عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصص ومشاهد من قلب الأحد الحزين

كريم وماري
كريم وماري

«كريم» و«ماري» لا يفترقان حتي في الموت.. و«ميشيل» توقع استشهاده علي «الفيس بوك»

«مينا» عاد من الكويت قبل الحادث بيوم.. واختلاط دماء عم نسيم والضابط عماد

استيقظ مبكرًا كعادته فى كل عيد، أسرع نحو كنيسته التى اعتاد أن يكون أول الحاضرين بها فى أحد الشعانين، ممسكًا بالسعف، وعلى وجهه ابتسامة لم تفارقه طوال الوقت، كالعريس الذي تباغته فرحة الزفاف إلي عروسه.

بمجرد أن وصل شادي كمال إلى الكنيسة بدل ثيابه وارتدى لباس الشمامسة، وعندما حان وقت القداس وبدأت دورة السعف، خفق قلبه بشدة وارتسمت على ملامحه فرحة الانتظار فى شغف لشيء صعب المنال، وفى وسط القداس بدأت قراءة البشائر الأربع، وتعالى صوته بألحان الفرحة والبهجة التى تردد فى قداس أحد الشعانين «كيرياليسون كيرياليسون يا رب ارحم» إلى أن ارتفع صدى صوت ضرب أركان الكنيسة وطغى على صوته الذي بدأ فى التخافت تدريجيًا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، تاركًا ابتسامته التى شوهها الدم الذى غطى ملامح وجهه.

 

«كريم» و«ماري»

«كريم» و«ماري» اعتادا أن يكونا معًا منذ زفافهما من قرابة عقد من الزمان، تحملا خلال هذه المدة مرارة الأيام والمعيشة، تعاونا فى تخطى كل الأزمات، وتواعدا ألا يفترقا أبدًا مهما علت المصائب وضاقت حولهما الدنيا.

فى أحد الزعف، اصطحب كريم غطاس زوجته ليحضرا صلاة العيد معًا بأكبر كنيسة فى «أبرشيتهم»، «مار جرجس»، ولكن تصدى سواد قلب الإرهاب الغاشم للقلوب البيضاء ودوى الانفجار بالكنيسة، ولكنهما تماسكا بالأيدي بشدة خوفًا من التفرق فى الحياة الأخرى. ونقل «كريم» و«ماري» إلى مستشفى الجامعي بطنطا فى حالة خطيرة ضمن مصابي التفجير الإرهابي.

 

«ميشيل»

توقع الشهيد ميشيل عبدالملك، الذي لقى مصرعه فى تفجير كنيسة مار جرجس بطنطا، استشهاده فى منشور له على صفحته الشخصية على الفيس بوك، حيث قال فى منشوره «اجعلنى يا رب مستحقا ان أنظر رحمتك فى نفسى قبل رحيلى من هذا العالم لأدرك فى تلك الساعة رأفتك مع اولئك الذين خرجوا من هذا العالم فى رجاء صالح».

واستكمل الدعاء بقوله: «افتح قلبى يا إلهى بنعمتك، وطهرنى من أى تعامل مع الخطيئة، ومهد طريق التوبة فى قلبى يا إلهى وربى ورجائى وفخرى وملجئى القوى، فبك يا رب تستنير عيناى وأتفهم الحق، اجعلنى أهلا يا رب أن أتذوق الفرح بعطية التوبة آمين».

 

«مينا»

الشهيد مينا نعيم، رشحته الكنيسة للعمل خادما لها فى الكويت، تعب والده فجأة فأصر «مينا» على الحصول على اجازة والنزول إلى مصر يوم السبت قبل الحادث بيوم واحد، للاطمئنان على صحة والده، إلا أن الله اختاره ليكون ضمن شهداء كنيسة مار جرجس بطنطا، تاركًا خلفه زوجته وأولاده.

عندما قامت الكنيسة بترشيح بعض الأشخاص للكهنوت واتصلت به الكنيسة لإخباره، ضحك وقال إنه  غير جدير بها، إلا أن الله اختاره أن يكون ضمن شهداء الحادث الإرهابي.

 

دماء نجل الأب دانيال

حضر الأب دانيال جنازة الشهداء التى أقيمت بنفس مكان مقتلهم فى كنيستهم مار جرجس بطنطا، مرتديًا ملابسه البيضاء التى اصطبغت بدماء الشهداء وقت حادث التفجير، رفض أن يخلع ملابسه واستمر بها طوال اليوم ليعزي الحاضرين فى مصابهم، وتمتلئ عباءته بدم نجله الشهيد «بيشوي».

 

المستشار صموئيل جورج

فرش روحه أمام ملك الملوك بدلا من الأغصان والأرواح، لكي يحتفل بالعيد في السماء، هو المستشار صموئيل جورج، الرئيس بمحكمة كفر الشيخ الابتدائية الذى استشهد في الانفجار الذى وقع بكنيسة مار جرجس بطنطا.

عرف المستشار العدل بطيب خلقه وحسن سيرته وسلوكه، ومحبة الناس له، وصفه الجميع بالمستشار العدل الذي يسعى لنشر التسامح والحب، هو فيها المستشار الشهيد صموئيل جورج من مواليد 1978 محافظة الغربية، حيث التحق بكلية الحقوق جامعة طنطا وتخرج فيها عام 1999، ليعين بعد تخرجه بثلاث سنوات فى

النيابة العامة عام 2002، وتدرج فى المناصب القضائية بالنيابة العامة حتى التحق بالقضاء عام 2009. وفى عام 2010 تم تعيينه بمحكمة شبين الكوم، وظل يتدرج فى القضاء حتى وصل إلي منصب رئيس بمحكمة كفر الشيخ الابتدائية.

تزوج المستشار صموئيل جورج منذ فترة، وفى يوم الحادث توجه كأى مواطن للصلاة فى الكنيسة حتى وقع الانفجار فأدى إلى استشهاده.

 

عم نسيم

اختلطت دماؤه بدماء الضابط الشهيد عماد الركايبي، وصعدا معا إلى السماء، هو نسيم فهيم أو كما يسميه  البعض «عم نسيم» أحد الابطال المجهولين في حادث تفجير الكنيسة المرقسية، عاش حياته في خدمتها، وكتب الله له أن يستشهد وسط رحابها، لتصعد روحه إلى السماء العليا، بعيدا عن آلام ومعاناة المصريين من فراق الشهداء.

ويعد نسيم فهيم صاحب الـ54 عاما، عامل الأمن بالكنيسة المرقسية، وقد أظهرته كاميرات المراقبة في الكنيسة، حيث إنه رفض إدخال الإرهابي من باب السيارات ليذهب من باب الأفراد وكشف المعادن، اضطر الإرهابى للدخول من البوابة الإلكترونية فى محاولة منه للدخول إلى الكنيسة ولكن عندما أظهرت أجهزة الإنذار وجود جسم معدنى طلب منه الشهيد الضابط عماد الرجوع للخلف، ولكن الإرهابى فجر نفسه وكان بجوار البوابة الإلكترونية شهيدة الشرطة النسائية التى كانت تقوم بتفتيش السيدات.

عم نسيم أب لثلاثة أولاد، وهو شخص طيب للغاية، ويؤدي عمله منذ سنوات طويلة ويقابل الجميع بمحبة وسلام ويعرف جميع المترددين على الكنيسة واكتسب خبرة من خلال عمله فرد أمن في الكنيسة.  وساهم عم نسيم خادم الكنيسة المرقسية بيقظته في منع دخول الإرهابى إلى داخل الكنيسة.

 

ملاك الجنة الصغير

«اصحي يا بنتي خلينا نروح علشان اغسل هدومك اللي غرقتيها بدمك دي.. اصحي وبطلي شقاوة.. اصحي وهجبلك اللعبة الحلوة اللي شاورتيلي عليها امبارح... قومي يا حبيبتي... انتِ ما بترديش عليّ ليه.. حد ينام في الشارع كده».

غارقة في دمائها لم ترتكب جرما ولم تدرك أن نيران الإرهاب لا تفرق بين طفل وغيره،  حملتها والدتها معها لكي تذهب لأداء الصلاة، ولم تدرك أمها في هذه اللحظة أنها تشيعها إلى مثواها الأخير.

جاء استشهاد الطفلة لويسندا، وصورتها وهي غارقة في دمائها التي أصابت الجميع بالأسى والحزن لتعبر عن الفراغ الفكري للإرهابيين الذين لا يعرفون أي دين ولا يتوانون عن أن يفعلوا أي شيء مخالف لكل تعاليم الأديان والمبادئ والأخلاق لكي يحققوا أهدافهم ومصالحهم الخاصة، حتى لو كانت الضحية طفلة بريئة تكسر بابتسامتها أي إرهاب أو عنف.