رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مخطط لحرق مصر

 

الاتهام الموجه لما يسمي بفلول النظام السابق والثورة المضادة بأنها وراء أحداث إمبابة، يكشف عن سطحية وسذاجة في تناول الأمور المهمة. ومن يتناولون الأمور بهذا الكشف، إنما يسيرون علي الدرب الذي سار عليه السابقون خلال نصف قرن مضي، لم يقضوا علي الطائفية، فالاحتقان الطائفي الذي تشهده مصر ليس وليد الثورة. ولا هو رد فعل لما يسمي بالثورة المضادة. والأزمة ما بين المسلمين والمسيحيين تطل برأسها كل فترة. وهي ليست وليدة الأحداث التي تشهدها البلاد.. والسبب في أن الاحتقان الطائفي الذي يظهر ثم يختفي ثم يعود إنما يرجع إلي أن الأزمة لم تجد من يحسن تشخيصها ولم تجد من يحسن علاجها، فتبقي كالمرض الذي يعالج الطبيب المتبدئ أعراضه، دون أن ينتبه إلي أصل الداء.. ومخطئ من يظن أن علاج الأزمة يكون بالأحضان والقبلات.. فلا معانقة شيخ الإسلام للبطريرك تنهي أزمة أو تعالج مرضاً أو تحل مشكلة.

فالأزمة قديمة وجذورها عميقة، والمرض أصبح عضالاً ومزمناً، والمشكلة أصبحت معقدة.

وللخروج من الحالة الطائفية لابد أن نعترف أننا أمام واقع وحقيقة نخشي أن نعترف بها أو نقر بوجودها.. ففي مصر شعبان: شعب مسلم وآخر مسيحي، وفي مصر نسيجان: نسيج مسلم وآخر مسيحي، ولكي يكون في مصر ما ندعيه (شعب واحد ونسيج واحد)، فإن الأمر يحتاج الكثير.. ويجب أيضاً أن ننتبه إلي أن أيادي خارجية معلومة تدير الأزمة، وتريد أن تصل الأمور إلي مرحلة المواجهة الشاملة ما بين المسلمين والمسيحيين. ويجب أن يدرك الجميع (مسلمين ومسيحيين) أن الإسلام لن يزداد قيمة بمليون كاميليا أو عبير. ولن ينتقص قدر المسيحية بخروج مليون كاميليا أو عبير.

التوصيف الحقيقي للأزمة أن المسيحيين في مصر يرون أن لهم حقوقاً في البلد لم يحصلوا عليها. بدءاً من المناصب المحظورة عليهم إلي حرية بناء كنائسهم، مروراً بوقف

التعامل الرسمي معهم علي أنهم أقلية. وهذه حقوق لهم يجب أن يحصلوا عليها دون إبطاء أو تسويف.

وفي المقابل فإن هناك مسلمين يرون أن حقوقاً لهم مهضومة، ورغم أنهم أغلبية المصريين عدداً فإنهم لا يحصلون علي ما يحصل عليه المسيحيون رغم قلتهم. وهذه النظرة المشوشة تشعل الأزمة وتدفع إلي الفتنة.

وفي ظل استيلاء جهلاء متشددين - من الطرفين - علي أمور الفتوي وتوجيه عامة الناس نحو الخراب.

وفي ظل تراجع الأزهر والكنيسة عن دورهما في تبصير الناس بصحيح دينهم، وسماحة التعايش بالحب. وفي ظل إعلان »موتورين« أنهم أقلية مضطهدة، واعتقاد »مجانين« أنهم أغلبية ضعيفة ومهضومة الحق، وفي ظل التراخي الحكومي في التعامل بحزم مع الحماقات، فإن الأزمة ستظل معقدة، والفتنة ستظل مشتعلة، والفرصة ستصبح مهيأة للمواجهة، والباب سيمسي مفتوحاً للتدخل الخارجي لفض الاشتباك »المدبر« وحماية الأقلية ليبدأ مخطط التقسيم.

الموقف جد خطير والسذاجة والسطحية في المعالجة ستفتح الباب علي مصراعيه للتدخل، مادام المناخ مهيأ للكثيرين ليطلقوا سموم الطائفية في هواء مصر دون خوف أو حياء.. فلم يعد بينهم من يتخفي ويعمل من وراء حجاب.. كلهم خرجوا من جحورهم كالفئران.. كشفوا عن شخصياتهم ووجوههم القبيحة، بل كشفوا عن مخطط »حرق مصر«.

[email protected]