رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا يا وزير العدل!!

لم نسمع من قبل أن وزيراً للعدل قد خاض في قضية منظورة أمام القضاء. ولم نسمع أن وزيراً للعدل قد تفرغ للحديث في وسائل الإعلام في قضايا لا تخص عمله، ولم نسمع أن وزيراً للعدل قد تحدث بما يؤثر علي القضاء والرأي العام في قضايا تنظرها المحاكم.. وأدهشني إلي درجة الصدمة تلك الأحاديث العديدة المتكررة التي يطل علينا بها المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل، ولا أري أنه من المناسب أن يخوض الوزير بهذا الشكل في القضايا التي ينظرها القضاء حالياً، ولم يحسمها بعد بحكم نهائي بات.

في السابق لم نكن نسمع من وزير العدل - أي وزير - حديثاً إلا فيما ندر.. يطل علينا الوزير في مناسبة الانتخابات ليتحدث عن عمل وزارته ممثلة في لجنة الإشراف علي الانتخابات، أو يتحدث في موضوع يخص مطالب مالية أو إدارية للقضاة. أما فيما يخص القضايا فلم أسمع أن أحداً من وزراء العدل السابقين قد تكلم فيها..

ومنصب الوزير ــ أي وزير ــ لابد أن يكون له هيبته ووقاره، ومنصب وزير العدل خصوصاً أكثر المناصب الوزارية التي لابد أن تتصف بالهيبة والوقار الزائد.. وما يفقد المنصب أو الشخص هيبته ووقاره كثرة كلامه.. وعلي مدار الشهور السابقة التي تقلد فيها المستشار الجندي منصبه تحدث كثيراً لوسائل الاعلام أكثر مما تحدث أحد من سابقيه. ولا مانع في أن يتكلم الوزير بصفته في القضايا التي تخص عمله، أما أن يتحدث عبر وسائل الإعلام في قضايا عامة وفي غير اختصاصه، فليكن بصفته الشخصية، أو يتنحي عن عمله الوزاري ويتفرغ لما يريده ويهواه.

أزعجني وأكيد أنه أزعج كثيرين غيري تلك التصريحات التي يطلقها كل يوم وزير العدل عن المواطن محمد حسني مبارك ، المحبوس احتياطياً علي ذمة قضايا منظورة أمام القضاء.. يقول المستشار محمد عبدالعزيز الجندي في آخر تصريحاته عن الرئيس السابق قبل 3 أيام "إن الكل سواسية أمام القضاء"، وهذا كلام طيب وربما يكون مطلوباً في لحظات معينة أن يؤكد عليه وزير العدل، لأن الدستور والقانون بالفعل يؤكدان أن الكل أمام القضاء سواء. أما أن يقول في حواره مع برنامج »90 دقيقة«: "إن ما حدث للرئيس السابق مبارك ونظامه إنه هو إرادة إلهية تمهل ولا تهمل، وقد أخده الله أخذ عزيز مقتدر، بعدما عاث في الأرض ظلماً"، فإن ذلك غير

مقبول من وزير للعدل، وإن كان مقبولاً من شخص آخر غيره. وما قاله الوزير "الجندي" في الحوار من أن مبارك سيواجه عقوبة السجن، وإذا ثبت إصداره أوامر لإطلاق النار ستكون العقوبة الإعدام، فإن ذلك يعد ثأثيراً مباشراً علي القضاة وعلي الرأي العام. لأن مبارك - وأنا لا أدافع عنه - مازال متهماً، وليس مداناً.. وهذا القول وغيره كثير من وزير العدل هو تدخل سافر في قضية ليست من اختصاصه في الأصل، وقد خاض الوزير في هذا الحوار وفي غيره من قبل في موضوعات هي قضايا ينظرها القضاء ولم يحسمها بعد، ولم نجد أحداً يعترض علي هذا السلوك للوزير. ولم نسمع أن لجنة "الحريات" بنقابة المحامين قد احتجت، أو تقدمت ضده ببلاغ، لأن ما يقوله ويتحدث به فيه تأثير علي سير العدالة، رأته اللجنة من قبل في حوار تليفزيوني لم يكن قد أُذيع مع محامي مبارك قبل أسبوع، طالبت في بلاغ للنائب العام بوقف بثه وإذاعته..

وأربأ بوزير العدل أن يتحدث كثيراً في وسائل الإعلام وأن يخوض في موضوعات هي في الأساس قضايا تنظرها العدالة. فأنا لست مدافعاً عن مبارك أو غيره من أركان نظامه السابق. ولست في حاجة إلي التأكيد أنني كنت من أشد المعارضين لسياسات وأشخاص في هذا النظام السابق. ولكن في الوقت ذاته أريد ألا يؤثر أحد - مهما كان هذا الأحد - علي سير العدالة وفي رأي القضاة، ولايسعني إلا أن أتوجه للرجل الكبير المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وأذكره بحديث الرسول: "لتقل خيراً أو لتصمت".