عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القوى العاملة والنخبة وأهل الفن.. قوة فاعلة فى تحريك الجماهير إلى صناديق الانتخابات

بوابة الوفد الإلكترونية

الدراسة عرض وتلخيص- سامية فاروق:

 

بعد أن عرضنا فى ثلاثة أجزاء سابقة، يتناول الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى الجزء الثالث من بحثه القيم عن « المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية دراسة تحليلية فى المدخل لتحقيق التنمية والاستقرار الآمن للوطن. دراسة تحليلية فى الفكر الدستورى والسياسى فى ظل الأنظمة الديمقراطية والمتولدة عقب الثورات الحاضنة لتحديث الدولة». والمنشور على موقع نادى قضاة مجلس الدولة على صفحته الرئيسية، عدة نقاط هامة مستجدة تتعلق بالقوى العاملة والنخبة والفن وعلاقتهم بالمشاركة الشعبية، فيتحدث عن مشاركة القوى العاملة والنخبة مطهرة من المال السياسى تشكل الضمير العام للوطن، والفن روح الأمة والنجوم يلعبون دوراً وطنياً لا سياسياً فى المشاركة الانتخابية. وعن دور وسائل الاتصال السمعى والبصرى فى التبصير الانتخابى يقوم على نظرية المسئولية الاجتماعية دون نظريتى السلطة والحرية.

فى الجزء الرابع من هذا البحث المتفرد للمفكر القانونى الكبير يؤكد في البداية أن مشاركة القوى العاملة والنخبة مطهرة من المال السياسى تشكل الضمير العام للوطن:

يقول الدكتور «خفاجى» إن النظام الانتخابى مر بمراحل تطور كبيرة فى تاريخ الأنظمة الديمقراطية الحديثة وعلى الرغم من أن الفرد يستخدم حقه فى التصويت لتحقيق خيره ومنفعته إلا أن الخير المشترك والمنافع المشتركة تعلو دائماً على الحقوق الفردية، ولذا يتجه الفلاسفة إلى أن الدولة هى الضمان للسعادة البشرية كتنظيم سياسى تتفرع منه حقوق الأفراد، وكما قال روسو «لا توجد غير قوة الدولة لإعطاء الحرية لأعضائها»، ورغم أن المبدأ الفردى هو الذى يقوم عليه نظام الانتخاب إلا أن الأمة لا تتكون فقط من أفراد ينتمون إلى أحزاب سياسية فقط، وإنما يتفرعون من مهن وحرف وطوائف معينة يكونون جماعات واتحادات لها حياة خاصة ومصالح ذاتية يجب وضعها فى الاعتبار إذا ما أردناها صورة حقيقية للبلاد فالدولة السياسية يجب أن يتجاور معها الدولة الاقتصادية حتى نصل إلى تمثيل الأمة تمثيلاً يتفق مع الحقيقة وواقع العصر.  

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه إذا أبرزنا دور الشباب والمرأة فى مجال المشاركة فى الانتخابات فلا يمكن إغفال دور كل من العمال والموظفين والمثقفين والنخبة المطهرة من المال السياسى، صحيح أن الجميع ينطوى تحت عباءة المواطنة، لكن تلك القوى لها دور فاعل فى المشاركة السياسية، وصحيح أن بعض العلماء مثل كارل دوتش جعل عملية الإدلاء بالصوت الانتخابى ضمن المستوى الثانى للمشاركة السياسية وليس ضمن المستوى الأول إلا أنه لا يمكن إغفال أن الانتخابات تعد  أهم مظاهر المشاركة السياسية فى النظم الديمقراطية.

ويشير الدكتور «خفاجى» إلى أنه وحتى يشارك الشعب فى السلطة عليه أن يختار ممثليه سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية وعلينا أن نتفق جميعاً أن الصوت الذى يدلى به المواطن فى الانتخابات هو النصيب الفردى للمواطن فى المشاركة السياسية، وأن مجموع الأصوات والتى تشكل الغالبية هى تعبير عن الإرادة العامة  للأمة.

