رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جلدهم تخين!

الفرق شاسع بين حاكم لديه إحساس، وينزل على إرادة شعبه، وحاكم آخر «جلده تخين»، ليس لديه إحساس بما يعانيه الشعب فيتحدى إرادته.. والأمثلة كثيرة على هؤلاء الحكام، ولن نذهب بعيداً فالأمثلة من مصر، وهى مازالت على سطح الذاكرة..

وباختصار شديد وبصريح العبارة، فإن الفرق بين مرسى ومبارك أو فاروق كالفرق بين السماء والأرض.. فالرئيس مبارك ومن قبله الملك فاروق قد تركا الحكم نزولاً على رغبة عدد من أفراد الشعب، وفضلا عن الانسحاب من الحياة العامة على المواجهة وسفك الدماء، ولو أراد أى منهما المواجهة لاستطاع لكنهما تركا الحكم وابتعدا، أحدهما منفياً فى الخارج والآخر مسجوناً فى سجن طرة.. ونعلم ما حدث فى ليبيا وما يحدث فى سورية من مواجهات تُسفِك الدماء وتُسقِط الضحايا بالآلاف من الأبرياء، ولو أن فاروق أو مبارك قد تمسكا بالكرسى لكان الوضع غير ذلك تماماً..
وانظر إلى الإنذار الذى أرسله اللواء محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله إلى الملك فاروق الأول، تعلم كيف انتقلت السلطة بسهولة من الملك للجيش دون دم.. واقرأ جيداً ماجاء فى ذلك الإنذار تجده كما لو كان صادراً الآن وليس الأمس، وكما لو كان صادراً بتوقيع الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، إلى الدكتور محمد مرسى.. فقط تمعَّن العبارات التى تقول: إنه نظرًا لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شاملة، عمت جميع المرافق، نتيجة سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإرادة الشعب، حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته. ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير.. لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب منكم التنازل عن الحكم.. والجيش يحملكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج».
وفى ذات اليوم ــ 4 من ذي القعدة 1371 هـ الموافق 26 يوليو 1952 ــ

استجاب فاروق دون تردد وتنازل عن حكم مصر وقال فى وثيقة التنازل: «نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لمَّا كُنا نتطلب الخير دائماً لأمتنا ونبتغي سعادتها ورُقيها، ولمَّا كُنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة، ونزولاً على إرادة الشعب قررنا النزول عن العرش».
ولما اندلعت المظاهرات فى يناير 2011 تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية تباطأ النظام فى الاستجابة، فارتفع سقف المطالب إلى حد المطالبة برحيل مبارك عن الحكم، فما كان من نائب الرئيس اللواء عمر سليمان إلا أنْ نصح «مبارك» بالتنحى، بعد زيادة أعداد المتظاهرين فى 11 من فبراير 2011، فوافق مبارك دون تردد، وقال: «إذا كان هذا هو الحل فلا مانع.. وغادر القاهرة إلى شرم الشيخ، رافضاً نصائح المقربين بالسفر للخارج.. ولو تمسك مبارك بالحكم وتحدى إرادة الشعب فلربما كُنا فى صراع دموى إلى الآن، يسقط فيه المتحاربون من أجل السلطة، ولربما كان «مرسى» مازال فى سجن وادى النطرون ولم يهرب..
واليوم ضاق الحال بالناس وساءت الاوضاع، وتردَّت اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وخدمياً وأمنياً وثقافياً، وخرج الملايين يطالبون «مرسى» بالرحيل، إلا أنه يتحدى هذه الإرادة، ويهدد أتباعه بأنهم سيُصعِّدون ويواجهون ويدافعون عن بقائه، وإن سالت الدماء وسقطت الضحايا.. وهذا هو الفرق بين من لديهم الإحساس، والذين يتباهون بأن جلدهم تخين..