عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قراءة هادئة فى الأبعاد الخفية للفيلم المسىء

بعد تفجر قضية الفيلم المسيء والتي تم تصعيدها إلى مستوي الانفجار سواء بحسن نية المتظاهرين او تخطيطهم الإجرامي للقيام بأعمال إرهابية تجاه البعثات الدبلوماسية الأمريكية في مصر وليبيا ولاحقاً في بلدان اسلامية عديدة باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي!؟ او بسبب سوء نية منتجي الفيلم الهواة من بعض المتطرفين من أقباط المهجر الأرثوذكس دعاة تقسيم مصر وإنشاء دولة مستقلة للأرثوذكس بها امثال عصمت زقلمة وموريس صادق وإيليا باسيلي ومن معهم من افراد قليلين. إن ما حدث له أبعاد كثيرة ومتشابكة وفى هذه المقالة سأتعرض لثلاثة أبعاد لها قدر عالٍ من الأهمية وهي البعد المصري والبعد الأمريكي والبعد الدولي.

البعد المصري

بعيداً عن البعد الديني وجرح مشاعر المسلمين في مصر بإهانة الرسول - صلى الله عليه وسلم  - ومشاعر المسيحيين الذين يتعرضون للتمييز والمتمثل في حرق الكنائس والتهجير القصري في بعض الحالات والتمييز في تولي الوظائف سواء في الحكومة او القطاع العام او الجامعات أو عدم إعطائهم مساحات إعلامية في وسائل الإعلام الحكومي علي سبيل المثال لا الحصر فإن البعد المصري في القضية يتجاوز هذا بكثير ويمكن تلخيصه في التالي وهو وجود شيوخ قنوات فضائية اسلامية احترفوا عملية تهييج المشاعر الدينية بسبب او بدون سبب واستغلال المشاعر الدينية في تشجيع العنف والخروج علي القانون واصدار فتاوي ما انزل الله بها من سلطان، ومصادر تمويل تلك القنوات مشبوهة قادمة من أعماق الصحراء بهدف تحويل مصر الي دولة من العصر الحجري باسم الدين.

أما  علي الجانب المسيحي للأقباط الأرثوذكس فإن الوضع لا يختلف كثيرًا فهناك القنوات المسيحية المتطرفة تروج للفتنة وتحترف إلهاب المشاعر الدينية واللعب علي نغمة الطائفية البغيضة وأيضاً مثل القنوات الفضائية الاسلامية تتلقي تمويلاً من الخارج، ولكن هذا التمويل يأتي من جماعات اليمين المسيحي الصهيوني (الاسم الرسمي في امريكا) وتجار الإسلاموفوبيا من أقباط المهجر الأرثوذكس وبعض المتحولين الي المسيحية من المسلمين السابقين الذين مكنوا الحركة الصهيونية العالمية من اختراق الكنائس الشرقية علي اختلاف انتماءاتها العقائدية تنفيذاً لمخطط إشعال منطقة الشرق الاوسط وحتي يعجلوا بحدوث ارماجدون وهي الحرب التي ستحدث في آخر الزمان عند موقع جبل مجيدون والتي سيعقبها نزول السيد المسيح - عليه السلام - الي الارض لنشر العدل والسلام طبقا للمعتقدات التوراتية والانجيلية .. هذا وصف سريع للحالة الدينية الإعلامية علي الجانبين.

اما عن البعد السياسي والاقتصادي فإن توقيت تفجر هذه القضية والترويج لها فقد جاءت عن طريق شيوخ الفضائيات المنتمين الي التيار السلفي بهدف إحراج الحكومة المصرية ودق إسفين في العلاقات مع امريكا، خصوصاً أن تاريخ بداية احداث العنف جاءت في يوم ١١ سبتمبر وهو يوم اليم للأمريكيين ويقومون فيه بإحياء ذكري الذين قتلوا في تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاجون في واشنطون وشانكسفييل في ولاية بنسلفانيا وجاء أيضاً عقب زيارة اكبر وفد اقتصادي امريكي الي مصر لإفشال اي نتيجة كانت مرجوة من هذه الزيارة، والتى مثلت فرصة كبيرة لاستقطاب الاستثمارات الأمريكية في مشروعات في مصر كانت ستخلق عشرات الآلاف من الوظائف وقيمة مضافة للاقتصاد المصري وملايين الشباب العاطلين في اشد الحاجة اليها أضف إلى ذلك التفاوض حول  مشروع قرار إسقاط  مليار دولار من الديون المستحقة على مصر وتسهيل حصول مصر على قرض قيمته 4.85 مليار دولار من البنك الدولى وأخيراً العمل علي إفشال مباحثات الرئيس المصري محمد مرسي مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

البعد الأمريكي

في البداية وقبل أن نستعرض أبعاد القضية المختلفة وتأسيسا للنظم والقواعد المعمول بها في امريكا احب أن أوضح أن القضية تم تضخيمها بشكل خرافي وإعطائها حجما مهولا وتم ذلك عن جهل وسوء نية متبادلة لإلصاقها في البداية بحكومة الولايات المتحدة وحتي نوضح للقارئ المصري بعض الحقائق عن النظام الامريكي والمادة الأولى فى الدستور الخاصة بحرية التعبير. الحقيقة الأولي أنه لا يوجد شىء يعرف بوزارة الاعلام او وجود إدارة او هيئة للرقابة علي المصنفات الفنية كما هو الحال في مصر. النقطة الثانية أن الحكومة الامريكية لا تستطيع التدخل بأي شكل فيما يقوم به المواطنون من اعمال طالما لم يوجد قانون للتجريم ولكن الجميع امام القانون متساوون الحكومة والمواطنين.. النقطة الثالثة أنه طبقا لوثيقة الحريات التي هي اساس الدستور الأمريكي المقرة منذ اكثر من ٢٤٦ عاماً فإن الحكومة الأمريكية لا يمكنها ان تضع قانوناً يقر وضعاً خاصاً لأي ديانة او وجود دين رسمي للدولة يعيق حرية ممارسة اي دين او يحد من حرية التعبير او التعدي علي حرية الصحافة او التدخل في الحق في التجمع السلمي او حظر تقديم عريضة للحكومة للإنصاف من مظلمه.

الآن وبعد استعراض المبدأ الدستوري الامريكي الذي ينفي تورط الحكومة الامريكية في انتاج الفيلم نأتي الي وضع الأقباط الأرثوذكس في أمريكا فعلي مدار عقود تبنت حكومة الولايات المتحدة والكونجرس موقف مساند لهم وتقارير الحريات الدينية تقر بوجود مطالب مشروعة لهم و توثق تعرضهم للاضطهاد ولكن عقب الانتخابات الرئاسية المصرية وتصويتهم للمرشح المنافس الفريق أحمد شفيق وفوزه بأصوات المصريين في الولايات المتحدة في مقابل الدكتور محمد مرسي المرشح الذي فاز برئاسة مصر في النهاية تغيرت نبرتهم تجاه إدارة الرئيس باراك أوباما ووصلت الي حد اتهامه بدعم مرشح الاخوان مقابل مرشحهم شفيق وصدرت العديد من التصريحات العدائية تجاهه وهنا فإن انتاج هذا الفيلم ومعرفة القائمين عليه بحجم ثورة الغضب التي ستنفجر في أنحاء الشرق الاوسط فهو بمثابة خلق أزمة سياسية خارجية للرئيس أوباما بهدف التأثير في نتيجة الانتخابات وذلك للتغطية علي ضحالة خبرة المرشح الجمهوري ميت

رومني ونائبه بول رايان في السياسة الخارجية وإلقاء قنبلة متفجرة في معسكر الديمقراطيين.

إن التحالف الشيطاني بين الحركات المسيحية الصهيونية وبعض الأقباط الأرثوذكس مثل موريس صادق وجوزيف نصر الله عبد المسيح صاحب قناة الطريق المسيحية التابعة لجمعية اعلام من اجل المسيح التي يرأسها جوزيف نصر الله في كاليفورنيا وتورطها الواضح في انتاج الفيلم حيث إن الاوراق التي قدمت لنقابة الممثلين والمخرجين تمت تحت اسمها، والنقطة الهامة التي تثور الآن حول هذه القضية وهل هي قضية حرية رأي وتعبير ام انها قضية تشجيع علي الإرهاب كما تم التعامل مع أحاديث وفتاوي المواطن الامريكي المولد اليمني الأصل أنور العولقي الذي بسبب أحاديثه وفتاويه اسهم في ازدياد العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة والتنظيمات الجهادية الأخري تجاه الولايات المتحدة والدول الغربية والذي تم تسهيل سفره وانضمامه الي تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وتم قتله لاحقا باستخدام الطائرات بدون طيار، ومازالت تثير حادثة قتله جدلا قانونيا وأخلاقيا في الولايات المتحدة حيث يري البعض أن حقوقه المدنية قد انتهكت حيث تم قتله دون محاكمة والجانب الاخر من الجدل يقول إن أحاديث العولقي قد أضرت بالولايات المتحدة وكانت نتيجته مقتل العديد من الجنود الأمريكيين في الشرق الاوسط و كذلك تشجيع العديد من العمليات الإرهابية وكما نري يوجد تشابه في النتائج مع قام به العولقي وما قام به نيقولا باسيلي نيقولا و جوزيف نصر الله عبد المسيح و موريس صادق و أتباعهم من أقباط المهجر الذين لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليدين من إشعال العنف تجاه المصالح الامريكية ممثلة في بعثاتها الدبلوماسية ومقتل السفير الامريكي في ليبيا وثلاثة من العاملين في القنصلية في بنغازي. فالسؤال هنا هل يتم التضحية بهؤلاء علي طريقة العولقي ام أن اليمين المسيحي الصهيوني سيمنع ذلك؟

البعد الدولي

اول خيط تم كشفه في القضية هو اسم سام باسيل الذي صرح في حديث لوكالة الاسوشيتد برس أنه مواطن يهودي إسرائيلي وهذا الخيط تم البحث خلفه وثبت زيفه وأنكرت القنصلية الاسرائيلية في لوس أنجلوس وجود اي مواطن إسرائيلي بهذا الاسم من أساسه وتبين فيما بعد أن سام باسيل ما هو الا نيقولا باسيلي نقولا ذو الأصول المصرية الأرثوذكسية و بدأت اجهزة الأستخبارات الأسرائيلية في البحث خلف هذا الموضوع و لا نتوقع أن الموساد سيترك هذا الموضوع قريباً وأن الأقباط الأرثوذكس قد ظهروا علي شاشات الرادار للموساد نتيجة لفعل قلة منحرفة رعناء من المنتمين اليهم بالظبط كما حدث مع الجاليات الاسلامية في أعقاب احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١.

علي الجانب الاوروبي تعرضت السفارة الالمانية في الخرطوم للهجوم رداً علي الفيلم المسىء دفع بها الي الساحة، والمانيا كما هو معلوم ليست دولة صغيرة في اوروبا بل عامودا أساسيا وقوة نافذة في الاتحاد الاوروبي كله ويوجد بها أيضاً كنائس قبطية أرثوذكسية وهي تنتمي الي المعسكر الغربي ولها مصالح واسعة في العالم العربي والاسلامي ولن تسمح بتهديدها.

في النهاية هذه القضية لم تكتمل معالمها بعد وتزداد غرابة يوماً بعد يوم منذ بدايتها وحتي اليوم وانعكاساتها ستأخذ وقتا طويلا لتتبلور وتأثيراتها لن تكون فقط في إطار دول الربيع العربي والمسلمين، ولكن اول من سيكتوي بنارها هم المسيحيون الأرثوذكس نتيجة لفعل السفهاء منهم ونظرة التعاطف وأبواب اللجوء الديني ستتم إعادة النظر فيها والتبرعات للجمعيات المشبوهة سيتم فحصها والتدقيق في كل سنت دخل الي هذا المنظمات واين انفق وأيضاً سيتم فحص سجلات هذه الكنائس والمترددين عليها لتلافي احداث مشابهة في المستقبل تماماً كما حدث بعد احداث ١١ سبتمبر وغلطة السفهاء سيدفع ثمنها كل الشرفاء.

وللحديث بقية ...

*** كاتب صحفي و محلل سياسي متخصص في شئون السياسة الدولية والاقتصاد ومراسل الوفد في الأمم المتحدة في نيويورك