم، وطالبنا بإيجاد بدائل تكون أقل خطورة على الإنسان حتى أصبحت المناطق المحيطة بمصانع سكر نجع حمادي، مناطق منكوبة ذات نسبه عالية من الأمراض المزمنة التي يتسبب فيها التلوث الناتج من الأدخنة ومخلفاتها، وهناك نسبه عالية من الأمراض المزمنة.

  يأتي هذا نتيجة وضع كل اهتمامات المسؤولين  بالأرباح  دون النظر في صحة المواطنين والمجتمع المحيط بالمصانع، وهذا الشيء يتنافى مع المبادئ الاجتماعية التي أقرت وألزمت مثل هذه المنشآت بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه محيطها الاجتماعي، بل والعمل على مساعدة المواطنين لعيش حياة أفضل أكثر أمناً على صحتهم وأرواحهم.

كما أوضح مدير مركز حماية أن أنابيب الغاز الطبيعي قد وصلت إلى مدخل البوابة الرئيسية لمصانع السكر ، مما يتيح إمكانية حل تلك المشكلة الخطرة التي تهدد حياة آلاف المواطنين الأبرياء من خلال الاعتماد على الغاز الطبيعي الصديق للبيئة في التشغيل، بدلاً من إحراق المصاص الذى يترك أثرا بالغ الخطورة على البيئة المحيطة، كما أن حرقه يعد إهدر للمال العام، نظراً لإمكانية قيام صناعات أخرى عليه، مثل صناعات الورق وصناعة الخشب المعتمدة.

وناشد الضمرانى رئيس الوزراء الجديد المهندس مصطفى مدبولي، ووزير البيئة، ووزير قطاع الأعمال ومحافظ قنا، بسرعة التدخل وتحمل مسؤولياتهم تجاه هؤلاء المواطنين، وإعلاء صحة المواطن فوق كل المصالح الأخرى.