رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المتمحكون في الثورة

 

لم أشأ ان أشارك في أحداث الثورة فقد كنت خارج القاهرة وقتها. وعندما عدت وفي لقاء مع عدد من الأصدقاء قال أحدهم فاتك نصف عمرك، لأنك لم تكن معنا في الميدان فقلت له كفاية علي نصف عمري، إلا أن صديقي شريف عبد الباقي الصحفي بالأهرام قال ياعمي ملحوقة .. روح زور الميدان واستحضر الأحداث واشتري لك شارة عبارة عن بادج عليه علم مصر ثمنه جنيه واحد وعلقه في رقبتك وستحصل علي لقب مشارك في الثورة .. هذه الحكاية رغم أنها كانت في سياق الدعابة إلا أنها وإلي حد كبير تعبر عن واقع بدأ يظهر الآن علي الساحة . والواقع الجديد قد أفرز أشخاصاً ومجموعات وجماعات وأحزاباً وحتي دولاً تحاول الانتساب للثورة والتمحك فيها.

فكل يوم يظهر لك شخصا يقدم نفسه علي أنه بطل وأحد ثوار التحرير الذين حرروا البلاد من الظلم والفساد والظلمة والفاسدين . ويحكي لك عن أعماله العظيمة لإنجاح الثورة ، ويحاول أن يلمح لك علي أنه لولا هو لم تنجح الثورة.

وقبل أيام تجمهرت مجموعة من الشباب المنتمين للثورة عند مركز القاهرة للمؤتمرات، ووصفوا الحوار الوطني الذي يديره الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق بأنه مسرحية هزلية أنتجها المجلس العسكري . وطالبوا بالانسحاب من الحوار . وآخرون احتلوا المقاعد الأمامية في جلسات الحوار وحاولوا فرض أشخاص للحديث دون استئذان أو مراعاة لأصول الحوار والتعامل . وغيرهم حاولوا عمداً إفشال المؤتمر لأنه يضم "عواجيز" انتهي زمانهم وولي. حتي أن الدكتور حجازي قال منزعجاً إن عبارة "أنا من شباب الثورة "أصبحت موضة في هذه الأيام . وفي الجلسة الختامية علا ضجيج الشباب وهتافاتهم فانفعل الدكتور حجازي وخاطب شباب الثورة بالكف عن الضجيج المتعمد، وقال أربأ بنفسي أن أكون في وسط هذا الهرج والمرج..

ولعلنا رأينا كيف أن جماعة الاخوان المسلمين التي كانت بعيدة عن المشهد في الأيام الأولي للثورة، تحاول التمحك في الثورة، بل والسطو عليها وركوبها ونسب الفضل في نجاحها للجماعة. ومع الإخوان كانت أحزاب سياسية أخري تحاول ركوب الموجة وتلح بإصرار شديد علي الرأي العام ليقبل أنها شاركت في الثورة ...

ولم تكن الدول بعيدة عن موجة التودد

للثورة ومحاولة إثبات أن دوراً كبيراً كان لها في ثورة المصريين . وها هي الولايات المتحدة الأمريكية تحاول من خلال وسائل إعلامها التأكيد علي أن مراكز ومنظمات أمريكية كان لها الدور المؤثر في إشعال الثورة ، عندما استضافت شباباً مصريين للتدريب في أمريكا علي التواصل واستخدام التقنيات والتكنولوجيا في تهيئة الرأي العام وشحنه وجمعه في أماكن محددة . ولم يخف الاعلام الأمريكي أن معونات مالية ودعماً فنياً وتقنياً قد قدمتها المراكز والمنظمات الأمريكية للشباب المصريين الذين أشعلوا الثورة .

يبدو أن الثورة المصرية أصبحت مطية لكل من هب ودب . وكثيرون يغريهم الطمع في السطو عليها ، رغم أنه لم يكن لأي منهم سواء كانوا أفراداً أو مجموعات أو جماعات أو أحزاباً أو دولاً كان لهم دور مؤثر فيها. حتي هؤلاء الذين ظنوا أن تواجدهم ولو لدقائق في ميدان التحرير للفرجة قد جعلهم ثواراً وأبطالاً، لايجب عليهم أن يتمادوا في التعالي والزهو والمن بفضلهم في رحيل النظام وسقوطه .

يعلم الجميع أن الثورة المصرية صنيعة كل المصريين دون تمييز. فلم يكن أحد يريد استمرار الحال علي ما كان عليه . والجميع كانوا يريدون التغيير الذي هبت رياحه علي مصر منذ فترة ، ولم يكن يبقي إلا أن تقتلع نظاماً تآكلت جذوره . ولو لم تكن هبة الشعب وخروجه في يناير الماضي لسقط النظام فعلياً بعد أن سقطت شرعيته من قبل ، فقد كان نظاماً آيلاً للسقوط.