عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلام المكلمنجية و زيارة الرئيس السيسي للأمم المتحدة

مع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة و الستين و التي كانت مصر من الدول المؤسسة لها في أعقاب الحرب العالمية الثانية و التي تكتسب أهميتها السياسية هذا العام من أنها تعقد في خضم أحداث دولية و أرهاصات في اعقاب أنتهاء الحرب الباردة و أزمة أقتصادية دولية و ثورات الربيع العربي و أزمات مازالت تتشكل مثل الأزمة الاوكرانية و تنامي خطر داعش و أزمات مستمرة مثل الصراع في شبه الجزيرة الكورية و البرنامج النووي الإيراني و الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و الوضع المتدهور في السودان و جنوب السودان و هي مازالت تلقي بظلالها و أثارها و نتابع فصولها يوم بعد يوم من خلال مجلس الأمن الذي يعد أقوي أجهزة الأمم المتحدة المنوط به حفظ الأمن و السلام علي المستوي الدولي. و إذا انتقلنا الي الجانب التنموي فنجد أن أهداف التنمية الألفية لما بعد عام ٢٠١٥ و قمة المناخ و قضايا تمكين المرأة و حماية الطفولة و رعاية اللاجئين تأتي علي قمة قائمة الأهتمامات هذه الدورة.

من المنتظر أن تشهد أجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نشاط مكثف للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيث تعد أول زيارة له للأمم المتحدة و هي ستكون فرصة   للقيام بالعديد من النشاطات و منها حضور الرئيس أجتماعات قمة المناخ التي تعقد علي هامش أجتماعات الجمعية العامة قبل القاء كلمة مصر يوم الثلاثاء ٢٥ سبتمبر و ذلك بالأضافة لعقد لقائات ثنائية مع العديد من زعماء الدول التي ستحضر الاجتماعات و عقد بعض اللقائات الصحفية مع الأعلام الدولي و ليس من الواضح حتي الأن إذا كان سيقوم بعقد لقائات مع افراد الجالية المصرية في الولايات المتحدة ام لا.

اما و حتي هذه اللحظة أنا مصاب بحالة من الهلع لما أشاهده من تغطية من اصحاب دكاكين برامج التوك شو علي الفضائيات المصرية و الذين يفتنون في خلق أخبار و التشويش علي هذه الزيارة الهامة علي الساحة الدبلوماسية الدولية و حولوها بقدرة قادر الي مناسبة لإستعراض قدراتهم في الردح و الزعيق و التهديد بمؤامرات لا أساس لها الا في خيالهم المريض و تمثل دليل علي ضحالة معلوماتهم في الشئون الدولية و انعدام مصادرهم في الأمم المتحدة و الولايات المتحدة الامريكية و معلوماتهم المضللة مصادرها في الغالب من مواقع التواصل الأجتماعي لأفراد هم أجهل منهم و من ضمن هذه الأمثلة التي تدل علي فداحة هذا الواقع ما يلي:

• "هناك مؤامرة للتشويش علي كلمة الرئيس السيسي خلال الجمعية العامة و قطر و تركيا تخططان للإنسحاب من الجلسة"!!!
للوهلة الأولي لمن يسمع هذا الكلام و ليس علي علم بنظام كلمات الرؤساء في الأمم المتحدة يظن أن الوفدين القطري و التركي سيقوموا بالشوشرة و الصراخ اثناء كلمة الرئيس امام الجمعية العامة و كأننا في سوق التلات!!  للتوضيح الدخول الي قاعة الجمعية العامة هو فقط لأعضاء الوفود الرسمية و أجرائات التأمين في داخل المنظمة تقع علي عاتق جهاز أمن الأمم المتحدة و خارجها تقع علي الشرطة في مدينة نيويورك و أمن الخارجية الامريكية  و داخل القاعة كل وفد له اربعة مقاعد بخلاف رئيس الدولة فالمتوقع أن تجد وزير الخارجية و المندوب الدائم للدولة في الأمم المتحدة و شخصية اخري مثل نائب المندوب الدائم او احد المستشارين!! و اذا فالحديث عن حدوث شوشرة هو بجدارة كلام حشاشين لأن لكل دولة وقت محدد لإلقاء كلمتها و هو حوالي عشرة دقائق و لم يحدث أن قامت أي دولة في تاريخ الأمم المتحدة و اجتماعات الجمعية العامة أن قامت أي دولة و في هذه الحالة رئيس أي دولة بمقاطعة او التشويش علي رئيس دولة أخري لما يتنافي ذلك مع قواعد الأدب و الأعراف الدبلوماسية الدولية. بالنسبة للجزء الثاني من هذا الأدعاء و هو قيام قطر و تركيا بالانسحاب من الجلسة اثناء القاء الرئيس السيسي كلمته!! هذا ايضا يدل علي جهل شديد بأبسط المعلومات الا و هي أن الجمعية العامة للأمم التحدة تضم ١٩٣ دولة أعضاء و إذا صدق هذا السيناريو الخيالي فسيظل بالقاعة وفود ١٩١ دولة و حتي لو انسحبت معهم ١٠ او عشرون دولة و هذا غير وارد او متداول حتي الأن فسيظل هناك اكثر من مائة و سبعون دولة موجودون في القاعة فما هو الضرر من ذلك؟؟ هل انسحاب دولتين او عشرة يؤثر علي دولة بحجم مصر؟؟ بالطبع لا و يدل علي أن القائل لا يعرف حجم مصر علي المستوي الدولي و بالذات في الأمم المتحدة و لكنه مثال علي تردي و افلاس دكاكين التوك شو المصرية و جهل القائمين عليها بأبسط المعلومات.

