رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إمام المتحولين

غريب أَمْر المستشار أحمد مكى «الكبير» وزير العدل، فالرجل الذى كان صريحاً واضحاً، وآراؤه قاطعة ساطعة تحوَّل للعكس تماماً.. أصبح مناوراً راكباً للموجة السائدة، واتسمت آراؤه بالغموض والتذبذب فى ذات الوقت.. فهو مع فرض الطوارئ بعدما كان ضدها، ومع حق المواطن فى التظاهر، لكنه مع التضييق ووضع شروط تجعل هذا الحق صعباً إن لم يكن مستحيلاً..

فى بداية أيام عمله الحكومى كوزير فى نظام «مرسى» أعد مشروعاً لقانون الطوارئ نال أكثر ما ناله أى قانون من انتقادات، ذلك القانون الذى دافع عنه «مكى» الكبير بقوله : «إن ربنا عز وجل قد وضع أحكاماً للطوارئ فى القرآن الكريم بأن أفسح مجالاً للطوارئ والاستثناءات فى أحكامه».. ويُرِيد «مكى» أن يصبغ قانونه بصبغة دينية إسلامية لقانون سئ خبيث أعده ليكون يداً للرئيس يبطش بها، وسيفاً يسلطه على الرقاب، وخِنْجَراً يقطع به الألسنة، وكِمَامَة يُكَمِّم بها الأفواه.. وأكثر من ذلك إن هذا القانون الخبيث السئ يُعطى للرئيس الحق فى فرض حظر التجوال وتقييد حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة، بالإضافة إلى مراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، بل ضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طبعها، وكذلك تحديد مواعيد فتح المحال العامة أو إغلاق هذه المحال أو بعضها. «تماماً مثل ألمانيا أيام هتلر، وأكثر مما كان فى عهد عبد الناصر».
دافع «مكى» الكبير عن قانونه الأسوأ من قانون الطوارئ الذى اعترض عليه كثيراً أيام مبارك والسادات من قبله.. ماهذا التناقض الذى يُظْهِر عدم مصداقيته وهو يقول عن

نفسه «إنه واضح لا يغير مواقفه أو مبادئه»؟!
ولم يكتفِ «مكى» الوزير بمشروع قانونه الخبيث «للطوارئ»، بل أعجبه صَنِيْعَه وزينه له الشيطان فتمادى وأعدَّ مشروعاً آخر «للتظاهر»، قال عنه : «إنه يهدف إلى تجميل صورة الثورة المصرية، والحفاظ على رونقها بعد أن أبهرت العالم».. وكلامه فى الواقع ماهو إلا غُلاف جميل لقانون سئ من قوانينه الخبيثة.. فالتظاهر فى مشروع قانون المستشار «مكى» الكبير يجعل الحق الإنسانى فى الاعتراض والتظاهر بعيد المنال ــ لو تم تطبيقه بعد إصداره ــ لأنه فى الحقيقة يضع شروطاً صعبة يستحيل معها التظاهر وإبداء الاعتراض، وهو كذلك يحمى به «مكى» صديقه «مرسى» ونظامه، إذ ينص على السماح للشرطة باستخدام الرصاص فى مواجهة المتظاهرين، وعقوباته تصل إلى حد السجن المشدد والغرامة.. ورغم كونه قانوناً لتنظيم التظاهر إلا أنه فى الحقيقة قانون لمنع التظاهر وتقييد الحق فيه..
إن الرجل الذى رفض وعارض النظام السابق وقوانينه، واعترض وتظاهر واحتج وهو يرتدى وشاح القضاة، تحوّل وانقلب على حاله وبدّل مواقفه، وأصبح يستحق أن يُلَقَّب بإمام المتحولين..