عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بالفيديو...رئيس تحرير "الوفد" يحصل على الماجستير بامتياز

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب - نعمة عزالدين ونهلة النمر

رحلة شاقة، وإبحار مضنٍ قام بهما الباحث وجدى زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد وأحد صناعها، منذ بداياتها قى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى، داخل قاعات الدرس وبين آلاف الصفحات التى تروى عن حياة صاخبة، عاشتها الصحافة الأدبية خلال أخطر عشر سنوات مرت على مصر فى عصرها الحديث، وهى السنوات العشر التى تلت ثورة يوليو 1952، وتحول الوطن من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى، وحتى هزيمة مصر أمام إسرائيل عام 1967، أو ما عرف فى قلوب المصريين بالحسرة والنكسة، ليتحول «زين الدين» إلى تلميذ أبدى، كما وصفته لجنة المناقشة، يرى فى مئات المقالات التى كتبها فى جريدة الوفد، وتناولت الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر الثمانينيات وحتى الآن، جزءاً من شغف حقيقى بقيمة مهنة الصحافة كشريك أصيل لما يمر به الوطن من أوجاع ووقائع كبرى، وخاصة الصحافة الأدبية التى تُكتب بعقول الأمة ومفكريها، بل وتزخر بآلاف القصائد الشعرية، وتروى الأحداث بمئات الروايات، وتتنبأ لمستقبل مصر بعيون العقاد وطه حسين ومحمد مندور، وعبدالقادر القط، ونجيب محفوظ وعبدالمعطى حجازى، وعشرات بل مئات من كتبة الوطن ودراويشه فى تلك السنوات العشر من 1952 وحتى 1967 الفريدة والعجيبة من تاريخ مصر، والتى قبض على دقائقها النقدية بصبر وجلد الباحث وجدى زين الدين. ليحصل على درجة الماجستير من كلية الآداب قسم اللغة العربية بتقدير ممتاز، عن رسالة تقدم بها بعنوان «اتجاهات النقد فى الصحافة الأدبية المصرية فى الفترة من 1952 وحتى 1967 نماذج مختارة»، ضمت لجنة المناقشة الأستاذ الدكتور حسين حمودة مشرفاً، والأستاذ الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجى رئيساً ومناقشاً، والأستاذ الدكتور أبوالفضل بدران مناقشاً.

لتتحول مناقشة اللجنة للباحث وجدى زين الدين إلى أمسية ثقافية حضرها رفقاؤه وتلاميذه فى المهنة، يتقدمهم الكاتب الصحفى الكبير عباس الطرابيلى، أحد مؤسسى جريدة الوفد، والمستشار الدكتور محمد خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور هانى سرى الدين، سكرتير عام حزب الوفد.

ولتصبح قضايا مثل حرية الرأى والتعبير والديمقراطية وانعكاسها على الصحافة فى هذه الفترة ـ موضوع المناقشة ـ أشبه بأوراق اللعب الساخنة التى يتم تداولها بحرفية ومتعة بين الأساتذة وبعض الحضور.

البداية تأتى من هدف الدراسة أولاً وحرص الباحث وجدى زين الدين على رصد وتحليل مفاهيم النقد فى الصحافة الأدبية المصرية، وعلاقتها بالحياة السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى التوقف عند ألوان النقد الصحيحة التى تعرّف مساحة النقد الأدبى وتعيد اكتشافه وإضاءته من خلال الصحافة، مستخدماً كل شروط وتقاليد البحث العلمى الرصين فاستعان بالمنهج التاريخى والمنهج الوصفى والتحليلى، مع الإفادة من بعض الأدوات المنهجية من علم اجتماع الأدب.

أطروحات عدة فندها الدكتور محمد أبوالفضل بدران، الشاعر المبدع والناقد الأدبى الكبير، أثناء مناقشته للباحث، أمتعت الحضور لما تميزت به مداخلته من طزاجة وجمال.