• "الإخوان المسلمين في نيويورك ينون القيام بمظاهرة خارج الأمم المتحدة لإظهار وجود معارضة للسيسي"!!
يغفل هؤلاء المكلمنجية أن النظام الامريكي يقوم علي الانفتاح و حرية التعبير و من الطبيعي أنه مثلما ما هو موجود في مصر فهناك أختلاف في المواقف و الأنتمائات السياسية و مثل ما يوجد تأيد للرئيس السيسي في مصر يوجد ايضا معارضة و المجتمع الامريكي معتاد علي هذه المشاهد و خلال الجمعية العامة تجد في الاماكن المخصصة للمظاهرات أشكال و ألوان من المعارضين من مختلف دول العالم و منها الولايات المتحدة الامريكية نفسها فما هو الداعي الي

حالة الهلع التي يبدو عليها الإعلاميين المصريين علي شاشات التليفزيون هذه الايام؟ ليس عيبا او ضعفا أن يكون هناك معارضة و لكن العيب و منتهي الفاشية أن يظنوا أنه هناك إجماع بنسبة ١٠٠٪ علي شخصية اي زعيم في اي دولة من دول العالم بل هي نوع من السذاجة و المراهقة السياسية و إن دلت فهي تدل علي مدي تدهور الحريات في هذا المجتمع فرحمة بنا يا أيها المكلمنجية. اما بالنسبة لمواقع هذه المظاهرات فهي تبعد بمسافة مائة متر عن اقرب نقطة للمبني الذي تعقد به الاجتماعات و احتياطات الأمن و التأمين عالية جدا و يكفي أن تعلم أنه خلال أنعقاد الاجتماعات يتم اغلاق الأفنيو الأول حيث يمتد مبني المنظمة الدولية من الشارع ٤٢ و حتي الشارع ٤٧ و الشوارع المؤدية له و لا يتم عبور الحواجز من الأفنيو الثاني الا لمن يحمل بطاقة الأمم المتحدة الخاصة بالجمعية العامة، فمعين ذلك سواء المظاهرات المؤيدة او المعارضة هي فقط من اجل التنفيس و الشو الاعلامي فقط.

• "حركة ٦ أبريل في امريكا تقوم بجمع التوقيعات لمنع دخول الرئيس السيسي الي امريكا"!!!
نموذج اخر لنوعية الدش بأي كلام لملئ ساعات الأرسال و ذلك اولا عدم معرفة قواعد اتفاقية دولة المقر بين الأمم و المتحدة و الحكومة الامريكية و التي بموجبها تلتزم الحكومة بمنح تأشيرات الدخول لرؤساء الدول و الوفود و الدبلوماسيين العاملين في البعثات الدائمة بغض النظر عن موقف الحكومة الامريكية منهم. ثانيا يوجد بالفعل عريضة علي الانترنت تقوم بالترويج لها ٦ ابريل في امريكا و لكن الأقبال عليها ضعيف جدا و حتي كتابة هذه السطور وصل عدد الموقعين عليها الي خمسون فرداً فقط!! و حتي لو وصل عدد الموقعين عليها الي خمسون الف فرداً فلن تمثل إجبار للحكومة الامريكية بأي شكل من الأشكال و اضافة الي ذلك فالحكومة الامريكية ليست في حالة عداء بأي شكل من الأشكال مع الحكومة المصرية و يتم تبادل الوفود بطريقة دورية، فلماذا هذا التشكيك و لمصلحة من؟؟

• "التلويح أن سلامة الرئيس السيسي قد تكون في خطر خلال وجوده في امريكا و صياح احد الإعلاميين "يبقي حد يقرب له"!!!
لا أدري من اين يأتي الأعلاميين بهذه الاخبار و للتوضيح تأمين رؤساء الدول خلال اجتماعات الأمم المتحدة او تواجدهم في امريكا يكون مسئولية جهات متعددة سواء دولية او امريكية و بالطبع مصرية و لم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة أن كانت السلامة الشخصية للرؤساء محل نقاش او شك.

أخيراً ربما يكون من الأفضل لأصحاب دكاكين التوك شو الأستعانة بمراسليين صحفيين محترفين موجودون في مواقع الأحداث و اصحاب مصداقية بدلا من الاعتماد علي صفحات الفيسبوك و تويتر و التي قد يكون أصحابها يتقمصوا شخصيات بأسماء مصرية و هم ليسوا بمصريين و هدفهم احداث بلبلة و تشتيت و ترويج اخبار كاذبة و هذا اسلوب برعت فيه اجهزة المخابرات للدولة الصديقة و المعادية علي حد سواء. رجاء اخير رفقا بعقول الشعب المصري و الالتزام بالمعايير الاحترافية للاعلام يرحمكم الله و في هذا الموقف اتذكر دعاء للإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال فيه"اللهم أحمني من أصدقائي اما أعدائي فأنا كفيل بهم" و ما أحوج الرئيس السيسي الي أن يحميه الله من الإعلاميين من هذه النوعية لأن ضررهم فادح عليه و علي الأمة المصرية.

للتواصل مع الكاتب:
[email protected]

*** أحمد فتحي، كاتب و محلل سياسي و أقتصادي متخصص في الشئون الدولية و مراسل الوفد في الأمم المتحدة في نيويورك