عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«البابا» غيّر مكان انعقاد القداس من وادي النطرون إلى الإسكندرية في اللحظات الأخيرة

تواضروس
تواضروس

إرهابى ارتدى حزامًا ناسفًا وحاول دخول «المرقسية» بعد أن اشتبه ضابط الشرطة به

فى عظته التى بدأها، صباح أمس، قال البابا تواضروس بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية أثناء ترأسه قداس الصلاة، إننا اليوم نبدأ أسبوع الآلام، ولم يدر بخلده أنه مستهدف من قبل تنظيمات تخريبية أرادت القضاء عليه وجر مصر إلى فتنة كبرى بين المسلمين والمسيحين، الأمر الذى أكدته جميع الاحداث والمشاهد التى وقعت، صباح أمس، من تفجيرات وقعت داخل كنيسة مار جرجس بطنطا بمحافظة الغربية والتى راح ضحيتها العشرات من المصريين الأبرياء الذين قضوا بلا ذنب اقترفوه سوى كونهم يحتفلون بأعيادهم، وما حدث من تفجيرات طنطا لم يكن سوى لفت الانتباه عن الجريمة الكبرى التى كانت ستقع بحق «البابا» وهى اغتياله على يد انتحارى يحمل حزاما ناسفا انفجر فى وجه ضابط الشرطة المرابض أمام الكنيسة المرقسية بالإسكندرية ولم يكن المخطط هو القضاء على مجموعة من الأبرياء بل كان القضاء على رأس الاقباط متمثلا فى البابا تواضروس بعد أن وقف وقفته الشهيرة فى مشهد عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسي، الأمر الذى دفع الأقباط ضريبته مدموغة بدمائهم الطاهرة.

وحتى تتحقق رؤية الجماعات التكفيرية كان لزاما عليهم تنفيذ مخطط الفوضى وإثارة الأقباط ضد الدولة لإحداث الوقيعة الكبرى بين الدولة من ناحية وبين شركاء الوطن من ناحية أخرى، وحتى يتم لهم ما يريدون كان لا بد من استغلال جميع الأحداث السابقة والحالية والقادمة لتهيئة المشهد أمام الرأى العام للدولة وإظهار مصر بالدولة العاجزة أمام العالم وإحراجها بعد تكرار العمليات الإرهابية ضد شركاء الوطن ولم يكن ما حدث فى الكنيسة البطرسية أواخر العام الماضى سوى «بروفة» لسيناريو أسوأ، متمثلا فى اغتيال البابا تواضروس ورغم وفاة ما يقرب من 30 مصريا فى أحداث الكنيسة البطرسية عن طريق الإرهابى محمود مصطفى الذى ارتدى حزاما ناسفاً، ودلف إلى الكنيسة إلا أن البابا تواضروس وقف كتفا بكتف بجوار الرئيس السيسى ليؤكد أن الارهاب لن ينال من عزيمة المصريين وأنهم نسيج واحد ضد العمليات الإرهابية الخسيسة.

لقد بدأت خيوط المؤامرة الكبرى تتضح معالمها عندما اعلنت البطريركية بالإسكندرية ليلا عزم البابا تواضروس ترأس قداس صلاة أحد «الزعف» أو الشعانين كما يطلقون عليه، وجرت هذه الصلاة على خلاف العادة التى تجرى بأن يترأس البابا قداس الصلاة بدير وادى النطرون، حيث سهولة التأمين بعيدا عن ازدحام الاسكندرية وبعيدا عن أعين المترصدين لتحركات البابا وهو ما أصاب محررى شئون الكنيسة ومتابعيها بالقلق، فقد فوجئ الصحفيون بمكان انعقاد قداس الصلاة بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية بدلا من وادى النطرون وذلك قبيل ساعات من بدء القداس، ورغم أن تغيير مكان ترأس القداس لم يضف جديدا للصحفيين أو المتابعين أو الراغبين فى الصلاة خلف البابا إلا أنه أربك جميع الحسابات لتلك الجماعات الارهابية التى أحكمت تخطيطها وتكتمت على خططها السرية لاغتيال البابا تواضروس، فقد أربك تغيير مكان إقامة قداس الصلاة جميع الحسابات التى كان من المقرر لها اغتيال البابا فى عقر داره بدير وادى النطرون الذى كان من المنتظر ترأس البابا الصلاة فيه وما إن تم الاعلان عن اختيار الاسكندرية لإقامة الصلاة وتواجد البابا حتى حدثت تغييرات تكتيكية فى خطة الاغتيال.

