ومازال الفساد..
نشرنا فضائح لشركة «ألستوم» الفرنسية التى تُنَففِّذ فى مصر مشروعات بالمليارات فى مجالات مترو الانفاق ومحطات توليد الكهرباء، غير أنَّ أحدًا لم يهتم، فقد كُنَّا وقتها فى عصر يصفونه الآن بأنه عصر الفساد..
وفى العصر الجديد وتحديدًا أول من أمس، وعندما استفسر الزميل مصطفى ياقوت الصحفى بموقع «دوت مصر»، من المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسام القاويش، عن رأيه فى اعتراف شركة «ألستوم» بتقديمها رشاوى لمسئولين منهم مصريون لتسهيل أعمالها، فقال له: «مال مجلس الوزراء ومال الموضوع ده؟!.. وعلى العكس تمامًا فعندما كشفت جريدة ''فولها'' البرازيلية التى تصدر من مدينة ساو باولو عن فضيحة رشوة من شركة «اولستوم» لمسئولين برازيليين، اهتمت الحكومة هناك، وأجرت الشرطة المحلية والجهات القضائية تحقيقات موسعة، بالتعاون مع هيئات قضائية سويسرية وفرنسية أيضًا، بعد اكتشاف تحويلات مالية كبيرة مشبوهة عن طريق بنك سويسرى صغير، إلى شركات وهمية تابعة لشركة «ألستوم» الفرنسية، وتمت محاسبة المُتَوَرِّطين..
وشركة «ألستوم» شركة كبرى لها مشروعات فى مجال النقل والسكك الحديدية وانتاج الطاقة فى دول بالعالم، ولها مشروعات فى جميع الدول العربية، فازت بإنشائها بعقود مشبوهة بالرشوة والفساد.. وتخضع الشركة لتحقيقات من السلطات الفرنسية والأمريكية والسويسرية والبرازيلية؛ لتقديمها رشاوى وعمولات لمسئولين، بنسبة 15% من قيمة الفوز بتنفيذ عقود فى دول عديدة.. وتتهرب «ألستوم» ــ وفقًا لتقارير قضائية ــ من سداد الضرائب عن أرباحها من المشروعات التى تنفذها فى مصر. وسبق اتهامها فى عام 2007 بتقديم رشاوى لرئيس الهيئة القومية للأنفاق..
وقبل يومين فقط أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن اعتراف شركة «ألستوم» الفرنسية أمام محكمة مقاطعة كونتيكت بولاية نيوجيرسى، برشوة مسئولين فى مصر والسعودية وإندونيسيا وتايوان والبهاما؛ للفوز بعقود لتنفيذ أعمال بهذه الدول، وغَرَّمت
وأمريكا عندما حققت وكشفت وعاقبت شركة «ألستوم»، لم تكن تفعل ذلك من أجل عيوننا، لكنها تريد تحطيم هذه الشركة الفرنسية؛ لتستحوذ عليها أخرى أمريكية.. والفساد الذى كشفته أمريكا مسئولية أهله، ونحن أهله، وعلينا مواجهته بكل قوة وحزم.. ولابد اليوم أنْ تعلم الحكومة أنَّ الفساد مازال معششًا فى كل أركان الدولة، لا يحتاج إلى تنقيب لكشفه، فهو واضح كالشمس، ورائحته تزكم أُنوف الشرفاء، أما الفاسدون فلا تزكمهم رائحته، لأنهم تمامًا كالعاملين فى المجارى رائحة النَتَان لا تقرفهم ولا تشغلهم ولا تعنيهم.