ويوضح الدكتور محمد خفاجى أنه لعل تصنيفنا للقوى الفاعلة فى الانتخابات يرجع أساساً إلى أن أحدث الدراسات فى علم السياسة ونظم الحكم تربط حق المشاركة السياسة بالخلفية الاجتماعية لمن يقومون بالمشاركة، فهناك  صور  مؤثرة  للمشاركة من جانب طبقات وفئات اجتماعية متباينة تعبر عن اتجاهات مختلفة، منها  العمال، والموظفون، بل والمثقفون حيث  يتفاوت تأثير صور المشاركة السياسية من طبقة إلى أخرى أو فئة اجتماعية إلى طبقة أو فئة أخرى. ومشاركة هؤلاء الثلاثى العمال والموظفين والمثقفين من خلال صناديق الاقتراع يشكلون الضمير العام فى الوطن.

ثانياً: الفن روح الأمة ومنبع الضمير ومنبر التعبير والنجوم يلعبون دوراً وطنياً لا سياسياً فى المشاركة الانتخابية باعتبارها الداعم للعطاء الفنى المتجدد:

يقول الدكتور محمد خفاجى إن مصر صاحبة رسالة ثقافية وفنية منذ بداية وعى التاريخ، وهى أول دولة أكدت هويتها الثقافية شاخصة عليها الآثار الدالة على تلك الحضارة منذ فجر التاريخ وقبل التاريخ حينما استأنست النيل وحولته إلى دولة ترتبط بتنظيم اجتماعى واقتصادى وسياسى، في  حقيقة الأمر لا يمكننا إغفال دور الفن المؤثر فى المشاركة الانتخابية، ذلك لأننا نرى أن الفن روح الأمة وبدونه تكون الأمة جسدًا بلا روح، والفن لغة الوجدان ومنبع الضمير ومنبر التعبير، ومن الفنون توحدت الثقافات، وأرى أن النجوم يلعبون دوراً وطنياً وليس سياسياً فى المشاركة الانتخابية ببيان عمق أفكارهم فى ضرورة مشاركة جمهورهم فى تلك المشاركة لأن الفن هو وقود الأمة.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أنه كما فعلت الفنون فى الماضى وأدت أدواراً مؤثرة فى كثير من المواقف الوطنية وعلى رأسها المسرح المصرى والسينما المصرية القديمة التى كانت تستقى مادتها وروحها من حياة الشعب فهم يقدمون أعمالهم للشعب وحياته ومشكلاته وأقاصيصه من أجل الناس وللناس فضلاً عن بيان قيمة الأوطان فى أعمال خالدة وكان يربطهم بنظم دولتهم رباط متين من التقدير المتبادل حول المصالح العليا للوطن والتاريخ الذى يرصد ويسجل شاهدًا على ذلك ولا يتسع المقام لسرده، فعلى نجوم الفن أن يضربوا المثل فى تحفيز الشعب على الإدلاء بصوته باعتبار صوت الناخب داعمًا للعطاء الفنى المتجدد.

ثالثاً: نجوم الفن قادرون على تحويل اللحظة التى يعيشها جمهورهم إلى حدث تاريخيّ والفنان إذا كان ثائراً من أجل السياسة فإنّ الفن فيه قد مات، ومن كان ثائراً للحرية فإنّ الفن فيه لا يموت:

ويطرح الدكتور محمد خفاجى تساؤلات على درجة كبيرة من الأهمية بقوله والسؤال كيف يكون الفنان وطنياً لا سياسيا فى الشأن العام؟ بمعنى كيف له أن يبدع فنّاً يكون موضوعه الوطنية دون أن ينخرط فى لعبة السياسة، وبالتبعية كيف يحفز جمهوره على المشاركة الإيجابية فى الصوت الانتخابى؟ وهل ينبغى على الفنان أن يكون مهموماً بقضايا وطنه؟ ويجيب الدكتور محمد خفاجى أن نجوم الفن يستطيعون التعبير عن صدق صورة المشاركة الانتخابية وقدرتهم على تحويل اللحظة التى يعيشها جمهورهم إلى حدث تاريخى، والفنان باعتباره عاملا من عوامل التأثير على الجماهير التى تعتبره قدوتها، فهو وإن كان يناضل بصدق من أجل قضيّة وطنية ستكون مشاركته الانتخابية بالضرورة مؤثراً لجمهوره نحو مصلحة بلاده ليبقى فنه فى رحاب الحرية دون قيود تنال من إبداعه.