فعلى الرغم من أن الباحث وجدى زين الدين بدأ متفائلاً بالحركة النقدية فى تلك السنوات العشر من تاريخ مصر والممتدة من 1952 إلى 1967، فإنَّ ما آلت إليه تلك الحركة النقدية المزدهرة هو عنوان حزين، يعرف الآن بأزمة النقد الأكاديمى بحسب رؤية الدكتور محمد أبوالفضل بدران، بل وأصبحت تصدر بشكل شبه سرى، من خلال مجلات متخصصة فى الجامعات، قد لا يقرؤها إلا من كتبوها، وربما القسم أو الكلية التى تصدر عنها هذه المجلة على أرحب تقدير.

فقد وجد الباحث وجدى زين الدين، ومن خلال تنقيبه فى مئات المقالات التى كتبت فى الفترة من 1952 و1967، وامتلأت بها الجرائد والصحف حينئذٍ، تطوراً واسعاً فى التيارات والقضايا النقدية التى جاءت إثر الأحداث التاريخية التى عاشتها مصر، ومنها قضايا النقد الجديد مثل قضية قصر بلاغة العمل الأدبى فى خلق معادل موضوعى للحياة، والعودة إلى موضوعية الأدب، وموضوعية النقد، وقضية الشكل والمضمون، وقضية الخلاف بين التجديد والإحياء فى الشعر، والأهم قضية الأدب وصلته بالحياة؛ حيث كانت هذه القضية مثار جدل نقدى بين النقاد المصريين على صفحات الصحف والمجلات، وخاض غمارها عدد منهم فى معارك أدبية عدة، وانبثقت عنها خصومات نقدية، نشأ عنها ما يسمى الآن «الاتجاه الواقعى» فى النقد العربى المعاصر، الذى ظهر جلياً كنتيجة لثورة 1952 على يد نقاد أمثال: محمد مندور، ولويس عوض، وسلامة موسى الذى شدد على العلاقة الوثيقة التى تربط الأدب بالحياة، وصدر له العديد من المؤلفات التى تؤيد دعوته، حيث ردد كثيراً شعار «الأدب للحياة»، وأن لكل أدب رسالة وثيقة الصلة بالطبقة الكادحة، ولم يعد الأدب لفئة معينة من المجتمع، بل أضحى أدباً شعبياً نابعاً من المجتمع وموجهاً إليه.

هل النقد ملكة وموهبة أم اجتهاد واكتساب؟ سؤال آخر كان من أهم ما طرحه الدكتور أبوالفضل بدران على الباحث، استطاع من خلاله الاستحواذ على انتباه الحاضرين؛ حيث رأى «بدران» أنه ليس على كل ناقد أن يكون موهوباً، ولكن يكفى أن يكون مجتهداً، ودلل على ذلك بأنه صحيح هناك فطاحل فى النقد الأدبى كانوا فى الأساس مبدعين، لكنَّ هذا لا يعنى أبداً نفى وجود ناقد ألمعى قد لا يكون مبدعاً يمكنه أن يظل متواجداً فى المشهد النقدى وبقوة.

وهذه حقيقة نقدية ألقى عليها الدكتور محمد أبوالفضل بدران ضوءاً كاشفاً، ودلل عليها الباحث وجدى زين الدين بين ثنايا الرسالة، فذكر بعض النقاد الكبار المجتهدين فى المقام الأول؛ مثل الفيلسوف الكبير الدكتور زكى نجيب محمود الذى يراه الباحث ليس أستاذاً فى الفلسفة فحسب، ولكنه أديب وناقد له دراسات ونظريات مشهود بها فى مجال النقد الأدبى، كما أنه ربط بين النقد والعلوم الأخرى، خاصة الفلسفة وعلم الاجتماع؛ حيث تعددت ميوله الفلسفية والأدبية معاً، كما دعا إلى أن يكون النقد علماً قائماً على أسس ونظريات علمية، فلم تتوقف دراساته واجتهاداته النقدية عند تحليل بعض دواوين الشعر المعاصر مثل دراسته النقدية للبارودى وشعره، ومطران وآرائه النقدية، وأمين الريحانى وفلسفته الإنسانية، وكذلك دراسته لبعض الشعراء أمثال أبى القاسم الشابى، وصالح الهمشرى، وبشير التيجانى. بالإضافة إلى آرائه النقدية فى دراساته فى الشعر الحديث مثل دراسته حول صلاح عبدالصبور وديوانه الشهير «الناس فى بلادى»، ودراسته لشعر أحمد عبدالمعطى حجازى من خلال ديوانه «مدينة بلا قلب»، ودراسته لأدونيس فى «أغانى مهيار الدمشقى».

كما لم تتوقف دراسات أستاذ الفلسفة الدكتور زكى نجيب محمود، فقط، عند تحليل بعض دواوين الشعر المعاصر، بل ظهرت فى عرضه ودراساته لأبرز الاتجاهات النقدية قديماً وحديثاً، ورواد هذه الاتجاهات من أمثال عبدالقاهر الجرجانى، والأمدى قديماً، وأمثال ورد زورث، وإليوت، وبلاكمير فى الغرب حديثاً، والعقاد وطة حسين فى الشرق. كما ظهرت قراءاته النقدية فى تحليله لكتابى «على هامش الأدب والنقد» لعلى أدهم، وكتاب «نماذج فنية من الأدب والنقد» لأنور المعداوى، ومعارضته لبعض ما جاء فى الكتابين من آراء ونظريات نقدية أوصلته لاختيار منهج نقدى تفرد به.

كذلك طرح «بدران» إشكالية مهمة، وهى ما الذى يأتى أولاً، الإبداع أم النقد؟ وأشار إلى أن هذا الأمر كان وسيظل محل خلاف؛ حيث إن هناك فريقاً يرى أن المبدع لا يبدع إلا إذا كان ناقداً فى دائرة اللاوعى، بمعنى أن الشاعر قد يخطر بباله عشرات القصائد أو المفردات، لكنه فى النهاية يختار إحداها فقط، وبالتالى فهو هنا قد أدى دور الناقد، بعدما خاض معركة نقدية بينه وبين ذاته؛ حتى يخلص إلى درجة الإبداع التى ينشدها. لكن هناك

من يرى أن الإبداع يأتى أولاً، كأن يلقى المبدع نصه ويمضى، تاركاً وراءه  المعركة للنقد والنقاد.

كما وجه «بدران» الباحث بأفضلية أن يتقدم المبحث الأخير فى الرسالة، والذى يتناول أثر الأحداث السياسية على الحركات الأدبية فى هذه الفترة، على الأول فيها، وهو ما اعتبره «بدران» لُب الدراسة والفيصل الذى قامت عليه الرسالة.

واختتم الدكتور «بدران» مناقشته للباحث بالإطراء على الرسالة موضوع البحث، وأعرب عن المتعة التى وجدها فى حضرتها، مؤكداً أن الرسالة قد أخذته إلى حقبة اتسمت بالزخم الأدبى والنقدى لم يسعده الحظ بمعايشتها، متمنياً أن يكمل الباحث عمله المهم والجديد برسالة مكملة للأولى؛ لنيل درجة الدكتوراه، يتناول من خلالها ما بدأه من خلال ذات المبحث فى الأعوام التالية للدراسة التى خصت رسالة الماجستير، مؤكداً أن الرسالة ترد الاعتبار للصفحات الأدبية فى الصحف المصرية، والتى لم تلقَ التقدير الواجب لها، كما أعرب عن تفاؤله بلغتنا العربية الجميلة وبشبابها الذين يتقنونها، ولفت إلى أن هؤلاء الشباب ما زالوا بخير، وأن من يتابع مدوناتهم يدرك أنهم قادرون على الحفاظ عليها، وأنهم يكتبون بلغة عربية سليمة.

