رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شيخ الأزهر: لم تنعم القدس بالأمان إلا في ظل حضارة الإسلام

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر

كتبت - سناء حشيش:

أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن القدس مدينة عربية، وأن التاريخ لا يذكر وجودًا للمدينة قبل العرب، فهم من أنشأوا المدينة، وأقدم فترة وصل لها التاريخ في المدينة هي فترة اليبوسيين، وهم عرب قدموا من اليمن، ورحلوا إلى الشمال.

 

وأضاف "الطيب"، في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية، أن الإسلام كان أول من جمع بين المسيحية واليهودية في القدس، فحين فتحها سيدنا عمر أمنّ المسيحيين، وأعاد إليها اليهود الذين طردوا منها، موضحًا أنه قبل الفتح الإسلامي شهدت المدينة استعمارًا وحروبًا ودماءً لم تنتهِ، حتى جاء الإسلام فلم يسجل التاريخ إسالة دماء باسم الدين بعد الفتح الإسلامي، وكانت الحروب على أساس سياسي، وبعد ذلك جاءت مرحلة الصليبيين أو المسيحيين الغربيين، وعندما نتحدث عن المسيحيين في هذه الحلقات فنحن نعني المسيحيين الغربيين، ولا نعني المسيحيين الذين يقيمون في هذه الديار، لأنهم مثلنا اضطهدوا بنار المسيحيين الغربيين، وأيضًا نفرق بين الصهاينة واليهود الذين كانوا مقيمين في المنطقة، والذين لا يؤمنون بفكرة الدولة اليهودية.

 

وبيّن "الطيب" أن الحملات الصليبية جاءت في منطقة التماس بين أوروبا وتركيا، ووقعت معركة مانزيكرت بين البيزنطيين والمسلمين سنة 1071، وانتصر فيها المسلمون، ثم أرسل الإمبراطور البيزنطي إلى البابا أوربان الثاني وطلب منه أن يجرد جيشًا لينقذ المسيحيين مما سماه الاستعمار الإسلامي، وقد أثار هذا الخطاب مطامع أوربان الثاني، حيث كان يفكر في ذلك قديمًا، ورأى أن ذلك سيحقق أهدافًا عدة، أولًا، أن أوروبا كادت تفنى من الحروب الإقطاعية، ولكن باستجابته لخطاب الإمبراطور فإن الحروب ستنتقل من أوروبا إلى الشرق الإسلامي، والأمر الثاني، أنه سيحرر قبر السيد المسيح، عليه السلام، في القدس من الكفار، أي المسلمين، كما يرى هو ذلك.

 

وتابع شيخ الأزهر، قائلًا: وخطب هذا البابا خطبة عصماء في 1095، تناقلها الأوروبيون، وكوّن 5 حملات أو جيوش قوامها 60 ألفًا، من بينهم حجاج وفقراء، ثم أمدهم بجيش آخر قوامه 100 ألف من القساوسة والجنود، وساروا جميعًا إلى بيت المقدس، واستمرت الرحلة 3 سنوات، من كيلرمونت في فرنسا إلى أن وقفوا على أسوار بيت المقدس سنة 1099، وعندما سمع الصليبيون الجرمان بأن الحملة تتحرك، قاموا بمذبحة عنيفة ضد اليهود، بمنطق أنه إذا كنا سنجرد حملة على أعداء المسيح المسلمين، فأولى أن نقتل أعداءه الذين قتلوه وهم اليهود الموجودين في أوروبا.

 

وأكد "الطيب" أنه عندما وصلت أخبار الحملة للمسلمين والمسيحيين، فر المسيحيون الأرثوذكس، وكل الذين يؤمنون بالطبيعة الواحدة من بيت المقدس إلى مصر، لأن الصليبيين كانت تسبقهم سمعتهم أنهم متعطشون للدماء، ويأكلون لحوم البشر، وحين وصلت الحملة لم تمضِ ثلاثة أيام حتى قتلوا ثلاثين ألفًا من سكان المدينة، حتى الذين فروا واحتموا بالمسجد الأقصى أبادوهم هم ونساؤهم وأطفالهم

عن آخرهم، كما حصروا اليهود في معبدهم بأطفالهم وذبحوهم مرة واحدة، ولذلك لا تزال هذه الحملة تشعر الكُتّاب الغربيين بالخزي والعار.

 

وأشار إلى أنه في وسط هذه الجثث والأشلاء كانوا يدخلون البيوت يسرقون من بين أكوام الجثث والأشلاء، كما وصف ذلك المؤرخون الغربيون، وعندما دخلوا إلى ساحة المسجد الأقصى كانت الدماء تصل إلى أرجل الخيول، وأؤكد أن كل ذلك هو وصف المؤرخين الغربيين أنفسهم، الذين استخدم كثير منهم مصطلح الإبادة لوصف ما حدث.

 

وأوضح "الطيب" أن هناك كتابًا اسمه كتاب القدس، للكاتبة كارين أرمسترونغ، وهي مؤرخة منصفة جدًا، وقد نقلت وصف هذه الجرائم عن مؤرخ مسيحي غربي اسمه ريمون شاهدها وكتب عنها، ووصف أكوام الرؤوس والأيدي والأرجل، وتستغرب هذه الكاتبة من أن المؤرخ وهو يصف ذلك لم يشعر بالخزي، بل كان يبرر ذلك، وقال إنه كان حكمًا إلهيًا عادلًا أن يمتلئ هذا المكان الذي عانى طويلًا من كفر الكفرة أن يمتلئ بدمائهم، واغتسل الصليبيون وصاروا في اتجاه كنيسة القيامة وهم يرتلون التراتيل ودموع الفرح تنساب من أعينهم، ولم يبق أحد هناك يقتل في المدينة التي أبيدت تمامًا بشكل جماعي وفي مقابر جماعية، وبدت طقوس القداس وكأنها تبشر بفجر جديد، ويقول ريمون وهو مؤرخ كبير: "سيشهد هذا اليوم في العصور المقبلة فقد حوّل جهودنا وأحزاننا إلى فرح أن هذا اليوم دليل لصدق المسيحية جمعاء... إن هذا اليوم صنعه الرب فلنبتهج ونفرح، لأن الرب كشف عن نفسه لشعبه وباركه".

 

وختم شيخ الأزهر حديثه قائلًا: "ما يمكن أن نستنتجه أن المسلمين والمنطقة عامة عانت من الحملات الصليبية التي كانت تأتي تباعًا، وهذه الحملة استمرت 200 عام، حيث لم ترحل إلا في عام 1291 بعد أن ظهر بطل من الأبطال العظماء، أقر التاريخ الغربي نفسه بعظمته وهو صلاح الدين الأيوبي".