رابعاً: المشاركة الانتخابية للفنانين تتوقف على نظرة الدولة للفن من حيث الاستقلال والحرية دون قيود فى إطار النظام العام:

يقول الدكتور محمد خفاجى: ولا ريب أن علاقة الفن بالشأن العام وما يتفرع عنه من المشاركة الانتخابية تتوقف إلى حد بعيد على نظرة الدولة للفن وللمبدعين، فالعلاقة بينهما طردية وليست عكسية؛ فكلما تمتع الفن بالاستقلال والحرية دون قيود فى إطار النظام العام والاَداب العامة وارتقى بالذوق العام كانت مشاركته واجبة للتعبير عن القيم الحضارية والجمالية التى يرعاها الصوت الانتخابى، ذلك أن الإبداع أياً كان سواء كان فى صورة أدبية أو فنية أو ثقافية ليس إلا موقفًا حرًا واعيًا يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها، وتتباين طرائق التعبير عنها، فلا يكون نقلاً كاملاً عن آخرين، ولا ترديدًا لآراء وأفكار يتداولها الناس فيما بينهم - دون ترتيبها أو تصنيفها، أو ربطها ببعض وتحليلها - بل يتعين أن يكون بعيدًا عن التقليد والمحاكاة، وأن ينحلّ عملاً ذهنيًا وجهدًا خلاّقًا، ولو لم يكـن ابتكارًا كاملاً جديدًا كل الجدة، وأن يتخـذ كذلك ثوبًا ماديًا فلا ينغلق على المبدع استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًا، ليكون مؤثرًا فيهم.

ويضيف أنه سواء تعلق الأمر بالتمثيل أو السينما أو المسرح أو الموسيقى والغناء فالواجب كفالة مواهبهم وملكاتهم الذهنية التى تدفق عطاءً عن طريق قنواتها، وتتمخض فى عديد من صورها عن قيم وآراء ومعانٍ يؤمن المبدعون بها ويدعون إليها، ليكون مجتمعهم أكثر وعيًا، وبصر أفراده نفاذًا إلى الحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها، لذا فإن الفنانين الذين قدموا أعمالاً خالدة نتيجة توفير هذا المناخ هم مدينون

للوطن بالمشاركة الايجابية فى الانتخابات الرئاسية. 

خامساً: عدم وضع قيود على الفن يجعله خلقاً إيجابيًا ولا يجوز التسلط على الفن لأن قهر الفن عدوان مباشر عليه وتقدير قيمة العمل الفنى تصل الفنانين بالمشاركة :

يقول الدكتور «خفاجى» إنه لا يغيبن عن البال، أنه كلما ارتقت الدولة بالفن وحالت دون وضع قيود عليه كان الفن خلقاً إيجابيًا، حاملاً لرسالة محددة، أو ناقلاً لمفهـوم معين، مجاوزًا حدود الدائرة التى يعمل الفنان فيها، كافلاً الاتصال بالآخرين تأثيرًا فيهم، وإحداثًا لتغيير قد لا يكون مقبولاً من بعض فئاتهم، فلا يجوز التسلط على الفن لأن قهر الفن عدوان مباشر عليه، فالفن لصيق بحرية الإبداع، التى تمثل جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها وصقل عناصر الخلق فيها، وإذكاؤها كافل لحيويتها، فلا تكون هامدة بل يقظة، إن التقدم فى عديد من مظاهره يرتبط بها، مما يتوجب  تشجيعه وعدم تنحيته أو فرض قيود عليه، ولكل فنان مجال حر لتطوير ملكاته وقدراته، فلا يجوز تنحيتها أو فرض قيود جائرة تحد منها، وهو ما تدركه المجتمعات المتحضرة التى تعمل على إيجاد صلة بين الدولة وأهل الفن قوامها تقدير قيمة العمل الفنى فتصل فنانيها بالمشاركة فى الشأن العام وعلى قمتها الإدلاء بالصوت الانتخابى.

سادساً: دور وسائل الاتصال السمعى والبصرى فى التبصير الانتخابى يقوم على نظرية المسئولية الاجتماعية دون نظريتى السلطة والحرية