ثم انتقل الحديث للعالم الجليل الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجى، أستاذ الأدب الشعبى، الذى بدأ حديثه بإعرابه عن اعتزازه برسالة الباحث، والتى تخص اتجاهات النقد الأدبى فى الصحافة المصرية، مشيراً إلى أهمية موضوع الرسالة قائلاً «فى الحقيقة لقد تعلمت أنا وجيلى الأدب من الصحافة، فأثناء دراستى فى المرحلة الثانوية، كانت صحيفة الأخبار تقدم باباً عن الأدب على صفحتها الأخيرة بعنوان (أخبار الأدب)، وكان يديرها أنيس منصور، كانت هذه الصفحة هى المعلم الذى تعلمنا منه الكثير، ضمت أخبار النظريات الأدبية ومقالات عن النقد الأدبى، وكذلك أخبار حركة الطبع عن الكتابات التى تكتب فى ذلك الوقت، أيضاً فى هذه الفترة كانت مجلة الرسالة الجديدة التى كان يديرها الكاتب يوسف السباعى تقدم أعمالاً أدبية لم تنشر بعد، فقد قرأت فيها أول الثلاثية لنجيب محفوظ، ما جعلنا نبحث عن تلك الأماكن التى نقرأ عنها عندما نأتى إلى القاهرة، وكذلك كانت صحيفة الغد كان يرأسها وقتها عبدالرحمن الشرقاوى تدير حواراً حول الواقعية وكان محمود أمين العالم من كتابها، أنا أذكر كيف كنا نقف فى باب الحديد ننتظر هذه الجريدة بشغف، لذا تعد دراسة اتجاهات النقد فى الصحافة الأدبية المصرية للباحث وجدى زين الدين موضوعاً مهماً.

وأشار «الحجاجى» إلى أن موضوع الرسالة، موضوع تطول مناقشته؛ لأنه موضوع جديد، لافتاً إلى أنه كان يفضل أن تكون المرجعية فى الرسالة إلى المجلات التى أديرت بواسطتها هذه المعارك الأدبية وليست للكتب. كما أنه رأى أن إفراد مبحث فى الرسالة عن الكاريكاتير السياسى، كان بعيداً بعض الشىء عن الهدف الرئيسى لها.

وفى نهاية المناقشة، تناول الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبى، المشرف على الرسالة الكلمة، معرباً عن سعادته بوجود هيئة المناقشة الموقرة، وكذلك سعادته لاستكمال الباحث لرسالته، مثمناً جهده المبذول فيها، واصفاً الباحث بدماثة الخُلق والتواضع الجم والروح الطيبة المخلصة الدؤوبة فى كل ما كان يتصور أن يتصل بموضوع رسالته، وبكل ما يتصل بالنقد فى الصحافة الأدبية فى الفترة موضوع البحث.

 وأشار «حمودة» إلى أن موضوع البحث غاية فى الأهمية، وقد يطول البحث فيه ويصعب الوصول إلى تقييم نهائى؛ لما بلورته المعارك الأدبية والمعارك النقدية فى الصحافة المصرية فى تلك الفترة الحافلة والمليئة بالزوايا المتعددة والتى يمكن الولوج من خلالها جميعاً، مشيراً إلى أهمية القضايا التى طرحها كل من الدكتور شمس الدين الحجاجى، والدكتور أبوالفضل بدران، واصفاً أياها بأنها قضايا أو إشكاليات مهمة ويمكن أن نطل عليها من زوايا مختلفة، وأن نستخلص منها استخلاصات متعددة، ويصعب فى الحقيقة أن نصل إلى يقين كامل مطمئن ومطلق حولها.

وأكد «حمودة»، أن قضايا الموضوعية الكاملة والنقد الأمثل والواقعية التى بدت فى فترة من الفترات مكبلة بكثير من المفاهيم، ثم اتسعت كى تصبح واقعية بلا ضفاف، كلها قضايا عدة يصعب أن تحسم فى بحث أو فى أبحاث، وستظل جميعها مفتوحة لاجتهادات ممتدة ولا نهاية لها.

وفى نهاية حديثه أكد «حمودة»، أن الباحث مثال من الأمثلة النادرة فى الجدية فى البحث، والإخلاص فى العمل، وأنه كان يدهشه دوماً بالمنجز الذى يتمه فى خلال فترات محددة ومحسوبة، وأنه طالب أبدى شغوف حقيقى بالتعلم وهذه هى القيمة الكبرى فى الباحث وجدى زين الدين.

وأخيراً هناك رصيد وافر من الصحة والعمر سحبهما بدون تردد وبعشق حقيقى الباحث وجدى زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد؛ من أجل الإعداد لتلك الرسالة المهمة فى مبحثها، عن الاتجاهات النقدية فى الصحافة الأدبية فى مصر فى الفترة ما بين 1952 و1967، لتتحول درجة ممتاز التى حصل عليها إلى باقة ورد رقيقة، لكل الصفحات الثقافية فى مصر، واعتراف صادق بفضلها كشاهد عيان على ما مرت به مصر المحروسة من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية.