رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رمز الحكمة والمحبة والسماحة والاعتدال

فى عام 1984، كلفنى مدير تحرير الوفد وقتها المرحوم الأستاذ جمال بدوى بإجراء حوار مع البابا شنودة. ونبهنى الأستاذ أن أركز فى أسألتى على علاقته السابقة بالرئيس الراحل أنور السادات.. ولم يكن لدى وقتها خلفية عن الخلاف ما بين «السادات» و«شنودة» والتى على أثرها تم تحديد إقامته فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وإلغاء القرار الجمهورى رقم 2782 لسنة 1971، الخاص بتعيينه بابا الإسكندرية وبطريركاً للكرازة المرقسية.

ذهبت متحمساً إلى وادى النطرون.. كنا فى الصيف والجو حار جدا،ً وبعناء وصلت إلى الدير، إلا أننى لم أفلح فى الدخول ومقابلة «البابا»، خاصة عندما كشفت للحراس عن هويتى الصحفية.. وبعدها بيومين صممت على مقابلة الرجل بأى طريقة، وقررت تسلق السور والدخول إلى الدير، وما إن شرعت فى تسلق السور الغربي للدير حتى أمسكوا بى، وصممت على مقابلة الرجل أو على الأقل إخباره بأننى رسول من عند الأستاذ جمال بدوى.. وقد كان.. فسمح لى بالدخول ومقابلته، وما إن أخبرته أننى أريد اجراء حوار صحفى معه حتى أظهر رفضاً قاطعاً لأى حوارات صحفية.. أصبت بحسرة، إلا أنه خفف عنى بحسن استقباله وكرمه وبشاشته وثقافته، وأيضاً خفة ظله.. عدت إلى الأستاذ جمال بدوى محملاً بالسلامات وعبارات الثناء والتقدير من «البابا»، ولم أعد بالحوار الذى كلفنى به، غير أنى اكتشفت وعرفت إنساناً فريداً لم أكن أعرفه، ومؤكد أن كثيرين غيرى لم يكونوا يعرفونه على حق..
ولم ألتق «البابا» بعدها إلا ثلاث مرات اثنتين منها عابرة فى حفل الإفطار الرمضانى الذى كان يقيمه فى الكاتدرائية، كصورة للوحدة الوطنية. ومرة ثالثة وأخيرة قبل عامين أعددت معه حواراً لإحدى الفضائيات.. وعلى هامش اللقاء تحدثنا عن أحوال البلاد وحالته المرضية.. وأذكر أننى سألته لماذا لا تسافر فى رحلاتك العلاجية إلى الولايات المتحدة على متن طائرات الشركة الوطنية

(مصر للطيران) على سبيل الدعاية.. فقال إنه بالفعل يسافر على طائرات مصر للطيران، فقلت له إن حد علمى أن سفرياتك دائماً على طائرة المهندس نجيب ساويرس، فقال ضاحكاً: المرة الجاية هسافر على طيارتك بس قل لى هى فى أى مطار .
وكنت قد تبنيت ـ إعلامياً ــ دعوة مفتى القدس الشيخ عكرمة صبرى فى عام 1995 لنصرة المقدسيين، وفك الحصار المفروض من الاحتلال عليهم، وطرحت وقتها سؤلاً عن شيخنا الإمام الأكبر المرحوم الدكتور محمد سيد طنطاوى حول مشروعية زيارة القدس تحت الاحتلال، فقال إنه لا مانع شرعيا من الزيارة تلبية لنداء المقدسيين الذين يعانون الكساد والفقر، بل وحث المسلمين على الزيارة.. وطرحت ذات السؤال على البابا شنودة فكان رده الثابت والمعلن من قبل ، أنه لن يذهب للقدس، ولن يسمح لأقباط مصر بزيارة كنيسة القيامة ودير السلطان بتأشيرة من إسرائيل .
ورغم أننى أميل إلى رأى الامام الأكبر وأخالف رأى البابا، إلا أننى رغم خلافى معه لم أختلف مع أحد عليه فى كونه رمزاً للسماحة والحكمة والمحبة والاعتدال.. ولم أختلف مع أحد على كونه مصرياً محباً لوطنه الذى قال فيه «مصر ليست وطناً نعيش فيه بل وطن يعيش فينا».