فعلى المستوى الأمنى وقعت تفجيرات فى كنيسة مار جرجس بمركز طنطا بمحافظة الغربية وهى المحافظة القريبة من محافظة الاسكندرية وعلى نفس الخط وذلك عن طريق قنبلة شديدة الانفجار تم إدخالها عمدا داخل الكنيسة التى تشهد الصلوات وتشهد حضوراً كثيفاً من المصريين الواقفين بين يدى الله؛ لتذهب أرواحهم إلى بارئها فى السموات وتبقى صلواتهم شاهدة على طهارتهم وتتناثر أشلاؤهم على أرجاء الكنيسة، وتسيل دماؤهم على زعف «الجريد» بعد أن قرر الإرهاب لفت جميع الأنظار الى تلك الكارثة التى راح ضحيتها ما يقرب من 30 شهيدا و75 مصابا والأرقام مرشحة للزيادة فى ظل وجود يد آثمة عبثت بأمن المصريين، وقد حدث ما أراده الارهابيون فقد هرعت جميع الاجهزة الى تلك البقعة من طنطا والتفت الاجهزة التنفيذية لتتابع ما حدث وشل تفكير القيادات لتحليل ما حدث كما

سارعت الاجهزة الأمنية لتقصى الحادث وتنقب يمينا ويسارا وتفتش كل ركن وتطارد السيارات المشبوهة حتى تحصل على جواب أو مشتبه أو فاعل لتلك التفجيرات التى سرقت الأنظار إليها ليحلو لتلك الجماعات الإرهابية تنفذ جريمتها الكبيرة فى الإسكندرية.

وعلى المستوى الزمنى فقد وقع تفجير الكنيسة المرقسية بالإسكندرية فى تمام الساعة الحادية عشرة والربع من صباح أمس، وهو الوقت الذى كان البابا تواضروس متواجدا داخلها وكان قد فرغ من إنهاء قداس «الجنازة» المعروف باسم «التجنيز العام» والمرتبط ببداية احد الشعانين، وهو الوقت الذى يتلقى فيه البابا التعازى فى ضحايا كنيسة طنطا الذى وقع فى تمام الساعة العاشرة من صباح أمس وهو الوقت الذى انشغلت فيه بعض الأجهزة فى تقديم واجب العزاء للبابا وهو الوقت الذى يتلقى فيه البابا عزاء الرئيس السيسى فى شهداء الكنيسة.

وفى الوقت الذى انشغل فيه الجميع بتفجيرات هنا وهناك وتفكيك قنابل هيكلية لتشتيت جهود الأجهزة الأمنية، تسلل أحد الأشخاص الى حرم الكنيسة المرقسية مرتديا حزاما ناسفا، ولم يكن يلفت الانظار اليه حتى اشتبه به احد الضباط المرابطين امام الكنيسة شديدة الحراسة، محاولا استيقافه للتعرف على هويته لكنه فرَّ هاربا ومهرولا نحو الكنيسة بأقصى سرعته، لكن الضابط أصرَّ على مطاردته لآخر نفس لعلمه بالتفجيرات التى وقعت بكنيسة طنطا وما إن حاول الإرهابى الدخول الى الكنيسة بعد أن تمَّ كشفه أمسك به الضابط وقبل أن ينبس ببنت شفة سمع دوى انفجار ضخم فى محيط الكنيسة هزَّ أرجاءها وراح ضحيته الضابط الشهيد الذى دفع عمره ثمنا وفداء للبابا تواضروس، ولم يكن الضابط هو وحده الذى دفع ثمن شجاعته والقيام بواجبه بل راح ضحيته أيضا 3 من رجال الشرطة و11 من الابرياء بجانب وجود ما يقرب من 15 مصابا والارقام فى ازدياد لحين الانتهاء من حصرها.

تأتى عملية اغتيال البابا الفاشلة فى ظل أجواء ملتهبة، حيث استطاعت الدولة فى الفترة السابقة توجيه عدة ضربات قاتلة للتنظيمات الإرهابية التى تحاول زعزعة أمن واستقرار البلاد، وتأتى تلك المحاولة فى ظل ترقب مصر كلها للزيارة التاريخية لبابا الفاتيكان والمقرر لها نهاية الشهر الجارى وهو ما تحاول تلك الجماعات الإرهابية إيصال رسالة للعالم ـ فى حال اغتيال البابا تواضروس- مفادها الفوضى التى تضرب مصر فى وقت انتهى فيه الرئيس السيسى من زيارة تاريخية وناجحة للولايات المتحدة الامريكية وهى الزيارة التى تم ترتيبها على أعلى مستوى، وهى العملية الفاشلة التى أرادت تلك الجماعات من وراءها بث روح العداء والفرقة والوقيعة بين نسيج الأمة بعد أن انحاز البابا تواضروس للدولة المصرية ووقف فى وجه الجماعات الإرهابية التى أرادت القضاء على الدولة بعد أن تمّ الإطاحة بمرشدهم ورئيسهم فى 2013.