يقول الدكتور محمد خفاجى إن حرية الاتصال السمعى والبصرى لا تستقيم معها نظرية السلطة وهى الصحافة والإعلام الداعم للسلطة وأقوال وأفعال رجالها، كما لا تستقيم معها كذلك نظرية الحرية القائمة على إطلاق حق الفرد فى المعرفة بحسبانه حقاً طبيعياً لا يخضع لرقابة أو قيد من أى نوع، وإنما تسودها نظرية المسئولية الاجتماعية وهى النظرية التى قامت لتواجه نظرية الحرية المطلقة بما قدمته من مواد الجريمة والجنس والعنف واقتحام خصوصيات الأفراد والتشهير بهم ونشر الإشاعات والأكاذيب، ولتنبذ إعلام الابتذال والابتزاز والمبالغة، ومن ثم ارتكزت نظرية المسئولية الاجتماعية على أن للإعلام المقروء والمرئى والمسموع والرقمى وظيفة اجتماعية، وأنه يتعين إقامة التوازن بين حرية الرأى والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق فى الخصوصية.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن العمل الإعلامى سواء كان مقروءًا أو مرئياً أو مسموعاً أو رقمياً يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية، فيقيم التوازن بين حرية الرأى والتعبير  وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد، فالحرية حق وواجب ومسئولية فى وقت واحد والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة، وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم فى  تكوين رأى عام مستنير وعدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم، ذلك أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال تشجيع أو إثابة العبث بحرية الاتصال والتواصل والتعبير وإساءة استخدامها فى التشهير أو التطاول أو الإساءة بما يخالف حماية السلام والأمن الاجتماعى.

سابعاً: للإعلام دور خطير فى بيان الحقائق التى تحاك ضد الوطن أمام الشعب واشاعة الثقافة السياسية اللازمة لتأسيس وعى ديمقراطى يراعى الأمن القومى والمصالح العليا للبلاد:

يرى الدكتور محمد خفاجى أن للإعلام دورًا خطيرًا فى التعبير عن الرأى العام وتوجيهه وفى وضع الحقائق التى تحاك ضد الوطن أمام الشعب وتبصيره، فكما أنها أداة فعالة لمراقبة تصرفات الحكام والمسئولين فإنه ينبغى عليها أن تترجم رغبات واَمال المحكومين، وإن أهمية دور الاعلام تتعاظم مع دخول المجتمع المصرى مرحلة الديمقراطية بعد ثورتين للشعب فى زمن وجيز، لذا بات مطلوباً من الاعلام نشر المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكى يستطيع المواطن أن يحدد موقفه مما حوله باعتبار أن الديمقراطية معرفة قبل كل شيء.

ويضيف الدكتور «خفاجى» كما أنه مطلوب من الاعلام إشاعة الثقافة السياسية اللازمة لتأسيس وعى ديمقراطى يراعى الأمن القومى والمصالح العليا للبلاد، تتمتع بالمصداقية وتتسم بالاتزان وضبط النفس والابتعاد عن كل ما يسئ إلى القيم والمعايير الديمقراطية، فليس فى مقدور أحد أن يدعى احتكار الحقيقة أو الاستئثار بالصواب بل تشكل جميعها واحة أمان تفئ إلى ظلالها كل الأفكار والاَراء التى تصب فى تقوية ساعد الدولة، فالحفاظ على الأمن القومى واجب دستورى والتزام الكافة بمن فيهم الاعلام ومراعاته مسئولية وطنية.

ثامناً: الميكروفون لا يقل أهمية عن منصة القاضى لأنه قاضى الكلمة النزيهة المتجردة:

يقول الدكتور محمد خفاجى: ونرى أن الاعلام ضمير الأمة ومرآة المجتمع، وضمير الأمة بطبيعته يعتبر الاعلام جزءًا هاماً فى تشكيل الرأى العام، لذا وجب أن يتحلى الاعلامى لسان رأى الأمة بنزاهة المقصد، فالميكروفون لا يقل أهمية عن منصة القاضى لأنه قاضى الكلمة النزيهة المتجردة.

ويضيف: أما الدور الأهم  فى ظل الظروف التى تحاك بالوطن بعد ثورتين للشعب فى زمن وجيز، تم إنهاك الاقتصاد الوطنى خلالهما فضلاً عن مجابهة مصر للإرهاب الذى يحاكم بمصر والأمة العربية  فيقع على عاتق أجهزة الدولة والجهات المختصة بالشأن الاعلامى، وهو دور لا يحتمل التأخير أو التأجيل، بفتح أبواب المنابر الاعلامية للدعوة للمشاركة الانتخابية وبيان أثرها الايجابى على استقرار الوطن، ولها أن تستعين فى هذا الشأن بأهل الدراية والاختصاص على اختلافهم من أجل  النهوض بالديمقراطية.

وغدا نعرض الجزء الخامس من هذا البحث المتفرد للمفكر الكبير عن المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية.