رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هيكل والوفد

استوقفنى عنوان من عناوين الحوار الذى أجرته جريدة «الأهرام» مع الأستاذ محمد حسنين هيكل الثلاثاء الماضى، ولولا أن العنوان يخص حزب الوفد ما توقفت عنده،

لأن لى رأياً فيما يحاول الأستاذ هيكل إفراغه فى عقول المصريين. ولى رأى فى ادعائه بإشاراته أنه الأعلم ببواطن الأمور، وأكثر البشر على التحليل والفهم. وأنا ــ لله ــ لا يروق لى ما يلقيه الأستاذ هيكل على مسامعنا وأمام أعيننا من كلام كان له سوق فى الماضى، أما الآن فلا سوق لما يسوِّق إلا فى أوساط ضيقة.

وأعود لما قاله الأستاذ عن الوفد، فقد قال محللاً للقوى السياسية الموجودة على الساحة فقال: إن الاحتلال البريطانى ظل فى وجود الوفد إلى أن قامت ثورة يوليو عام 1952.

وفى عام 1956 تحقق الجلاء البريطانى عن مصر مرتين فى عام واحد، «ولا أدرى  كيف يتم الجلاء مرتين»، إلا أنه أوضح قائلاً، إنه تم مرة باتفاقية «ولم يوضح لنا ما هى الاتفاقية» مستكثراً أن يذكر انها اتفاقية الجلاء التى وقعها النحاس باشا زعيم الوفد عام 1936م، واستطرد قائلاً: إن المرة الثانية للجلاء كانت بغير اتفاقيات بعد معركة تأميم قناة السويس..

ويرى الأستاذ هيكل أن الوفد عاد للحياة السياسية بعد غيبته لمدة ربع قرن بإذن وسماح وفى ظروف كانت السلطة تبحث عن مجرد زركشة للديمقراطية، ونسى الأستاذ أو لعله قد تناسى أن الوفد عندما عاد «ليزين» الديمقراطية الوليدة، قد رفض أن يكون مجرد ديكور أو برواز  لصورة نظام السادات، فآثر أن يجمد نشاطه فى قرار جرىء لم يتخذه حزب مصرى غيره فى تاريخ الحياة السياسية المعاصرة.

ونسى الأستاذ أو ربما تعمد أن يغفل ما لا يريده،ولم يذكر أن الوفد عندما قرر العودة للعمل بقوة واجهه النظام بالرفض، فلم يكن أمامه إلا معركة قضائية انتهت بفوزه، ليعود للحياة السياسية بحكم القضاء بعد تجميد استمر 4 سنوات.. ولم يكن الوفد كما ادَّعى الأستاذ هيكل مجرد زركشة للديمقراطية،بل كانت عودته زلزالاً هزَّ ورجَّ أركان النظام بفوز غير متوقع بمقاعد فاقت المائة مقعد فى البرلمان،واجهه النظام فيها بتزوير مفضوح لم يكن يقل عما شهدته انتخابات برلمان 2010.

واستوقفنى فيما أفرغه الأستاذ هيكل على صفحات الأهرام، وربما استوقف غيرى ممن صادفهم كلامه ما قاله من أن الوفد لو كان له وجود مؤثر فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى لما قامت ثورة «23 يوليو»، ولو كانت له قوة فى مطلع الألفية الجديدة لما قامت ثورة 25 يناير، لأن الثورتين لم يكن لها داع،إذا كان هناك

حزب كبير يملأ فضاء الحياة السياسية،لكن ذلك لم يكن حاصلاً كما يرى الأستاذ هيكل.

والذى يشغل نفسه لثوانٍ معدودة فى معرفة قصد الأستاذ هيكل من كلامه لوجد أنه كان يريد حزباً «واحداً» يملأ فضاء الحياة السياسية، يعنى حزب واحد فقط مثلما كان الاتحاد الاشتراكى الذى يحن له الأستاذ هيكل باعتباره من إنجازات الثورة التى يعشقها،أو وريث الاتحاد الاشتراكى، وهو الحزب الوطنى الذى  كان يملأ وحده الفضاء السياسى، قبل ثورة يناير..

والعابر على كلام الأستاذ هيكل والمار عليه مرور الكرام قد يعتقد على غير ما يريد ويقصد «الأستاذ» أن الوفد له الفضل فى ثورتين «ثورة يوليو وثورة يناير»، وقد يرى البعض أن ما ذكره فيه انتقاد يتعدى حدود النقد المحايد لتحميل الوفد مسئولية فساد سبق ثورة عام 1952، وفساد سبق ثورة عام 2011، وعموماً للأستاذ هيكل مقدرة على اللعب بالألفاظ لم يتفوق فيها أحد عليه.

ويغيب عن الأستاذ هيكل أو ربما يتجاهل حقيقة أن الوفد أكبر من أن يحكم عليه هو أو أى أستاذ مثله. الوفد يحكم عليه التاريخ، وقد قال التاريخ كلمته عنه وعن قياداته فى مرحلة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، وأكد وطنية قياداته ودوره الكبير فى مواجهة ملك فاسد ومواجهة احتلال غاشم رحل عن الوطن بموجب اتفاقية وقعها الوفد وليس بمعركة تأميم القناة التى جرَّت عدواناً ثلاثياً دمر مصر ولم يرحل إلا بتدخل أمريكى.. أما مرحلة ما قبل ثورة يناير فالحكم فيها سيكون للتاريخ. ولكنه لن يقول كلمته الآن إلا بعد أن يرحل المزورون عن الحياة، وليت الأستاذ هيكل يعلم أن معظم ما يحاول أن يمليه علينا من كلام لا ينطلى على عقل طفل.

bakier@hotmail.com